الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / القواعد الخاصة لإجراءات الإثبات أمام المحكمين / الكتب / دور القاضي في التحكيم التجاري الدولي دراسة مقارنة / تحليف اليمين للشهود

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ عامر فتحي البطاينة
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    334

التفاصيل طباعة نسخ

تحليف اليمين للشهود:

مسألة تحليف اليمين للشهود. ان القوانين الداخلية منقسمة حيال سلطة الهيئة التحكيمية ازاء تحليف اليمين للشهود الذين يمتثلون امامها.

ان سلطة الهيئة التحكيمية هذه معترف بها في انكلترا وبلجيكا مثلا، لكنها مرفوضة في ألمانيا وفرنسا والسويد. في الواقع، ان اليمين قد تشكل سببا تشديديا لتجريم شهادة الزور وهذ الجرم قد يرتكب ايضا امام المحكمين ويعاقب بغض النظر عن وجود اليمين. اما في الدول العربية، فقد نصت المادة ٢١١ من القانون الاماراتي على وجوب قيام المحكم بتحليف اليمين للشهود، وهذا ما نصت عليه ايضا المادة ۳۱ من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي. كذلك، نصت المادة (۳۲(د) من القانون الاردني على ان يكون سماع الشهود بعد اداء اليمين وفق الصيغة التي تقررها هيئة التحكيم.

اما القانون القطري (المادة (۲۰۰(۳)) والقانون البحريني (المادة ٢٣٨(٤)) فيعتبران تحليف اليمين امر جوازي لهيئة التحكيم، بحيث ان في القانون البحريني يمكن لهيئة التحكيم ان تكتفي بان تطلب من الشاهد تعهداً بقول الصدق وذلك بشكل تصريح رسمي، قبل اداء شهادته وعلى العكس، نص القانون اللبناني (المادة ۷۷۹) أ.م.م. على ان يستمع المحكم لأي شخص ثالث دون تحليفه اليمين.

وهناك اتجاه الى القبول بالشهادة الخطية Affidavit المشفوعة بالقسم سواء امام القاضي او المحكم فطالما ان غالبية القوانين العربية لم تنص عليها، لا شيء يمنع جوازها. الأحوال، في اطار التحكيم التجاري الدولي، ان في جميع التباين بين النظام المدني والنظام الأنكلوساكسوني يميل الى الاعتدال فكثيرون من المحكمين في انظمة القانون المدني باتوا يقرون بالمنفعة التي قد يشكلها الاستماع الى الشهود. وبالعكس، نجد اتجاها من قبل المحكمين الانكليز والاميركيين الى الحد من عدد الشهود ومن امكانية استجوابهم من قبل الخصوم في اي وقت. ثالثاً: الاثبات بوساطة الخبرة ان الهيئة التحكيمية يمكنها ان تأمر باجراء خبرة اما بناء على طلب احد الخصوم او عفوا من تلقاء نفسها. هذا ما اقرته غالبية انظمة التحكيم منها نظام غرفة التجارة الدولية (المادة ٤/٢٠) ونظام اليونسيترال (المادة (۲۷ ونظام جمعية التحكيم الدولية AAA) (المادة ۲۱ )

الا ان الهيئة التحكيمية لا تكون ملزمة بتلبية طلب احد الخصوم : تعيين خبير.

والخبير المعين يجب ان يكون مستقلا عن الفرقاء والا كان عرضة للرد. ولضمان حياده لا يجوز ان يكون الخبير من منافسي احد الخصوم.

وعلى الهيئة التحكيمية ان تحدد مهمة الخبير بدقة دونما تقييد الخبير من حيث امكانية ابداء رأيه حيال مسائل تقنية قد يكون مهما التطرق اليها. وعلى الخبير كما المحكم ان يحترم مبدأي الوجاهية والمساواة بين الخصوم. فكل مراسلة تصدر عنه يجب توجيهها الى جميع الخصوم وكل اجتماع ينظمه يجب ان يحضره ممثلو جميع الفرقاء ما لم يوجد اتفاق مخالف وكل اتصال بين هيئة التحكيم والخبير يجب ان يعلم به الفرقاء. ان الاثبات بواسطة الخبرة هو احد المواضيع حيث التباين بين بشكل واسع بشهادة الشهود كوسيلة للاثبات وهي الأنظمة الأنكلوساكسونية، وبالعكس، ان الهيئة التحكيمية يمكنها ان احد الفرقاء، عفوا من تلقاء نفسها، تقديم شاهد تعتبر امتثاله اساسي لفهم القضية. ان امكانية اللجوء الى الاثبات بالشهادة تختلف بحسب الأنظمة القانونية. فبالنسبة للقانونيين في الأنظمة الأنكلوساكسونية يعتبر الاثبات بواسطة شهادة الشهود عنصرا أساسيا من وسائل الاثبات بدونه لا يمكن للهيئة التحكيمية تقدير مدى دقة ادلاءات الخصوم، اما فقهاء أنظمة القانون المدني، فهم أكثر تحفظا بالنسبة لصحة الشهادات واهمية اللجوء اليها بصورة مطلقة، فالاثبات بالوسائل الخطية يبقى بنظرهم وسيلة الاثبات الأفضل. ان الاختلاف هنا بين النظامين هو جوهري مرده الى التباين في مفهوم «الشهود كما هو مكرس في كل منهما.

ففي حين ان حيادية الشاهد في الدول التي تطبق نظام القانون المدني هي التي تجعل منه وسيلة اثبات يمكن الركون عليها يختلف الأمر في الدول التي تطبق النظام الانكلوساكسوني والتي تعتبر بمثابة الشاهد كل شخص يمكن من خلال اقواله ان ينير المحكمة ويساهم في فهمها للقضية المعروضة عليها. قد ينتج عن هذا التباين نتائج ،عدة أولا لجهة اعتبار الفريق الماثل أمام المحكمة التحكيمية بعدم توافر الشهود الذين قد يؤيدون طلباته. هذا اذا كان هذا الفريق ينتمي الى الدول التي تطبق النظام المدني، في حين أن الفرقاء الذين ينتمون الى الدول المعتمدة للنظام الانكلوساكسوني، يعتبرون انفسهم محرومين من الضمانات القانونية الدنيا اذا لم يتمكنوا من الادلاء بطلباتهم من خلال شهادة الشهود. علماً أن الطريقة المعتمدة من المحكمين الدوليين هي تحدد الهيئة التحكيمية منذ بداية اجراءات التحكيم مهلة للمتداعين من اجل الافصاح عن اسماء الشهود الذين يرغبون بالاستماع الى شهاداتهم. وان الهيئة التحكيمية قد تدعو الفرقاء الى تقديم الشهادات بشكل خطي witness statement). هذه الشهادة الخطية لا تستبعد بالضرورة الاستماع اللاحق لهؤلاء الشهود بل هي تسمح للهيئة التحكيمية بان تقدر بشكل افضل مدى لزوم الاستماع اليهم وتختصر مدة جلسات الشهادة. وبالعكس، قد يتفق الفرقاء، بحسب الأنظمة الأنكلوساكسونية، على الا تؤخذ الشهادة الخطية بعين الاعتبار اذا ما تخلف صاحبها عن الحضور للادلاء بها. فضلا عن ذلك ان القوانين اللانكلوساكسونية تسمح للخصوم بتحضير» شهودهم، بينما تمنع قوانين اخرى ذلك متاثرة بالقواعد السلوكية في التحكيم، وتفرض عقوبات تأديبية على مخالفتها. الا إن المنحى المتبع في التحكيم الدولي هو دعوة الفرقاء إلى التقدم إلى الهيئة التحكيمية بلوائح بأسماء الشهود وإفاداتهم الخطية. وعلى الهيئة التحكيمية ان تحرص على ذلك لا سيما عندما ينتمي الخصوم الى انظمة قانونية مختلفة. أما بالنسبة لطريقة الاستماع إلى الشهود فتختلف ايضا بحسب الأنظمة القانونية، ففي حين المدني، تطرح الأسئلة الى الشهود من خلال القاضي او المحكم، الأنظمة الانكلوساكسونية والمدنية واضح المعالم. فالأنظمة الانكلوساكسونية تحبّذ الخبرة الخاصة المحضرة من قبل خبراء يختارهم كل من الخصوم (Expert witness ) ومن المواجهة بينهم (Cross examination ينبثق حل المشكلة المتنازع عليها. اما في اطار الأنظمة المدنية، تعتمد الخبرة غالبا على رأي خير مستقل، معين من قبل المحكم القاضي الخاص) ومقيد بتعليمات المحكم.

ففي حين أن القاضي يلجأ في الدول التي تطبق النظام المدني عفوا اما بناء لطلب احد الفرقاء الى تعيين خبير وتحديد مهمته يختلف الأمر في الدول التي تتبع النظام الانكلوساكسوني، حيث يعتبر الخبير بمثابة الشاهد expert witness، دوره انارة المحكمة على المسائل التقنية او على مضمون قانون اجنبي ما. وبالتالي، تطبق من اجل سماعه الاجراءات نفسها المطبقة من اجل السماع الى الشهود والتي سبق وذكرناها. درج المحكمون على اعتماد أي من هذين المفهومين بالاستناد الى طبيعة المشاكل المطروحة، بحيث ان اللجوء الى الخبرة بمفهومها المعتمد في الدول الانكلوساسكونية من يوضح للمحكم ما يقتضيه من اعتماد الـ açon contradictoire للمسائل التقنية المطروحة امامه. الا انه غالبا ما يتواجد المحكم أمام خبيرين او أكثر يدلي كل منهم بآراء تقنية مختلفة، مما يدفع بالمحكم الى تعيين خبير حيادي للفصل بين تلك الآراء بتجرد. بالتأكيد، على المحكم هنا أيضا ان يسهر على المساواة بين الفرقاء عن طريق اعطاء كل منهما امكانية التعليق على تقرير الخبير المعين من قبله. ان الجمع بين طريقيتي الخبرة المذكورتين قد يكون مكلفا لذلك ان هذه الامكانية تنحصر في التحكيم الذي ترتفع فيه المصالح الاقتصادية.

اما اختيار اي من الاتجاهين من قبل الهيئة التحكيمية فمرتبط حصريا بملاءمته لوقائع النزاع وعدم تعارضه مع احكام القانون المطبق على النزاع والتي تنظم مسألة الخبرة. ان سلطة المحكم حيال هذا الموضوع مكرسة من خلال عدة احكام قانونية ونظامية المادة ٢٦ من القانون النموذجي والمادة ٤/٢٠ من نظام غرفة التجارة الدولية والمادة ١/٢٧ من نظام اليونسيترال والمادة (۱/۲۱ من نظام الـ LCIA)، حتى انه يعترف بسلطة المحكم هذه بغياب أي نص يدعمها (المادة ٢٦ النموذجي).

كما ان من حق هيئة التحكيم ان ترفض تعيين خبير مستقل غير ملائم. وحتى قبول تقرير او سماع خبراء خاصين اذا اعتبرت هذا الاجراء فيما ان الحق بالخبرة يتفرع عن حق كل فريق في النزاع بالتعبير عن رأيه وبالاستماع اليه ، فهو (الحق) بالخبرة) لا يتحقق الا اذا كانت لتحديد مصير النزاع. الخبرة ضرورية او على الاقل نافعة ، واذا كانت تثبت وقائع مقنعة وحق الفرقاء هذا يفرض على المحكمين واجب مراجعة قبل مباشرة الخبرة لتمكينهم من ابداء رأيهم حيال شخصه وهدف مهمته (المادة ٤/٢٠ من نظام غرفة التجارة الدولية). كذلك من حقهم الاطلاع على تقرير الخبير واستجوابه في جلسة علنية يرافقهم احيانا خبراؤهم الخاصون (المادة ٤/٢٠ من نظام غرفة التجارة الدولية والمادة ٢/٢١ من نظام الـ LCIA). في جميع الأحوال لا تكون الهيئة التحكيمية مقيدة بالخلاصة التي توصل اليها الخبير حتى لو كان مستقلا، وعندما تكون المسألة المطروحة بالخبرة ذات اهمية تقنية تكون الخبرة اساسية وحاسمة، لذلك، من الضروري اخضاع الخبير لواجبات مماثلة لتلك المفروضة على المحكم ومنها الاستقلالية والحياد، ان القانون الوحيد مبدئيا الذي نظم مسألة رد الخبير لنفس اسباب رد المحكم (المادة ١٠٤٩/٤ ZPO).

اما باقي قوانين التحكيم فلا تنص على قاعدة خاصة برد الخبراء ولو ان مبدأ او ضرورة هذا الرد هما واسعا القبول في . فمسألة رد الخبير تتعلق باجراءات التحكيم التي الاجتهاد التحيكمي. للهيئة التحكيمية حرية فصلها نظرا لسلطتها في تنظيم اجراءات مسألة التحكيم. وكما في المانيا، ان قرار الخبرة المغلوط فيها لا يمكن الطعن به او مراجعته مباشرة من قبل القاضي بل يمكن التعرض اليه اما في اطار الطعن بالقرار التحكيمي اما في مرحلة طلب الصيغة التنفيذية لاسيما عندما يرفض طلب رد الخبير بدون اي مبرر. بالنسبة لبعض القوانين العربية، نرى في القانون اللبناني (المادة ٧٧٩ أ.م.م.) بانه يحق للمحكم ان يستمع الى اقوال اشخاص ثالثين بدون تحليفهم اليمين والاشخاص الثالثون هم الشهود والخبراء وغيرهم. وجاء في القانون البحريني المادة) ٢٦ من المرسوم بقانون رقم 9 لسنة ١٩٩٤ الذي اصدر قانون التحكيم التجاري الدولي بالتوافق مع القانون النموذجي لعام ١٩٨٥) بانه يجوز لهيئة التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، ان تعين خبيرا او اكثر من اجل مسألة معينة تحددها او ان تطلب من اي من الطرفين احاطة الخبير بمعلومات معينة او بمستندات ذات صلة بالموضوع. وجاء في الفقرة ٢ المادة ٢٦ انه: بعد ان يقدم الخبير تقريره الكتابي او الشفوي، يشترك، اذا طلب ذلك احد الطرفين او رأت هيئة التحكيم ضرورة ذلك في مرافعة تتاح فيها للطرفين فرصة توجيه اسئلة اليه وتقديم شهود من الخبراء ليدلوا بشهاداتهم في المسائل موضوع النزاع، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك .. اما في السعودية ، فقد جاء في اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم (المادة (۳۳) بان: الهيئة التحكيم عند الاقتضاء الاستعانة بخبير او اكثر لتقديم تقرير فني بشان بعض المسائل او الوقائع الفنية والمادية المنتجة في الدعوى وعليها ان تذكر في منطوق قرارها بيانا دقيقا المأمورية الخبير (...) وللهيئة مناقشة الخبير في الجلسة عن نتيجة جلسة التقرير (...)) .

اما قانون التحكيم الاردني رقم ۳۱ لسنة ٢٠٠١ فقد نظم مسألة الاستعانة بالخبراء بنصه في المادة ۳۲ (د) على ان: يكون سماع الشهود والخبراء بعد اداء اليمين وفق الصيغة التي تقررها هيئة التحكيم.