اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات الإثبات والطلبات العارضة / الكتب / حدود سلطة هيئات التحكيم تجاه وسائل الإثبات المختلفة (دراسة مقارنة) / مفهوم اليمين وأنواعها
الاسم
محمد يوسف علام
تاريخ النشر
2021-01-01
اسم دار النشر
دار وليد للنشر والتوزيع والبرمجيات المركز القومي للإصدارات القانونية
اليمين الحاسمة وسيلة تغني عن الإثبات عندما لا يوجد دليل على الحق المدعي به ، ومن حق أي خصم يدعي حقاً لا دليل له عليه أن يحتكم إلى ذمة خصمه بتوجيه اليمين الحاسمة إليه .
ولكن لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة عن واقعة مخالفة للنظام العام ، فمن يدعي أنه دائن لغيره بدين قمار ، لا يجوز له أن يوجه اليمين الحاسمة إلى مدينه لإثبات هذا الدين .
ويجوز أيضاً للقاضي أن يمنع توجيه اليمين الحاسمة إذ رأى في توجيهها تعسفاً من جانب من وجهها ، كأن يعرف أحد الخصوم حالة التدين الشديد لخصمه فيعمد إلى إحراجه بتوجيه اليمين الحاسمة إليه وهو يعلم أنه لن يحلفها .
ويجب أن تكون الواقعة موضوع اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه ، أما إذا كانت متعلقة بغيره كمورثه مثلاً فإن اليمين تسمى في هذه الحالة يمين العلم ، لأن من توجه إليه يحلف إذا أراد بأنه لم يعلم بالواقعة المتعلقة بمورثه دون أن ينفي الواقعة في ذاتها ، ويمين العلم هي أيضاً يمين حاسمة تترتب عليها نفس الآثار التي تترتب على اليمين الحاسمة .
ويجب أن تنصب اليمين الحاسمة على كل الحق المدعى به فتحسمه ولا يجوز لمن وجهها أن يحتفظ بطلبات أخرى يقدمها في حالة ما إذا حلف اليمين الخصم الذي وجهت إليه .
نظراً لأن اليمين تحسم الحق في تصرف قانوني لا بد فيه من توافر أهلية التصرف بالنسبة لمن يوجهها بالنسبة لمن توجه إليه .
ويجوز توجيه اليمين الحاسمة في أيه حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، ولكن لا يجوز توجيهها لأول مرة أمام محكمة النقض .
ومن وجه اليمين الحاسمة تقيد بها فلا يجوز له أن يرجع في توجيهها متى قبل خصمه أن يحلف ، ومن توجه إليه اليمين الحاسمة لا يتقيد بها دائماً بل يستطيع إذا كانت منصبة على وقائع مشتركة بينه وبين من وجهها إليه أن يردها إلى من وجهها ، وفي هذه الحالة يتعين على من ردت عليه أن يحلف أو ينكل ولكنه لا يستطيع إعادة ردها مرة أخرى .
إذا حلف اليمين من وجهت إليه أو ردت عليه فإن ذلك يكون دليل إثبات لا يجوز تكذيبه ، ولكن هناك حالة واحدة يجوز فيه الطعن في الحكم الذي بني على أساس اليمين الحاسمة ويشترط ألا تكون مواعيد الطعن القانونية قد فاتت ، وهي حالة ما إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائي ، ويجوز في هذه الحالة أيضاً للخصم الذي أصابه ضرر من اليمين أن يطالب بحقه في التعويض عن هذا الضرر ، ولكن في غير هذه الحالة لا يجوز تكذيب اليمين أو الطعن في الحكم الذي صدر على أساسها .
وأهم أثر يترتب على اليمين الحاسمة أن كل من وجهت إليه فنكل عنها دون أن يردها على خصمه ، وكل من ردت عليه فنكل عنها خسر دعواه ، أما إذا حلف اليمين من وجهت إليه فإنه يكسب دعواه ، فمن توجه إليه اليمين إما أن يحلفها فيكسب دعواه أو ينكل عنها فيخسر دعواه أو يردها على خصمه الذي وجهها إليه فينتقل الخيار إلى الخصم ، وهذا بدوره إما أن يحلف اليمين فيكسب دعواه أو ينكل عنها فيخسر دعواه ، ولكنه لا يستطيع أن يردها من جديد .
اليمين المتممة :-
اليمين المتممة تختلف عن اليمين الحاسمة في أن القاضي هو الذي يوجهها إلى أحد الخصوم ، وهو يقوم في ذلك بدور إيجابي في الإثبات على خلاف الأصل في مبدأ حياد القاضي بالنسبة لأدلة الإثبات .
ويشترط في توجيه اليمين المتممة ألا يكون في الدعوى دليل كامل وألا تكون خالية من أي دليل ، فإذا كان الإثبات واجباً بالكتابة بحسب الأصل فيجب أن يوجد مبدأ ثبوت بالكتابة يبرر توجيه اليمين المتممة ، وإذا وجدت شهادة ضعيفة أو قرائن لا يطمئن إليها القاضي بصفة كاملة .
وعلى خلاف اليمين الحاسمة ، فلا يجوز للخصم الذي وجه إليه القاضي اليمين المتممة أن يردها على الخصم الآخر .
يوجه القاضي أحياناً اليمين المتممة لا لإثبات الحق المتنازع عليه ، بل لتقدير قيمته ، ولكن يشترط لذلك أن يستحيل تحديد القيمة بوسيلة أخرى ، وتسمى اليمين في هذه الحالة بيمين التقويم ، ويحدث ذلك مثلاً إذا أتلف المودع لديه الشيء المودع ولم تكن قيمة هذا الشيء موضوع اتفاق بين الطرفين ولم يكن هناك دليل عليها في الدعوى ، وعندما يوجه القاضي يمين التقويم المتممة فإنه يضع حداً أقصى للقيمة التي يصدق فيها المدعي بيمينه .
وعلى خلاف اليمين الحاسمة فإن اليمين المتممة لا تحسم النزاع ولا تلزم القاضي ، بل تخضع قيمتها كدليل تكميلي للإثبات إلى سلطته التقديرية وإلى ما يرتاح إليه ضميره .
والواقع أن القاضي لا يباشر أدنى سلطة تقديرية بالنسبة لبعض أدلة الإثبات وهي الكتابة والقرائن القانونية والإقرار واليمين الحاسمة ، وعلى العكس فهو يباشر سلطة تقديرية كاملة بالنسبة لأدلة الإثبات الأخرى وهي شهادة الشهود والقرائن القضائية واليمين المتممة .
خصوصية قواعد اليمين ومدى قربها من التحكيم :-
من المستقر عليه أنه لا يجوز توجيه اليمين إلا للخصم الماثل في الدعوى فلا يجوز إدخال شخص آخر لمجرد تحليفه اليمين ، وتحليفه أو نكوله لا يؤثر في الدعوى لأن اليمين شخصية ومتعلقة بذمة الحالف إذ لا يجوز توجيه اليمين إلا للخصم الأصلي أو الحقيقي في الدعوى ، فلا يجوز توجيهها إلا في واقعة خاصة به تدخل في نطاق الوكالة ولا يجوز مطلقاً توجيهها إلا في واقعة خاصة به تدخل في نطاق الوكالة ولا يجوز مطلقاً توجيه اليمين للوكيل عن واقعة خاصة بالموكل ، ولا يجوز لمدين المدين أن يوجه اليمين الحاسمة لدائن دائنه لأن دائن الدائن ليس إلا وكيلاً عن الدائن ، وإنما يجوز له أن يدخل دائنه في الدعوى ثم يوجه له اليمين لأن خصمه الحقيقي أو الأصلي في الدعوى .
أما بالنسبة لتوجيه اليمين فلا يكفي أن يكون عند من يوجه إليه اليمين أهلية التصرف بل يجب أن يكون مالكاً لتوجيه اليمين بصفة خاصة ، ويترتب على ذلك أن المحامي الذي يوكل في الدعوى ولو كان بيده توكيل عام ، لا يملك توجيه اليمين إلا إذا كان هناك تفويض خاص بذلك ، إلا أنه إذا وجه الويكل اليمين دون توكيل أو تفويض خاص وأقر الموكل هذا كانت اليمين فلا يكفي أن تكون عنده أهلية من يوجه اليمين أي أهلية التصرف ، بل يجب أن يكون هو المطالب بالحق المدعى به ، فلا يصح للوصي أو القيم أو الوكيل أو وكيل المدين أن يحلف حتى ولو أعطى إذناً أو تفويضاً خاصاً بذلك ، ذلك أن اليمين شخصية كما سلف القول والأمر فيها يتعلق بذمة الحالف ، فلا يستطيع شخص أن يجزم بأن غيره فعل أو لم يفعل أمراً من الأمور .
إمكانيةاستخدام اليمين كوسيلة إثبات في منازعتها التحكيم الإداري :
الإدارية أمر واقع في معظم البلدان العربية ، ومن ثم دعت الضرورة إلى بحث حدود سلطة هيئات التحكيم اتجاه وسائل الإثبات في المنازعة ذات الطابع الإداري والتي تكون الدولة طرفاً فيها ، ومن ثم بات من المنطقي أيضاً التعرض لمدى إمكانية استخدام هيئات التحكيم لليمين كوسيلة إثبات في المنازعة الإدارية وخلال ذلك لا ريب في ضرورة التعرض بداية إلى موقف القضاء الإداري تجاه استخدام اليمين في مختلف الدول ، إذ أن ذلك يعد من أهم العناصر المحددة لسلطة هيئات التحكيم تجاه ذات الوسيلة لدى بحثها لذات المنازعة ، وبحكم ما سلف وانتهينا إليه من أنه لا يجوز أن تكون لهيئة التحكيم سلطة أكبر من سلطة قضاء الدولة تجاه ذات الوسيلة ، حتى ولو اتفق عليها الأطراف ، إذ قد تتعارض هذه الوسيلة ، مع النظام العام أو مع طبيعة المنازعة محل التحكيم ، أو مع المستقر عليه قضاءً ، ومن ثم لا يجوز لهيئة التحكيم تطبيقها على النزاع .
الإثبات باليمين في فرنسا :
لذلك لم تنظمها النصوص التشريعية أمام مجلس الدولة ، أو المحاكم الإدارية الفرنسية على خلاف الحال أمام القضاء المدني ، فالجهة الإدارية وهي طرف دائم في الدعوى الإدارية ينوب عنها ما يمثلها من الموظفين وعادة لا تكون له صلة في العمل بموضوع النزاع ولا يدخل في اختصاصه الإداري فإذا وجهت إليه اليمين فإنه سيكون بين عاملين متناقضين : أولهما : قول الحقيقة ، وثانيهما : موقفه بحكم وظيفته وأداء دوره في الدعوى الإدارية .
أما اليمين المتممة التي يوجهها القاضي بنفسه إلى أحد الطرفين لاستكمال عقيدته ، واقتناعه التي تعتبر من وسائل التحقيق وتتم في حضور الخصوم فقد سكتت النصوص عن الإشارة إليها أمام القضاء الإداري في فرنسا ، أو في مصر ، وقد أجمع الفقه على استبعاد توجيهها إلى ممثل الجهة الإدارية لذات الاعتبارات المتعلقة باليمين الحاسمة لخروجها على طبيعة الإجراءات الموضوعية وتعلقها بأحاسيس ومشاعر داخلية وشخصية .