تعد مسألة توكيل محامين عن الخصوم أمام هيئات التحكيم مسألة جوازية وليست وجوبية . . إذ أنه يمكن للطرف المدعي أو المدعى عليه أن يحضر أمام هيئة التحكيم بشخصه أو بواسطة وكيل عنه. وإذا لم يباشر الخصم بنفسه إجراءات التحكيم والحضور أمام المحكمين، فإنه يستلزم منه في هذه الحالة توكيل محام للحضور نيابة عنه.
ومن المهم الإشارة إلى أن التوكيل هنا يجب أن لا يكون توكيلاً عاماً، ولكن لا بد وأن يكون توكيل المحامي بصفة خاصة بالحضور والترافع امام هيئات التحكيم أو في قضية التحكيم التي يحضر فيها، أو قد يكون في قضايا التحكيم بصفة عامة.
وبموجب هذا التوكيل، فإنه يحق للوكيل بالخصومة أمام هيئة التحكيم القيام بجميع الأعمال والإجراءات الخاصة برفع دعوى التحكيم ومتابعتها والدفاع عنها وطلب الأوامر بالإجراءات التحفظية أو الوقتية وغيرها من المسائل التي يتوجب عليه القيام بها وبذل العناية بشأنها.
والتوكيل أمام خصومة التحكيم لا يمتد إلى رفع دعوى بطلان حكم التحكيم أمام المحاكم، فرفع دعوى بطلان الحكم التحكيمي أو الطعن بأي قرار تصدره الهيئة مما يجيز القانون الطعن فيه، يلزم توكيلاً خاصاً بذلك.
كما أن الوكيل في خصومة التحكيم ليس من سلطته رد المحكم الذي عينه موكله أو الاتفاق مع الطرف الآخر على عزله أو إبرام اتفاق لتعديل اتفاق التحكيم أو تعديل في مدة التحكيم، ما لم يكن التوكيل الصادر له ينص صراحة على ذلك.
والملاحظ أن قوانين تنظيم مهنة المحاماة في البلاد العربية أغلبها لا تجيز لغير المحامين المرخصين مزاولة مهنة المحاماة والحضور عن ذوي الشأن أمام المحاكم وهيئات التحكيم.
فقد جاء في القانون رقم (۳۱) لسنة ۱۹۹۹م بشأن تنظيم مهنة المحاماة في الجمهورية اليمنية بأنه : " يحق للمحامين المرخص لهم دون غيرهم ممارسة مهنة المحاماة وأي عمل من أعمالها ولهم وحدهم حق الحضور عن ذوي الشأن أمام المحاكم والنيابة العامة ودوائر الشرطة والتحقيق واللجان والهيئات ذات الاختصاص القضائي ".
وينص قانون تنظيم مهنة المحاماة كذلك على أنه : " يشترط لقبول القيد في الجدول العام للمحامين أن تتوفر في طالب القيد الشروط التالية :
أ - أن يكون متمتعاً بالجنسية اليمنية ".
وبموجب هذه النصوص، فإنه لا يحق الحضور والترافع أمام هيئات التحكيم في الجمهورية اليمنية إلا المحامين اليمنيين المرخص لهم من قبل نقابة المحامين اليمنيين بمزاولة مهنة المحاماة
أما فيما يتعلق بممارسة أعمال المحاماة في اليمن من قبل محامين عرب وأجانب فقد أجازها قانون تنظيم المحاماة اليمني، ولكن وفق شروط محددة. حيث نصت المادة (٥٩) من القانون على أنه : " يحق للمحامين العرب والأجانب أن يمارسوا أعمال المحاماة وفقاً للقانون المدني من خلال مكاتب المحامين اليمنيين المرخص لهم بشرط المعاملة بالمثل بإذن من وزير العدل وفي جميع الحالات لا يجوز أن يؤذن لمحام واحد بالترافع في أكثر من قضيتين في السنة ".
وبمقتضى هذا النص فإنه لا يحق للمحامي العربي أو الأجنبي الحضور كممثل للخصم أمام هيئة التحكيم تنعقد في اليمن، حتى لو كان هذا الخصم أجنبياً، أو كان القانون الواجب التطبيق لموضوع النزاع قانوناً أجنبياً، إلا وفقاً للشروط التي حددها قانون تنظيم مهنة المحاماة.
وبرأينا، فإن هذه النصوص التي تضمنها قانون مهنة المحاماة، يمكن أن تطبق أمام المحاكم الرسمية وفي التحكيم الداخلي، لكن يجب ألا يمتد تطبيقها إلى حالات التحكيم التجاري الدولي.
حيث يفترض في التحكيم التجاري الدولي أن تبقى الأبواب مفتوحة لحرية اختيار كل طرف للمحامين الذين يثق بهم ويرتاح لهم بغض النظر عن جنسياتهم.
وهذا لا يمس بأي حال النظام العام الداخلي ولا يرتبط به.