الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / سلطة الهيئة في الأمر بأدلة الإثبات / الكتب / التنظيم القانوني للمحكم / سلطة الهيئة فى الامر بأدلة الاثبات

  • الاسم

    دكتور طارق فهمي الغنام
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    151

التفاصيل طباعة نسخ

ولكن هل يمكن أن يتمتع المحكم بسلطة تمكنه من إجبار أحد الأطراف علي تقديم ما تحت يده من مستند دون الحاجة إلي اللجوء إلى قضاء الدولة وذلك بناءً علي اتفاق الأطراف؟

- لا يوجد ما يمنع اتفاق الأطراف فيما بينهم علي ذلك، ولكن إذا اعترض أحد الخصوم علي تقديم تلك المستندات رغم اتفاقه مع الطرف الآخر علي توكيل هيئة التحكيم عندئذ في إجباره علي تقديم ما بيده من مستندات فكيف يستطيع المحكم إجبار ذلك الخصم علي تقديم تلك المستندات وهو لا يملك سلطة آمرة؟

- لا نري مفراً من اللجوء إلي القضاء لتنفيذ ما اتفق عليه فلجوء هيئة التحكيم لاستصدار أمر يتميز بسلطة القسر والإجبار لا يتحقق إلا بقضاء الدولة.

   ويري البعض أنه يتعين تعديل نص المادة 35 من القانون 27 لسنة 1994 لتكون علي النحو التالي: «إذا تخلف أحد الخصوم عن تقديم ما طلب منه من مستندات رغم تقديم خصمه الدليل القاطع علي وجود هذه المستندات تحت يده جاز لهيئة التحكيم اعتبار امتناع الخصم قرينة ضده في إثبات ما يدعيه الخصم الآخر". 

    ومع ذلك فقد نص قانون التحكيم علي تنظيم تدخل القضاء بالمساعدة في مسائل معينة تتعلق بأدلة الإثبات مثل سماع الشهود أو تشكيل هيئة التحكيم، إلا أنه لم يتطرق إلى مسألة تدخل القضاء فيما يتعلق بإجبار الخصم أو الغير علي تقديم مستند معين بيده لذلك فإنه تثار التساؤلات عن قصد المشرع إزاء عدم النص علي حق اللجوء إلي القضاء ليتدخل علي النحو الذي تناوله المشرع في باقي أدلة الإثبات. 

   وهكذا يظهر أن المستندات - وبما تضمنته من وسائل إثبات- تعد من أهم وسائل الإثبات الكتابية في الدعوي التحكيمية، وأن المشرع عندما صاغ المادة 35 فإنها جاءت عديمة الجدوى وكان من الأجدر أن يعتبر عدم تقديم الخصم لمستند بحوزته قرينة ضده على صحة الوقائع المراد إثباتها. 

ثالثاً: الاختصاص المشترك بين هيئة التحكيم و القضاء في اتخاذ التدابير الوقتية :

   كما أشرنا إذا طلب أحد الأطراف تلك الإجراءات قبل تشكيل هيئة التحكيم أو بعد تشكيلها وقبل عرض النزاع عليها، فإن الجهة الوحيدة التي تختص باتخاذ التدابير الوقتية هي القضاء ، نظراً لعدم وجود هيئة تحكيم أو لعدم اتصالها بالنزاع المراد اتخاذ الإجراءات المتعلقة به .

    وثمة اتجاه يرى أن ما يتعلق بالاختصاص المشترك لهيئة التحكيم والقضاء بالنسبة لاتخاذ التدابير الوقتية لا يتصور حدوثه إلا أثناء سير إجراءات التحكيم وليس قبلها وأن هذا الاختصاص المشترك لا يجب أن يؤدي إلي حدوث صراع بين القضاء وهيئة التحكيم فلو طلب هذا الإجراء من إحدى الجهتين امتنع علي الجهة الأخرى التعرض له لتلافي وجود نوع من التنازع الإيجابي في الاختصاص .

     وفي حين يري البعض الأخر أن اتفاق الأطراف علي عرض النزاع الموضوعي على هيئة التحكيم وطلب اتحاد التدابير الوقتية أو التحفظية علي المحكمين من شأنه تقدير اختصاصهم دون سواهم بما لا يحق لأي من طرفي التحكيم الالتجاء لقضاء الدولة للأمر بها والذي يتعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه - حال التصدي لها .

   رأي الباحث: لقد ثار جدل واسع حول بقاء سلطة القضاء إلي جانب سلطة التحكيم - في الاختصاص بإصدار الأوامر الوقتية و التحفظية - حال وجود اتفاق بين الأطراف يخول هيئة التحكيم سلطة الأمر بإتخاذ التدابير الوقتية و التحفظية وكان الغالب بين الفقهاء كما أشرنا هو بقاء سلطة القضاء إلي جانب التحكيم بالتوازي في شأن الاختصاص بإصدار الأوامر الوقتية و التحفظية وهو ما نتفق معه إذ إن الأطراف قد يجدون أنفسهم أمام مطلب ملح لإتخاذ تدبير يتطلب إجراء يتصف بالإستعجال كطلب معاينة لدليل يمكن أن تضيع معالمه في الوقت الذي يصعب فيه طلب الأمر باتخاذ التدبير التحفظي من هيئة التحكيم - إذا كانت هى المخولة بالقيام بهذا الأجراء في اتفاق التحكيم - لتعذر إنعقادها وقت الحاجة للإجراء حيث أنه من المعروف أن هيئة التحكيم ليست في حالة إنعقاد دائم كالقضاء إذ لا مناص حينئذ من اللجوء لمحكمة المادة (9) التي يُقدم لها الطلب في صورة صحيفة دعوى وليس علي عريضة لأن المادة 14 أشارت إلي أن الجهة المناط بها الأمر باتخاذ التدابير الوقتية و التحفظية هي «محكمة» المادة (9) وليس «قاضي بالمحكمة المشار إليها مما يعني أن المحكمة تتصدى للطلب المقدم - بوصفها محكمة للأمور المستعجلة - ويعني وجوب توافر ركني الإستعجال و الخطر في الطلب المقدم لها.

   كذلك فإننا نرى بما أنه بما لا ينعقد الإختصاص للجهة المنوط بها إصدار الأمر بإتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية إلا بنص قانوني طالما لا يوجد اتفاق بين الأطراف بقصر اتخاذ التدابير الوقتية و التحفظية على هيئة التحكيم؛ فإنه لا يسلب منها هذا الإختصاص إلا بنص من المشرع و لما كان قانون التحكيم قد نص في المادة 14 منه علي اختصاص محكمة المادة (9) بهذا الإجراء ولم يُشر في أي من نصوصه علي سلب هذا الإختصاص من المحكمة المذكورة وإنما أشار إلى إمكانية قيام الأطراف بتخويل هيئة التحكيم بناء علي طلب أحد طرفي التحكيم سلطة الأمر باتخاذ التدابير الوقتية و التحفظية؛ فإنه لا يستقيم القول بأن هذا الاتفاق هو بمثابة شرط مانع من تصدي القضاء لمثل هذه الطلبات خاصة وأن الأوامر الوقتية و التحفظية لا تمس بأصل الحق الذي يظل في قبضة هيئة التحكيم والتي لا تتأثر عند إصدار حكمها النهائي بما يتخذه أحد الأطراف من تدابير وقتية أو تحفظية. 

    لذا فإننا نؤيد ما أخذت به بعض لوائح و مراكز التحكيم كالمادة 8/5من لائحة غرفة التجارة العالمية I.C.C لسنة 1988 والتي قررت بأنه للأطراف اللجوء - بصفة استثنائية - إلي أي سلطة قضائية لاتخاذ إجراءات وقتية دون أن يشكل ذلك مخالفة لاتفاق التحكيم على أن يتم - دون إبطاء - إبلاغ أمانة هيئة التحكيم بهذا الطلب والإجراءات التي اتخذتها السلطة القضائية . تقوم الأمانة بإعلان المحكم بها فالمسألة تحتاج إلي تنظيم من المشرع في إعلام كل من القضاء أو هيئة التحكيم للأخر بقيام أحدهما بالأمر بإتخاذ تدبير وقتي أو تحفظي و هو الرأي الغالب لدى الفقهاء .