وبالنسبة للمشرع المصري فنجد أنه قد نص في قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹4 على أنه يجب على من صدر حكم التحكيم لصالحه إيداع أصل الحكم أو صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها، أو ترجمة باللغة العربية مصدقا عليها من جهة معتمدة إذا كان صادرا بلغة أجنبية، وذلك في قلم كتاب المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون .
وقد نص المشرع المصري أيضا في قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹4 على أن "يجرى التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى. ويسرى حكم الاتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة وعلى المرافعات الشفهية وكذلك على كل قرار تتخذه هذه الهيئة أو رسالة توجهها أو حكم تصدره ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك ".
ووفقا لهذا النص سالف البيان فإن المشرع المصري قد أجاز للأطراف وهيئة التحكيم تحديد اللغة التي يتم بها تحرير حكم التحكيم دون ثمة قيد على ذلك التحديد.
ومن جانبنا نرى أنه يجب على هيئة التحكيم الإلكترونية سواء بناء على اتفاق الأطراف أو بناء على اختيارها أن تقوم بتحديد اللغة التي يتم بها تحرير حكم التحكيم الإلكتروني على أن تكون هذه اللغة هي ذات اللغة التي تم استعمالها حال مباشرة العملية التحكيمية وذلك لكون هذه اللغة هي التي تم التعامل بها منذ بداية إجراءات التحكيم وبالتالي يكون جميع الأطراف على علم بها، إلا أن ذلك لا يحول دون اختيار لغة أخرى لتحرير حكم التحكيم بها إذا أراد الأطراف ذلك، وذلك لأن نظام التحكيم يقوم على إرادة الأطراف.
بیانات حكم التحكيم الإلكتروني :
و يعتبر حكم التحكيم الإلكتروني مثله مثل الأحكام الصادرة عن القضاء الوطني من حيث أنه يجب أن يتوافر فيه بعض البيانات الشكلية والموضوعية حتى يستقيم هذا الحكم ويكون قابلا للتنفيذ (لأنه إذا كان هناك عوار قد شاب هذه البيانات فإن ذلك يعرض حكم التحكيم الإلكتروني للبطلان الأمر الذي يتعين معه والحال كذلك أنه يجب على هيئة التحكيم أن تتحرى الدقة حال كتابة حكم التحكيم الإلكتروني من حيث البيانات الواجب توافرها فيه سواء كانت الشكلية أو الموضوعية وذلك وفقا للقانون الذي تقوم بتطبيقه.
وقد عرف الفقه بيانات حكم التحكيم بأنها "عبارة عن بيانات تتعلق بالشخص القائم بالعمل وبيانات تتعلق بمفترضات العمل وبيانات إصداره، ويقصد ببيانات الشخص القائم بالعمل بيان أسماء المحكمين واسم الهيئة أو المركز أو المنظمة إذا كان التحكيم مؤسسية وكذلك بيان أسماء الخصوم".
وهذه البيانات قد اشترطتها العديد من التشريعات الوطنية وكذا القوانين والاتفاقيات الدولية، فنجد المشرع المصري قد أوجب على هيئة التحكيم أن يشمل حكمها بيانات يجب توافرها فيه سواء بيانات شكلية أو موضوعية ويتضح ذلك جليا في قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1994 حيث ذكر الشروط الشكلية والموضوعية الواجب توافرها في حكم التحكيم وذلك بنصه على أن "يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات إلخ وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان الواجب".
ويلاحظ هنا أن المشرع المصري قد اشترط بيانات معينة يجب على هيئة التحكيم أن تذكرها في حكمها وأن هذه البيانات تعد من أساسيات هذا الحكم وبالتالي فإنه لا يستكمل حكم التحكيم مقوماته بدونها وبالتالي فإن إي قصور في هذه البيانات يؤدي إلى وجود خلل في هذا الحكم مما يعرضه للبطلان، كما أن هذه البيانات هي التي يجب توافرها في حكم التحكيم ولا يستلزم إضافة بيانات أخرى في هذا الحكم. وبالتالي فإن إغفال ذكر أي بيانات أخرى إضافية خلاف تلك التي نصت عليها تلك المادة سالفة الذكر لا يؤدي إلى أي خلل في هذا الحكم وإنما يكون حكم مكتمل الشروط وصحيح ولا يعاب عليه.
وكذلك القانون الفرنسي الجديد قد اشترط بيانات معينة شكلية وموضوعية يجب توافرها في حكم التحكيم وقد قضى بذلك في المادة ۱۹۷۱ فقرة 1 منه.
كما أن القوانين الدولية قد اشترطت أيضا هذه البيانات وحددتها وأوجبت على هيئة التحكيم ذكرها في الحكم الصادر عنها في النزاع القائم بين الأطراف ونذكر من هذه القوانين القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر سنة ۱۹۸۰ حيث حدد هذه البيانات في المادة ۳۱ منه.
ويتضح مما سبق أنه يتعين على هيئة التحكيم الإلكترونية حال إصدار حكمها أن تضع صوب أعينها البيانات سواء الشكلية أو الموضوعية التي تشترطها القوانين التي تقوم بتطبيقها على موضوع النزاع وأن تقوم بذكرها في هذا الحكم حال إصداره.