الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / لغة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / لغة التحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    527

التفاصيل طباعة نسخ

مدخـل :

    عندما أجازت التشريعات نظام التحكيم تلبية لمتطلبات التطور، وخاصة في مجال التجـارة، تجسيداً لمنطلقات ايدلوجية مواجهة لضرورات عملية نجمت عن تلك المنطلقات، خرجـت عـن الأصل العام، وهو أن العدالة وظيفة من وظائف الدولة يؤديها الجهاز القضائي للدولة، وسـمح بطرح النزاع على مركز تحكيم أو على شخص أو أشخاص معينين ليفصلوا فيه دون المحكمـة المختصة بإتفاق الأطراف.

     بيد أن التحكيم التجاري الدولي لم يعد استثناء أو قضاء ثانوي، بـل صـار يلعـب الـدور الرئيسي في الفصل في المنازعات التجارية ذات العنصر الأجنبي، ويتشكل من أشخاص ومراكز يتم اختيارها بإتفاق الأطراف لحل منازعاتهم التجارية، بغض النظر عن المـوطن أو الجنسية. وتستمد هيئة التحكيم صلاحياتها من إرادة الاطراف المعبر عنها بشرط أو مشارطة التحكيم، الذي على أساسه يتحدد القانون الواجب التطبيق على إجراءات وموضوع النزاع.

وإذا كانت مختلف التشريعات والحضارات قد عرفت التحكيم غير أن أهمية التحكيم ودوره المتميز قد أرتبط بنشوء النظام الرأسمالي الذي قام على مبدأ محوري، حرية التجـارة وحريـة التعاقد، بما في ذلك حرية الإتفاق على حل المنازعات التجارية بواسطة التحكيم.

    وإنطلاقاً من هذا المبدأ ومن أن التجارة الدولية تتطلب السرعة أزدادت أهميـة التحكـيم التجاري الدولي، إذ أن االتحكيم يفسح المجال لإرادة الأطراف في اختيار تسوية منازعاتهم في التعاملات التجارية بعيداً عن جمود النظم القانونية وتعقيداتها واختلافها من بلد إلى آخر، إذ أن التحكيم لديه فسحة لإعمال مبادئ العدالة وعدم التقيد الكلي بالقانون كما هو الحـال بالنـسبة للمحاكم، وبأخذ الإعتبارات العملية بالمقام الأول. وزاد من أهمية التحكيم التجـاري الـدولي أفضلياته المتعددة بالمقارنة مع المحاكم. ذلك أن التحكيم يكفل المعرفة والخبـرة القانونيـة المتخصصة والفنية والسرعة اللازمة لتسوية المنازعات التجارية المشوبة بعنـصر أجنبـي، حيث أن المحكمين في القضية المعينة عادة ما يكونوا متخصصين في المجال القانوني المنظم للمجال الإقتصادي المعين، وتخصص المحكمين سبب من أسباب النجـاح الكبيـر للتحكـيم بالإضافة إلى وجود خبراء فنيين لدى مراكز التحكيم وقواعد الخبرة الفنية يرجع إليها ويتقيـد بها الخبراء.

    وبسبب زيادة أهمية التحكيم ودوره الفعال في مجال العلاقات والتبادل الإقتصادي الدولي والذي حظي بإعتراف عام، فقد صدرت اتفاقیات اقليمية متعددة ومنها اتفاقيات ابرمتها الدول العربية كإتفاقية تسوية منازعات الإستثمار بين الدول المضيفة للإستثمارات العربيـة وبـين المستثمرين من رعايا الدول العربية الأخـرى التي اقرهـا مجلـس الوحـدة الإقتـصادية التابع لجامعة الدول العربيـة في ديسمبر 1974 م واتفاقيـة عمان العربية للتحكـم عـام 1987 م.

    وفي إطارة الامم المتحدة – الذي حظي التحكيم التجاري الدولي بإهتمام خاص من قبلهـا - تم إبرام اتفاقية دولية هي اتفاقية الإعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها المعروفة بإسم اتفاقية نيويورك لعام 1958 م والتي بلغ عدد أعضائها في نهاية عام 2009 م (142) دولة بينهـا (15) دولة عربية. وهذا العدد المتزايد يؤكد أن هذه الإتفاقية أصبحت فـي الوقـت الـراهن تحظـى بالإعتراف الدولي وعلى نطاق واسع بوصفها صكاً أساسياً يقوم عليه التحكيم الدولي، وهي تلزم المحاكم في الدول المتعاقدة بالإعتراف بقرارات التحكيم الصادرة فـي دول متعاقـدة أخـرى وإنفاذها، رهنا بإستثناءات محددة ووفقاً لقواعد المرافعات في بلد التنفيذ.

    عنيت اتفاقية نيويورك لعام 1958م بشأن الإعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها، لـيس بالإعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها فقط بل والإعتراف بإتفاق التحكيم وقوتـه القانونيـة وأوجدت حلولاً لمختلف مسائل تنازع القوانين التي تواجه التحكيم التجـاري الـدولي، وبالتـالي رفعت بصورة غير مسبوقة دور التحكيم التجاري الدولي في التبادل التجاري الدولي لتحتل أهمية خاصة لدى أطراف العلاقة وتجتذبهم إلى التحكيم ليس فقط لسرعة الفصل في النـزاع وعدالـة النتيجة، لكن الأهم من هذا هي مسألة الإعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيبذها، عندما يكـون التنفيذ على ممتلكات المحكوم ضده في غير البلد الذي جرى فيه التحكيم أو في غير بلد المطلوب تنفيذ الحكم لصالحه.

    إن التحكيم التجاري الدولي يتكون من حلقات متعددة لسلسلة تشكل عملية واحدة: تبدأ هـذه العملية بإتفاق التحكيم واختيار المحكمين وإجراءات التحكيم ومن ضمنها اختيار القانون المطبـق ومكان ولغة التحكيم ثم حكم التحكيم وتنفيذه.

    ومن هنا يكون العنصر الأساسي في التحكيم هو إرادة الأطراف التي يجسدها اتفاق التحكيم والذي بموجبه يتم السير في تسوية المنازعات وإخضاع تشكيل محكمة التحكيم وإجراءاته للقانون الذي يختاره الأطراف.

     وفي إطار لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (UNCITRAL) وبمبـادرة منهـا صدر عام 1985م قانون (يونسترال) النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي أخذت به كثير من الدول ومنها بطبيعة الحال دول عربية.

    وسبق ذلك صدور قواعد التحكيم التجاري الدولي عام 1976م التي أوصت منظمـة الأمـم المتحدة بإتباعها، والتي هي محور هذا المؤتمر الدولي الهام، الأمر الذي يعكـس مـدى أهميـة التحكيم التجاري الدولي في ظل التقدم التكنولوجي.

     هذه الورقة مخصصة لدراسة لغة التحكيم، وفيها نستعرض الموقف من اللغة فـي بعـض قوانين التحكيم العربية وكذا قواعد التحكيم في عدد من مؤسسات التحكيم وبطبيعة الحال موضوع اللغة في قواعد تحكيم يونسترال. ومشكلات اللغة أو اللغات المستخدمة في الإجراءات التحكيمية من جهة ومن جهة أخرى من الذي يحدد هذه اللغة وهل الموضوع يخضع لإرادة الأطـراف أم يكون من اختصاص هيئة التحكيم،

المسألة الأولى: موقف القوانين من لغة التحكيم

     سنعرض فيما يلي موضوع لغة التحكيم كما تضمنتها بعض قوانين التحكيم لا سيما القوانين العربية والقانون النموذجي. وفي قواعد وأنظمة مؤسسات التحكيم وسنختتم ذلك بعرض لموقـف قواعد تحكيم يونسترال حول لغة التحكيم.

1- قانون التحكيم المصري:

    المشرع المصري و إن كان قد راعي أن تكون له إضافاته في وضع قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 إلا أنه قد حرص على أن تكون غالبية مواد هذا القانون متفقـة وقواعـد ومبـادئ القانون النموذجي للتحكيم وذلك نظراً لطبيعة التحكيم الدولي والتي يجب ألا يكون لكل دولة قانون مستقل يختلف بصورة كبيرة عن قوانين الدول الأخرى.

     وفي موضوع اللغة، ينص القانون المصري على إجراء التحكيم باللغة العربية ما لم يتفـق الطرفان أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى، (المادة 29/1 مصري).

    وعلى الرغم من أن القانون المصري للتحكيم قد نص على أن "يجري التحكيم باللغة العربية" إلا أن تطبيق هذا النص قد قيده المشرع المصري وجعل تطبيقه ممكنا إذا لم يتفق الأطراف على خلافه، وهذا يعني أن اختيار اللغة يكون في المقام الأول خاضع لإرادة الأطراف، وفي حالة ترك الأطراف هذا الأمر للهيئة، فإنها هي من يتولى تحديد لغة التحكيم التي يجيز لها القانون بأن تحدد لغة غير العربية حتى لو كان التحكيم داخلياً وليس فقط دولياً.

    وبهذا، يكـون القانـون المصـري قـد حسـم الإجتهاد بالنسبة لمسألة اللغة بـل احـدث غييرا في بعض المفاهيم القانونية التقليديـة بالنسبـة لإجـراءات التحكـيم خاصـة التحكـيم الداخلي.

2- القانون السعودي:

     نص القانون السعودي صراحة أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية التي تستخدم أمام هيئات التحكيم، سواء كان ذلك عند المناقشات أو المكاتبات (م.25 من اللائحة التنفيذية). ولربما يكـون هذا النص في القانون السعودي من النظام العام الذي لا يجوز الإتفاق على مخالفته، وأي تحكـيم يجري على أراضي المملكة بغير العربية يعد وفقاً لهذا النص باطلاً، إلا أن هذا النص يقتـصر على التحكيم الداخلي ولا يمتد تطبيقه على التحكيم الدولي.

3- قانون التحكيم السوري:

    تبنى القانون السوري الجديد للتحكيم عدداً من المؤشرات بشأن تحديد لغة التحكيم وذلك من خلال مراعاة الظروف المحيطة. حيث نص القانون على أن يجري التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك أو تقرر هيئة التحكيم تحديد لغة أو لغات أخـرى، ويـسـري حـكـم الإتفاق أو القرار على لغة الوثائق والمذكرات المكتوبة وعلى المرافعات الشفهية وعلى كل قرار و تتخذه الهيئة أو رسالة توجهها أو حكم تصدره، ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار الهيئة علـى غير ذلك. (م.24/1).

4- قانون التحكيم المغربي:

    بمقتضى الفصل (327-13) فإن التحكيم يجري باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى ويسري حكم الإتفاق أو القرار على لغة البيانـات والمذكرات المكتوبة والوثائق والمرافعات الشفهية وكذا على كل قرار تتخـذه الهيئـة أو حكـم تصدره، ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار الهيئة على غير ذلك.

    ويلاحظ أن النص في القانون المغربي هو ذاته في القانون السوري للتحكيم والإختلاف بين النصوص في القانونين لا يكاد يذكر ونعتقد أنه ليس اختلاف جوهري.

5- قانون التحكيم اليمني:

    لم يتحدث القانون اليمني الحالي للتحكيم صراحة عن موضوع اللغة ولم يحدد فيـه مـا إذا كانت اللغة العربية أو غيرها من اللغات هي التي تستخدم في الإجراءات ومـن الـذي يحـدها الأطراف أم هيئة التحكيم، لكن القانون أورد موضوع اللغة ضمناً، ولا يمانع من استخدام لغـة  أخرى غير العربية في التحكيم، حيث نجد ذلك في المادة (58) منه المتعلقة بالوثائق التي يتطلب إرفاقها بطلب تنفيذ الحكم التحكيمي حين ورد في هذه المادة "... وإذا كان التحكيم قد تم بلغة غير العربية فيتم تقديم ترجمة عربية معتمدة لحكم التحكيم وللوثائق الأخرى". ونعتقد أن عمومية النص هنا تعني جواز الإتفاق على لغة غير العربية سواء كان التحكيم وطنياً بحتاً، أو دولياً.

     من ناحية أخرى نشير إلى أن مشروع القانون الجديد للتحكيم -الذي ينـاقش حاليـاً لـدى البرلمان ويتوقع صدوره قريباً – قد اتبع نفس النهج في القانونين المصري والـسوري تقريبـاً حين أورد موضوع اللغة وجعل الأصل هو أن يجري التحكيم باللغة العربيـة، إلا أن مشروع القانون أعطى إرادة الأطراف الحق في اختيار لغة أخرى غير اللغة العربية. كما أجـاز لهيئـة التحكيم أن تحدد لغة أو لغات أخرى في التحكيم التجاري الدولي.

     وبين كذلك على أن يسري حكم اتفاق الأطراف أو قرار هيئة التحكيم على لغـة البيانـات والمذكرات المكتوبة وعلى المرافعات الشفهية وكذلك على كل قرار تتخـذه الهيئـة أو رسـالة توجهها أو حكم تصدره ما لم ينص الإتفاق أو قرار الهيئة على غير ذلك.

     كما أجاز مشروع القانون لهيئة التحكيم أن تقرر إرفاق ترجمة للوثائق التـي تـرفـق فـي الدعوى إلى اللغة المستعملة في التحكيم (م. 32 من المشروع).

6- القانون النموذجي للتحكيم:

    ينص القانون النموذجي على أن لغة التحكيم هي اللغة التي يتفق عليها الأطـراف أو هيئـة التحكيم في حال عدم اتفاقهم، دون تحديد للغة معينة (المادة 1/22 نموذجي).

      ونلاحظ أن موضوع لغة التحكيم في القوانين التي عرضناها فيما سبق أن أغلب هـذه القوانين وإن كانت نصت على أن تكون (اللغة العربية هي لغة التحكيم) كما في قوانين تحكـيم مصر، سوريا، المغرب ومعها اليمن (وإن لم ينص صراحة وإنما ضمنا) – إلا أن هذا الامـر لا يعتد به إذا اتفق الأطراف على مخالفته، فالأصل هو أن يتفق الأطراف أولا على لغـة التحكـيم إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة، ونصت هذه التشريعات أنه في حالة عدم اتفـاق الأطـراف علـى تحديد اللغة أو في حالة عدم تحديدهم للغة فإن هيئة التحكيم هي من يقرر اللغة المستعملة فـي العملية التحكيمية، ولا تمنع هذه القوانين هيئة التحكيم من اختيار لغـة أو لغـات أخـرى غيـر العربية.

      كما نلاحظ وبالمقابل أن القانون النموذجي هو أيضاً يخضع تقريـر موضـوع اللغـة أولاً لأطراف التحكيم وثانياً لهيئة التحكيم.

     وإذا كان نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية، هو الأكثر تشدداً في اشتراط اللغـة العربية لتكون اللغة المستعملة أمام هيئات التحكيم في أي تحكيم يتم على أراضي المملكة العربية السعودية، وأن هذه المسألة تعد من المسائل التي لا يجوز مخالفتها لإرتباطها بالنظام العام، إلا أن هذا التشدد كما يبدو لا يطبق إلا على التحكيـم الداخلي ولا يمتد أثره إلـى التحكـيم التجـاري الدولي.

 المسألة الثانية: موقف قواعد مؤسسات التحكيم من اللغة:

1- قانون تحكيم مركز دبي المالي العالمي:

    للطرفين حرية الإتفاق على اللغة أو اللغات التي ستستخدم في إجراءات التحكيم، وفي حالة عدم وجود مثل هذا الإتفاق تقرر هيئة التحكيم اللغة أو اللغات التي ستستخدم في الإجراءات ما لم ينص على خلاف ذلك، وتطبق اللغة المختارة على جميع الأوراق المكتوبة المقدمـة مـن قبـل الطرفين وأيضاً على جلسات الإستماع وعلى الحكم والقرارات وأي اتصالات ومراسلات من قبل هيئة التحكيم (م.19/2).

2- قانون غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية:

    نصت المادة (12/أ) من هذا القانون على أنه "إذا لم يتفق الأطراف على اختيـار اللغـة أو اللغات التي تستخدم في إجراءات تسوية المنازعات وكان نظر النزاع أمام الغرفة قد تـم وفق لأحكام هذا الفصل كانت اللغة العربية هي اللغة التي تستخدم في هذه الإجراءات".

3- قواعد مركز التحكيم التابع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية:

     إذا لم يتفق الخصوم على لغة التحكيم، اعتمدت اللغة التي صدر فيها اتفاق التحكيم. ويجوز للمحكمين الخروج عن هذه القواعد مع مراعاة ملاحظات الخصوم وظروف التحكـيم. وإذا مـا قدمت مستندات محررة بغير لغة التحكيم، فللمحكمين طلب إرفاقها بترجمة كلية أو جزئية إلى لغة التحكيم.(م 40).

4- لائحة محكمة لندن للتحكيم الدولي:

    نصت اللائحة، على أنه إذا لم يتفق الأطراف على غير ذلك، فتستخدم اللغة التي تمت بهـا صياغة اتفاق التحكيم (م. 8).

5- نظام غرفة التجارة الدولية بباريس:

جعل عبء تحديد اللغة للمحكم، حين نصت المادة (15/3) على أن يحـد المحكـم اللغـة المستعملة مع مراعاة الظروف وخاصة لغة العقد.

6- نظام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي:

    ينص نظام تحكيم مركز القاهرة على استخدام اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو العربية تبعـاً لاتفاق الأطراف أو قرار هيئة التحكيم (م. 20).

7- المركز اليمني للتوفيق والتحكيم:

     بينت المادة (34/1) من نظام تحكيم المركز أن اللغة العربية هي لغة التحكيم ما لـم تتفـق الأطراف أو تقرر الهيئة غير ذلك، آخذة في الاعتبار لغة العقد والأطراف والمستندات والظروف الأخرى المحيطة بالقضية. وأجازت الفقرة الثانية من هذه المادة لهيئة التحكيم أن تقرر الاستماع إلى أقوال أي من الأطراف أو الشهود أو الخبراء الذين يجهلـون لغـة التحكـيم بلغـة أخـرى بالاستعانة بمترجم بعد أدائه اليمين أمام الهيئة.

    ونلاحظ في قواعد مؤسسات التحكيم التي عرضناها تتباين مواقفها بـشأن موضـوع لغـة التحكيم، ففي حين أعطى قانون تحكيم مركز دبي العالمي للأطراف حرية الإتفاق على اللغـة أو اللغات المستخدمة إلا أنه في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق فإن تحديـد اللغـة يكـون مـن اختصاص الهيئة ما لم ينص على خلاف ذلك ومن ذلك تفويض الأمر لجهة أخرى ومـن ذلـك مركز دبي بذاته.

     أما غرفة البحرين لتسوية المنازعات فقد منحت الأطراف الحق في تحديد اللغة المستخدمة، لكن في حالة عدم الإتفاق على اللغة فقد أوجب قانون الغرفة وبشكل صـريح أن تكـون اللغـة العربية هي اللغة المستخدمة في الإجراءات.

    أما قواعد مركز التحكيم التابع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية فقد أسندت الأمر لأطـراف الخصومة وفي حالة عدم الإتفاق، هيئة التحكيم هي من يقرر ذلك ولكن جعلت الأمر مرتبطاً بلغة العقد، أما إذا ارتأت الهيئة لغة أخرى فإن القواعد توجب إخضاع الأمر لمشاورة الأطراف.

    أما لائحة محكمة لندن للتحكيم الدولي فقد اعتبرت أنه في حالة عدم اتفاق الأطـراف علـى اللغة، فتكون لغة اتفاق التحكيم هي اللغة المستخدمة في الإجراءات.

    من ناحية أخرى نجد أن نظام غرفة التجارة الدولية بباريس قد نص على أن هيئة التحكيم هي من يقرر تحديد اللغة.

   بالمقابل نجد أن نظام مركز تحكيم القاهرة ينص على استخدام اللغات الإنجليزية أو الفرنسية أو العربية تبعاً لما يحدده الأطراف أو تقرره هيئة التحكيم،

    وختاماُ ، نجد في نظام المركز اليمني للتحكيم أن الأصل هو أن يجري التحكيم باللغة العربية ما لم يكن الأطراف قد اتفقوا على لغة أخرى. أما إذا قررت الهيئة اختيار لغـة غيـر العربيـة فيشترط أن تأخذ في اعتبارها عدداً من الإعتبارات ومن ذلك لغة العقد والأطراف وكل الظروف المحيطة بالنزاع.

المسألة الثالثة: مشكلة لغة التحكيم:

1- لقد لاحظنا من خلال استعراضنا لموضوع لغة التحكيم في القـوانين وقواعـد مؤسـسات التحكيم التي تطرقنا لها أن التعاطي باللغة في هذه القوانين والقواعد تتطابق حينا وتتشابه حيناً لكنها تتقاطع في حين آخر. فإذا كان الأغلب في هذه التشريعات قد أخـضعت الأمـر لمبدأ سلطان الإرادة حين نصت صراحة أو ضمناً بإستخدام اللغة أو اللغات التي يتفق عليها الأطراف وفي حالة عدم الاتفاق يترك الأمر لهيئة التحكيم. (إلى جانب القوانين التي ذكرناها هناك أيضاً قوانين الأردن والكويت والإمارات) إلا أن بعـض هـذه التشريعات (قواعـد مؤسسات التحكيم) نجدها بالمقابل قد أوجبت في حالة عدم اتفاق الأطراف علـى اللغـة أن تكون اللغة العربية هي لغة التحكيم (قانون غرفة البحرين) أو اعتماد اللغة التي صدر فيهـا اتفاق التحكيم (قواعد مركز تحكيم المنظمة العالمية للملكية الفكرية، لائحـة محكمـة لنـدن للتحكيم الدولي) وبعضها جعل عبء تحديد اللغة لهيئة التحكيم مع مر اعاة لغة العقد (غرفـة التجارة الدولية بباريس).

2- على الرغم من أن التحكيم صار في الوقت الراهن من أنسب وأعدل وسائل حل المنازعـات الناجمة عن المعاملات التجارية، وعلى الرغم كذلك من أن الحاجة إلى التحكيم تزداد يومـاً عن يوم، إلا أن الملاحظ أن هناك مشكلات مختلفة لا تزال تعترض قضاء التحكيم وعلـى وجه التحديد المرتبط منه في التحكيم الدولي وأن هذه المشكلات والمعوقات بحاجـة إلـى دراسة جادة ومنتظمة من قبل المشتغلين في هذا الميدان.

3- إن إحدى المشكلات التي تطال قضاء التحكيم والتي يتطلب الإعتراف بها ودراستها بـشكل كاف، هي قضية لغة أو لغات الإجراءات المستخدمة في العملية التحكيمة والتي لا تبدو فقط مشكلة ظاهرية بل بإعتبارها حقيقة، فالتحكيم الذي يتسع إنتشار استخدامه في كـل الـدول والقارات يفرض الحاجة – على الأقل – إلى تضييق المساحة في الإختلافات القائمة حـول لغة التحكيم.

4- إن لغة التحكيم والترجمة يمثلان اعتباراً مهماً في صياغة استراتيجيات الأطراف والمحكمين. وغالباً يجب اتخاذ القرارات المتعلقة باللغة والترجمة في كل حالة على حدة، وهناك المزيد من الحالات التي تظهر فيها أوجه قصور إجرائية مزعومة متعلقة باللغة كمـسألة التحكـيم وإجراءات المحكمة التي تلي التحكيم؟.

5- بإعتقادنا في التحكيم الدولي، قد يكون من الأنسب عند اختلاف لغة الأطراف إتاحة الفرصة لكـل طرف، بتقديم مذكراته ومستنداته والتحدث بلغته وفي نفس الوقت اعتماد لغة أخرى تكون لغـة رسمية في إجراءات التحكيم. بطبيعة الحال هذا المعيار سيكون مكلفاً للوقت والجهد وللترجمـة، لكن إذا اعتبرنا أن للغة التحكيم سلطة مؤثرة على سير إجراءات التحكيم نظراً لما تحتويه مـن فكر قانوني وتقاليد قانونية، فإن ذلك يوجب على هيئات التحكيم ليس فقط تحقيق العدالـة فيمـا يقضون به ولكن يدعو أيضاً إلى احترام لغة الأطراف وأن نضع لها كل الإعتبارات.

المسألة الرابعة: من يحدد لغة التحكيم؟

1- على اعتبار أن موضوع لغة التحكيم يعتبر من الموضوعات التي تتسم بالحساسية والتعقيـد، فمن الأفضل دائماً أن تحدد من قبل الأطراف في اتفاق التحكيم، لا أن يتـرك موضـوعها لهيئة التحكيم.

2- ذلك أن تحديد اللغة في العقد التحكيمي يساعد كثيراً في اختيار المحكمين انطلاقاً من أن "لغة التحكيم تأتي بالمحكمين وليس المحكمون هم الذين يأتون بها"، لأن اللغة تحـدد مـن هـو المحكم الذي يمكن أن يكون أنسب للنظر في النزاع. ويرتبط هذا الأمر كذلك بتحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع بحيث تكون اللغة هنا متلائمة مع خيار تحديد القانون المطبق بحيث تكون لغة التحكيم نفس لغة هذا القانون، "بحيث يأتي إلى التحكـيم حقوقيـون قريبون من روح القانون المطبق مطلعون على فقهه والإجتهاد فيه ليس من مجرد ترجمتـه فيعطي القرار التحكيمي حسماً نابعاً من واقع العدل وملائماً لروح الحق وليس حلاً نظرياً".

3- عند تحديد اللغة أو اللغات المستخدمة، فإن هذا الإستخدام لا بد وأن يسري على كل ما يتعلق أثناء إجراءات العملية التحكيمية من تحرير البيانات والمذكرات المكتوبـة أو المرافعـات الشفوية بالإضافة إلى أي مذكرة توجهها الهيئة أو قرار تتخذه أو حكم تصدره. وبـإفتراض أن أساس العلاقة، العقد على سبيل المثال، والمراسلات بشأنها هو باللغة العربيـة، وكـان القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع الذي اتفق عليه الأطراف هو قـانون دولـة عربية والتحكيم يجري على أراضيها، فمن الطبيعي والمنطقي هنا أن تكون اللغة العربيـة هي لغة الإجراءات سواء اتفق بشأنها الأطراف أو حددتها هيئة التحكيم.

4- لكن ماذا لو اتفق الأطراف في الشرط التحكيمي بأن يستخدم كل طرف لغته فـي إجـراءات التحكيم أو قررت الهيئة ذلك؟ هذا أمر متوقع وهو يترتب عليه إلمام هيئة التحكيم بـاللغتين، وبمعنى آخر العقد التحكيمي هنا يأتي بالمحكمين. لكن إذا كان أحد المحكمين لا يستطيع فهم إحدى اللغتين، ففي هذه الحالة سيتوجب أن تكون وثائق التحكيم والدعوى وشهادة الشهود المقدمة بهذه اللغة مترجمة، لكن هذا سيؤدي إلى الإبطاء فـي الإجـراءات وارتفـاع فـي التكاليف بشكل عام. من ناحية أخرى هذه الحالة قد تبرز مشكلة ثانية تتعلـق بلغـة حكـم التحكيم، فهل يصدر الحكم باللغتين أم بلغة واحدة فقط؟ وبأي من اللغتين يجب صدوره؟

5- واستخدام عدة لغات في العملية التحكيمية الواحدة قد يكون في بعض الأحوال الحل الذي لا مفر منه، لأن ذلك قد يتيح لمحكمة التحكيم التغلب على المشكلات التي تنشأ في وقت يخفق الأطراف فيه إلى اختيار لغة واحدة للتحكيم، وهذه المشكلة تظهر عادة في التحكيم التجاري الدولي عندما يكون الأطراف منتمين إلى دول مختلفة ولا تجمعهم لغة واحدة.

6- ومن يتولى تحديد لغة التحكيم سواء الأطراف أو هيئة التحكيم، لا شك أنه أيضاً من يتـولى التعديل، فإذا كانت الهيئة من حدد ذلك وقدم الأطراف أثناء الإجراءات مستندات بلغة غيـر اللغة المحددة للإستخدام في التحكيم فإنه يحق للهيئة في هذه الحالة أن تأمر بإرفاق ترجمـة لتلك المستندات إلى لغة التحكيم، كذلك للهيئة في حالة تعدد لغات التحكيم أن تقصر الترجمة على لغة واحدة فقط.

7- وعندما يناط بالهيئة تحديد واختيار لغة التحكيم لا شك أن الأمر يستدعي منها مراعاة عـدد من المعايير والظروف المحيطة التي تتصل بعدد من الأمور مثل اللغة المستخدمة في العقد محل الخلاف، ولغة اتفاق التحكيم، ولغة القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع الذي اختاره الأطراف، ولغة قانون الإجراءات ومكان التحكيم والبلد الذي يفترض أن يتم فيه تنفيذ حكم التحكيم. لكن قبل كل هذا نعتقد أنه يفترض بالهيئة اعاة ملاحظات الخصوم.

المسألة الخامسة: اللغة في قواعد تحكيم يونسترال:

1- بصفة عامة قواعد تحكيم يونسترال تعطي الأطراف الحرية في اختيار القانون المطبق وهي بذلك تكرس مبدأ سلطان الإرادة على قانون الإجراءات منتهجة بذلك نهج اتفاقية نيويورك لعام 1958م. وقواعد يونسترال تفرق بين القانون المطبق على موضوع النـزاع والقـانـون المطبق على إجراءات التحكيم. وتشير إلى أنه في حالة تناقض القواعد أو قانون إجـراءات التحكيم مع أي قاعدة عامة في القانون المطبق على موضوع النزاع فإنه وفي هذه الحالـة القانون المطبق.

2- أما موضوع اللغة المستخدمة في التحكيم، فقد بينته المادة (17) من الفصل الثالث من قواعد تحكيم اليوسنترال الخاص بـ " إجراءات التحكيم" حيث نصت هذه المادة على التالي:

1. مع مراعاة ما قد يتفق عليه الطرفان، تبادر هيئة التحكيم إثر تشكيلها إلى تعيين اللغة أو اللغات التي تستخدم في الإجراءات. ويسري هذا التعيين على بيان الدعوى وبيان الدفاع وكل بيان مكتوب آخر. كما يسري على اللغة أو اللغات التي تستخدم في جلسات سماع المرافعات الشفوية إن عقدت مثل هذه الجلسات.

2. لهيئة التحكيم أن تأمر بأن ترفق بالوثائق التي تقدم بلغاتها الأصلية مع بيان الـدعوى أو بيان الدفاع وبالوثائق أو المستندات التكميلية التي تقدم أثناء الإجراءات، ترجمـة إلـى اللغة أو اللغات التي اتفق عليها الطرفان أو عينتها هيئة التحكيم.

3- وفي مشروع التعديل لقواعد تحكيم يونسترال أصبح رقم هذه المادة (19) والنص فـي المشروع الجديد مستنسخ من صيغة المادة (17) في قواعد 1976 حيث لم يجر عليـه أي تعديل وأقره الفريق العامل من حيث المضمون في دورته التاسعة والأربعين كمـا هو .

4- إذا كنا نعتبر أن قواعد تحكيم يونسترال، أصبحت بمثابة "صك دولي" وأساسي في الوقت الراهن نظراً لإستخدامها وعلى نطاق واسع في التحكيم التجاري الدولي، والذي تجلـى ليس فقط في اعتماد هذه القواعد من قبل عدد من مراكز ومؤسسات التحكيم، بل لإنتشار استخدامها في التحكيمات الخاصة (ad hoc) في مختلف الدول والأنظمة، فإن الحاجـة بإعتقادنا كانت تستدعي ما دام وأنه يجري تطوير هذه القواعد في الوقت الراهن بعـد عاماً، أن يشمل هذا التطوير جميع النصوص دون استثناء وبما يتماشى والتطور المتسارع الذي حدث في ميادين التحكيم التجاري الدولي خلال الثلاثين العـام التـي مضت، بما في ذلك النصوص المرتبطة بلغة التحكيم والتي لم تمس في التعديلات التي تمت مؤخراً من قبل الفريق العامل.  

5- إن بقاء نص المادة (17) في قواعد يونسترال كما هي عليه دون تعديل، يثير الكثير من الإشكاليات والإستفسارات والتي لا نعتقد أن الفريق العامل الذي أجرى التعديلات على القواعد قد أغفل مناقشتها ومن بين هذه الإشكاليات:-

المسألة الأولى: من يحدد لغة التحكيم ابتداء. هل من المستحسن تحديد اللغة المستخدمة يكون مناطاً بالأطراف وحدهم؟ أم أن الأمر لا يختلف سواء حددت اللغـة مـن قبـل الأطراف أو من قبل هيئة التحكيم ؟

المسألة الثانية : في حالة أن ترك الأطراف عبء موضوع اللغة لهيئة التحكـيم، فهـل المسألة هنا ينظر لها بإعتبارها موضوعية تتطلب قراراً من الهيئة بأغلبية أعضائها؟ أم أنها إجرائية ويمكن أن يتخذ بشأنها قرار من رئيس الهيئة وحده؟ وهل قراره هنا نهائی أم قابل للمراجعة؟

المسألة الثالثة : عندما يترك أمر تحديد اللغة للهيئة، هل يستدعي الأمر منها مراجعـة الأطراف واستشارتهم قبل تقرير لغة أو لغات التحكيم؟ اتساقاً لما هو قائم فـي قواعـد بعض المؤسسات التحكيمية.

المسألة الرابعة : على ماذا تستند هيئة التحكيم في تحديدها للغة؟ هـل علـى القـانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع أو على القانون المطبق على الإجراءات؟ أو على لغة العقد التحكيمي؟

6- هذه المسائل أو الإشكاليات المرتبطة بلغة التحكيم في قواعد تحكيم يونسترال والتي حتماً تبرز في قضايا ومنازعات التحكيم التجاري الدولي نعتقد أنها تتطلب المناقشة والبحـث الجاد ليس فقط في هذا الملتقى الدولي الهام، بل في اعتقادنا تتطلب أيضاً مـن الفريـق العامل المعني بتنقيح قواعد تحكيم يونسترال إعادة النظر في هذا الأمر وبأن لا يبقـى الوضع على ما هو عليه. وبحيث تدرس الخيارات والبدائل المختلفة عند تنقيح القواعـد وبحيث تتأسس دراسة الموضوع على جوانب عدة مثل لغة العقد ولغة القانون الواجـب التطبيق ولغة القانون الإجرائي وما إذا كان الأمر يتطلب من الهيئة عندما يترك لهـا عبء تحديد اللغة – الرجوع للأطراف لأخذ ملاحظاتهم، بالإضافة إلى ذلك نعتقد أن من الأنسب تضييق مساحة استخدام أكثر من لغة في العملية التحكيمية الواحدة خاصة فـي القرارات والأحكام التي تصدرها عادة هيئات التحكيم.

المسألة السادسة: أهمية قانونية وثقافية لغة التحكيم:

1- نعتقد أن لغة التحكيم موضوع بالغ الأهمية والأثر، وأهميته تتجسد في عدد من الجوانب ليس فقط قانونية ونفسية بل وتمتد إلى نواح أخرى فكرية وثقافية وحضارية أيضاً، مما يعني لا يمكن المرور في موضوع اللغة مرور الكرام وتحديداً عندما يترك أمر تحديـدها لهيئـة التحكيم.

2- والمسألة هنا ترتبط بالمعايير التي تعتمدها هيئة التحكيم وهي بصدد اختيار اللغة هل يكـون الإعتماد هنا على لغة العقد أو لغة القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع؟ أم علـى قانون الإجراءات؟

3- هناك حالات تحكيم دولي كثيرة تعتمد معيار لغة العقد محل النزاع، واعتماد هـذا المعيـار ربما بحاجة إلى مراجعة، ذلك أن لغة العقد أحياناً لا توفر العدالة وفي بعـض حالاتهـا لا تكون مقنعة وبالذات عندما تكون لغة العقد تختلف عن لغة أو لغات أطرافه، ويـصادف أن الأطراف أحياناً تختار لغة العقد (لغة ثالثة) لأمر تمليه الضرورة خاصة عندما يجهل كـل طرف لغة الآخر. ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الأطراف هنا قد تخلوا عـن أي ارتباط بهوياتهم الثقافية واللغوية وإنما جسدوا إرادتهم وتوافقوا علـى تفـويض سـلطة واختيار إجراءات تحكيمية تضمن لهم تحقيق العدالة أو تقريبها وفي نفس الوقـت تحتـرم هوياتهم الثقافية.