الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / الإعلان والحضور والغياب / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / البطلان المؤثر في حكم التحكيم / بطلان إعلان المدعى عليه بطلب التحكيم

  • الاسم

    عادل علي محمد النجار
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    609
  • رقم الصفحة

    340

التفاصيل طباعة نسخ

بطلان إعلان المدعى عليه بطلب التحكيم

   ينبغي تحقيق الموازنة بين مبادئ التقاضي الأساسية، وخصوصا مبدأ المواجهة وبين فعالية الإجراءات، وذلك بإعطاء الأولوية لاحترام مبدأ المواجهة بين الخصوم، وهذه الموازنة على النحو السابق، في نظر بعض الفقه، مرعية فيما يتعلق بإعلان الإخطارات والأوراق، في قوانين المرافعات، حيث تتضمن تنظيما صارما لأحكام وقواعد الإعلان، ولكنها ليست كذلك على ما يبدو في قوانين التحكيم.

مفهوم الإعلان في التحكيم

    تنشأ خصومة التحكيم، كما مضت الإشارة، من خلال واقعتين إجرائيتين متتاليتين؛ طلب التحكيم المقدم من احد الأطراف، واستلام الطرف الأخر لذلك الطلب، ومن تاريخ استلام طلب التحكيم تبدأ الإجراءات، المادة/٢٧] من قانون التحكيم المصري والمادة[34] من قانون التحكيم اليمني.

   وقد أوضحت المادة[7] من قانون التحكيم المصري كيفية تسليم الأوراق والرسائل المتعلقة بالتحكيم حيث نصت على انه " ما لم يوجد اتفاق خاص بین طرفي التحكيم، يتم تسليم أي رسالة أو إعلان إلى المرسل إليه شخصيا أو في مقر عمله أو في محل إقامته المعتاد أو في عنوانه البريدي المعروف للطرفين أو المحدد في مشارطة التحكيم أو في الوثيقة المنظمة للعلاقة التي يتناولها التحكيم. وإذا تعذر معرفة أحد هذه العناوين بعد إجراء التحريات اللازمة يعتبر التسليم قد تم إذا كان الإعلان بكتاب مسجل إلى آخر مقر عمل أو محل إقامة معتاد أو عنوان بريدي معروف للمرسل إليه".

   وقد تضمن قانون التحكيم الانجليزي، أيضا، تنظيما خاصا لأحكام إعلان الإخطارات وغيرها من الأوراق المتعلقة بالتحكيم، فخولت المادة[1/76] الأطراف حرية الاتفاق على الطريقة التي يجب أن يتم بها إعلان الإخطارات وغيرها من الأوراق المتعلقة بإجراءات التحكيم، فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق فيجوز إعلان أي إخطار أو مستند إلى المعلن إليه بأي طريقة فعالة (الفقرة/3)، وتعتبر الإخطارات أو الأوراق، قد أعلنت بطريقة فعالة إذا سلمت، إلى المرسل إليه، إما إلى أخر محل إقامة معروف، أو إلى أخر مقر عمل معروف- إذا المرسل إليه ممن يباشر تجارة أو مهنة أو عمل، أو إلى المركز الرسمي أو المسجل- إذا كان المرسل إليه شخصية اعتبارية (الفقرة/4)، ولا تطبق الأحكام الواردة في المادة المذكورة على إعلان المستندات المتعلقة بالإجراءات القانونية أمام المحاكم (الفقرة/5)، وتشمل الإشارة إلى الإخطار أو المستندات الأخرى أي شكل مكتوب للتبليغات، ويجب أن تفسر أي إشارة إلى إعطاء أو إعلان إخطار أو مستندات أخرى بناء على ذلك(الفقرة/6) .

    أما قانون التحكيم اليمني فلم يتضمن تنظيما خاصا لإعلان الأوراق أو المستندات المتعلقة بالتحكيم، وإزاء هذا الوضع فنعتقد، من جهة أولى، أن المبدأ الذي اعتمدته المادة[۳۲] من قانون التحكيم اليمني يخول الأطراف حرية الاتفاق على وضع قواعد خاصة بالإجراءات، ومنها، قواعد أو إجراءات إعلان الأوراق والمستندات المتعلقة بإجراءات التحكيم، فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق، فيجوز لهيئة التحكيم "أن تتبع ما تراه ملائما من الإجراءات مع ضرورة مراعاة أحكام هذا القانون وعدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات التي تعتبر من النظام العام ". ومن جهة ثانية، ونظرا لصعوبة وجود قواعد للإعلان محددة بواسطة هيئة التحكيم، في هذه المرحلة المبكرة من خصومة التحكيم، فنعتقد أنه يتعين إعلان طلب التحكيم، عند عدم اتفاق الأطراف على قواعد معينة للإعلان، وفقا لقواعد الإعلان الواردة في قانون المرافعات المواد/39 -46]، على أن تطبق طرق و إجراءات الإعلان المحددة بواسطة هيئة التحكيم، عند عدم الاتفاق، في المراحل اللاحقة.

   إذا خلا اتفاق التحكيم من تحديد وسيلة معينة للإعلان، فان من يباشره لا يكون مقيدا بوسيلة معينة، بل يجوز مباشرته بواسطة المحضر أو البريد أو التلكس أو الهاتف وغيرها من وسائل الإعلان، حديثة كانت أم قديمة.

   ونعتقد أن ما ذهب إليه بعض الفقه من جواز استخدام الفاكس أو التلكس في إعلان الأوراق المتعلق بالتحكيم هو الأرجح، فالمادة[7] لم تحدد وسيلة معينة للإعلان، وبالتالي يجوز الإعلان بالفاكس إذا كان أحد الأطراف، على سبيل المثال، قد وضع في عنوان مقر عمله - المحدد في مشارطة التحكيم أو في الوثيقة المنظمة للعلاقة التي يتناولها التحكيم- رقما للفاكس، ومن جهة أخرى، فان من المؤكد أن استخدام الفاكس أو غيره من وسائل الاتصال الحديثة في تبادل الأوراق والمستندات خلال إجراءات التحكيم سيعزز فعالية التحكيم، سواء من حيث زيادة سرعته أو تخفيض تكلفته، وإذا كانت الخشية من الإخلال بالمبادئ الإجرائية الأساسية هي أهم محاذير استخدام تلك الوسائل، فانه لا تلازم بين وقوع المخالفات الإجرائية التي تعد إخلالا بالحد الأدنى من المبادئ الإجرائية الأساسية، وبين استخدام وسائل الاتصال الحديثة، فاحتمال وقوع تلك المخالفات وارد في استخدام وسائل الاتصال الحديثة كما هو وارد في استخدام وسائل الاتصال التقليدية.

   ونظرا لعدم وجود نص خاص لتنظيم الإعلان في قانون التحكيم اليمني فيجوز أن يتم إعلان طلب التحكم إما بواسطة المحضر أو بواسطة صاحب الشأن المادة/39] من قانون المرافعات اليمني.

   وقد استخدم قانون التحكيم الانجليزي مصطلحا مرنا للوسيلة التي يتم بها الإعلان فأجازت المادة[76] أن يتم الإعلان بأية وسيلة فعالة Any Effective Means ، وهذا يتيح للمعلن نطاقا واسعا من الوسائل التي يمكن اعتمادها في الإعلان، و تجدر الإشارة إلى انه لا يحد من هذا النطاق القيد الوارد في الفقرة السادسة من المادة السابقة، والمتمثل في ضرورة أن يتخذ الإخطار أو المستند الذي يتم إعلانه الشكل المكتوب، ذلك أن التعريف الواسع لمفهوم الكتابة في المادة[6/5] يشمل أية طريقة يكون بواسطتها الإخطار مسجلا.

   وإذا ما ثار النزاع حول مدى فعالية الوسيلة المستخدمة في الإعلان، فيقع على عاتق المعلن إثبات أن الوسيلة التي اعتمدها كانت فعالة.

   وقد اتجهت بعض قوانين التحكيم إلى تحديد أو الإشارة إلى وسائل معينة للإعلان، مع إتاحة الحرية للأطراف في الاتفاق على غير تلك الوسائل، فعلى سبيل المثال، يعتبر الإعلان صحيحا وفقا للمادة[5/أ] من قانون التحكيم الاسباني الجديد إذا تم بواسطة الفاكس أو التلكس أو غيرها من وسائل الاتصال الالكترونية أو التي تشبهها في الطبيعة، التي يمكن بواسطتها إرسال واستقبال المستندات أو الأوراق مع التحقق من إرسالها واستقبالها، ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.

   كما أجازت المادة[9] من قانون التحكيم الأمريكي الموحد، المعدل في عام ۲۰۰۰، إعلان طلب التحكيم بالطريقة التي تم الاتفاق عليها، فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق، فيجب أن يتم إعلان طلب التحكيم بواسطة البريد المسجل أو المصدق المصحوب بعلم الوصول، أو بوسيلة الإعلان المتبعة في الدعوى المدنية.

   وتوجب المادة[۲/۱۱] من قانون التحكيم البرتغالي رقم (31) لعام 1986، إعلان طلب التحكيم إلى المدعى عليه بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول.

   وتجيز المادة[3/ج] من قانون التحكيم الإيراني لعام 1997 إرسال طلب التحكيم بواسطة البريد المسجل مصحوبا باستلام مكتوب، أو بالفاكس أو التلكس أو الفاكسميل أو بالإعلان القانوني، أو بغير ذلك من الوسائل المشابهة.

  وإذا تعذر معرفة الأماكن المشار إليها سابقا، فقد أجازت المادة[٢/٧] من قانون التحكيم المصري، وبعد إجراء التحريات اللازمة، أن يتم الإعلان إلى أخر مقر عمل أو محل إقامة أو عنوان بريدي معروف للمرسل إليه، بكتاب مسجل، وبذلك يعتبر التسليم قد تم.

   تضمن قانون التحكيم الانجليزي مظهرا جديدا من مظاهر الدور المعاون للقضاء في إجراءات التحكيم، فقد خولت المادة[77] المحكمة المختصة، وما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، القيام بإعلان الإخطارات أو الأوراق المتعلقة بالتحكيم، بناء على طلب احد الأطراف، إذا قدرت أن ذلك ملائما، وذلك إذا كان من غير المعقول عمليا Not Reasonably Practicable إجراء الإعلان بالطريقة المتفق عليها بين الأطراف، أو بالطريقة المبينة في المادة[76] عند عدم الاتفاق، وللمحكمة بناء على المادة السابقة إما أن تأمر بالإعلان بالطريقة التي تراها مناسبة، وإما بالإعفاء من إعلان المستند أو الوثيقة.

    أن طريقة الأمر بالإعلان تعتمد على نوع الصعوبات التي أدت إلى اعتبار الإعلان بالطرق العادية أو الاتفاقية غير فعال من الناحية العملية، فعلى سبيل المثال، يمكن توجيه الإعلان إلى أخر المحامين الذين تعامل معهم الشخص المراد إعلانه، ويمكن أن يتم الإعلان في صحيفة أو مجلة إذا كان هنالك توقع معقول بان الإعلان بها سيسترعي انتباه المعلن إليه.

   - على الرغم من أن الفقرة(٢/ب) قد خولت المحكمة المختصة الأمر بالاستغناء عن الإعلان، إلا انه من المفترض إلا يحدث ذلك إلا في الحالات القصوى التي تقتنع المحكمة بان أية وسيلة للإعلان، في تلك الحالات، غير قابلة للتطبيق أو مستحيلة.

   وقد أجاز قانون التحكيم الياباني الجديد رقم (۱۳۸) لعام ٢٠٠٣، أيضا، لقضاء القيام بدور معاون للأطراف في عملية الإعلان، فعندما يواجه احد الأطراف صعوبات في إبلاغ الإخطارات المكتوبة المتعلقة بالتحكيم، يمكن طلب المساعدة من القضاء للقيام بالإعلان(')، فوفقا للمادة [۲/۱۲] عندما يكون من الصعب على المعلن الحصول على تأكيد مادي بحصول الإعلان، فيجوز للمحكمة، إذا قدرت أن ذلك ضروري، وبناء على طلب المعلن، أن تقرر إعلان الإخطار بنفسها.

   ولا شك في أهمية تبني هذا الدور المعاون للتحكيم من جانب القضاء، لما له من اثر بالغ في الموازنة بين فعالية التحكيم واحترام حقوق التقاضي الأساسية، ومع ذلك وهو ما نوصي كل من المشرع اليمني والمصري الأخذ به، ولكن وحتى لا يشكل هذا التدخل من قبل القضاء سببا لشل فاعلية إجراءات التحكيم، باستخدام إجراءات وطرق الإعلان المعمول بها في القضاء، فيتعين عدم استخدام أساليب وطرق الإعلان القضائي في تلك الحالة، والواقع أن هذا ما كان ماثلا في ذهن المشرع الياباني عندما أجاز تدخل القضاء في إعلان الإخطارات المتعلقة بالتحكيم، فقد نصت المادة[۲/۱۲] على عدم جواز تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بالإعلان والواردة في قانون الإجراءات المدنية عند ما تقوم المحكمة بالإعلان بناء على المادة[۲/۱۲].

 

بطلان إعلان طلب التحكيم وأثره

   سبقت الإشارة إلى الأهمية البالغة التي يشكلها الإعلان بشكل عام، وتتضاعف هذه الأهمية بوجه خاص عندما تتعلق بإعلان طلب التحكيم، تلك الخصوصية يستمدها هذا الإعلان من موضوعه، طلب التحكيم، اللبنة الأولى التي تنبي عليها الإجراءات اللاحقة، ولذا فان بطلانه ينعكس على الخصومة برمتها، ويكون عندئذ سببا لإبطال حكم التحكيم أو رفض الاعتراف به وتنفيذه.

   فقد نصت المادة[1/53/ج] من قانون التحكيم المصري على جواز رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم " إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته".

   وفقا للمادة [1/5/ب] من اتفاقية نيويورك يجوز رفض تنفيذ حكم التحكيم إذا " لم يعلن الخصم المطلوب تنفيذ الحكم ضده إعلانا صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب أخر أن يقدم دفاعه ".

   والأصل أن إتباع الإجراءات المحددة للإعلان يؤدي إلى تحقيق تلك الغاية، ويكون بالتالي صحيحا، ولكن لا يشترط بعد ذلك أن يؤدي إلى تحقيق النتيجة التي يفترض أن تتحقق بحصول العلم الحقيقي أو الحكمي، أي الحضور أو المشاركة في الإجراءات، وتطبيقا لذلك قضي في الولايات المتحدة بأنه إذا كان الخصم قد أعلن إعلانا صحيحا بطلب التحكيم، وعلم بالإجراءات فان حكم التحكيم يكون صحيحا وواجب التنفيذ على الرغم من غياب ذلك الخصم.

   وإذا تحققت الغاية من الإعلان فلا يكفي النعي على حكم التحكيم بعدم احترام مبدأ المواجهة، لعدم صحة الإعلان، كونه اغفل الاسم الأول للشخص، لأن المعول عليه، تحديد شخصية المعـلن إليه على وجه لا لبس فيه.

    وقضي أيضا، بأنه لا تتحقق حالة الإخلال بمبدأ المواجهة أو بحق الدفاع إذا كان مدعي البطلان قد حصل على فرصة كافية لتقديم دفاعه ومستنداته سواء أمام هيئة التحكيم أو أمام الخبير المنتدب، ولم يفعل، ولو لم يعلن بإجراءات دعوى التحكيم إعلانا قانونيا صحيحا.

   وقد تضمن قانون التحكيم الأمريكي الموحد ما يفيد الاعتداد بتحقق الغاية من الإعلان، فعلى الرغم من أن عدم إعلان طلب التحكيم إعلانا صحيحا وفقا لما تتطلبه المادة[9]، يشكل سببا لإبطال حكم التحكيم [المادة /6/أ/٢٣]، إلا انه وبموجب الفقرة(ب) من المادة [9] إذا لم يعترض المدعى عليه على عدم وجود صحة طلب التحكيم، في الوقت المحدد في المادة[١٥/ج] فان حضوره جلسات التحكيم يعتبر تنازلا عن عدم وجود أو عدم صحة إعلان طلب التحكيم، وبالتالي لا يجوز إثارة مثل ذلك الاعتراض كسبب لإبطال حكم التحكيم بناء على المادة[٦/أ/٢٣].

   فإذا أعلن طلب التحكيم إلى أخر مقر عمل أو محل إقامة معتاد أو عنوان بريدي للمدعى عليه، ولم يسبق ذلك القيام بإجراء تحريات كافية، فان إعلان طلب التحكيم يكون باطلا، ويمكن بناء على هذا السبب طلب إبطال حكم التحكيم أو رفض تنفيذه، وتطبيقا لذلك قضي في ألمانيا برفض تنفيذ حكم تحكيم صادر في موسكو لأن المدعى عليه لم يتلق إعلانا صحيحا بالتحكيم، و المحكمة انه، وعلى الرغم من أن طلب التحكيم قد أعلن للمدعى عليه إلى أخر عنوان معروف له، وعلى الرغم من أن قانون التحكيم الروسي يعتبر الإعلان صحيحا، إذا أرسل إلى أخر عنوان معروف للمعلن إليه، بعد إجراء تحريات معقولة للعثور على مقر عمل المعلن إليه أو مكان إقامة المعتاد أو عنوانه البريدي، إلا انه لا يوجد في هذه القضية ما يثبت القيام بتلك التحريات.

   على أن تقدير مدى كفاية التحريات التي قام بها المعلن، كما مضت الإشارة، يدخل في إطار السلطة التقديرية للقضاء في سياق مراجعة حكم التحكيم أو تنفيذه، وتطبيقا لذلك قضي في كندا برفض الاعتراض على طلب تنفيذ حكم التحكيم، المؤسس على عدم تلقي المدعى عليه إعلانا صحيحا بالتحكيم، لاقتناع المحكمة بان المدعى قد اتخذ جميع التحريات المعقولة وفقا لما تقضي به المادة[3] من القانون النموذجي للتحكيم.

  فإذا كان القانون الواجب التطبيق على الإجراءات لا يستلزم إجراء التحريات الكافية قبل توجيه الإعلان إلى أخر عنوان معرف للمدعى عليه، كما هو الحال في  قانون الإجراءات المدنية الألماني [المادة/١٠٢٨] فان إعلان طلب التحكيم إلى أخر عنوان معرف للمدعى عليه يكون صحيحا ولو لم يسبق ذلك إجراء تحريات معقولة لمعرفة المدعى عليه.

   وإذا اتفق الأطراف على التحكيم وفقا لقواعد تحكيم مؤسسية فان ذلك يعني أن تتم إجراءات التحكيم وفقا لقواعدها، بما في ذلك القواعد المتعلقة بإعلان الإخطارات والأوراق المتعلقة بالتحكيم، ولا مجال عندئذ لتطبيق قواعد الإعلان الواردة في القانون الإجرائي لمكان التحكيم، وتطبيقا لذلك قضي في الولايات المتحدة برفض طلب إبطال حكم التحكيم المؤسس على عدم إعلان المدعى عليه بطلب التحكيم وفقا لقواعد الإعلان في القانون الإجرائي لمكان التحكيم، لأن شرط التحكيم كان ينص على يتم التحكيم وفقا لقواعد الهيئة الأمريكية للتحكيم، وقد تم إعلان طلب التحكيم وفقا لما تنص عليه تلك القواعد.

   ونعتقد أن هذا الحكم ينطبق أيضا على قانون التحكيم اليمني فعلى الرغم انه لم يتضمن حكما خاصا يقرر حرية الأطراف في تنظيم طرق وإجراءات إعلان أو تسليم الإخطارات أو الأوراق المتعلقة بالتحكيم، إلا أن المادة [۳۲] قد خولت الأطراف، بشكل عام، حرية الاتفاق على الإجراءات التي يتعين على لجنة إتباعها، فلهم بناء على ذلك تحديد وسائل وإجراءات خاصة بإعلان وتسليم الإخطارات أو الأوراق المتعلقة بالتحكيم، كالاتفاق على استخدام البريد الالكتروني.

   فإذا لم يتفق الأطراف على استخدام البريد الالكتروني كوسيلة لإعلان الإخطارات أو الأوراق المتعلقة بالتحكيم، وتم إعلان طلب التحكيم بواسطة البريد الإلكتروني، فهل يعتبر مثل هذا الإعلان صحيحا ؟