نظراً لأن التحكيم الإلكتروني يصدر عن هيئة تحكيم تباشر عملية التحكيم عبر شبكة الإنترنت الدولية، وأن أعضاء هذه الهيئة في الغالب من دول مختلفة بالإضافة إلى أن الأطراف أنفسهم يكونون في الغالب من دول مختلفة أيضا، فإن ذلك يؤدي إلى اختلاف لغة كل منهم، وبالتالي تثار مشكلة تحرير حكم التحكيم الإلكتروني وتتمثل هذه المشكلة في اللغة التي يتم بها تحرير هذا الحكم والتي يجب أن يتفق عليها جميع الأطراف وكذلك هيئة التحكيم، كما أنها لابد أن تساير لغة الدولة المراد تنفيذ الحكم بها من أجل أن تقوم هذه الدولة بالاطلاع عليه وعلى محتواه وفهم مضمونه وبالتالي العمل على تنفيذه.
ونجد أن هذا النص في فقرته الأولى قرينة قوامها أن الأصل هو جريان التحكيم باللغة العربية، حيث إن هذه القرينة لا يعمل بها في حالتين:
الحالة الأولى: اتفاق الأطراف على لغة أو لغات أخرى، حيث يعتبر هذا الاتفاق ملزماً للجميع وتتعطل بمقتضاء كل القرائن التي يمكن أن تتقرر فی هذا الصدد، وهو ما يعني أن إرادة الأطراف هي الكلمة الأولى فيما يتعلق بلغة التحكيم ومن ثم يمكنهم اختيار أية لغة لتكون لغة الدعوى.
الحالة الثانية : تحديد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى.
وفي حالة اتفاق الأطراف أو هيئة التحكيم على اختيار لغة أو لغتين أو ثلاثة لانعقاد التحكيم تتساوى هذه اللغات من حيث الأهمية، حيث تعتبر كل منها بمثابة لغة من اللغات التي يصح بها التحكيم.
لغة التحكيم الإلكتروني في محكمة التحكيم عبر الإنترنت
واصل تنظيم محكمة التحكيم عبر الإنترنت الاستمرار في سياسته الموسعة لاختصاصات هيئة التحكيم الإلكتروني على حساب الإرادة المشتركة للمتعاقدين فقرر في مادته الثانية عشر أن " تتولى هيئة التحكيم تحديد اللغة أو لغات دعوى التحكيم مع الأخذ في الاعتبار شروط التعاقد بما في ذلك لغة العقد"، لذا نجد أن هذا النص أعطى لهيئة التحكيم مهمة تحديد اللغة أو اللغات التي تتولى الهيئة الاستعانة بها للفصل في النزاع التحكيمي .
وفي رأينا نجد أن هذا النص جاءت صياغته غير موفقة فكان من الأولى أن يتم تحديد لغة التحكيم بواسطة الأطراف مع احتفاظ المحكمة بحقها كسلطة احتياطية بأن تتولى تحديد اللغة في حالة عدم اتفاق الأطراف أو سكوتهم عن تحديد اللغة ، وبذلك نجد أن النص يتجاهل ويتجاوز إرادة الأطراف بطريقة غير مبررة وغير مفهومة وعلى الأخص في مجال التحكيم الإلكتروني، وكل ما تم توجيهه من إرشادات الهيئة التحكيم بمحكمة التحكيم عبر الإنترنت هو مراعاة شروط التعاقد بما في ذلك لغة العقد.
لغة التحكيم الإلكترونية بمحكمة التحكيم الأمريكية
ويتضح من هذا النص أنه لا يختلف عن القواعد العامة التي يجب أن تسود أيضا في مجال التحكيم الإلكتروني حين فرق مثل غيره من النصوص بين فرضين:
الفرض الأول: اتفاق الأطراف على لغة التحكيم، فيعتبر هذا الاتفاق ملزماً لهم وللمحكم على حد سواء، دون أن يتمتع هذا الأخير بأية سلطة تقديرية إزاء هذا الاختيار الذي ينزل بالنسبة له منزلة القانون الذي يلتزم بتطبيقه.
الفرض الثاني: عدم اتفاق الأطراف على لغة التحكيم، إذا لم يتطرق الأطراف لبيان لغة التحكيم أو عدم تحديدها لسهو أو لقصد، قام المحكم بتكملة هذا النق، والتنظيم التكميلي للجمعية يسر على المحكم قدر الإمكان حين قرر أن لغة التحكيم هي اللغة التي تحررت بها المستندات التي تتضمن اتفاق التحكيم سواء كانت هذه المستندات هي العقد الأصلي أو أية مراسلات أو مكاتبات متبادلة بين الطرفين من خلال العبارة الواردة في النص لغة المستند أو المستندات التي تتضمن اتفاق التحكيم" لذا فهي تشمل الصور المختلفة لاتفاق التحكيم الإلكتروني سواء اتخذ هذا الاتفاق صورة شرط التحكيم الذي يتجسد في بند من بنود العقد الأصلي أو صورة الشرط الذي يبرم في عقد مستقی عن العقد الأصلى قبل حدوث النزاع أو صورة مشارطة التحكيم الإلكتروني التي يتم إبرامها على استقلال أيضا بعد حدوث النزاع.