يثور تساؤل حول غياب الخصوم كلاهما أو أحدهما، فهل يؤثر ذلك على خصومة التحكيم، وهل يتعين على هيئة التحكيم أن توقف إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها؟! لقد أجابت عن ذلك، المادة (35) من قانون التحكيم العماني والمادة (35) من قانون التحكيم السعودي وكذلك المادة (25) من قانون التحكيم البحريني والقطري حيث نصت على أنه "إذا تخلف أحد الطرفين عن حضور إحدى الجلسات أو عن تقديم ما طلب منه من مستندات جاز لهيئة التحكيم الاستمرار في إجراءات التحكيم وإصدار حكم في النزاع استنادا إلى عناصر الإثبات الموجودة أمامها".
ويستوي في ذلك أن يكون التخلف أو الغياب عن الحضور من الطرفين معاً أو من أحدهما سواء كان هو المدعي أو المدعى عليه، فغياب المدعي وحدة عن الجلسة الأولى أو عن الجلسة التالية لا يمنع هيئة التحكيم من الاستمرار في إجراءات التحكيم إذا ما كان المدعي قد قدم بالفعل بيان دعواه، أما إذا لم يكن قد قدم بيان الدعوى فسوف لا يكون باستطاعة هيئة التحكيم مواصلة إجراءات التحكيم ونظره لعدم توافر العناصر اللازمة لذلك، ومن ثم يكون لها إما أن تقرر التأجيل لجلسة تالية تخطر بها الطرفين وإما أن تقرر إنهاء الإجراءات، أما غياب المدعى عليه وحده عن الجلسة الأولى، فإنه يتوجب على هيئة التحكيم قبل المضي في إجراءات التحكيم التأكد من صحة إعلانه، فإذا تبين لها عدم صحة إعلانه، فإنه يوجب عليها
إعادة إعلانه.
وفي تبرير استمرار إجراءات التحكيم رغم غياب أحد الطرفين أو كليهما، تذهب المذكرة الإيضاحية النموذج قانون الأونستيرال إلى أنه "للأحكام التي تخول لهيئة التحكيم سلطة مواصلتها مهمتها حتى دون اشتراك أحد الطرفين أهمية كبيرة من الناحية العملية، إذ أنه من المألوف، حسبما تبين التجارب، أن يبدي أحد الطرفين قسطاً ضئيلاً من الاهتمام بالتعاون والتعجيل بتنفيذ الأمور، ولذلك، فإن هذه الأحكام سوف تكفل للتحكيم التجاري الدولي الفاعلية اللازمة، ضمن حدود المقتضيات الأساسية للعدالة الإجرائية".