وهكذا، فإنه من الشائع في الممارسات التحكيمية البحرية، و خصوصاً عندما تكون إحدى الدول أو أحد أشخاصها المعنوية العامة طرفاً في إجراءات تحكيمية، أن يعين كل طرف ممثلاً ينوب عنه في إجراءات التحكيم.
وإذا كان الطريق خالياً أمام الأطراف في تعيينهم لممثلين ينوبون عنهم في الإجراءات التحكيـمـيـة، فإنه لا توجد قيود على الأشخاص المختارين من قبلهم كممثلين حيث لا يشترط توافر صفات معينة فيمن يعمل ممثلاً لأحد الأطراف أمام هيئة التحكيم، فيجوز أن يكون هذا الممثل محامياً، أو مستشاراً قانونياً، أو تاجراً، أو مهندساً بحرياً، أو عضواً في مجلس إدارة الشركة التى هى طرف في العملية التحكيمية، أو أى شخص آخر معين تعييناً صـحـيـحـاً من قبل أطراف الإجراءات التحكيمية .
كما ذهب البعض إلى أنه ينبغى على الأطراف المثول أمام هيئة التحكيم بأنفسهم حيث إن كل طرف منهم يكون أكثر الماماً واطلاعاً على معطيات دعواه أو دفاعه أكثر من أى شخص آخر، وحيث إنهم بحضورهم بأنفسهم يوفرون وقتهم وأموالهم، ويزيلون العراقيل التي تهدد السير السريع للإجراءات التحكيمية عن طريق ممارسات المحامين التسويفية، ودخولهم فى مسائل فرعية وفنية لاتعود علي التحكيم إلا بالتأخير.
إن تعيين المحامين والمستشارين القانونيين كممثلين للأطراف في الإجراءات التحكيمية البحرية، وكما قرر الأستاذ "Mabbs" ينطوى على مزايا وعيوب فتتمثل مزاياه فيما يلى:
1- الخبرة القانونية والتي عن طريقها يتم التعرف على كيفية الفصل في الدعاوى أو السوابق القضائية والتحكيمية المشابهة مما يكون له أعظم الأثر في تنفيذ الطرف الآخر لحكم التحكيم دون مشاكل .
2- لن يكون المحامى متأثراً بسخونة النزاع، مما يمكنه من التفاوض تجاه الوصول إلى حل ممكن للنزاع دون مشاعر الضغينة والكراهية التي ربما تنشأ بين الأطراف.
3- قد يرى المحامى - وعلى عكس ما يتوقعه الطرف الذي عينه – أن حجة هذا الطرف سطحية وليس لها ما يبررها حيث سيخشی المحامي تتبع نقاط زائفة وادعاءات لا أساس لها قد يخسر معها القضية التحكيمية. وفى هذا الاتجاه السلبي للمحامي تجاه المزاعم الهشة لموكله مساعدة كبيرة يقدمها له حيث قد يتخيل التاجر تحت تأثير الضغينة والمشاحنة تخيلات خاطئة تكلفه الكثير من الوقت والتكاليف .
4- إن تعيين محام في مرحلة مبكرة من الإجراءات التحكيمية سيمد الموكل بالقدر الأكبر من الخدمات عن طريق مساعدته في تقديم أدلته، وفي إثبات دعواه، وتجميع أدلته التي سيحدث تأخيرها أثراً سلبياً على نتيجة التحكيم، حيث سيفشل العديد من التجار في تقديم أدلتهم في الوقت المناسب.
5- إذا كان النزاع من المنازعات التي يملك فيها أحد الأطراف دفاعاً ضعيفاً أو حيث تقع عليه بعض المسئولية ، وقد يلتزم بتعويض كبير يأتي دور المحامى هنا لتقليل المبلغ المقرر كتعويض .
وأما عن العيوب فهي :
1- التكلفة إن استخدام محام في حالة ألا يستأهل النزاع ذلك لأنه ليس باستطاعة المحامى أن يفعل شيئاً يؤدى إلى زيادة تكلفة التحكيم.
2 - التأخير: إنه من طبيعة عمل المحامى وجود قضايا عديدة يضطلع بنظرها مما يخلق إمكانية للتأخير.
وفي الحقيقة - وكـمـا رأينا - فإن مزايا الاستعانة بمحام أو بمستشار قانونی تفوق عيوبها بكثير - وحتى إذا لم تكن هذه المزايا تفوق تلك العيوب فإننا لانرى في تغليب هذه العيوب التضحية باحترام حق هذا الطرف أو ذاك في الدفاع عن نفسه، وتقديم دعواه أو دفـاعـه بواسطة من يختاره بإرادته سواء أكان محامياً أم مستشاراً قانونياً أم تاجراً أم مهندساً بحرياً أم غيرهم من الممثلين والمساعدين .
كما أنه في معالجة هذه العيوب يأتى دور المحكم البحري الذي ينبغى عليه السماح للأطراف بتعيين من يريدون أن يمثلهم ، ثم عليه - وكما يفهم بواطن النزاع ومعطياته. أن يفهم الدعوى التحكيـمـيـة نفسها، وطرق حلها المختلفة، مما يؤهله لفهم الممارسات التسويفية والتكتيكات المحترفة التي يمارسها بعض المحامين والتغلب عليها دون أن يغمطهم حقهم في سماع وجهة نظرهم، وهذا يتطلب منه أعيناً مفتوحة تستطيع إدراك ،الفرق والتمييز بين الجد والاستخفاف، فالخبرة والكفاءة اللازم توافرهما في المحكم البحرى هـمـا الـفـيـصـل في هذا الأمر . كما في أمور كثيرة تخص التحكيم البحري، والذي كما قلنا مازال المحكم البحرى هو عصبه وقوامه وحجر أساسه، والذي بقدر كفاءته تكون فاعلية التحكيم البحرى .