تدخل القضاء فيما يتعلق بالتدابير الوقتية والتحفظية:
التدابير الوقتية والتحفظية هي إجراءات المقصود منها الحفاظ علي الحقوق أو الأوضاع القانونية كجرد الموجودات و فرض الحراسة و بيع الأموال القابلة للتلف ومنها ماهو من شأنه الحفاظ علي وسائل الإثبات كطلب تعيين خبير أو كطلب معاينة متعلقة بالنزاع ويخشى من تغيير معالمها ومنها ما من شأنه منح الدائن سلفة وقتية علي حساب حقه وإن كان الإجراء الأخير علي خلاف سابقيه لا يتصف بالعجلة إلا أن الهدف منهم جميعا هو تلافي وقوع ضرر نهائي غير قابل للتعويض.
حق الغير في المطالبة بإتخاذ تدبير وقتي أو تحفظي:
قد يوجد طرف من الغير لا يدخل تحت طائفة أفراد العقد علي النحو السالف ويكون له حق هام وحيوي في طلب اتخاذ إجراء تحفظي أو وقتي بشأن موضوع المنازعة التحكيمية المثارة ويظهر ذلك بوضوح في حالة قيام بعض البنوك بترتيب حقوق امتياز علي أصول أحد أطراف التحكيم.
فالغير - و إن لم يكن طرفاً في اتفاق التحكيم - إلا أن تدخل القضاء قد يعد ضروريا بالنسبة له وذلك لحماية المال أو الأصول المتنازع عليها والتي قد يكون له فيها مصلحة حقيقية خاصة وأن ذلك لا يمثل نوعاً من الاعتداء أو التعريض لموضوع المنازعة التحكيمية .
ويبقي أن نشير إلى أن التدابير أو الإجراءات الوقتية أو التحفظية التي تصدرها المحكمة المختصة قبل تشكيل هيئة التحكيم لا تحمل حجية في مواجهة هيئة التحكيم التي لها أن تُصدر - متى اتفق الأطراف علي ذلك إجراءات وقتية وتحفظية غير تلك التي اتخذت أو منهية لهذه الإجراءات السابقة وذلك استناداً إلي الحاجة المؤقتة للإجراءات الوقتية والتحفظية فلا يجوز أن يتعرض المحكم لهذه المسألة من تلقاء نفسه.
حدود الصلاحية الموازية لكل من قضاء الدولة والتحكيم
يجب الإشارة إلي أنه طالما لم يضع المحكم يده علي النزاع فإن قاضي الأمور المستعجلة يمارس الصلاحيات المحفوظة له بموجب القانون لإصدار التدابير الوقتية أو التحفظية في إطار الشرطين الأساسيين لهما:
(أ) العجلة.
(ب) عدم التعرض لأصل الحق ومن ثم يجوز للمحتكمين أن يطلبوا من أية سلطة قضائية اتخاذ إجراءات مؤقتة أو احتياطية قبل تسليم الملف للمحكم.
وعندما تضع هيئة التحكيم يدها علي علي النزاع فإن ذلك أيضاً لا ينقص من صلاحية قضاء الدولة في اتخاذ التدابير الوقتية أو التحفظية وإنما تبقى صلاحية القضاء ممثلاً في محكمة المادة (9) لاتخاذ هذه التدابير و تكون موازية لصلاحية هيئة التحكيم فيكون لأطراف النزاع الخيار الفعلي إما اللجوء إلي قضاء الدولة أو إلي هيئة التحكيم.
والصلاحية الموازية لقضاء الدولة والتحكيم في شأن اتخاذ التدابير المؤقتة أو التحفظية لا تتعلق بالنظام العام ومن ثم يمكن للأطراف الاتفاق على الآتي:
أن يتفقوا علي استثناء التدابير التحفظية والوقتية، بعضها أو كلها من صلاحيات هيئة التحكيم، وعلي النص علي الصلاحية الإلزامية و الحصرية لقاضي الأمور المستعجلة بهذا الشأن فهذا الاتفاق يُجسد سلطان الإرادة الذي يجيز للأطراف أن يحددوا كما يشاءون - مضمون اتفاقية التحكيم.
كذلك يمكن للأطراف أن يتفقوا علي منع اللجوء إلى قضاء الدولة لأي منهم من أجل اتخاذ التدابير التحفظية والوقتية طيلة مدة إجراءات التحكيم.
ويمكن أن يُحدِّد النظام الداخلي لإحدى مؤسسات التحكيم تلك الصلاحيات، إذا أل الأطراف إليه للتحكيم وفقاً لنظامه.
ويمكن لاتفاق الأطراف أن يتضمن تقييداً لصلاحية قاضي الأمور المستعجلة في موضوع معين كما يمكن أن يتضمن توسيعاً لها .
ولكن لا يمكن للأطراف الاتفاق علي منح المحكم أية سلطة تتعلق بالتنفيذ لأن هذه السلطة يحتفظ بها رئيس دائرة التنفيذ.
المحكمة المختصة باتخاذ التدابير الوقتية أو التحفظية:
لقد عقد المشرع للمحكمة المشار إليها في المادة (9) من قانون التحكيم الاختصاص باتخاذ التدابير الوقتية أو التحفظية فإذا كان التحكيم تجارياً دولياً كانت المحكمة المختصة هي محكمة استئناف القاهرة أو أي محكمة استئناف آخري يتفق عليها الطرفان، وتنعقد المحكمة في هذا الخصوص بصفتها محكمة للأمور المستعجلة وليست محكمة موضوع، فهي لا تملك سلطة الفصل في موضوع النزاع ولا المساس بأصل الحق ، لان ذلك ممنوع عليها بموجب اتفاق التحكيم.