اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات الإثبات والطلبات العارضة / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / الإثبات أمام المحكمين
يجرى الإثبات أمام المحكمين كما يجرى أمام محاكم الدولة. قضت المادة ٢٧ من قواعد التحكيم لليونسترال بأنه "(1) يقع على عاتق كل طرف عبء إثبات الوقائع التي يستند إليها في تأييد دعواه أو دفاعه. (2) يجوز لأي فرد، حتى وإن كان طرفاً في التحكيم أو تربطه صلة ما بأحد الأطراف، أن يكون من الشهود، بمن فيهم الشهود الخبراء، الذين يقدمهم الأطراف للإدلاء بشهادة أمام هيئة التحكيم في أي مسألة تتصل بالوقائع أو بالخبرة الفنية. ويجوز للشهود، بمن فيهم الشهود الخبراء، أن يدلوا بأقوالهم، مكتوبة وممهورة بتواقيعهم، ما لم توعز هيئة التحكيم بخلاف ذلك. (3) يجوز لهيئة التحكيم أن تطلب من الأطراف في أي وقت أثناء إجراءات التحكيم أن يقدموا، في غضون مدة تحددها الهيئة، وثائق أو مستندات أو أية أدلة أخرى".
وإذا كانت القواعد النموذجية للتحكيم . والقانون المصري . قد وقفت عند حد تقرير مبدأ حرية الإثبات ، فإن المادة ٢٧ من القانون النموذجي قد جاوزت هذا المدى حين حملت عنوان "المساعدة المقدمة من المحاكم للحصول على أدلة" مجيزة للمحكمين والأطراف على حد سواء الاستعانة بالقضاء الوطني في جمع أدلة الإثبات وذلك بنصها على أنه "في إجراءات التحكيم، يجوز لهيئة التحكيم أو لأي من الطرفين، بموافقة الهيئة طلب المساعدة من محكمة مختصة في هذه الدولة للحصول على أدلة.
وإذا كان لكل طرف الحق في إثبات مطالبه بطرق الإثبات بكافة، فإن تقدير هذه الأدلة يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمحكم. وقد قضت . في هذا الشأن . محكمة استئناف القاهرة بأنه "عن دفاع المدعية ببطلان حكم التحكيم لاطراحه تقرير الخبير المنتدب وقضائه في مسائل فنية ففي غير محله، ذلك أن المحكم كالقاضي له سلطة تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى، وكان الثابت من أسباب حكم التحكيم موضوع الدعوى أن الحكم اطرح تقرير الخبير المنتدب للأسباب السائغة التي أوردها وتولى هو تحديد عناصر الدعوى... وبت في حكمه... بناء على أسباب سائغة ومؤدية إلى النتيجة التي رتبها عليها، ومن ثم يكون حكمه قد سلم من شائبة البطلان" .
وبالنظر على الجانب الإلكتروني لقواعد الإثبات نجد تنظيم محكمة الفضاء قد أعطى للأطراف الحرية كاملة في الاتفاق على طرق الإثبات الأنسب لهم؛ فنصت المادة ٢٠ على أنه "(1) للأطراف في كافة مراحل الدعوى، وفي حالة عدم وجود اتفاق يخالف ذلك، أن يلجأوا في إثبات ادعاءاتهم لكافة أدلة الإثبات التي يرونها مناسبة. (2) للسكرتارية أو لهيئة التحكيم أن تطلب، في أي لحظة، أصل أي مستند يتم تقديمه إن وجد". ويعد هذا النص هو السند التشريعي لمبدأ حرية الإثبات في المجال الإلكتروني، ملبياً بذلك رغبة المتعاملين في المجالات التجارية في أن يلجأوا لطرق الإثبات كافة ومختلف الأدلة التي يرونها مناسبة ومنتجة في إثبات ادعاءاتهم، ما لم يقيد هؤلاء المتعاملون أنفسهم من هذا المبدأ؛ كالاتفاق على استبعاد بعض الأدلة مثل شهادة الشهود، أو الاتفاق على عدم إثبات الالتزامات المالية إلا بالكتابة.
والملاحظ هنا أنه سواء ورد مبدأ حرية الإثبات مطلقاً أو تم تحديده باتفاق الأطراف، فإن ذلك لا يخل بحق السكرتارية أو هيئة التحكيم في المطالبة بأصل أي مستند يتم تقديمه من الطرفين إن وجد هذا الأصل. ويبدو النص طبيعياً في تقرير هذا الحق للمحكم، في حين يبدو عجيباً في تقرير ذات الحق للسكرتارية. فالمحكم هو القاضي الذي يتولى الفصل في النزاع وإدارته، كما أنه الشخص الوحيد الذي سيصدر الحكم في الدعوى، بالتالي يبدو منطقياً أن يطلب من الطرفين، في أية مرحلة من مراحل الدعوى، الاطلاع على أصل أي مستند يتم تقديمه، حتى تتكون لديه العقيدة الكاملة في إثبات الحق المطالب به.
فكما أن هذا التحكيم إلكتروني برفع الدعوى وتبادل مستنداتها ومذكراتها على الموقع المخصص لها، يبدو إلكترونيا أيضاً من حيث الإثبات. وإذا كان النص يقرر للأطراف الحرية في إثبات حقوقهم فإنه يقرر أيضاً .
ما لم يتعارض ذلك مع أحكام القانون الإجرائي واجب التطبيق - الحرية في إدارة عملية الإثبات وتحديد الحجية التي يتمتع بها كل دليل، بعد إجراء الموازنة اللازمة بين الأدلة المقدمة من الأطراف، بهدف قبول ما يراه مناسباً وملائماً في إثبات عناصر الدعوى واستبعاد ما يراه عكس ذلك.
وبالبحث بالإجراءات التكميلية لجمعية التحكيم الأمريكية بشأن التحكيم الإلكتروني نجد المادة 9/ب قد نصت على أن "للمحكمين أثناء المرافعة الاستماع إلى الشهود واستجوابهم، ولهم كذلك قبول أي وسائل إثبات إضافية يتم تقديمها من قبل الأطراف ". وهو بذلك قد اتفق مع الأحكام العامة في أي نظام قانوني عندما يجيز للمحكمين الاستماع إلى الشهود واستجوابهم بشأن بعض المسائل المتعلقة بموضوع الدعوى، كما يجيز لهم أيضاً قبول أي وسائل إثبات إضافية يقدرون أهميتها في إثبات عناصر النزاع. وقد سبق أن ذكرنا أن الإجراءات التكميلية قد أجازت اللجوء صراحة إلى أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا في مسائل الإثبات بنظام مؤتمرات الفيديو أو مؤتمرات التليفون .
وبعد نظام مؤتمرات الفيديو وسيلة من وسائل الاتصال يمكن عن طريقها استخدام شاشات عرض تليفزيونية موصلة بشبكة اتصالات لرؤية جميع المعنيين بمسألة محددة، بحيث يرى كل منهم الآخر، ويتبادل معه ه الآراء والمناقشات كافة، وكأن الجميع يجلس في مجلس واحد وإن بعد المكان.
ويسمح النص بالتفرقة بين فرضين:
الفرض الأول: تشكيل هيئة التحكيم من محكم واحد:
وهنا لا تثار أدنى مشكلة؛ حيث يتولى هذا المحكم الفصل في الدعوى وإصدار الحكم الفاصل فيها دون أية عقبات يكون موضوعها الاختلاف في وجهات النظر بين المحكمين لانعدام تعددهم.
الفرض الآخر: تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم:
ويمكن في هذا الفرض التمييز بين حالتي اتفاق الأطراف على طريقة محددة للمداولة وعدم اتفاقهم على طريقة محددة. وفي الأمر تفصيل على النحو التالي:
أولا: عدم اتفاق الأطراف على طريقة محددة للمداولة:
إذا لم يتفق الأطراف على طريقة محددة للمداولة فإن ذلك يعني سريان الأحكام المقررة بالمادة 40، وفي ذلك نقول: إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين.
ويعبر الفرض الأول عن أعز الأماني في مجال التحكيم. فلا أدل على ظهور الحق من اجتماع القضاة المحايدين على رأى واحد. ولا تسير صعوبة أيضاً بالنسبة للفرض الثاني، حيث قرر النص سريان رأي الأغلبية بعد إجراء المداولة على الوجه الذي سبق وأن حددته هيئة التحكيم. وذلك حتى إذا كان الرأي المعارض هو رئيس الهيئة. فقد جاء نص المادة 40 صريحاً في ذلك ، حيث تطلب لصدور الحكم أغلبية الآراء المطلقة، بغض النظر عن صفة المحكمين المكونين لها، بالتالي يصح قرار هيئة التحكيم إذا كان صادراً بأغلبية عضوي الهيئة، ولو كان للرئيس رأی مخالف ما دامت المداولة قد تمت على الوجه المتطلب قانونا.