الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / الشهود / الكتب / حدود سلطة هيئات التحكيم تجاه وسائل الإثبات المختلفة (دراسة مقارنة) / اجتهادات القضاء المحلي والدولي بشأن استخدام هيئة التحكيم للشهادة

  • الاسم

    محمد يوسف علام
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • اسم دار النشر

    دار وليد للنشر والتوزيع والبرمجيات المركز القومي للإصدارات القانونية
  • عدد الصفحات

    184
  • رقم الصفحة

    60

التفاصيل طباعة نسخ

نعرض هنا حكم محكمة لوزان الصادر في 2013/2/19م باسم المحكمة المدنية الأولى الناظرة في القضايا المدنية التابعة للمحكمة الفيدرالية السويسرية الرئيسة بشأن منازعة تحكيم دولي اتخذت فيها للمحكمة الفيدرالية السويسرية الرئيسة بشأن منازعة تحكيم دولي اتخذت فيها الإجراءات التحكيمية وفق القواعد السويسرية للتحكيم الدولي وعرضت فيها مسلمة عدم سماع الشاهد ومخالفة حق سماع الشهود ومدى جواز إعادة النظر في التقييم المسبق للأدلة من قبل المحكمة الفيدرالية في حالة مخالفة النظام العام فقط ، وقد جاء في حيثيات هذا الحكم ما يلي

امتلك كل من (A,B,C) شركة (D) وهي شركة مساهمة للاستثمار في قطاع المناجم ، واتفقوا على تقديم مساهمات يتناسب حصصهم من أجل تمكين الشركة المذكورة أعلاه الاكتتاب بعدد كبير من أسهم شركة (E) ، دقت (C) و (B) مبلغاً إجمالياً قدره (2.099.206.80) باونداً برياطانياً إلى (D) شركة مساهمة ، لم تحترم (A) التزامها المساهمة بمبلغ 1.947.503 باونداً بريطانياً وبعدد 3.020.000 من أسهم الشركة (E) ، مدلية بأن مساهمتها ستتم بدلاً من ذلك عن طريق رسملة المصاريف التي سبق وتكبدتها ، إضافة إلى الشهرة التجارية والخبرة

بتاريخ 28 فبراير 2008 ، أبرمت (A) عقداً مع (D) شركة مساهمة بموجبة هذه الأخيرة دفع حصتها من المساهمة من خلال استحصالها على تمويل من مصرف (F) ، على أن تسدده بحلول 31 مايو 2008 ، بتاريخ 29 فبراير 2008 ،تكملت (D) ، وهي شركة مساهمة ، أسهماً في شركة (E) بمبلغ إجمالي قدره 2.554.350.13 ، باونداً بريطانياً ، لم تدفع (A) المبلغ البالغ 1.947.503 باونداً بريطانياً الذي تم إقراضه إليها إلى (D) وذلك خلال المهلة المحددة لذلك ، خلال خريف 2008 ، قام المصرف (F) ببيع الأصول المرهونة من قبل (A) أولاً ومن ثم ، بتاريخ 26 يناير 2010 ، ببيع أسهم (E) التي حصل عليها كضمان للتمويل المشار إليه أعلاه وحصل فقط على 70.450 باونداً بريطانياً

باشرت كل من (C,B) الإجراءات التحكيمية ضد (A) وفق القواعد السويسرية للتحكيم الدولي التي وضعتها غرفة التجارة السويسرية ، مطالبين بصدور أمر بدفع مبالغ على سبيل الأضرار ، في قرار صادر بتاريخ 1 ديسمبر 2011 ، رفض المحكم الفرد سماع الشاهد (G) ، عن طريق طلب مقدم إلى محكمة من محاكم الدولة ، كون الشاهد قد تخلف عن الحضور ، كما رفض القضاء " بتعيين خبير لتقديم تقرير حول قيمة مساهمات المدعى عليه " في قرار تحكيمي تاريخ 4 مايو 2012 ، رد المحكم طلب إعادة فتح الإجراءات الاستدلالية بالنسبة إلى الدليلين المذكورين آنفاً ، وقضى بأن تدفع (A) إلى (C) مبلغ 824.236.93 باونداً بريطانياً ، كما وإلى)B) مبلغ 412.118.46 باونداً بريطانياً ، وبذلك مقابل حصصهما والناجمة عن الأضرار التي سببتها (  إضافة إلى الفوائد ، كما قضى بأن يدفع المدعى عليه مصاريف الإجراءات القضائية وإجراءات التنفيذ التي تكبدتها الجهة المدعية كما ومصاريف التحكيم ، قضى المحكم بأن (A) قد خالفت موجباتها التعاقدية وسببت بذلك أضراراً للجهة المدعية ناشئة عن عدم تقديم مساهماتها (نقداً وأسهماً في E) وعن البيع الجبري الأسهمE) من قبل المصرف F الذي حجزها كضمانة . 

بموجب استئناف مدني تاريخ 6 يونيو 2012 ، طلبت (A) وقف التنفيذ وأدلت بموجب إبطال القرار التحكيمي ، وتدلى بأن المحكم قد خالف حقها في السماع الذي تكفله المادة (D/2/190) من القانون الفدرالي حول القانون الدولي الخاص بسبب عدم سماع الشاهد المذكور أعلاه من خلال محاكم الدولة في مقر الهيئة التحكيمية (المادة 1/184 من القانون الفدرالي حول القانون الدولي الخاص) ومن خلال رفضه أمر تعيين خبير لتقديم التقرير المطلوب.

في جوابهـا تـاريخ 18 يونيو 2012، أدلى كـل مـن (B, C) بوجـوب رد الاستئناف .

رد رئيس هذه المحكمة طلب وقف التنفيذ في قرار تاريخ 3 يوليو 2012 ، وعن الأسباب .. تجيز المادة (1/77) من القانون الخاص بالمحكمة الفدرالية تقديم استئناف وفقاً للقانون المدني ضد القرارات التحكيمية عملاً بشروط المواد 190 إلى 192 من القانون الفدرالي حول القانون الدولي الخاص تاريخ 18 ديسمبر 1987، ويطبق هذا القانون لأن مكان التحكيم وقع في لغانو، ولم يكن للمدعي إقامة أو محـل سـكن معتاد في سويسرا وقـت إبرام الاتفاق التحكيمي (المـادة 1/176 من القانون الفدرالي حول القانون الدولي الخاص).

تم تقديم الاستئناف في الوقت المناسب (المادة 1/100 من القانون الفدرالي حول القانون الدولي الخاص) ضد قرار المحكم النهائي (المادة 90 من القانون الخاص بالمحكمة الفدرالية في قضية مدنية (المادة 1/72 من القانون الخاص بالمحكمة الفدرالية)، إن للمستأنف حق تقديم الاستئناف بما أنه خسر الإجراءات التحكيمية (المادة 1/76 من القانون الخاص بالمحكمة الفدرالية).

إن أسباب الاستئناف في مسائل التحكيم الدولي معـددة بشكل مفصل في المادة 2/192 من القانون الفدرالي حول القانون الدولي الخاص، تعيد المحكمة الفدرالية النظر فقط في الشكاوى التي يقدمها المستأنف مدعمة بالأسباب (المادة 3/77 من القانون الخاص بالمحكمة الفدرالية)، ويجب أن تكون الأسباب مستوفية الشروط المنصوص عنها في المادة 2/106 من القانون الخاص بالمحكمة الفدرالية والمشابهة لتلك التي كانت مطبقة سابقاً بالنسبة للاستئناف المقدم وفق قواعد القانون العام؛ من وجهة النظر هذه، إن دخول القانون الخاص بالمحكمة الفدرالية حيز التنفيذ لم يغير شيئاً. بالتالي، يجب على المستأنف أن يعين بوضوح النصوص القانونية التي يعتبرها بأنها منتهكة، وأن يدلي بشكل دقيـق مـمـا يتكـون هـذا الانتهاك.

إن حق السماع الذي تكفله المادة 3/182، 2/190 من القانون الفدرالي حول القانون الدولي الخاص له نفس مضمون الحق الدستوري الذي تكفله المادة 2/29 من الدستور الفدرالي السويسري، مع الاستثناء المتمثل بواجب تقديم الأسباب في القرار، وقد استخلص الاجتهاد من ذلك أن كل طرف لـه حـق التعبير عن وجهات نظره بالنسبة إلى الوقائع الجوهرية للحكم وبتقديم حججه القانونية وباقتراح الأدلة على الوقائع المتعلقة بالموضوع والمشاركة في الجلسات أمام المحكمة التحكيمية، إن حق تقديم الدليل يفترض أن يمارس في الوقت المناسب ووفق القواعد الإجرائية المطبقة، يجوز للمحكمة التحكيمية أن ترفض تقديم دليل دون أن تنتهك حق السماع إذا ما اعتبرت أن الدليل غير مناسب لإثبات الوقائع ذات الصلة بالموضوع أو لأنه على أساس تقييم مسبق للأدلة، تعتبر أن تقديم دليل إضاف أن يغير رأيها المبني على دليل
سبق تقديمه، لتعيد المحكمة الفيدرالية النظر في التقييم المسبق للأدلة الذي قامت به محكمة تحكيمية دولية، وذلك فقط من وجهة نظر محدودة، ألا وهي انتهاك النظام العام.


فی قراره تاریخ 1 ديسمبر رد المحكم طلب المدعى عليه سماع الشاهد (G) مـن خـلال تدخل محكمة استئناف كانتون تيسان لعدم حضور الشاهد المذكور جلسة 9 سبتمبر 2011، وقد قام المحكم بذلك لأنه قضى على ضوء الأدلة التي سبق تقديمها بـأن شهادته لم تكن ضـرورية لفصل القضية، بالفعل ووفقاً لتلميحات المدعى عليه، كان بإمكان الشاهد الإدلاء بشهادته بالنسبة للمفاوضات التي أجريت لإيجاد طريقة لإدارة (D)، شركة مساهمة، بعد نشوء النزاع والشهادة التي سبق تقديمها لم يكن من شأنها أن تسمح باعتبار أن الشاهد الذي تخلف عن الحضور كان من الممكن أن يلعب دوراً في النزاع، نتيجة ذلك رفض المحكم تعيين خبير لتقديم تقرير حول قيمة مساهمات المدعى عليه لأنه لم يكن هناك أية وثيقة في السجل من شأنها أن تبرر وضع تقرير خبير، فالمستند C24 هو مجرد جدول يحتوي على ملخـص مـع مـستندات مصرفية، ولكـن أيـاً منهـا لا يثبت الأرقام والعمليات الواردة فيه والذي – وفقا للشهود الذين تم الاستماع إليهم – يحتوي بعض العناصر المتناقضة التي من الممكن أن تشكل أيضا عائقا أمام القضاء لوضع تقرير خبير، في القرار لتحكيمي النهائي، رد المحكـم طلب إعادة فتح مرحلة الإثبات بالنسبة إلى الشاهد المذكور أعلاه، كما أن الطلب بوضع تقرير خبير لأنه لم يكن هناك وجود لظروف استثنائية، كما هو مفـروض وفقاً لنص المادة 2/29 من القواعد السويسرية للتحكيم الدولي، على اعتبار أن المدعى عليه كرر الأسباب التي أبداها دعماً لذلك، والتي سبق وتم ردها في القرار تاريخ 1 ديسمبر 2011 .

تنازع المستأنفه أنه من خلال رفض الاستماع إلى الشاهد (G) ورفض تعيين خبير لتقديم تقرير، خرق المحكمة حقها في السماع، وتشير إلى أن الشاهد المذكور أعـلاه كـان بإمكانه أن يشهد حـول الاقتراحات المقدمة لحماية نشاط (D) شركة مساهمة، قدر المستطاع، وللحيلولة، أو على الأقل، دون تأخير البيع الجبري لأسهم (E) الذي قام به المصرف (F) في وقت كانت فيـه أسـعار هـذه الأسهم في أدنى مستوياتها، وأكثر، تنازع بأن المحكم تجاهل أهمية تقديم تقرير خبير لتقدير حجم الشهرة التجارية والخبرة التي تمت المساهمة بها.

إن الحجة المذكورة – والتي بالكاد تشير فيها المستأنفة بحسب الطريقة المتبعة في الاستئناف إلى الأسباب التي تعتبر وفقاً لها بأن وسيلتي الإثبات السالفتي الذكر كان يجب أن تقدم بمساعدة محكمة من محاكم الدولة – هي في غير محلها بحسب المادة 2/190/d مـن القـانـون الفدرالي حـول القانون الدولي الخاص. في الواقـع إن المستأنفة بذاتها، التي تنازع في أن الشاهد الذي تخلف عن الحضور كان بإمكانه أن
يشهد فيما يتعلق بمحاولاته المزعومة لتجنب أو تأخير البيع الجبري لأسهم (E) من قبل الدائن الذي بحوزته الضمان، تعترف بأن الشهادة كـان مـن شأنها أن تتعلق فقط بالمرحلة اللاحقة لبدء الإجراءات التحكيمية كما ذكر المحكم، والذي اعتبرها القرار التحكيمي غير ذي صلة لفصل القضية. أما بالنسبة إلى العنصر الثاني،

فيجب الإشارة إلى أن المستأنفة تبدو وكأنها قد نسيت أنه بغض النظر عن استحالة وضع تقرير خبير، كما ورد في قرار 1 ديسمبر 2011، فإن المحكـم قـد رفض صراحة في القرار التحكيمي إمكانية جعل المساهمة في (D)، شركة مساهمة ، عن طريق رسملة الشهرة التجارية والمصاريف المتكبدة مما يجعل بالتالي تقرير الخبير الذي يتناول هذا الادعاء غير ذي صلة بالنسبة لأهـداف القرار التحكيمي، بالقدر الذي أرادت فيه المستأنفة أن تنتقد (سلفاً) تقييم الأدلـة مـن قبل المحكم، تجدر الإشارة إلى أنها قد فشلت في ذكر أية مخالفة للنظام العام والتي من الممكن أن تكون موضوع إعادة نظر من قبل المحكمة الفدرالية.

إن ما تقدم يبين بأن الاستئناف غير قائم على أساس ويجب رده، عنـد التوصـل لمثل هذه النتيجة للإجراءات، يجب أن تدفع النفقات القضائية والتعويض للطرف الآخـر مـن قبـل المستأنفة (المادة 1/66، 1/68 مـن القـانون الخاص بالمحكمـة الفدرالية).

لهذه الأسباب، تقضي المحكمة الفدرالية بما يأتي:

1) رد الاستئناف.

2) تتحمل المستأنفة النفقات القضائية البالغة 18000 فرنك سويسري ويتوجب عليهـا أن تـدفع مبلغ 20000 فرنك سويسري للمستأنف عليهمـا مقابـل الإجراءات الفدرالية القضائية.

3) يبلغ هذا القرار إلى محاميي الأطراف والمحكم الفرد.

• ولعل المتفحص هنا لهذه السابقة الدولية الصادرة عن اجتهادات المحاكم السويسرية يرى أن القضاء الدولي قد أباح للمحكم عندما لا يرى أي طائل من وراء سماع شهادة شاهد معين أن يرفض سماع هذه الشهادة دون أن يعتبر ذلك إخلالاً بحق السماع المنصوص عليه في القوانين سيما لو كانت هناك شهادات أخرى وأدلة كافية في الدعوى على تكوين هيئة التحكيم لعقيدتها وكانت هذه المخالفة – إن صحت – لا تتعلق بالنظام العام بشكل مباشر.

وهذا الاجتهاد من القضاء الدولي قد يكون له وجاهته إن وجدت بالفعل أدلة واضحة جداً يمكن لهيئة التحكيم الاعتماد عليها ، أما إذا لم تكن كذلك وكانت الشهادة التي تم رد طلب سماعها هي الدليل الرئيسي أو الأساس الذي يحتكم إليه أحد الخصوم في الدعوى ففي هذه الحالة على هيئة التحكيم سماعها لأن حق السماع في هذه الحالة يتعلق بحق الدفاع الذي هو من النظام العام لأي دولة حديثة . 

ومن المهم في هذا الإطار أن نطلع على نموذج للاجتهاد القضائي المحلي حول سماع الشهادة أمام هيئات التحكيم لنرى مدى الاختلاف أو التوافق بينه وبين القضاء الدولي في هذا الموضوع . 

ثانياً : اجتهادات القضاء المحلي في التحكيم :

 نعرض في هذه الجزئية اجتهاداً قضائياً مميزاً للقضاء الإداري العماني وهو بصدد نظر دعوى بطلان حكم تحكيم ومدى اعتباره للشهادة كوسيلة إثبات أمام هيئة التحكيم ومدى صحة أو بطلان حكم التحكيم ، إذا ما أغفلت الهيئة التي أصدرته حق سماع الشهود

ونعرض فيما يلي وقائع الحكم وقرار المحكمة فيه على النحو التالي

بتاريخ 2018/2/7م أودع الحاضر من مكتب ....... ومعاونوه للمحاماة والاستشارات القانونية نيابة عن وزارة النقل والاتصالات أمانة سر المحكمة عريضة دعوى البطلان موقعة من المحامي ..... قيدت بجدول دعاوي الدائرة الاستئنافية برقم (18/500ق.س) بطلب بطلان حكم التحكيم الصادر في دعوى التحكيم رقم (2017/42) بينها وبين المحتكمة شركة .....، والقاضي بالآتي :  

قبول الدفوع القانونية المبداة من المدعى عليها شكلاً لتقديمها في الميعاد المقرر قانوناً ورفضها موضوعاً على النحو الوارد بالأسباب:

1- في موضوع الدعوى المقامة من .... بإلزام المدعى عليها(وزارة النقل والاتصالات) بأن تدي لها مبلغ وقدره 331007 ر.ع على نحو ما ورد في الأسباب.

2- إلزام المدعى عليها (وزارة النقل والاتصالات) بأن تؤدي للمدعية .... مبلغ وقدره 9318 ر.ع مقابل أتعاب المحكم وأمين السر على نحو ما ورد في الأسباب.

3- إلزام المدعى عليها (وزارة النقل والاتصالات) بأن تدي للمدعية .... مبلغ وقدره 6000 ر.ع مقابل أتعاب المحاماة على نحو ما ورد في الأسباب.

4- رفض ما عدا ذلك من طلبات المدعية والمدعى عليها.

وتفيد وقائع الدعوى أن الشركة المطعون ضدها تقدمت إلى فضيلة الشيخ رئيس محكمة القضاء الإداري بطلب تعيين محكم في النزاع بينها وبين وزارة النقل والاتصالات، إعمالاً لشرط التحكيم الوارد بالمادة (67) مـن العقد الموقـع بـين الطرفين، وقيد الطلب برقم (2017/8)، وذلك بخصوص عقد المقاولة المبرم بين الطرفين بتاريخ 2008/7/13، بموجب المناقصة رقم 2007/320، لتشييد أعمال طرق ضمن مشروع إنشاء مطار رأس الحد بمنطقة الشرقية (المرحلة الأولى) بمبلغ إجمالي قدره .... ريالاً عمانياً، وبعد بحثه تبين أن العلاقة بين الطرفين مصدرها عقد إداري، وإذ استوفى الطلب أوضاعه القانونية، فقد أصـدر فضيلته بتاريخ 2017/5/1م القـرار القـضائي رقـم (2017/8) بتعيين .... محكمـاً فـرداً بين الطرفين للفصل في النزاع، وقد تحدد للجلسة الإجرائية الأولى يوم 2017/5/23م، وفيها اتفق الطرفان بالخصوص على أن تكون اللغة العربية هي لغة التحكيم، على أنه يجوز لأي طرف أن يقدم أي مستندات تدعم موقفه باللغة الأصلية للمستند ، وعلى أن تكون القوانين العمانية الموضوعية والإجرائية ذات الصلة بالنزاع هي التي تطبق على موضوع النزاع، كما اتفقا على أن تكون الجلسة المذكورة –أي جلسة 2017/5/23م، هـي بداية إجراءات التحكيم وبصرف النظـر عمـا ورد بقانون التحكيم في هذا الشأن، وافقا أيضاً على أن تكون أتعاب المحكم وأمين السر استناداً للائحة تقدير الأتعاب الصادرة من مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على أن تتحمل المدعية هذه الأتعاب ابتداءً وعلى أن تقوم الهيئـة عنـد إصـدار حكمها بتحديـد مـن يتحمـل هـذه الأتعاب، كما اتفقا على شخص وشخصية المحكم ....، وعلى أن يكون تقديم الصحف والمذكرات بالإيداع فقط وليس الحضور الشخصي إلا إذا قررت الهيئة خلاف ذلك أو بناءً على طلب أحد الخصوم أو كلاهما بعد إجازة ذلك من المحكم، واتفقا كذلك على تواريخ تقديم صحيفة الدعوى والدعوى الفرعية- إن وجدت- ومذكرات الرد والتعقيب، وعلى قيام المدعيـة بتسديد أتعايب المحكم وأمين السر وأي أتعاب أخـرى قـد تظهـر، كأتعاب خبير مثلاً، ابتداء على تقوم الهيئة عنـد إصـدارها حكماً منهياً بتحديد وتحميل هذه الأتعاب للخاسر للدعوى أو لجزء منها، واتفقا أخيراً على عدم وجود أي مواضيع أخرى يمكن طرحه للنقاش الآن، وإذا وجدت ستخطر بها الهيئة، وعلى ذلك وقع الطرفان

وبتاريخ 2017/5/30م، المتفق عليه بين الطرفين والمجاز من هيئة التحكيم، أودعت طالبة التحكيم مذكرة بالادعاءات في الدعوى شاملة طلباتها بينت فيها أن مطالبتها تتعلق بالفائدة المترتبة نتيجة العقد المبرم بين الطرفين، حيث إن شروط العقد الموحد المرفق بصحيفة الدعوى ينص في المادة (9/60) على أن تكون الفائدة على المدفوعات المؤجلة (7%) سنوياً اعتباراً مـن التاريخ الذي استحقت فيـه هـذه
الدفعات، وأكدت أنه ليس هناك نزاع بين الطرفين حول المبلغ النهائي المعتمد وقدره .... ريال عماني كما أقرت بأن المدعى عليها سددته لها بتاريخ 2013/12/9م، وأضافت بأنه ليس هناك نزاع أو خلاف حول تقديمها لحسابها النهائي للمدعى عليها بتاريخ 2010/8/24م، وعليه ترى أنه وفقاً لما جاء بالمادة (6/60) من العقد الموحد كان يجب على المدعى عليها أن تسدد لها الدفعة في غضون (120) يوماً ابتداء من
2010/8/24م أي قبل 2010/12/23م، وعليه فإنها تستحق فائدة عن الفترة من 2010/12/23م وحتى 2013/12/10م بإجمالي مبلغ قدره .... ريال عماني كما هو واضح في رسالتها المؤرخة 2014/11/13م، وبناء على ذلك طلبـت مـن هيئة التحكيم إصدار حكم لصالحها يلزم المدعى عليهـا بـأن تـؤدي لها مبلغ .... ريالاً عمانياً، بالإضافة إلى مصاريف التحكيم وأتعاب المحاماة بإجمالي مبلغ 20000 ريال، علاوة على المصاريف التي ستقدم أدلة عليها قرب نهاية إجراءات التحكيم، وبجلسة 2015/7/15م أودعت الوزارة المحتكم ضدها مذكرة دفاع، دفعت فيها أولاً : بعدم قبول الدعوى لمخالفتها نصوص العقد الموحد المبرم بين الطرفين وذلك لسقوط إجراءات التحكيم استناداً لنص المادة (6/60) إذ أن مـا قدمتـه المحتكمة من مستندات تثبت انتفاء أي مطالبة بالمبلغ الذي تدعي به الآن، وكذلك لمرور الوقت ولعدم اتباع الإجراءات الصحيحة للمطالبة به، علاوة على انتفاء وجود أي مطالبات مالية وعدم استحقاق المحتكمة لأي مبلغ وذلك لعدم اتباعها الإجراءات المستوجبة للمطالبة بها، كما دفعت بعدم قبول الدعوى لسقوط إجراءات التحكيم استناداً لنص المادة (2/62) من العقد المبرم بين الطرفين والتي تؤكد أنه إذا لم يتقدم المقاول بمطالبة خطية يطالب فيها بأي حـق مـدعى بـه قبـل إصدار شهادة الصيانة فإن حقه في المطالبة يسقط بمجرد صدور هذه الشهادة، ودفعت أيضاً بعدم قبول دعوى التحكيم لسقوط إجراءاته استناداً لنص المادة (67) من العقد الموحد ، حيث قررت هذه المادة سقوط الحق في المطالبة لمرور المدة وعدم اتخاذ الإجراء الصحيح، كما أن المدعية لم تقدم بصحيفة دعواها ما يفيد أنها قد تقدمت بطلب مكتوب للمهندس ليفصل في أي نزاع بينها وبين المدعى عليها خلال الفترة من 2010/12/22م وفشلت في إثبات أنها قد سلكت أي إجراء للمطالبة بأي حق تدعيه وفقاً للإجراءات والآجال المنصوص عليها في المادة (67) من العقد، الأمر الذي يعني انتفاء أي حق مدعى به أو سقوطه وفوات أجل المطالبة به، ودفعت أيضاً بعدم قبول دعوى التحكيم لمخالفتها أحكام المادة (45) من القانون المالي، إذ أن المدعية تدعي بأنها تطالب بمستحقات واجبـة مـن 2010/12/22م، وعليـه فقـد مرت سبع سنوات مالية على هذه المطالبة الأمر الذي يعني سقوط ما تدعيه من حق بالتقادم وفقاً لنص المادة المشار إليها أعلاه وهو نص من النظام العام، كما دفعت بعدم قبول الدعوى لمخالفتها لاتفاق الذي تم بين الطرفين والذي بموجبـه صـدر الحساب النهائي للمشروع موضوع المنازعة، وذلك استناداً للأمر التغييري الثالث (الحساب الختامي للمشروع) الذي أسقطت بموجبه المدعى عليها غرامات التأخير على المدعية والتزمت بموجبه المدعية بأن تؤدي أتعاب استشاري المشروع، ومن ثم فقد ارتضت الأمر التغييري رقم (2) وعملت بموجبه طوال هذه السنوات، ودفعت كذلك بعدم قبول الدعوى لمخالفتها الصلح في شأن موضوعها ، وفقاً للمستندات المرفقة
بمذكرة دفاعها، ومن بينها الأمر التغييري رقم (2) الذي كان الغرض الأساسي منه هو حسم المطالبات المتبادلة بين طريق الدعوى، وبقراءة متأنية لتلك المستندات يتضح أنه كانت هناك مساع للصلح تكللت بالنجاح، وخلاصـة هـذا الصلح أن تنازلت المدعى عليها عن مطالبتها بالتعويض عن غرامة التأخير في تسليم الأعمال فيمـا عـدا مبلغ ( 200000 ريال عماني اتفق طرفا الدعوى على قيام المدعية بسدادها لقاء أتعاب استشاري المشروع ومدير المشروع خلال فترة التأخير في تسليم المشروع، وذلك مقابل تنازل المدعيـة عـن كافة مطالباتها تجاه المدعى عليها، وبهذا اكتملت اجـراءات الصلح الذي تمخض عنه الأمر التغييري الثالث (الحساب الختامي للمشروع) وارتضت المدعية ووافقت على الحساب الختامي الذي جاء خالياً من أي مطالبة لتدعي بها الآن وأسدل الستار بجملته عن النزاع، وعليـه فـإن هـذه الـدعوى تخالف مـا ورد في المواد (510، 504، 512) من قنون المعاملات المدنية، وهذه النصوص من النظام العام ولا يجـوز مناقضتها، وبناء عليـه يـتعين عـدم قبـول الـدعوى لـسابقة الصلح في شـأن موضوعها، وأخيراً دفعت بعدم قبول الدعوى لغلق الحجة أمامها في المطالبة استناداً لقاعدة ، عدم التناقض، وهي ؛ قاعدة معترف بها في القانون العام، واستناداً للأعراف التجارية، وبعد ذلك عرجت في مذكرة دفاعهـا للرد الموضوعي على دعوى المدعيـة وأرفقت المستندات (من 1 إلى 13) متمسكة بأنها تؤكد كلها أن الدعوى مخالفة لكل قواعد الحق والقانون والواقع ومخالفة لما ارتضته المدعية ووقعت عليه وقبلت به
طيلة السنوات الماضية، وبناء على كل ذلك طلبت من هيئة التحكيم القضاء لها بالآتي: أصلياً: . عدم قبول دعوى التحكيم، وتحميل المحتكمة الرسوم والمصاريف، احتياطياً: رفض دعوى التحكيم وتحميل المحتكمة الرسوم والمصاريف

وبتاريخ 2017/8/19م قدمت الشركة المحتكمة مذكرة عدلت في ختامها طلباتها لتكون بإلزام الجهة المحتكم ضدها بأن تؤدي لها المبالغ الواردة بصحيفة التعديل.

وتداولت الدعوى أمام هيئة التحكيم على النحو المثبت بمحاضر جلساتها ، وبجلسة 2017/11/30م أصدرت حكمها المشار إلى منطوقه بالطالع، وإذ لم يصادف هذا الحكم قبولاً لدى وزارة النقل والاتصالات المحتكم ضدها، فإنها تطعن عليه بالبطلان تأسيساً على مخالفته نص المادة (53) من قانون التحكيم وفقاً للتفصيل الآتي:

أولاً : عدم احترام هيئة التحكيم لمبدأ إتاحة فرص متكافئة للدفاع لعرض دعواها ، مما يعرض الحكم للبطلان بموجب المادة (1/53/ز) من قانون التحكيم مقروءة مع المادة (26) من ذات القانون، فقد أبدى المحكم تحيزاً واضحاً ضد الجهة الإدارية الطاعنة (المحتكم ضدها) مهدراً حقها في عرض دعواهـا في تعامل غير متكافئ مع إتاحة للمحتكمة في المقابل في فرص لعرض دعواها ، مخالفاً بذلك القاعدة الإجرائية المنصوص عليهـا بالمـادة (26) مـن قـانـون التحكيم التي تنص على أن "يعامل طرفا التحكيم على قدم المساواة وتهيأ لكل منهما فرص متكافئة وكاملة لعرض دعواه"، علماً بأن عدم احترام حق الدفاع حتى في القواعد العامة يجعل الحكم مشوباً بالقصور المبطل، فقد أبدى المحكم تحاملاً واضحاً ضد الطاعنة وتحيزاً للشركة المطعون ضدها ، إذ خلافاً لما تم الاتفاق عليه بالجلسة الإجرائية قام بقبول طلبین عارضين لها ،
أولهما تعديلها لدعواها من خلال تعقيبها على دفاع الجهة الطاعنة، ثم أردف ذلك بالاستجابة لطلب للشركة الطعون ضدها بفتح باب المرافعة لتمكينها مـن تقـديم مرافعـة ختاميـة بعـد قفـل بـاب المرافعات، بينما في المقابل رفض الاستجابة لطلب المحتكم ضدها سماع شهود إثبـات وقائع من جهة وإثبات الأعراف المتعلقة بالنزاع في شق آخر، وتنطق الحيثيات بالتحامل والتحيز وفقاً للآتي:

1- يبدوا التحيز والتحامل واضحاً من خلال التناقض والاضطراب في حيثيات الرفض، إذ بينما تقول الحيثيات عن الشاهدين أن شهادتهما يجب أن تتعلق بوقائع، فإذا بالحيثيات تخلص للرفض على الرغم من أن جهة الإدارة قـد أوضحت في الطلب أن شهادة الاستشاري تـدور حـول وقائع النزاع وأنه كان طرفاً فاعلاً في التسوية، كما أشارت إلى أن شهادة الشاهد الآخـر تـدور حول الأعراف، والتي يجب على هيئة التحكيم
مراعاتها وفقاً لنص المادة (2/29) من قانون التحكيم.

2- لقد رفض المحكم سماع الاستشاري المشرف على المشروع وشكك في ذمته قبل أن يستمع إليه، ورفض سماعه رغم أن هذا الشاهد كان طرفاً فاعلاً في التسوية التي تمت بشأن النزاع، وقال فيه المحكم ما لم يقله الخصم (الشركة المطعون ضدها)، وبذات المنطق من التحامل رفض الاستماع لشهادة الشاهد الثاني والـذي كـان مـن المـؤمـل مـن شـهادته توضيح الأعراف التي تحيط بالنزاع بحكم خبرته وموقعه.

3- أن الأسباب التي ساقها المحكم في رفضه الاستماع للاستشاري تتناقض وما ارتضاه الطرفان في العقد المبرم بينهمـا مـن أنـه مـن حـق الأطراف استدعاء المهندس للإدلاء بشهادته حول النزاع.

ثانياً : عـدم مراعاة هيئة التحكيم لشروط العقـد محـل النـزاع ورفضها الأخذ بالأعراف الجارية مخالفة بذلك نص المادة (2/29) من قانون التحكيم مقروءة مع الفقرتين (د، ز) من المادة (53)، ذلك أنه من المستقر عليه فقهاً وقضاء أن العقد هو شريعة المتعاقدين وتعتبر التشريعات العامة مكملة تسد الفراغات العقدية فقط، وكمـا هـو واضـح مـن نصوص قانون التحكيم سالف الإشارة فإن على هيئة التحكيم أن تطبق على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان (مادة 1/29)، وحتماً فإن مصدر تلك القواعد هي العقد موضوع النزاع مكملاً بالأعراف الجارية والتي تعتبر شروطاً ضمنية بالعقد ، حيث يجب على هيئة التحكيم مراعاة تلك الشروط عند النظر في

النزاع (مادة 3/29)، وتنص المادة (53/د) من قانون التحكيم على بطلان الحكم "إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الطرفان على تطبيقه"، ويعتبر في حكم الاستبعاد تطبيق الهيئـة لمـا تـراه مـن قـواعـد العدالة والإنصاف دون مراعاة لما تنص عليه القواعد التي اتفق الأطراف في العقد على تطبيقها، والثابت من خلال إجراءات التحكيم الآتي:

1- أن الجهة الإدارية الطاعنة (المحتكم ضدها) قد تقدمت لهيئة التحكيم بطـلـب لـسماع شهادة المهندس - الذي أصدر القرار محـل النـزع المحـال للتحكيم – وكـان هـذا الطلـب مـسنوداً بمـا جـاء بـشروط العقـد مـحـل النزاع، إذ رفضت هيئة التحكيم، وعلى غير ما نصت عليه المادة (67) في عجزها، سماع المهندس في تسبيب منـاف في حد ذاته لقواعـد العدالة والإنصاف، فضلاً عن مخالفته لنص المادة المذكورة، الأمر الذي يعتبر اسـبعاداً لشروط العقـد وخروجـاً مـن قبـلـهـا عـن لتفـويض الممنـوح لهـا بالتحكيم وفقاً لشروط العقد الذي تستمد منه صلاحياتها، كمـا يعـد مخالفة إجرائية وموضوعية لأحكام الفقرة (2) من المادة (29) مقروءة مع الفقرة (1) من لمادة ذاتها.

2- أن هيئة التحكيم رفضت على ذات المنـوال وبذات الأسباب طلب جهـة الإدارة الاستماع للمستشار القانوني لمجلـس المناقصات والـذي كـان المقصـود مـن شـهادته توضيح الأعراف الجاريـة عنـد إصـدار الحـساب الختامي ومدلولاته في عالم المقاولات الإنشائية الخاضعة للعقد الموحد ، وفي ذلك رفـض صـريـح مـن قبـل الهيئة لمجـرد تقصي الأعراف الجاريـة
المحيطة بالنزاع، مما يعد مخالفة لأحكام المادة (3/39) التي توجب على الهيئة مراعاة الأعراف الجارية .

ثالثاً: بطلان حكم التحكيم وفقاً لأحكام المادة (1/53/أ) لسقوط الحق في اللجوء للتحكيم، ذلك أن هذه المادة تنص على بطلان حكم التحكيم في حالة سقوط اتفاق التحكيم بانتهاء مدته، ولحساب المدد المتعلقة بانتهاء

اتفاق التحكيم يجب بالضرورة البحث عنها بقراءة نص اتفاق التحكيم، حيث يحدد آليـة اللجوء للتحكيم، وتحكم الحالة محل النزاع اتفاقيـة التحيم المنصوص عليها بالمادة (67) من العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية (تسوية الخلافات والتحكيم) وبالرجوع إلى وقائع النزاع كما أثبتها الحكم المطعون فيه يبين الآتي:

1- أن المبلغ محل المطالبة بالفوائد عنه قد صدر به الحساب النهائي بموجب الأمـر التغييري رقـم (3)، وقـد اسـتلمت الشركة المطعـون ضـدهـا (المحتكمة) أصل المبلغ محل المطالبة بتاريخ 2013/12/9م، وكذلك شهادة الدفع الصادرة من المهندس بموجب الأمر التغييري رقم (3) وبتوقيعه بجانب توقيع المقاول (المحتكمـة)، وهـو بذلك بمثابة قـرار من المهندس بمفهوم المادة (67) من العقد سالفة الإشارة، وقد طالبت الشركة المطعون ضدها بالفوائد عن ذلك المبلغ عن الفترة ما بين 2010/12/23م وحتى 2013/12/9م، أي عن الفترة ما قبل صدور قرار المهندس بالأمر التغييري رقم (3) في شهر ديسمبر 2013م، وبالتالي فإن سكوتها لمدة تسعين (90) يوماً من تاريخ 2013/12/9م يعتبر في حكم القبول بقرار المهندس بعدم استحقاقها فوائد عن المبلغ المذكور، حيث أضحى قرار المهندس نهائياً بمرور (90) يومـاً مـن تـاريخ صدور الأمر التغييري المعني واستلام المدعى عليها أصل المبلغ بتاريخ 2013/12/9م، ومن ثم لا يعتد بطلبها المقدم للمهندس بتاريخ 2016/7/3م – أي بعد مرور عامين ونصف من صدور الأمر الغييري المذكور – والذي طلبت منه بموجبـه إصـدار قـرار حول مطالبتها بالفوائد، ومن المنطقي تماماً أن يتجاهل المهندس طلبها إصدار قرار حول أمر سبق له أن بت فيـه وانقضت المدة المحددة تعاقدياً لصيرورته نهائياً، وهي (90) يوماً حسب منطوق المادة (67) آنفة الذكر.

2- إنه من المستقر عليه فقها وقضاء أن الغاية من تحديد المدد لاتخاذ إجراء معين هو استقرار المراكز القانونية بحيث يسقط الحق في اتخاذ ذلك الإجراء بانقضاء ذلك الأمد، إذ لا يستقيم منطقاً استمرار الآجال إلى ما لا نهاية وإلا سادت الفوضى وعبث بالمراكز القانونية، وحماية لتلك المراكز فإن سقوط الحق بالتقادم يعـد مـن النظام العام، سواء جاء النص عليـه بحكم التشريع أم أم بموجب اتفاق المتعاقدين الذي يعتبر شريعتهما ، وغني عن القول أنه من المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن علـى طـرفي العقد تنفيـذه بحسن نية، وعليـه فإنـه لا يقبـل مـن الـشـركة المطعـون ضـدها محاولتها الالتفاف حول المدد المحددة باتفاق التحكيم – بغرض إحيائها - عبر محاولتها تقديم طلبها المتأخر للمهندس بعد عامين ونصف لإصدار قرار حول مسألة بت فيها المهندس وأضحت نهائية.

رابعا : بطلان حكم التحكيم لتصادمه مع اعتبارات النظام العام طبقاً لنص المادة (3/53)، فقد دفعت الجهة الإدارية الطاعنة (المحتكم ضدها) في ردهـا على الدعوى التحكيمية بسقوط الحق في المطالبة بالفوائد تطبيقاً لنص المادة (43) القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 98/47، علماً بأن القاعدة الإجرائية الواردة بالمادة (3/39) مـن قـانون التحكيم توجب على هيئة التحكيم مراعاة شروط العقد، محل النزاع، وقد نص العقد بالمادة (60) على آلية إصدار شهادات الدفع وبالمادة (2/62) على توقف وسقوط مسئولية صاحب العمل، حيث كان ينبغي قراءة تلك الشروط لتفسير مغزى عبارة (المطالبة المعتبرة قانوناً) الواردة بالمادة (3/45) عنـد تقريـر جديـة الـدفع، وهـو إجـراء أغفلتـه هيئة التحكيم، وبقراءة هـذه النصوص وتنزيلها على الحكم المطعون فيه يتضح أن رفض هيئة التحكيم لدفع التقادم قد جاء مخطئاً وعرضة للبطلان للآتي:

1- إن المبلغ محل المطالبة كان مستحقاً للأداء، وفقاً لما أثبته الحكم، بتاريخ 2010/10/22م وتم سداده دون فوائـد عنـد إصـدار الحساب النهـائي بالأمر التغييري رقم (3) بتاريخ 2013/12/9م، وعلى هذا الأساس تم تقدير الفوائد بالحكم عن الفترة بين التاريخ الأول والثاني.

2- إن هيئة التحكيم تجاهلت مراعاة شـروط العقـد عنـد تقريرهـا مـا إذا كانت مطالبات المدعية خلال الفترة من 2010/10/22م وحتى تاريخ رفع الدعوى تعتبر معتبرة قانوناً، إذ أن المادة (60) من شروط العقد قد حددت إجراءات المطالبة من قبل المقاول وآلية الدفع من قبل صاحب العمل، حيث يتبين إن كافة المطالبات يجب تقديمها عبر المهندس الاستشاري المشر والذي يقرر أحقية المقاول بالمطالبة حسب نص المادة المذكورة، ومن ثم ولما كانت جميع المطالبات التي أشار إليها الحكم قد تم تقديمها مباشرة لصاحب العمل وليس عبر الاستشاري، فإنها لا تعـد معتبرة قانوناً حسب شـروط العقـد الـذي هـو شـريعة المتعاقدين، كما أن المادة (2/62) قـد أكدت على سقوط حق المقاول تجاه صاحب العمل بالنسبة لأية مسألة أو شيء ينجم عن العقد أو يتعلق به أو بتنفيذ الأعمال ما لم يكن المقاول قد قدم مطالبة خطية تتعلق بذلك قبل إصدار شهادة الصيانة بموجب المادة (1/21)، وكما هو واضـح مـن نـص المادة (6/60) فإن شهادة الصيانة تصدر قبل إصدار الحساب الختامي الذي صدر به الأمر التغييري رقم (3)، مما يعني بالشرورة أن المطالبات ينبغي تقديمها عبر الاستشاري الذي يتولى عملية إصدار الحساب الختامي، وكذا يتبين أن المطالبة التي قدمها المقاول مباشرة للوزارة لا تعد معتبرة قانوناً في حكم المادة (2/45) مقروء مع أحكام العقد.

3- أن التقادم المنصوص عليه بالقانون المالي يعتبر من أحكام النظام العام وقد حددت المادة (46) بوضـوح الأثر المترتب على تقـادم الحقوق في مواجهة الدولـة بانقضاء المـدة، إذ تـؤول إلى خزانة الدولـة تلـك الحقـوق الماليـة المنقضية بالتقادم، ومما لاشك فيه أن القانون المالي يعـد مـن التشريعات الجامدة لتعلقها بالصالح العام ومن ثم فإن التقادم بموجبه يعتبر من قبيل أحكام النظام العام.

وبناء على مجمل مـا سـلف تفصيله خلصت الجهة الإدارية الطاعنة إلى طلب الحكم: أولاً : بقبول دعوى حكم التحكيم شكلاً لقيدها في الميعاد ، ثانياً: وفي الموضوع:

1- وقبـل الفصل في الموضـوع إصـدار قـرار قـضـائـي وقـتي بوقف تنفيـذ حـكـم التحكيم محل دعوى البطلان لحين الفصل في الدعوى.

2- تقرير بطلان حكم التحكيم الصادر مـن قبـل المحكـم الفـرد .... بتاريخ 2017/11/30م وما يترتب على ذلك من آثار.

3- إلزام المطعون ضدها مصاريف الدعوى، ومقابل أتعاب محاماة (5000) ريال عماني.

وقد أعلنت عريضة الدعوى على الوجه المقرر قانوناً إلى الشركة المطعـون ضدها، وحددت المحكمة جلسة 2018/3/5م موعداً لنظر الدعوى، وبها حضر عن وزارة النقل والاتصالات المحامي .... من مكتب رجب الكثيري، وحضرت عـن الشركة المطعون ضدها المحامية .... من مكتبها وقدمت وكالة والتمست أجـلاً للرد، فقررت المحكمـة تأجيـل نـظـر الـدعوى لجلسة 2018/3/26م لتمكين شركة .... من الرد، وفيها قدمت وكيلة الشركة المطعون ضدها مذكرة الـرد ونسخة منها لمحامي الوزارة التمست في ختامها الحكم، برفض بطلان حكم التحكيم وإلـزام الطاعنـة المصاريف ومبلغ (1000 ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة تأسيساً بالخصوص على الآتي:

عن الدفع القانوني الأول :
لقد أتيحت لوزارة النقل والاتصالات الفرصة الكافية لتقديم مـا تـود تقديمه وثبت ذلك بالحقائق الدامغة، فقد قدمت المذكرة تلو الأخرى وكان بوسعها تقديم ما تود تقديمه من دفوع قد تثار من قبل المهندس الاستشاري أو من قبل المستشار القانوني لمجلس المناقصات، وبالرغم من ذلـك فـإن كـل مـا ذكـر مـن قبـل الجهة الإدارية الطاعنة يعد غير قانوني ومرفوض من الناحية القانونية وذلك بسبب أن الأمر التغييري رقم (3) لا يمكن أن يفسر أو يؤول على انه اتفاق على تسوية كاملة ونهائية.

عن الدفع القانوني الثاني :
إن هذا الادعاء خاطئ ويشوبه القصور والعوار، حيث إن المادة (67) من وثائق العقد الموحد لا تلزم المحكم بالاستماع إلى شهادة من المهندس، وعلاوة على ذلك وحتى إن عبر المهندس عن رأيه (أو المستشار القانوني لمجلس المناقصات)، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يغير ما تقرر كتابة وجرى النص عليـه صـراحة في أمر التغيير رقم (3) .

عن الدفع القانوني الثالث :
إنه ليس من المقبول من الناحية القانونية الادعاء بأن أمـر التغيير رقم (3) او سداد مبلغ (1113438.458 ر.ع) بتاريخ 2013/12/9م هو قرار صادر مـن قبـل المهندس بموجب المادة (67) من وثائق العقد ، إذ أن طلب إصدار قرار استناداً على هـذه المادة قـد تم، كمـا ورد في حكم التحكيم، في وقت لاحـق أي بتـاريخ 2016/7/3م .

عن الدفع القانوني الرابع :
إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الادعاء بأن قرار هيئة التحكيم يشكل خرقاً للنظام العام، وعلى سبيل المثال وكما جاء في حكم التحكيم فإن الشركة المطعون ضدها قد طالبت بالفائدة في المقام الأول بموجب خطابها المحرر بتاريخ 2011/4/4م، أي قبـل وقـت طويـل مـن صـدور شـهادة الصيانة الواقـع في 2013/9/18م، وكان ذلك إجراء تم استناداً للمادة (2/62) مـن وثائق العقد الموحد، وعلاوة على ذلك فإن حقيقة أن الجهة الإدارية الطاعنة لم تفرض غرامات تأخير أنه قد تم تعويضاً بالقدر الكاف مـن قبـل المدعيـة الـتي أدت مبلغاً قـدره (200000 ر.ع) لقاء الخدمات الاستشارية (بالإشارة إلى مدة التأخير المدعى بها)، وفي جميع الأحوال، ووفق ما هو مستقر عليه في قضاء المحكمة العليا ، فإنه

من المتفق عليه فقهاً وقضاءً وشرعاً وقانوناً أن الحق لا يسقط بالتقادم مهما كانت المدة (الطعن رقم 2007/419 مدنية أولى عليا – جلسة 2008/1/5)، إضافة إلى أن الدفع بسقوط حق المطالبة بمرور الزمن ليس من النظام العام (الطعن رقم 2007/229 عمالي عليا – جلسة 2008/3/3م)، بدليل أنه لا يمكن إثارة الدفع بالتقادم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا، وبالتالي لا توجد مخالفة للنظام العام في حكم هيئة التحكيم، وفي نهاية المطاف فإن المستندات توضح بحد ذاتها أن الشركة لم تتنازل أبدأ عن حقها في الفائدة التعاقدية، وفي حقيقة الأمر فإن الخطابات الأخيرة تبين أنها كانت تطالب بهذه الفائدة قبل وبعد تاريخ 2013/12/9م، وخلاصة فإن الدفوع والادعاءات المثارة من قبل وزارة النقل والاتصالات قد تم دحضها بموجب المستندات القانونية المقدمة من قبل الشركة، ويدعم ذلك ما نص عليه حكم التحكيم بـأن أمـر التغيير رقم (3) لا يمكن أن يفسر أو يعتبر بأي حال من الأحوال اتفاقاً على تسوية كاملة ونهائية حيث إنه يفتقر إلى جميع الخصائص القانونية التي تنظم اتفاقيات التسوية الكاملة والنهائية، وفي جميع الأحوال فإن كافة دفوع المدعية لا تنطبق عليها حالات البطلان الواردة بالمادة (53) مـن قـانون التحكيم العماني، ما يعني إن حكم التحكيم جاء صحيحاً إجرائياً وقانوناً، وعليه وجب البقاء عليه وتنفيذه كحكم نهائي حاز حجية الأمر المقضي.

والتمس محامي الوزارة حجز الدعوى للحكم مع التصريح له بتقديم مذكرة التعقيب، كما التمست الحاضرة عن الشركة المطعون ضدها الرد على تعقيب الوزارة، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 2018/5/7م مع التصريح لوكيل جهة الإدارة بالتعقيب على المذكرة المقدمة بجلسة اليوم خلال عشرة أيام، وللشركة المطعـون ضـدهـا تقـديـم مـذكرة بعـد ذلـك خـلال أسبوع، وبتـاريخ 2018/4/4م أودع وكيل الجهة الإدارية الطاعنة مذكرة تعقيب على رد الشركة المطعون ضدها طلب في ختامها – وللأسباب الواردة بها – رفض أوجه رد المطعون ضدها على الدعوى، كما صمم على طلبات موكلته الواردة بصحيفة افتتاح دعوى

بطلان حكم التحكيم والتمس الحكم بموجبها ، وبتاريخ 2018/4/10م أودعت وكيلة الشركة المطعون ضدها صممت فيها على ما سبق وأبدته من دفوع وطلبات صـلب مـذكرة ردهـا علـى الـدعوى، وفي الجلسة المحددة قررت المحكمـة إعـادة الدعوى للمرافعة بجلسة اليوم لتقدم الوزارة الطاعنة نسخة من الأمر التغييري رقم (3) مترجم إلى اللغة العربية، ولتقدم الشركة المطعون ضدها نسخة من الطلب المقدم للاستشاري لإصدار قرار استناداً للمادة (67) من العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية ونسخة من الخطاب المرسل إلى وزارة النقل والاتصالات لإخطارها بالبـدء في إجـراءات التحكيم، كمـا قـررت تأجيـل نـظـر الـدعوى لجلـسة 2018/5/21م لتنفيـذ قـرار المحكمة، وفيهـا قـدم وكيلا الطرفين مـا طلبتـه المحكمة في جلستها السابقة، وقررت المحكمة حجـز الـدعوى للحكم بجلسة 2018/6/25م مع التصريح لمن يشاء من الطرفين بتقديم مذكرة ومستندات في أجل أسبوعين من تاريخه، وبتاريخ 2018/6/3م أودعت وكيلة الشركة المطعون ضدها مذكرة ختامية صممت فيها على دفوعها السابقة وأكدت في ختامها على
الآتي:


(أ) لقد منح المحكم وزارة النقل والاتصالات جميع الفرص الممكنة علـى مـدار شهور عدة لتقديم أي دفوع أو حجج أو براهين وتقديم جميع المستندات التي يودون الارتكان إليها .

(ب) لم يرد في أي وقت من الأوقات ما يفيد أو يدلل على أن شركة .... قد تنازلت عن حقوقها في الحصول على فائدة مستحقة على الدفعات المتأخرة بناء على تقديمها لبيان الحساب الختامي .

(ج) لا يتوفر بأمر التغيير رقم (3) الاشتراطات القانونية والخصائص والسمات المميزة والمشروعة كتسوية كاملة ونهائية ولم يرد في أي موضع منه ما أو يدلل على أن الشركة قد تنازلت عن حقوقها في الفائدة المستحقة على الدفعات المتأخرة بناء على بيان الحساب الختامي المقدم من قبلها، (د) تعد مسألة فرض غرامات بقيمة (893999 ر.ع) انتهاكاً للأنظمة النافذة والمرعية في سلطنة عمان، وعوضاً عن

ذلك فإن الوزارة الطاعنة تعي جيداً أنه قد تم تعويضها بشكل صحيح بما يتماشى ومقتضيات القانون العماني، وذلك بقيـام الـشـركة بتسديد رسـوم  الاستشارية بقيمة إجمالية قدرها (200000 ر.ع).

(هـ) ليست هناك ثمة أسس أو أسباب لبطلان حكم هيئة التحكيم، وأي شاهد سيتم جلبـه لـلإدلاء بشهادته لا يمكـن أن يغـيـر مـن وجـه الحقيقة في ضوء المستندات المتزامنة وأمر التغيير رقم (3).

(و) إنه لا يحق للوزارة الطاعنة أن تكرر في دعوى البطلان الماثلة جميع دفوعها القديمة التي سبق وأن تقدمت بها أمام هيئة التحكيم، والتي لم يأخذ بها حكم التحكيم ورفضها، وصممت في ختام مذكرتها على طلب الحكم برفض دعـوى البطلان وإلزام الطاعنة المصاريف ومبلغ (1000 ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة، وفي الجلسة المحددة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة: بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة قانوناً، حيث إنه عن شكل الدعوى، ولما كان حكم التحكيم قـد صـدر بتاريخ 2017/11/30م وأقيمت الدعوى الماثلة طعناً عليه بتاريخ 2018/2/7م، أي خلال ميعاد التسعين يوماً المقرر بالمادة (54) من قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (97/47)، وإذ استوفت الـدعوى سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية الأخرى المقررة قانوناً فتكون من ثم مقبولة شكلاً. وحيث إن نظر المحكمة الشق الموضوعي مـن الـدعوى يغنيها عن الخوض في شقها المستعجل.

وحيث إنه عن الموضوع فإن المادة (52) من قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية سالف الإشارة تنص على إنه:

1- لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً لأحكام هذا القانون الطعن فيها ها بأي طريق من طرق الطعن المقررة قانوناً.

2- يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقاً للأحكام المبينة في المادتين  الآتيتين.

وتنص المادة (53) من القانون ذاته على أنه:
1- "لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية :
أ- إذا لم يوجد اتفقا تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو قابلا للإبطال أو سقط بانتهاء مدته.

ب- إذا كان أحد طريق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته.

ج- إذا تعذر على أحد طرق التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته.

د- إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.

هـ- إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجـه مخـالف للقانون أو لاتفاق الطرفين.

و- إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جـاوز حدود هذا الاتفاق، ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.

ز- إذا وقع بطلان في حكم التحكيم، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثري الحكم.

2- تقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في سلطنة عمان".

وحيث إن مفاد ذلك، وعلى نحو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن المشرع اتساقاً منه مع طبيعة التحكيم كطريق غير قضائي لحل المنازعات إنما أقـر لـه إجراءات مبسطة تتيح في مجملها احتواء النزاع في أضيق نطاق بمـا يفضي إلى استقرار المراكز القانونيـة للخصوم في أقصر وقت ممكن، واعتباراً إلى أن

التحكيم الاختياري يقوم في نشأته وإجراءاته وما يتولد عنه من قضاء على تراضي الإرادة الحرة لأطرافه على اللجوء إليه كوسيلة لفض منازعاتهم بدلاً من اللجوء إلى القضاء، واحتراماً من المشرع لهذه الإرادة واعترافاً بحجية حكم التحكيم ووجوب نفاذه من جهة، وسعياً لمواجهة الحالات التي قد يعتري فيها ذلك الحكم عوار ينال من مقوماته الأساسية كحكم ويدفعه إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة من جهة
أخرى، فقد أقام توازناً بين هذين البعدين من خلال السماع لطريق التحكيم بإقامة دعوى بطلان أصلية على الحكم بعد صدوره، استصحاباً للطبيعة القضائية لهذا الحكم ومساواة بينه وبين أحكام المحاكم بصفة عامة مـن حيـث جـواز إقامة دعوى بطلان أصلية عليها إذا توفر موجبها، وذلك احتراماً للضمانات الأساسية في التقاضي بما يؤدي إلى إهدار أي حكم يفتقر إلى المقومات الأساسية للأحكام القضائية، ويتجلى من ذلك حرص المشرع على رسم سبيل محددة لمراجعة حكم التحكيم قوامها عدم قابليته كأصل عام للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن المقررة قانوناً، ومن ثم حصر مراجعته في الحالات التي تقوم عليها دعوى البطلان سالفة الإشارة متى توفرت موجباتها، ولما كانت هذه الحالات محددة على سبيل الحصر فإنه لا يجوز القياس عليها أو التوسع في تفسيرها، وهي تنقسم إلى قسمين: الأول: يتعلق بالحالات التي يكون فيها البطلان نسبياً، وهي الحالات التي يتعين أن يثيرها الطاعن أمام المحكمة حتى يتسنى لها الوقوف عليها وتمحيصها توصـلاً للفصل فيها بالرفض أم بالقبول، وتشمل كافة الحالات الواردة في البند (1) مـن المادة (53) سالفة الإشارة، أما القسم الثاني: فيشمل الحالة التي يكون فيها البطلان مطلقاً، والتي يجوز فيها للمحكمة أن تثير ذلك البطلان من تلقاء ذاتها دون دفع به من الطاعن، وهـي الحلة الواردة في البند (2) مـن ذات المادة والمتعلقة ببطلان حكم التحكيم لمخالفته النظام العام في السلطنة.


وحيـث يـنـص قـانون المعاملات المدنيـة الصادر بالمرسـوم الـسلطاني رقـم (2013/29) في المادة (504) على أن: "الصلح عقد يحسم الطرفان بمقتضاه نزاعاً قائم أو يتوقيان نزاعاً محتملاً وذلك فيما يجوز التصالح فيه".

وينص في المادة (510) على أنه: "إذا صالح شخص على بعض المدعي بـه فقـد أسقط حق ادعائه في الباقي " . 

وينص في المادة (512) على أنه: "يكون الصلح ملزماً لطرفيه ولا،  يسوغ لأيهما أو لورثته من بعده الرجوع فيه".

وحيث أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن إهدار حق الدفاع موجب ومبرر للحكم بالبطلان، باعتبار أن هذا الحق إنما يعـد أحـد الأركان الجوهرية لسيادة القانون كونه يكفل للخصومة القضائية عدالتها بما يصون قيمتها بالا يكون الفصل فيها بعيداً عن أدلتها أو نابداً الحق في إجهاضها من خلال مقابلتها بما يهدمها من الأوراق والمستندات، فلا يكون بنيان الخصومة متحيفاً حقوق أحد من الخصوم بل مكافئاً بين فرصهم في مجال إثباتها أو نفيها استظهاراً لحقائقها واتصالاً بكل عناصرها، وأن حق الدفاع لن يثمر أثره ولا يؤتي أكله إلا بضمان مبدأ المواجهة بين الخصوم مـن خـلال سماع مرافعاتهم الشفهية وتمكينهم مـن
استلام نسخ من المرافعات المكتوبة والسماح لهم بالإطلاع على المستندات المقدمة وسماع شهود الإثبات أو النفـي إن اقتضى الأمـر ذلك، وبإعمـال مـا تقـدم عـلـى الإجراءات التي اتخذتها هيئة التحكيم في المنازعة الماثلة فإن الثابت يقيناً أن الجهة الإدارية الطاعنة، وإسناداً لدفاعها ، كانت قد أبدت صلب المذكرة ردهـا علـى دعوى التحكيم دفعاً جوهرياً، من شأنه التأثير على وجـه الـرأي في الدعوى - باعتبار أن ثبوت وقوع الصلح بين الطرفين إنما تنقضي به الخصومة ولا يجوز قانوناً بعد ذلك لأي منهما إقامة دعوى للمطالبة بما تم التصالح بشأنه – مفاده أنه كانت هناك مساع للصلح تكللت بالنجاح وأن خلاصة هذا الصلح أن تنازلت جهة الإدارة عن المطالبة بالتعويض عن غرامة التأخير في تسليم الأعمال فيما عدا مبلغ (200000 ر.ع) اتفق طرفا الدعوى على قيام الشركة بسدادها مقابل أتعاب استشاري المشروع ومدير
المشروع خلل فترة التأخير في تسليم المشروع وذلك مقابل تنازل الشركة المطعون ضدها عن كافة مطالباتها تجاه جهة الإدارة، وأنه بذلك تكون إجراءات الصلح الذي تمحص عنه الأمر التغييري الثالث (الحساب الختامي للمشروع) قد اكتملت

وارتضت الشركة وقبلت ووافقت على الحساب الختامي الذي جاء خاليـاً مـن أي مطالبة وأسدل الستار على النزاع بجملته، فتكون بذلك الدعوى التحكيمية مخالفة لما ورد بالمواد (510، 504، 512) من قانون المعاملات المدنية وهي نصوص من النظام العام لا تجوز مناقضتها، والتمست لذلك الحكم بعدم قبول الدعوى لسابقة الصلح في شأن موضوعها، كما صممت على هذا الدفع صلب مذكرتها المؤرخة 2017/10/10م مؤكدة أن المستندات الثمانية المرفقـة بهـا تؤكـد أن التسوية التي تمت بين الطرفين تشمل تنازل الشركة عن المطالبة بالفوائد على المدفوعات المتأخرة ليست الحالية فقد بل تلك المتوقعة والمستقبلية بدلالة كلمة "المحتملة"، وهو ما يدحض حجة الشركة بأن الحساب النهائي قـد تأخر إصـداره عند تقديم بيانها بالحساب النهائي وبأنها لم تضع ذلك في الحسبان عند موافقتها على شروط التسوية، كما أكدت على أن تأخر إصدار الأمر التغييري (الحساب الختامي) يعود بشكل كامل لمراوغة الشركة وتعطيلها إجراءات التسوية حيث جاء النص: (بناء على اقتراح التسوية المقدمة من المقاول مع تعديله بإدراج بعض التصحيحات المتمثلة في تنازل الهيئة العامة للطيران المدني ... عن غرامات التأخير المستحقة على المقاول مقابل تنازل المقاول عن جميع المطالبات الحالية والمحتملة بما في ذلك رسوم الفائدة على المدفوعات المتأخرة)، وتدعيماً لموقفها بشأن وقوع الصلح ومـداه فقـد تقـدمت لهيئة التحكيم بطلب سماع شـاهـدي إثبـات وهما المستشار القانوني لمجلس المناقصات واستشاري المشروع، وذلك لمساع شهادتهما حول المقصود بالأمر التغييري رقم (3) وموافقة الشركة على الصلح وتنازلها عن أي حق حال أو مستقبلي، إلا أن هيئة التحكيم المطعون في حكمها الآن بالبطلان رفضت سماع شهادة استشاري المشروع تأسيساً على أنه معين من قبل جهة الإدارة (رب العمل) يتم بأمرها وأنه من غير المنطقي والمعقول أن يدلي بشهادة ضـد رب العمل الذي عينه، كما رفضت سماع شهادة المستشار القانوني لمجلس المناقصات لأنها وشهادة المهندس الاستشاري غير مجدية في الدعوى لأن شهادتهما يجب أن تتعلق بوقائع ولا يجوز ان تتعلق بمسائل قانونية لأن الأخيرة أمرها متروك لتقدير الهيئة التي لها حق تفسير وتأويـل مـا جـاء في الوقائع مسنودا بمستندات وأدلة، كما أن الهيئة ترفض سماع شهادتهما حول المقصود بالأمر التغييري (3) وموافقة الشركة على الصلح وتنازلها عن أي حق حال ومستقبلي، لأن تنازلها عن أي حق لها في الحال أو المستقبل أمر خطر وجوهري وأساسي لا يمكن الركون فيه لشهادة شهود مع وجود المستندات الكثيرة التي لا تشير من قريب أو بعيد لذلك.

وحيث أن الثابت أن هيئة التحكيم قد أخلت على نحو جسيم بحق جهة الإدارة المحتكم ضدها (الطاعنة الآن في الدفاع برفض سماع استشاري المشروع حول إجراءات التسوية التي تمت بين الطرفين وما تولد عنها من وقـوع صلح بشأن عقد المقاولة المبرم بينهما ومـدى شمولـه لفوائد التأخير في سداد الدفعات من عدمه، باعتبار أن أي من إجراءات التسوية لم يقع مباشرة بين طرفي الدعوى وإنما كافة تلك الإجراءات تمت من خلال استشاري المشروع وتحت إشرافه المباشر، ومن ثم فإن شهادته حول هذه المسألة الجوهرية التي من الممكن أن يتحدد بموجبها مال الدعوى، إنما هي شهادة محددة وتتعلق بالوقائع وليست بمسألة قانونية، ذلك أن استخلاص النتيجة القانونيـة مـن تلك الشهادة وما قد يترتب عليها بشأن مـآل الطلبات 4 الدعوى يبقى متروكاً لهيئة التحكيم، باعتبارها إحدى وسائل الإثبات المطروحة أمامها، كما أن هيئة التحكيم قد جانبها الصواب لما أسست قرارها رفض سماع شهادة الاستشاري بأنه معين من قبل جهة الإدارة (رب العمل) يأتمر بأمرها ومن غير المنطقي والمعقول أن يدلي بشهادة ضد رب العمل الذي عينه، ذلك أن المادة (67) من وثائق العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية، والذي هو شريعة الطرفين، قد نصت بصريح العبارة على أنه: "... إن أي قرار يتخذه المهندس بالنسبة للأحكام المدرجـة أعلاه لا يفقده حقـه في المثول كشاهد والإدلاء بشهادته أمام المحكم بالنسبة لأي أمر مهما كان يتعلق بالنزاع أو الخلاف المحال إلى المحكم كما ورد أعلاه ..."، ومن ثم فإن التشكيك في ذمة استشاري المشروع ونزاهته لتبرير رفض طلب الجهة الإدارية الطاعنة الاستماع لشهادته بشأن مسألة الصلح وما تم في نطاقه من إجراءات ومراسلات، لا يجد له أي سند من الواقع ومن باب أحرى من القانون، وما يعضد ذلك أن العقد الموحد أوجب عرض أي خلال بين جهة الإدارة والمقاول في أي مرحلة من مراحل العلاقة العقدية على الاستشاري قبل اللجوء إلى التحكيم، جاعلاً مـن عـرض أي نزاع أو خلاف قـد يكـون بين صاحب العمل والمقاول على المهندس الاستشاري بمثابة مرحلة أولى وجوبية تسبق انتهاج إجراءات التحكيم، وبالتالي فإن فرضية فض ذلك النزاع أو الخلاف بموجب قرار يصدر من استشاري المشروع دون اللجوء إلى التحكيم تظل واردة في حال انقضاء أجل (90) تسعين يوماً من تاريخ إبلاغه خطياً إلى الطرفين دون أن يبادر أي منهما بطلب للتحكيم، إذ يضحى في هذه الحالة، وبصريح عبارة المادة (67) سالفة الإشارة، نهائياً وملزماً لصاحب العمل وللمقاول على حد سواء، فلو كان المهندس الاستشاري يأتمر بأمر جهة الإدارة (رب العمل) ولا يمكن الاطمئنان لشهادته لعدم حيدته ونزاهته، لما أوكل إليه العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية ما هو أكثر من الإدلاء بشهادة، التي تظل في نهاية المطاف وسيلة إثبات تخضع في تقديرها لهيئة التحكيم فيمكنها الأخذ بها أو استبعادها ولكن بعد الاستماع إليها وليس قبله، ألا وهو الفصل فيما قد ينشأ من خلافات أو نزاعات بين جهة الإدارة (صاحب العمل) والمقاول حول أي أمر سواء فيما يتعلق بالعقد ذاته أم فيما يتعلق بتنفيذ الأعمال إن كان ذلك أثناء التنفيذ أو بعد إتمام الأعمال وسواء كان ذلك قبل أم بعد إنهاء أم التخلي عنه أم فسخه.

وحيث أن هيئة التحكيم برفضها سماع شهادة الاستشاري بشأن مسألة جوهرية قد يتحدد بها -في حال ثبوتها – مآل الدعوى وتمت برمتها من خلاله وتحت إشرافه، تكون قد أخلت على نحو جسيم بحق الدفاع المكفول دستورا، وهو ما يشوب حكمها محل الطعن الماثل بالبطلان، وهو ما تقضي به هذه المحكمة دونما حاجـة للبحـث في باقي أوجـه النـعـي الـتي استندت إليها الجهة الإداريـة الطاعنة

وحيث إن من يخسر الدعوى يلـزم مـصاريفها عملاً بحكم المادة (183) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2003/29).

فلهذه الأسباب :
حكمت المحكمة : بقبول دعوى بطلان حكم التحكيم شكلاً، وفي الموضوع ببطلان الحكم المطعون فيه، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الشركة المطعون ضدها المصاريف.

هذه فحوى ومضمون ما انتهى إليه القضاء المحلي في سلطنة عمان بشأن حق سماع الشهود إثباتاً أو نفياً حيث جعل من إغفال ذلك إهداراً جسيماً بحق الدفاع ومخالفة للنظام العام من قبل هيئة التحكيم إذا ما كان الطلب واضحاً وصريحاً بسماع الشهود من أحد أطراف النزاع التحكيمي وفي ذات الوقت فرقت المحكمة بين سلطة هيئة التحكيم بشأن سماع الشهود وقررت أنه لا خيار لہا في ذلك – وبين - حقها في الأخذ بمضمون الشهادة من عدمه إذ لها سلطة إعمال أثر الدليل وليس لها سلطة الامتناع مسبقاً عن قبول هذا الدليل أو تحقيقه.

مـن ذلـك مثالاً لا حصراً ما انتهى إليه القضاء الإداري العمـانـي مـن أنـه في الأحوال التي يجيز فيها قانون الإثبات بدليل قوامة الشهادة أو البينة، فإنه لمحكمة الموضوع سلطة التقدير للسماح بمثل هذا الطريق من طرق الإثبات، فلا يتعين على المحكمة أن تستجيب لطلب الخصم السماح بإثبات واقعة عن طريق شهادة الشهود خاصة إذا كانت الواقعة المطلوب إثباتها في تقدير المحكمة غير منتجة في تبيان وجه الحقيقة في الدعوى، كما أن اللجوء إلى وسائل الإثبات يختلف في المنازعات الإدارية في مـداه ونطاقه بحسب طبيعة المنازعة، وبالتالي فإن اللجوء إلى وسائل الإثبات كالشهادة يتعين أن تكون وسيلة تكميلية تعزز قرائن أخرى ثابتة قد وقرت في وجدان محكمة الموضوع، وكل ذلك يتعين فيـه الالتزام بالقواعد التي يسير عليها القضاء الإداري الذي يتميز بالسمة الكتابية في إجراءاته، ومن ثم تلازمه هذه السمة التي يتميز بها عند إعماله لوسائل الإثبات التي يختلـف مـداهـا ونطاقها بحسب طبيعة المنازعة وفيما إذا كانت في مجال القضاء الكامل أو في منازعات التأديب أو في دعاوى عدم صحة القرارات الإدارية، إذ تظل هذه الطبيعة ملازمة لفكر القاضي الإداري يعملها في أضيق الحدود ومتى قام موجبها، فلا يستساغ منطقاً استدعاء موظف للشهادة ضد جهة عمله إلا إذا تم الاطمئنان يقيناً على جدوى تلك الشهادة أو الاستجواب.

وكما سلف القول لا يجوز أن يتم منح هيئة التحكيم في ذات المنازعة بذات الطبيعة ما لا يجوز منحه للقاضي الطبيعـي مـن سـلطة تجاه وسائل الإثبات ومنها الشهادة فإذا كان القاضي الطبيعي للمنازعة الإدارية يتعامل مع الشهادة كوسيلة إثبات بمنتهى الحـذر وبما يتناسب مع طبيعة المنازعة الإدارية، فلا يجوز لهيئة التحكيم التعامل معها بصورة أكبر وبسلطة أوسع بل عليها التزام ذات الحذر، فلا يجوز منح القضاء الاستثنائي سلطة أوسع من تلك التي تمنح للقضاء الطبيعي، حتى ولو اتفق الخصوم على خلاف ذلك إذ العبرة والمحدد هنا بطبيعة النـزاع ومـدى قابليته لاستخدام تلك الوسيلة ، في ضوء القانون وفي ضوء ما استقر عليه قضاء الدولة المختص، وهذا لا يعني إعطاء هيئة التحكيم ذريعة للإخلال بحق الدفاع لدى طلب سماع الشهادة وإنما عليها إذا ما رفضت سماع الشهادة أن تبرر ذلك بأسباب سائغة وأن يكون في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها حول الموضوع، فإذا ما أضفنا أن طبيعة المنازعة ذاتها – إدارية أو مدنية – لها العامل المؤثر على قبول سماع الشهادة من عدمه فإنه على هيئات التحكيم التزام الحذر الذي أوضحه القضاء في أحكامه سيما مع طبيعة المنازعة الإدارية ودقتها وسمتها الكتابية.

ونظراً لدقة وحساسية استخدام هيئة التحكيم للشهادة في مجال المنازعات الإدارية عامة وفي مجال العقود الإدارية – على وجه الخصوص فإنـه مـن المهم أن نستعرض في عجالة دور الشهادة أمام قضاء العقود الإدارية حتى يكون لدى هيئات التحكيم مجموعة محددات عامة حول سماع الشهادة في هذه المنازعات تضاف لما سبق وأن أوضحناه بالنسبة للقضاء الإداري المحلي والدولي.

(112)ِ