إذا كانت القاعدة أن المحكمة تملك الأمر _ من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم - بإتخاذ ما تراه من إجراءات الإثبات بشرط أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى منتجة فيها جائزاً قبولها، وإذا كانت تملك العدول عما تأمر به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ، وتملك عدم الأخذ بنتيجة الاجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك فى الحكم، وإذا كانت عند الحكم تكون لها الحرية التامة فى أن تستخلص قضاءها من جميع طرق الإثبات، مما أمرت به، وما فى ملف الدعوى من مستندات وقرائن، دون أن تلتفت إلى من قدمها إن كان هو المدعى أو المدعى عليه، فإن المحكم هو الآخر يملك ما تملكه المحكمة وعليه ما عليها ولو كان مفوضاً بالصلح مع مراعاة التفصيلات الآتية التي اقتضاها ما خوله المشرع ، في بعض الأحوال للمحكم من الحـ كم دون التقيد بقواعد المرافعات أو قواعد القانون.
مع ملاحظة أن المحكم المصالح وإن كان غير مقيد بإصدار حكم فى هذا الصدد إلا أنه ملزم بإخطار جميع الخصوم باتخاذ ما يأمر به من إجراءات الإثبات، فلا يأمر في غفلة من بعضهم، ولا ينفذ إجراء التحقيق فى حضور البعض دون تمكين البعض الآخر من الحضور، وإلا كانت إجراءاته باطلة.
وكقاعدة عامة على المحكمين اتباع الأصول والمواعيد المقررة في الباب المتعلق بإجراءات الإثبات في قانون المرافعات مالم يكن قد اتفق الخصوم على إعفائهم من التقيد بقواعد المرافعات أو كانوا مفوضين بالصلح.
ويلاحظ أن المحكم يمتنع عليه نظر الادعاء بالتزوير عملاً بصريح نص المادة 838 ولو كان مفوضاً بالصلح أو غير مقيد باتباع قواعد المرافعات .
وفى جميع الأحوال، وسواء أكان التحكيم بالصلح أو بالقضاء فإن المحكم ملزم باتخاذ إجراءات الإثبات في مواجهة جميع الخصوم حتى لا تصدر الإجراءات في غفلة منهم.
وهو لا يملك إلا إحالة الأمر على المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع في الحالة الخاصة المقررة في المادة 1/839، على ما قدمناه ، بحيث لا يجوز له الرجوع إلى تلك المحكمة لتوقيع غرامة في غير ذلك تلك الحالة. وإذا كان المشرع يقصد أن يمنح المحكم سلطة الإحالة على المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع للحكم على الخصم بأية غرامة يقررها قانون المرافعات لنص على ذلك صراحة، وليس ثمة ما يمنع من هذا، وإنما قرر المشرع صراحة في المادة المتقدمة أن الإحالة على المحكمة مقصورة على الأحوال المقررة فيها.
ويلاحظ أن المحكم لا يرجع إلى المحكمة عملاً بالمادة 1/839 إلا إذا كانت قد تحققت موجبات الحكم بالغرامة _ أي توافرت الشروط اللازمة للحكم بالغرامة عملاً بالمادة 199 والمادة 201 من قانون المرافعات.
كما يلاحظ أن الحكم لا يختص بنظر دعوى رد الخبير، لأن الخصومة فى الرد تخرج عن حدود سلطته المخوله إليه بمقتضى عقد التحكيم ولأن أحد خصوم هذه الدعوى هو الخبير وهو ليس بطرف في عقد التحكيم. والمختص بها هي المحكمة التي لها ولاية الفصل في النزاع الأصلي
وعلى المحكم أن يلتزم القواعد المقررة في قانون المرافعات والقوانين المكملة له بالنسبة إلى ندب الخبراء وإذا كان الخبير غير مقيد اسمه في الجدول وجب أن يحلف يميناً بأن يؤدي عمله بالصدق والأمانة وإلا كان عمله باطلاً.
وتنص المادة 229 على أن حلف اليمين يكون أمام قاضي الأمور الوقتية.
ويملك المحكم أن يلزم الخصم بتقديم ورقة منتجة في الدعوى تكون تحت يده وذلك على ما نحو قررته المادة 253 وما يليها. وهو يملك أن يطلب من الخصم حلف اليمين المقررة في المادة 256. وإذا لم يكن المحكم مقيداً بقواعد قانون المرافعات فإنه لا يلتزم القواعد الإجرائية المقررة في المواد 253 وما يليها.
وإنما لا يملك المحكم ولو كان مفوضاً بالصلح - أن يأمر بإدخال الغير لإلزامه بتقديم ورقة تحت يده على النحو المقرر في المادة 259 ، لأنه لا سلطان له على غير أطراف التحكيم.
ونكرر أن المحكم لا يملك الحكم على الخصوم بأية غرامات الصالح الخزانة العامة _ كتلك المقررة في المادة 275 مثلاً لأنه لا يعتبر موظفا عمومياً، كما لا يملك الرجوع في هذا الصدد إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع لأنه لا يملك ذلك إلا في الأحوال المقررة فى التشريع على سبيل الحصر، لأن هذا الرجوع بمثابة إنابة للمحكمة عنه في توقيع الجزاء، وهذا ما لا يملكه هو أيضاً ، أي لا . يملك إحالة الأمر لها في هذا الصدد وإن كان الأمر يخضع لتقديرها بعدئذ، فالمخالفة التى يرتب المشرع على ارتكابها توقيع غرامة لصالح الخزانة العامة هي تلك التى تقع من الخصم أمام المحكمة لا أمام المحكم، ما لم ينص المشرع على خلاف ذلك.
وإذا كان المحكم ملزم باتباع قواعد القانون فهو لا يملك سماع شهادة الشهود إلا فى الأحوال التى يجوز فيها ذلك بمقتضى القانون. وعليه أن يلتزم حكم القانون الموضوعى بالنسبة إلى جميع طرق الإثبات. فلا يأمر بإجراء من إجراءات الإثبات إلا إذا كان القانون يجيز الإثبات به.
إنما إذا ارتكب أحد الخصوم ما يبرر _ بحكم القانون. معاقبته بتيسير الإثبات على خصمه فإن المحكم يملك تطبيق قواعد المرافعات في هذا الصدد، ولو كان غير مفوض بالصلح. فمثلاً إذا تخلف الخصيم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع عن الإجابة بغير مبرر قانونى جاز للمحكم _ ولو كان مقيداً بقواعد المرافعات _ أن يقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك (م (173). كذلك إذا امتنع الخصم عن تقديم ورقة منتجة تحت يده جاز للمحكم أن يعتبر صورة الورقة التي قدمها خصمه صحيحة مطابقة لأصلها عملاً بالمادة 257.
وتوجب المادة 837 أن يتولى المحكمون مجتمعين إجراءات الإثبات لتتحقق لهم مزية نظر الدعوى باعتبارهم هيئة، ويوقع كل منهم على المحاضر مالم يكونوا قد ندبوا واحداً منهم لإجراء معين وأثبتوا ندبه في محضر الجلسة. وقد قدمنا أن هذه المادة يعمل بها ولو في حالة التحكيم بالصلع . لضمان حصول الإجراءات أمام الهيئة بأكلهما. وولهذا يترتب البطلان عند مخالفتها.