أ-سلطات المحكم: تجري العادة على أن يقدم ا الخصوم و سائل الإثبات بأنفسهم كما هو الشأن أمام قضاء الدولة. ويحاول كل خصم تقديم الأدلة التي تدعم وجهة نظره. و تمتلك هيئة التحكيم سلطة تقرير تعلق الواقعة بالإثبات أو عدم تعلقها و كونها منتجة أو غير منتجة.
وتثير سلطة المحكم في إدارة وسائل الإثبات عدة مسائل:
المسألة الأولى : سلطة المحكم في اتخاذ إجراءات الإثبات من تلقاء نفسه.
كان السائد قديما أن المحكم لا يملك اتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسه لأن ذلك مما يقتضيه حياده المطلق.
وجرى العمل حديثا وأن يسمح للمحكم باتخاذ إجراء الإثبات دون طلب من الخصوم قياسا على قاضي الدولة ، خاصة إذا لم يمكن في الأدلة التي قدمها الخصوم ما يكفي لتكوين عقيدته ويملك المحكم حينئذ اختيار الإجراء الملائم للإثبات
المسألة الثانية : سلطة المحكم في رفض إجراء من الإجراءات الإثبات:
يملك المحكم سلطة تقدير مدى الحاجة إلى اتخاذ إجراء الحاجة إليه فهو يستطيع رفض اتخاذ إجراء الإثبات الإثبات أو عدم كسماع شاهد أو الإحالة إلى الخبرة أو إجراء معاينة مثلا إذا قــــدر إن الإجراء الذي يطلبه الخصم لن يزيد شيئا في اقتناعه أو أن الخصم يزيد من ذلك التسويف وإطالة الإجراءات حتى فوات مهلة التحكيم.
المسألة الثالثة : أثر عدم تمتع المحكم بسلطة الأمر التي يتمتع بها قاضي الدولة على نطاق سلطاته في مسائل الإثبات:
لا يستطيع المحكم اتخاذ إجراءات الإثبات التي تقتض بطبيعتها وجود سلطة الأمر كأجبار شاهد على الحضور أمامه جبرا أو اجبار الغير على تقديم مستند تحت يده لذلك لا مناص في الالتجاء إلى قاض الدولة في هذه الحالات لمساعدة المحكم.
وقد نص قانون التحكيم على ذلك في المادة /۳۷ منه بقوله "
يختص رئيس المحكمة المشار إليها في المادة التاسعة من هذا القانون بناء على طلب هيئة التحكيم بما يأتي :
أ- الحكم على من يختلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة بالجزاءات المنصوص عليها في المادتين ۸۰،۷۸ من قانون
الإثبات في المواد المدنية والتجارية (غرامة).
البين أن المحكم ملك هذه السلطة ولكنه يزاولها من تلقاء نفسه بل يلزم أن يطلب خصم ذلك قياساً على الوضع القائم أمام قاضي الدول ولأن قواعد الاثبات ليست من النظام العام ، فإذا لجأ قاض الدولة وأصدر أمره بالزام الخصم بتقديم المستند ولم يقدمه في الموعد المحدد فيعتبر المحكم صورة الورقة التي قدمها الطلب صحيحة ومطابقة لأصلها فإذا لم يكن قد قدم الورقة جــاز الآخذ بقوله فيما يتعلق بشكلها ومضمونها (٢٤/٥ من قانون الإثبات) وعلى المحكم مراعاة المواد من ۲۰ إلى ۲۷ من قانون الإثبات.
واجبات المحكم في مسائل الإثبات
يجب على المحكم عند إدارة وسائل الإثبات مراعاة الواجبات الأساسية الآتية :
الواجب الأول : احترام حق الدفاع بشكل عام ومبدأ المواجهة بشكل خاص :
ويعني ذلك أن يلتزم المحكم بتحقيق المساواة في المراكز الإجرائية بين الخصوم أثناء إدارة وسائل الإثبات.
فلا يجوز لهيئة التحكيم أن ترفض سماع شاهد أو قبول مستند تبرر ظروف الدعوى قبوله لأنه مستند جوهري يترتب على عدم الاعتداد به تغير وجه الرأي في الدعوى رغم عدم وجود أدلة أخرى كافية لتكوين عقيدته
وإذا صرحت الهيئة لخصم بإثبات واقعة بطريقة معينة يجب أن يسمح للخصم الآخر نفيها بذات الطريق
ويجب على الهيئة سماع كل خصم أو تمكينه على الأقل من سماع وجهة نظره وأن تعطي كل خصم الوقت الكافي كي ينظـ دفاعه ويرد على الخصم الآخر.
الواجب الثاني : احترام القواعد الموضوعية في الإثبات :
الثابت أن قاضي الدولة لا يقضي بعلمة الشخصي ولكن هذا الأمر قد يثير بعض اللبس في مسائل التحكيم لأن المحكم يختار غالباً بسبب معلوماته الخاصة في موضوع النزاع .