الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / لغة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / لغة التحكيم وفقا لقواعد اليونسترال (Uncitral) لعام 1976

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    505

التفاصيل طباعة نسخ

    ان تحديد مهلة لإصدار الحكم التحكيمي يعتبر من العناصر الأساسية التي يجب توفرها  معظم نظم التحكيم العالمية. لأن هذه المهلة تمثل القيد الزمني الذي يترتب على الهيئـة إصـدار قرارها قبل انتهائه، خاصة وان تحديدها يحقق احدى المزايا الأساسية في التحكيم وهي سـرعة الحسم بعيدا عن قواعد التقاضي امام المحاكم، والتي لا تخضع لأي مهل.

   والأصل ان تحديد هذه المهلة، يتم من قبل الأطراف من خلال اتفاق التحكيم، كما انهم قـد يفوضون امرهم إلى قواعد معينة كاليونسترال مثلا فيكونون بذلك قد توافقوا على اعتمـاد هـذه القواعد مرجعاً.

    لكن قواعد اليونسترال جاءت خلواً من تحديد آية مهلة للهيئة مـن اجـل اصـدار حكمهـا التحكيمي. وبالتالي يعود لإجتهاد الهيئة، في كل مرة، تحديد مهلة حسم النـزاع بحـسب نوعـه وحجمه.

    والسؤال هو: هل تنفرد قواعد اليونسترال بإغفال تحديد مهلة التحكيم؟

    الجواب: هو ان هناك انظمة وقواعد اخرى تترك للهيئة تحديد المهلة إذا أغفلها الأطـراف ولم تحدد مهلة لإصدار الحكم. وفي مجال استعراض أمثلة عن هذه الأنظمة، يمكن ذكر:

- نظام LCIA محكمة لندن للتحكيم.  

- نظام A.A.A الهيئة الأمريكية للتحكيم.

- نظام CRCICA مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي.

    وبالمقابل نجد امثلة عن انظمة حددت مهلاً لصدور الحكم التحكيمي كما في:

- نظام غرفة التجارة الدولية /م24/ من لائحة التحكيم، التي حددت المهلة بستة أشـهر، كما أعطت الحق للمحكمة بتمديد هذه المهلة في حال طلب هذا التمديد من قبل الهيئة، علـى ان يكون المطلب مبنياً على اسباب معقولة. ولها من لدنها ان تمدد المهلة إذا رأت ضرورة لذلك.

- كما أن قانون المرافعات الفرنسي (م1456)، حدد مهلة ستة أشـهـر لـصدور الحكـم التحكيمي.

    وبطبيعة الحال يرجع الى أي من هذه الأنظمة في حال اتفاق الأطراف على اعتماده مرجعاً، ويعتبر ذلك ملزماً تطبيقاً لمبدأ سلطان الإرادة.

المهل في قواعد اليونسترال:

    الملاحظ، ان قواعد اليونسترال، رسمت خطا للإجراءات منذ تقديم الطلب، وبموجـب هـذا الخط حددت مهلاً محددة.

- فالمادة /18/ من القواعد تركت للهيئة تحديد مهلة لتقديم بيان الدعوى.

- وكذلك المادة /19/ فيما يتعلق بالرد على بيان الدعوى.

- كما ان المادة /22/ اعطت الهيئة الحق في تحديد ميعاد لتقديم البيانات الإضافية .

- وكذلك المادة /24/ اعطت للهيئة الحق في تحديد مهلة لتقديم الطـرفين ملخـصـاً عـن الوثائق وأدلة الإثبات الأخرى.

   وهذا يبين محورين أساسيين:

-   الأول فيهما ان الهيئة اعطت لنفسها سلطاناً واسعاً لتحديد حرية الأطراف فـي تبــادل الدفوع، وحددت مهلاً لذلك.

-   اما المحور الثاني فهو السلطان الواسع الممنوح لها بالتحرر من أية مهلـة لاستصدار الحكم التحكيمي.

-   وإذا كان هناك من يؤسس سلطة تحرير الهيئة من المهلة، على أساس السلطان الواسـع والثقة الكبيرة الممنوحة من الأطراف، الذين هم مصدر تلك السلطة، إلا أن الهيئة عادت وقيـدت مصدر تلك السلطة ذاته بتحديد المهل التي ألمعنا إليها في المواد (18 – 19 – 22 – 24) مـن القواعد.

    وإنه، وإن كانت الإجراءات التحكيمية وسيرها بنجاح تستدعي ضبط اطراف النزاع بمهـل ومواعيد محددة. وذلك حق طبيعي للهيئة، لكن من حق الأطراف ذاتهم ان يحددوا الهيئة بمهلة لا بد خلالها ان يصدر الحكم التحكيمي.

القانون النموذج لعام 1985:

    على ما يبدو ان اللجنة القانونية للجمعية العامة المتحدة – واضعة القــانون النمـوذج لـعـام 1985 (Model Law) – بتأكيدها عدم تحديد مهل في القانون- انما اكدت ان تجاوز هذا المبدأ كان عن قصد، ذلك القصد المبني – كما أسلفنا – على تفويض الأطراف للهيئة.

    كما ان القانون لم يرتب جزاء على الخروج او تجاوز مهلة حددها الأطـراف، بـداعي ان ترتيب هذا الجزاء كإنهاء التحكيم قد يخلق مشاكل اضافية، تحول دون الوصول إلى حسم النزاع بين الأطراف، وبذلك يمكن القول ان الضمانة الوحيدة فيما يتعلق بإطلاق يد الهيئة بالنسبة للمدة، انه يمكن لأي من الطرفين انهاء التحكيم سنداً للمادتين /13/ من القواعد و/14/ من القانون حتى ان المادة /13/ من القواعد لم تأت على انهاء المهمة بشكل صريح بل جاءت على رد المحكمين وتبديلهم في حال الوفاة او عدم قيام المحكم بمهمته. لذلك برأينا انها ضمانة غير كافيـة، لأنهـا متروكة لإرادة أي من الطرفين، وقد تستخدم من أي منهما لتعطيل التحكيم، وهذا سـلاح خطـر غير مأمون العواقب، بينما لا يستطيع أي منهما ممارسة هذا الحق في حالة معاكسة قبل انتهـاء المهلة التي حددت للهيئة.

مفاضلة بين الآراء :

  في هذا الأمر (تحديد المهلة) يتناهب المسألة رأيان:

   الرأي الأول: يقول بعدم وجود دواع لتحديد المهلة، ذلك لأن الأطراف بمحـض إرادتهـم اختاروا الهيئة بكفاءة عالية وثقة غالية، ومحض هذه الثقة يعني أنهم تركوا لها المجـال لـحـسم النزاع خلال المهلة التي تقدرها. وهي ممنوحة هذه الثقة لأن المهلة لا يمكن أن تكـون واحـدة  بالنسبة لجميع القضايا مهما كان حجمها، والهيئة هي التي تقدر هذه المهلة بحسب ظـروف كـل قضية. والثقة والكفاءة تحولان دون استبداد الهيئة بالهامش الممنوح لها في تحديد المدة.

    اما الرأي الثاني: فيقول بأن السلطان الواسع الممنوح للهيئة بإرادة الأطراف وتفويض منهم، لا يبرر انعتاقها من الفصل في الموضوع خلال مدة معينة، خاصة وأنها منحت بعدا واسعاً فـي تحديد سير الإجراءات والمهل المعطاة للأطراف خلالها.

    والأمر الآخر، هو ان تحديد الهيئة بمهلة محددة لا ينال من الثقة بهذه الهيئـة. ومـن حـق الأطراف وقد اعتمدوا التحكيم وسيلة لحل النزاع ان يحددوا للهيئة مهلة لحسم النزاع لا سيما وأن ا سرعة الحسم تعتبر أحد العناصر الأساسية التي ترتكز عليها مسيرة التحكيم.

    وبالإضافة لذلك، فإن لتحديد المهلة أثراً كبيراً في مسلك الهيئة ومن خلال هذا البعـد تتقي الهيئة بتحديد المواعيد للأطراف بما يتلاءم مع المهلة.

   ولا بأس في ان تعطى الهيئة الحق في مد أجل اصدار الحكم إذا كان لذلك اسباب كما هـو الأمر في كثير من القوانين التي نعدد منها: القـانـون المـصري (م45/1) والقـانـون الـسـوري (م37/2)-بالإضافة لنظام غرفة التجارة الدولية. وذلك خير – من وجهة نظرنا – من ان تبقـى الهيئة مطلقة اليد دون تحديد مهلة.

    لذلك فإننا نتبنى الرأي الثاني، ونرى ان لا بأس من تضمين القواعد نـصاً بتحديـد مهلـة لإصدار الحكم التحكيمي.