تسهم مشارطة التحكيم بدور أساسي في تحديد نطاق سلطات المحكم الموضوعية والإجرائية، على نحو يثور معه التساؤل حول إمكانيـة قبول طلبات إضافية بعد بدء الإجراءات، وهل يستوى في ذلك أن يأخذ إتفاق التحكيم شكل الشرط أو المشارطة؟ يرى البعض أن نطاق سلطة المحكم تتحدد نهائياً بمقتضى المشارطة،أي قبل بدء الخصومة . وقد قيدت محكمة استئناف باريس سلطة الأطراف في تقديم طلبـات إضافية بإتفاقهم على ذلك صراحة أو ضمناً وإعتبرتها بمثابة مشارطة جديدة سواء كانت طلبات إضافية، أومقابلة من المدعى عليه تهدف إلى رفض طلبات المدعى أو الحكم لصالحه بطلبات جديدة.
هذا وقد نصت المادة "2/1460" من قانون المرافعات الفرنسي على تطبيق المبادىء المخاصمية الجائزة التطبيق على خصومة التحكيم وأحالت إلى نص المادة الرابعة من القانون ذاته والتي تقضي بأن موضوع النزاع يتحدد بالإدعاءات المتبادلة والتي تتحدد في الطلب الإفتتاحي للخصومة وفي الطلبات الختامية في الدفاع وكذلك بالطلبات العارضة المرتبطة بالإدعاءات الأصلية برابطة كافية.
ومن ثم فإنه يجوز طبقاً لأحكام القانون الفرنسي تقديم طلبات عارضة لكن بشرط تحقق رابطة كافية بين الطلب وموضوع النزاع الأصلى،هذه الرابطة الكافية تتحقق بأحد العناصر المكونة للطلب أي وحدة السبب أوالموضـوع.ويرى البعض أنها تتحقق بصفة عامة بوحدة طبيعة النزاع الذي يفرق بين الأطراف، غير أننا نعتقد أنه لايمكن التسليم بهذا المعيار البالغ الإتساع،وذلك لأن نطاق سلطة المحكم تتحدد تبعاً لنطـاق المشارطة، والتي تحدد بشكل نهائي سبب الطلب أي الوقائع الأساسية التي تحدد عناصر الحق المتنازع بشأنه ومحله،وهوما أكدته محكمة باريس في أكثر من مناسبة .
ومن ثم لاتكون الطلبات الجديدة مقبولة إلا في ظروف استثنائية وبشروط محددة وبصفة خاصة عندما يكون الطلب نتيجة ضرورية للطلب الأصلي أو ملحقـاً لـه كـالفوائد القانونية ،ويرى البعض أنه من المسلم به أن الطلبات الجديدة التي تقدم كملحق أو تابع للطلب الأصلي هي وحدها التي تكون مقبولة أمام المحكم على نحو ما يحدث أمام القاضي الوطني تماماً. ورغم تسليمنا بالأساس الذي استند إليه هذا الرأي لتقرير هذا الوضع وهو الطبيعة القضائية لمهمة المحكم،إلا أننا لا نقر هذه المماثلة لما تفرضه خصوصية التحكيم من وجوب تحديد نطاق الخصومة بوضوح،كما لانؤيد فكرة أن الرابطة الكافية تجب فكرة الملحق أي تبعية الطلب العارض للطلب الأصلي ،لما في ذلك من توسيع لنطـاق الخصومة على نحو غير مقبول .ونحن لانشايع الإتجاه نحو توسيع نطاق الخصومة على النحو الذي تبنته محكمة استئناف باريس من خلال قبول الطلبات العارضة.