يتم الاستعانة بالشهود بإصدار حكم بإجراء التحقيق يحدد فيه موضوع الشهادة وأسماء الشهود،وقابلية الوقائع المطلوب إثباتها للإنبات بهذا الطريق، مع مراعاة أنـه ليست كل إجراءات التحكيم في حاجة لأن يصدر بها حكم إجرائي كما هو الوضع عند سماع الشهود وأيضاً عند تعيين خبير حيث يصدر قرار بتحديد مهمة الخبير ومدتها وموقف إجراءات التحكيم خلال هذه الفترة، فقد يكتفي في حالات أخرى بأن يوقع كل من الأطراف والمحكم على العلم بالإجراء وبموعده.
كيفية الاستعانة بالشهود:
دائما ما ترتبط الإستعانة بالشهود بالحالات التي يتفق فيها على إجراء المرافعات، ويتم سماع الشهود في حالات تكاد تكون نادرة لصعوبة انتقال الشهود وللتكلفة الباهظة للإنتقال فضلاً عن الوقت الذي يستغرقه،وقد يتفق الأطراف عند وضع الخطة الإجرائية على ملائمة الإستعانة بالشهود، فلايملك الإمتناع عن سماع الشهود الذين يتفق الأطراف على الإستعانة بهم مع مراعاة أنه عند عدم الإتفاق على الإستعانة بالشهود،فللمحكـم رفـض سماع الشهود على أن يبدى مبررات مقبولة لهذا الرفض،ففي أحد التحكيمات رفض المحكم طلب أحد الأطراف بسماع الشهود إستناداً إلى قدرته على الفصل في النزاع بناء على المستندات رافعة المستشارين،وقد أقرت المحكمة العليا الإنجليزية هذا الحكم .
1- تقديم شهادة مكتوبة:
من الأهمية بمكان مناقشة سلطة المحكم في توجيه اليمين للأطراف، فلهذا الإجراء أثره على قوة الدليل وتحديد المسئولية عن شهادة الزور، وقد تصدى قانون المرافعات الفرنسي لهذا التساؤل عندما قررت المادة 2/1461 " أنـه يتعين سماع غير الأطراف دون أخذ اليمين، ويفهم من هذه الصياغة أنه يتعين عند سماع الأطراف توجيه اليمين.ونرى أنه ما لم يتطلب القانون الإجرائي الواجب التطبيق إلزام المحكم بتوجيه اليمين للأطراف ، فلايلتزم المحكم بذلك خاصة وأنه عند تقديم دليل خاطئ بناء على شهادة مزورة فإن القضاء وحـده هو الذي يملك توقيع عقوبة الشهادة الزور، وقد نصت المادة " 4/33 من قانون التحكيم المصري على أن سماع الشهود يكون دون أداء اليمين .
هـذا وقـد يستعان بالشهادة المكتوبـة تفاديـاً لمشـقة وتكاليف إنتقـال الشـهود والأطراف، وهو إجراء تتميز به خصومة التحكيم، ورغم أنـه للشهادة المكتوبة ذات القيمة القانونية للشهادة الشفوية،إلا أن إستناد المحكم إليها في حكمه يتوقف على عدم إعتراض الطرف الآخر على صحتها إعتراضاً مقبولاً،فلا يملك المحكم إزاء هذا الوضع الا إحضار الشاهد أواستبعاد شهادته كلية إحتراماً لحق الدفاع،كما يملك المحكم إستبعادها إذا ما تشكك في صدقها إستناداً إلى مبررات مقبولة.
وما يحدث عملا تيسيراً لسماع الشهود أن يقدم الأطراف قائمة تتضمن تحديد عدد الشهود وكافة التفصيلات المتعلقة بأسمائهم ووظائفهم وعلاقاتهم بأطراف النزاع والنقاط المتعين مناقشتهم فيها تيسيراً لحسمها.
2- تبادل قوائم الشهود:
ومن المتصور أن يقدم أحد الأطراف قائمة شهود إضافية أثناء سير الإجراءات، إلا أن قبول هذه القائمة يخضع لتقدير المحكم.وينتهى حق الأطراف في طلب سماع الشهود بإنتهاء الوقت المحدد لإجراء المرافعات .
الإنتقال لسماع الشهود:
قد يتم الإتفاق على انتقال المحكم بنفسه لسماع الشهود فـي محـال إقامتهم تيسيرا لهذا الإجراء،فيتم عقد الجلسات حيث يقيم الشهود عند تعذر حضورهم، أو للتكلفة العالية لانتقال الشهود عند تعددهم،وقد أجازت المادة "28" من قانون التحكيم المصري الجديد ذلك عندما نصت على أنه:"..ولايخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم في أن تجتمع في أي مكان تراه مناسباً للقيام بإجراء من إجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الإطلاع على مستندات أو معاينة بضائع أو أموال أو إجراء مداولات بين أعضائها أو غير ذلك " .
ضوابط سماع الشهود:
يراعي المحكم عدم التدخل عند سماع الشهود إلا في حدود ضيقة جداً لاستبعاد الأسئلة التي تهدف إلى تعويق الإجراءات أو غير المتصلة بالموضوع نهائياً، على أن يتسم تدخله بالموضوعية والحياد، ولا يملك المحكم اجبار الشهود على الإجابة على كافة الأسئلة الموجهة إليهم، أومعاقبتهم عند الإمتناع عن الإجابة،إلا أن هذا يكـون لـه تقديره في ثقة المحكـم فـي الشهادة وإستناده إليها في حكمه،لذا يتعين على الخصم عدم إحضار إلا من يثق في شهادته وعدم وجود ما يحول دون إجابته على كافة الأسئلة الموجهة إليه،ويقع على عاتق الخصوم مهمة إحضار الشهود في الموعد المحدد، وعند غياب الشاهد يكون للمحكم سلطة تقديرية في منحه أجلاً آخر لإحضار الشاهد،أو رفض ذلك إذا مـا إستشعر عدم جدية الطرف في إستدعائه أو لوجود تكلفة عالية لإعادة الإجراء، هذا ما لم يقبل الطرف الآخر التأجيل وقد خولت المادة 37 من قانون التحكيم المصري الجديد لمحكمة استئناف القاهرة الحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة بالجزاءات المنصوص عليها في المادتين 80،78 "من قانون الإثبات. هذا مع مراعاة أن للأطراف اللجوء للقضاء لطلب سماع الشهود تجنباً للتكلفة الباهظة لانتقال الشهود، فضلاً عن تفادي تعطيل النزاع إذا ما تعذر حضور الشاهد،كما أن سماع الشاهد في المحكمة يوفر الضمانات الإجرائية لصحة الشهادة، فنادراً ما يتم مواجهة الشهود معا في إطار خصومة التحكيم. ويتعين على المحكم أن يوضح في حكمه مبررات الأخـذ بالشهادة أو طرحها،ويلتزم عند الأخذ بها بتوضيح موقف الطرف الآخر منها،أي عدم تقديمه ما يدحضها أوعدم كفاية ما قدمه لدحضها.