اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات الإثبات والطلبات العارضة / الكتب / حدود سلطة هيئات التحكيم تجاه وسائل الإثبات المختلفة (دراسة مقارنة) / سلطة هيئات التحكيم تجاه اليمين كوسيلة إثبات في المنازعات التحكيمية
الاسم
محمد يوسف علام
تاريخ النشر
2021-01-01
اسم دار النشر
دار وليد للنشر والتوزيع والبرمجيات المركز القومي للإصدارات القانونية
ونحن لا نتفق مطلقاً مع الرأي القائل بجواز قيام هيئة التحكيم بتوجيه اليمين أو تحليف الخصوم اليمين بدعوى قيامها بوظيفة ذات طبيعة قضائية ، إذ وكما سبق القول فإن تلك الهيئة تملك سلطة الفصل في النزاع مع مراعاة القواعد العامة وأسس ومبادئ التقاضي ولا تملك الولاية العامة للقضاء ، ومن ثم فهي لا تملك مطلقاً سلطة تحليف اليمين أو توجيهها من تلقاء نفسها ، وإنما يجب أولاً أن يتمسك بها الخصم وأن يحال الأمر للقضاء المختص لتوجيه اليمين لأحد أطراف النزاع وأن يتم إيداع نتيجة ذلك بملف التحكيم وأن تكون طبيعة المنازعة تحتمل وتسمح بسماع اليمين ، إذ توجد بعض المنازعات - مثل المنازعات الإدارية - تتأبى بطبيعتها مع سماع اليمين سيما إذا كانت اليمين دليل لإثبات تصرف إداري لا يثبت إلا بالكتابة وسوف نوضح ذلك تفصيلاً فيما يلي ....
وفي هذا الإطار من المهم الإشارة إلى إمكانية الاستعانة بقضاء الدولة لجمع وتقديم الأدلة لهيئات التحكيم ، إذ من الثابت الذي لا شك فيه أن الحاجة العملية في ممارسة هيئات التحكيم لدورها دعت إلى تدخل قضاء الدولة لمساعدة هيئة التحكيم لما للقضاء من سلطة الأمر والإلزام التي لا تتوافر لهيئات التحكيم ، الأمر الذي يؤكد ضرورة تدخل القضاء المختص في جمع الأدلة وتقديمها ، ولا يتعارض ذلك مع الطبيعة الاتفاقية للتحكيم ، في ظل ضرورة صدور حكم التحكيم متفقاً والقواعد العامة في القانون ومراعياً لمبادئ التقاضي الأساسية لضمان فعالية الحكم وإمكانية تنفيذه ومن ثم فإن تدخل قضاء الدولة في تحليف الخصوم اليمين بنوعيها ولا سيما الحاسمة هو أمر طبيعي لا خلاف فيه للقواعد الاتفاقية التي تبني عليها العملية التحكيمية .
يتضح مما سبق أنه يجوز تدخل القضاء بناء على طلب أحد الأطراف بعد موافقة هيئة التحكيم وذلك من أجل الحصول على الأدلة والمستندات التي في حوزة الأطراف أو الغير ونحو ذلك من الأمور الأخرى التي تتعلق بالأدلة وجمعها ، ولا يكون تدخل المحكمة من تلقاء نفسها إذ لا بد من طلب مقدم من هيئة التحكيم .
أما بالنسبة لقانون التحكيم الفرنسي لعام 2011م ، فمن المهم الإشارة إلى أنه قد منح دوراً بارزاً لقضاء الدولة التحقيق فاعلية اتفاق التحكيم والغاية منه ، حيث أجاز لقضاء الدولة إلزام الغير بتقديم دليل إثبات تحت يده شريطة تقديم طلب من هيئة التحكيم إلى رئيس المحكمة المختصة وذلك عملاً بمقتضى المادة (2/1469) من هذا القانون ، هذا بخلاف قانون التحكيم المصري الذي لم يتناول تلك الفرضية .
كذلك فإن المرسوم الفرنسي لم يقف عند هذا الحد بل أطلق من سلطة هيئة التحكيم في إمكانية إلزام أحد الأطراف بتقديم أدلة الإثبات التي يحوزها دون طلب مقدم من أحد الأطراف ، طالما كانت مصلحة الدعوى تقتضي ذلك ومن ثم إلزام الخصم إلا كان بإمكانية هيئة التحكيم إنزال الغرامة التهديدية وذلك عملاً بمقتضى المادة (3/1467) .
أما بالنسبة لقانون التحكيم المصري ، فقد كان أضيق نطاقاً من قانون التحكيم الفرنسي حيث لم يجز لهيئة التحكيم طلب تقديم أدلة الإثبات إلا بناء على أحد الأطراف مع مراعاة مقتضى الشروط التي ينص عليها قانون الإثبات لهذا الإلزام في المادة (20) .