وينبغي الإشارة إلى أن قوانين التحكيم المقارنة لم تنص على إجراءات خاصة لسماع الشهادة، فيترك الأمر التقدير هيئة التحكيم ما لم يتفق الأطراف على إجراءات خاصة، كما للهيئة عدم التقيد بالإجراءات المنصوص عليها في قانون الإثبات، وأنه يجوز لها الاستعانة ببعض هذه الإجراءات . ولهيئة التحكيم استجواب الشهود، وتستطيع أيضا إعطاء الخصوم أو محاميهم فرصة استجوابهم . حيث يتوجب على الهيئة احترام مبدأ المواجهة والمساواة وحقوق الدفاع. واحتراماً لمبدأ المواجهة، يجب على هيئة التحكيم عدم سماع الشهود إلا بحضور جميع الأطراف وفي مواجهتهم وإعطائهم فرصة مناقشة الشهود في أقوالهم واستجوابهم، وأن تحدد الوقائع التي ترى سماع الشهود بشأنها. فإن دعت الهيئة الأطراف لحضور جلسة سماع الشهود ولم يحضروا، فهنا يجب على الهيئة تحرير محضراً مثبت فيه أقوال الشهود وإرساله إلى الأطراف حتى يتمكنوا من الإطلاع على ما تم إبداؤه من أقوال والرد عليها، وإلا كان الحكم المبني على هذه الأقوال باطلاً.
ولا تلتزم هيئة التحكيم بإصدار حكم تمهيدي بسماع الشهود، وإنما يكفي الإشارة إلى ذلك في محضر إذا لم ينازع أحد الخصوم في سماع هيئة التحكيم لشهادة الشهود، أما في حالة منازعة أحد الخصوم في ذلك وجب على هيئة التحكيم إصدار حكم تمهيدي غير قابل للطعن فيه على استقلال لأنه من الأحكام التي لا ستفصل في جزء من موضوع النزاع وإنما الغرض منه تنظيم إجراءات الخصومة .
وقد جرى العمل في التحكيم التجاري الدولي، أن تطلب هيئة التحكيم من الشهود كتابة أقوالهم قبل سماعها، وأن يتم تبادل هذه الكتابة بين الطرفين، وعندما يحضر الشاهد يسأله محامي الطرف الذي استشهد به ما إذا كان مصراً على ما كتبه وإذا كان يريد الإضافة إليها، وميزة هذه الطريقة هي اختصار وقت سماع الشاهد أمام الهيئة، ومعاونة هيئة التحكيم لوجود الشهادة مكتوبة، وتيسير قيام الطرف الأخر بمناقشة الشاهد في شهادته.
وتدون أقوال الشهود كلها أو ملخص لها في محضر ثم تتلى عليهم، ويقومون بتوقيعها بعد تصحيح ما يلزم تصحيحه منها، وهذا ما نص عليه نص المادة (۳/۳۳) من نظام التحكيم السعودي: تدون هيئة التحكيم خلاصة ما يدور في الجلسة في محضر يوقعه الشهود أو الخبراء والحاضرون من الطرفين أو وكلائهم، وأعضاء هيئة التحكيم، وتسلم صورة منه إلى كل من الطرفين، ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك".
وفي واقع الأمر، نناشد المشرع في القوانين الوطنية المقارنة تعديل النصوص المذكورة وذلك برفع سقف الحد الأدنى والحد الأعلى في الغرامة التهديدية عند تخلف الشهود عن الحضور أو امتناعه عن الإجابة، وجعل الغرامة لا تقل عن 50 ريال ولا تتجاوز 100 ریال مع مراعاة فرق العملة رغم أن المشرع الإماراتي حدد أعلى غرامة بين القوانين الأخرى، وذلك لضمان جدية حضور الشهود وحملهم على إجابة أمر المحكمة بتقديم مستند مهم ومنتج في الدعوى وكان بحوزة الغير، وتجنب مماطلتهم وتهربهم وذلك بالاستخفاف بالغرامة المفروضة عليهم حيث نعتقد أنها غير كافية. كذلك نقترح للمشرع السعودي والبحريني للتدخل تشريعياً بتخويل المحكمة المختصة بناء على طلب هيئة التحكيم توقيع الجزاءات المناسبة عند تخلف الشاهد عن الحضور أو امتناعه عن الإجابة. حيث أنهما لم ينصا على ذلك من الأصل.