الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / تبادل المذكرات والمستندات وأدلة الأثبات وأوجه الدفاع / الكتب / قضاء التحكيم / تبادل المستندات والمذكرات

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    مؤسسة دار الكتب
  • عدد الصفحات

    1156
  • رقم الصفحة

    923

التفاصيل طباعة نسخ

تبادل المستندات والمذكرات

    في الغالب تقوم هيئة التحكيم بدعوة الخصوم لحضور جلسات التحكيم، وهنا يملك الخصوم بأنفسهم أو عن طريق ممثليهم تقديم كافة طلباتهم في حدود موضوع النزاع علي التحديد السابق، وتقديم كافة ما لديهم من مستندات وحجج وأدلة إثبات تمهيدا لتبادلها فيما بينهم وإجراء مناقشة حولها كما يقضي بذلك مبدأ تبادل المستندات والمذكرات اد المواجهة، وفي هذا تنص المادة 3/30 من قانون التحكيم المصري علي أنه يجوز لكل من الطرفين أن يرفق ببيان الدعوي أو بمذكرة الدفاع على حسب الأحوال، صورا من الوثائق التي يستند إليها وأن يشير إلى كل أو بعض الوثائق وأدلة الإثبات التي يعتزم تقديمها ولا يخل هذا بحق هيئة التحكيم في أي مرحلة كانت عليها الدعوي في طلب تقديم أصول المستندات أو الوثائق التي يستند إليها أي من طرفي الدعوي".

     والقاعدة في تبادل المستندات هي أن كل مستنداً ومستند يملكه أحدا الخصوم لابد أن تصل إلى علم الطرف الآخر حتى يتمكن من إعداد دفاعه بعد الاطلاع عليها، وينبغي علي المحكم أن يتأكد بنفسه من تبادل المستندات التي على أساسها سيفصل في النزاع وأن يستبعد من المناقشة المستندات التي لم يتم تبادلها قبل قفل باب المرافعة.

     وقوانين المرافعات تخضع تبادل المستندات لعدة إجراءات وأشكال الغرض منها ضمان إحترام حقوق الدفاع، فمن ناحية أولي يتم تقديم المستندات كتابة ويجب إعلانها أولا بأول إلى الخصوم، ومن ناحية ثانية: من حق كل خصم أن يستفسر عما تم تقديمه وأن ينازع في صحته ومدلوله إذا كان هناك وجه وذلك في مناقشة حضورية، والمحكم – في حدود سلطاته- يستطيع الاستغناء عن كل هذه الإجراءات وأن يحدد الكيفية التي يراها مناسبة لتقديم وتبادل المستندات.

    أما عن طرق تبادل المستندات في خصومة التحكيم فقد نصت المادة 33 فقرة ة 1 من قانون التحكيم علي أن " تعقد هيئة التحكيم جلسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوي وعرض حججه وأدلته، ولها الاكتفاء و ما انع بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك" من هذا النص يتضح أن تقديم الطلبات والمستندات قد يتم شفاهة وقد يتم كتابة.

تقديم الطلبات بصورة شفهية:

    في الوضع الغالب تتم جلسات التحكيم شفاهة، ويتم ذلك بإجتماع الخصوم أو ممثليهم والشهود مع المحكمين في مناقشة شفهية يتم فيها تقديم الطلبات ومناقشة جوانب النزاع سواء بالنسبة للموضوع أو بالنسبة للإجراءات، دون الالتزام بتقديم طلباتهم ومستنداتهم في شكل كتابي، ولكن يستحب في هذه الحالة أن يتم تدوين الطلبات والحجج المقدمة شفويا من الخصوم في محاضر رسمية وهو ما نصت عليه المادة 3/33 من قانون التحكيم المصري حيث جاء بها " تدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه إلي كل من الطرفين ما لم يتفقا على خلاف ذلك".

    وقضي في فرنسا تطبيقا لذلك بأن المحكمين لم يخالفوا مبدأ المواجهة إذا ثبت أنهم دعوا الخصوم إلى إبداء ملاحظاتهم شفاهة وإلى تقديم مستنداتهم وقضى أيضا بأنه يجوز للمحكم أن يجعل الجلسة أمامه شفوية، وأن يدعو الخصوم إلى الحضور أمامه للاستعلام عن فحوي المستندات والطلبات التي قدمت إليه، وإذا لجأ الخصوم إلى مركز تحكيم تنص لائحته على أن الاستعلام عن مضمون المستندات المقدمة بالطرق المحددة في لائحة المركز لكي يتمكنوا بعد ذلك من تقديم دفاعهم، كما قضي بأن تبادل المستندات يكون قد تم صحيحا طالما أن الخبير حضر إلي جلسة التحكيم واعد كافة التقارير الفنية التي طلبت منه ووضعها تحت تصرف الخصوم لكي يتمكنوا من تقديم كافة ما يعن لهم من ملاحظات.

تقديم الطلبات بصورة كتابية:

     قد يتفق الخصوم أو تقرر هيئة التحكيم أن يتم الترافع إليها عن طريق الطلبات والمستندات المكتوبة دون استلزام حضور الخصوم بأنفسهم أومن يمثلهم ودون إجراء مناقشة شفهية اكتفاء بما تم تقديمه من مستندات، وغالبا ما يلجأ الخصوم إلى هذا الاسلوب إذا كان مبدأ الشفوية سوف يكلفهم نفقات باهظة خصوصا إذا تباعدت المسافات بين الخصوم والمحكمين والشهود والخبراء بشكل معه تقابلهم، كما تلجأ منظمات ومراكز التحكيم الدائمة إلى تنظيم إجراءات يصعب التحكيم من خلال المستندات لتنطبق على التحكيمات التي لا يحتاج الفصل فيها إلي حضور الخصوم، كتلك التي يطلق عليها "التحكيم في الصفة " والتي يقتصر فيها دور المحكم علي فحص البضائع المسلمة ومدي مطابقتها للصفات المتفق عليها بين الخصوم أو المتعرف عليها في وسط مهني معين، لاسيما إذ كانت تلك البضائع قابلة للتلف، فهنا يكون من الأفضل سرعة الفصل في النزاع دون انتظار حضور الخصوم ومناقشتهم في جلسة شفوية.

    وقد قضي في فرنسا بأن مبدأ المواجهة لا يستلزم بالضرورة حضور الخصوم أو ممثليهم أمام المحكمين في مناقشة علنية وشفوية، وإنما يكفي أن يكون كل خصم قد تمكن من معرفة طلبات خصمه وأوجه دفاعه وأعطي الوقت الكافي للرد عليها .

    وفي اعتقادنا أنه يصعب قبول مبدأ الفصل في المنازعات بمقتضي المستندات المكتوبة هكذا كقاعدة عامة:

     أولا: لأن مبدأ الشفوية يعد مبدأ هاما من المبادئ الأساسية في التقاضي لأن حضور الخصوم وممثليهم وشهودهم له تأثير بصورة مباشرة وفعالة في توضيح الحقيقة أمام هيئة التحكيم.

    ثانيا: لأنه يصعب عملا الفصل في كثير من المنازعات بناء علي المستندات المكتوبة خاصة تلك المنازعات الناشئة عن عمليات تشييد مصانع أو مجموعة أعمال صناعية مشتركة، فكلما تعقدت العمليات وتعدد الخصوم زادت مجمر صعوبة الفصل فيها دون سماعهم.

    ثالثا: لأن الأمل في التصالح والوصول إلي حلول وسط وهي إحدي المزايا الكبري للتحكيم يزيد من أهمية لقاء الخصوم وسماعهم في جلسة تجمعهم مع المحكمين.

   بل أن هناك جانبا من الفقه يري أنه حتى لو اتفق الخصوم أو قررت هيئة التحكيم الاكتفاء بالمستندات المكتوبة فإن ذلك لا يخل بحق هيئة التحكيم في سماع الشهود وعقد جلسات لهم إذا رأت ذلك ضرورياً أو إستحال عليها الفصل في النزاع بناء على ما قدم إليها من مستندات.

     والواقع أننا لا يمكننا قبول هذا الرأي علـي إطـلاقـه وذلك لأن تبــادل المستندات والمذكرات هو من أهم ضمانات التقاضي سواء في الخصومة القضائية أو في خصومة التحكيم ومن ثم لا يمكن القول بقبول تقديم أحد طرفي الخـصومة لأي مستند أو مذكرة دفاع مهما بلغ عدم أهميتها دون أن يطلـع الخـصم الآخـر عليها – أو على الأقل إعطائه الفرصة للإطلاع عليها – والرد عليها وإلا أعتبـر هذا إخلالا بضمانات التقاضي واحترام حقوق الدفاع.

     وقد عني قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بتقـديم وتبــادل المذكرات والمستندات بالشكل الذي تعتد به محكمة التحكيم، فنص علي أنه يجـوز لكل من الطرفين أن يرفق ببيان الدعوي أو بمذكرة الدفاع، علي حسب الأحـوال، صورا من الوثائق التي يستند إليها، وأن يشير إلى كل أو بعض الوثـائق وأدلـة الإثبات التي يعتزم تقديمها، ولا يخل هذا بحق محكمة التحكيم في أي مرحلة كانت عليها الدعوي في طلب تقديم أصول المستندات أو الوثائق التي يستند إليها أي من الطرفين في الدعوي ( المادة ۳/30) وتأكيدا علي وجوب احترام مبدأ المواجهـة وحقوق الدفاع نصت المادة 31 علي أن " ترسل صورة مما يقدمه أحد الطرفين - إلي هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو أوراق أخري إلي الطرف الأخـر وكذلك ترسل إلي كل من الطرفين صورة من كل ما يقدم إلي الهيئة المذكورة من تقارير الخبراء والمستندات وغيرها من الأدلة". ونصت المـادة 35 مـن قـانون التحكيم المصري المذكور على أنه : إذا تخلف أحد الطرفين عن تقـديم طلب منه من مستندات جاز لهيئة التحكيم الاستمرار فـي إجـراءات التحكـيم وإصدار حكم في النزاع استنادا إلى عناصر الإثبات الموجوده أمامها".