الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / لغة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / لغة التحكيم وفقا لقواعد اليونسترال (Uncitral) لعام 1976

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    499

التفاصيل طباعة نسخ

   تعتبر لغة التحكيم من العناصر الأساسية التي لا بد من تحديدها في اتفاق التحكيم. كما انهـا تحتل اهمية كبيرة بالنسبة للعملية التحكيمية.

وذلك للإعتبارات التالية:

1- ان اللغة هي التي تأتي- لحد كبير- بالمحكمين. ذلك لأن اختيار هؤلاء يتوقف على مـدى اجادتهم لغة التحكيم المعتمدة.

2- كما ان للترجمة مساوئها وخاصة في ميدان المنازعات الكبيرة ويعتبر من هذه المساوئ تكبد نفقات كبيرة وهدر وقت زائد.

3- ناهيك عن ان الترجمة تورث في حال عدم الدقة، وجود اخطاء تؤثر بشكل جوهري علـى الحكم التحكيمي.

    وقد يضيع بالترجمة كثير من معاني المصطلحات والتعابير والأفكار. ولذلك فـإن مفهومـاً شائعاً مفاده ان أية ترجمة تتضمن قدرا من خيانة النص.

4- ثم ماذا إذا ترك اختيار اللغة للهيئة، واختلف المحكمون فيما بينهم كأن يعتمد رئيس الهيئـة لغة ويتجه المحكمان الآخران الى اعتماد لغة أخرى. حينئذ لا بد من ترجمة كـل البيانـات والمستندات والمحاضر الى اللغة المعتمدة.

    ونظراً لهذه الإعتبارات الهامة وبالرغم من ان جهود الفقهاء والدارسين تولي عناصر اخرى قدراً أكبر من الأهمية كالقانون واجب التطبيق وغيره من عناصر الحكم التحكيمي. الا ان اللغـة تعتبر من العوامل الهامة التي لا يجب ان يغفل عنها الأطراف حـين توقيـع اتفـاق التحكـيم. وبتحديدها بإرادتهم المشتركة تتبدد كثير من احتمالات العوائق امام هيئة التحكيم.

من يحدد اللغة؟

    بطبيعة الحال اطراف التحكيم هم الذين يحددون لغة التحكيم، وقواعد الـ (uncitral) لعـام 1976 اخذت ذلك بعين الاعتبار حين نصت في مطلع المادة 17/1 منها ما يلي:

" 1- مع مراعاة ما قد يتفق عليه الطرفان، تبادر هيئة التحكيم إثر تشكيلها الى تعيين اللغـة او اللغات التي تستخدم في الإجراءات .....".

   ومن مطلع النص يمكن استنباط أن:

- إرادة الأطراف هي التي تسود.

- وأن للهيئة أن تعتمد أكثر من لغة سواء باتفاق الأطراف أو بقرار منها.

   وتزداد صعوبة الحالة إذا ما واكبنا تطور النزاعات وتعدد الأطراف فـي عقـود الأشـغال الدولية ولاسيما في التحكيم متعدد الأطراف.

    لذلك يعتبر من الخطأ والزلل ان يغفل الطرفان عن تحديد اللغة ظناً منهم ان مـن بـديهيات الأمر انها لغة العقد. مع ان التجربة العملية أثبتت ان للهيئة ان تعتمد – مثلاً علـى الرسـائل المتبادلة واللاحقة للعقد والتي قد تكون بلغة أخرى.

    وجدير بالذكر ان من الخير استفاضة القواعد في بند اللغة وهو امر مفضل علـى الـصيغة المقتضبة التي جاءت عليها المادة /16/ من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية كما يلـي: "تحـدد محكمة التحكيم، ما لم يوجد اتفاق مخالف، لغة او لغات التحكيم، آخذة بعين الاعتبـار جميـع الظروف ذات الصلة، بما فيها لغة العقد".

   وقـد كـانـت المـادة /17/ من القواعـد اكثر استفاضة، ومع ذلك قـد يعتريهـا بعـض

النقص.

    ولا بد من التنويه ان المادة 24/1-2 من قانون التحكيم السوري اوجبت ان يجري التحكـيم باللغة العربية وكذلك المادة /29/ من قانون التحكيم المصري رقم/27/ لعام 1994 والتي اخذت من قواعد الـ (uncitral) معظم احكامها. كلها سارت في ذات المنحى.

   إذ جاء في المادة /24/ من القانون السوري رقم /4/ لعام2008.

   " يجري التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك. او تقرر هيئة التحكيم لغة او لغات أخرى، ويسري حكم........ "

    وعلى مثال ذلك جاءت المادة /29/ مصري وقد تزيد القانون السوري في المادة 42/4 منه، التي جاء نصها كما يلى:

   يصدر حكم التحكيم بلغة التحكيم: وهذا يعني – طبعاً – باللغة العربية ما لم يتفق الأطـراف على خلاف ذلك.

    ومن الملاحظ ان بعض المؤسسات التحكيمية الدولية تهمـل دور اللغـة العربيـة مـع ان المتحدثين بالعربية يعادلون ما يزيد عن 5% من سكان المعمورة، اما حجم الإستثمار والمشاريع والنزاعات التي تنشأ في الدول العربية او تعد هذه الدول طرفا فيها أكثر من ذلك بكثيـر. وقـد تكون هناك مشقة في صدور الحكم باللغة العربية في حين ان العقد والمراسلات بلغة اخرى غير العربية، إلا ان هذا ممكن ولا بد من وضعه بعين الاعتبار.

كيف يتم تحديد اللغة:

    ان اساس تحديد اللغة هو إرادة الأطراف، ويعتبر المؤشر الرئيسي لتوجـه هـذه الإرادة (العقد). فالأطراف الذين يبرمون عقدا فيما بينهم إنما يتفقون على لغـة محـددة تلتقـي عليهـا الإرادات من اجل تنفيذ العقد وحسم النزاعات التي تنشأ عنه. ولذلك قد يغفلون عن تحديد اللغـة إيمانا منهم ان لغة العقد هي المعتمدة وان ذلك من بديهيات الأمر.

   لكن العقد قد يبرم بأكثر من لغة، وفي غالب الأحيان يشار في هذه الحالة، انه في حال تباين فهم النص يرجع إلى إحدى اللغتين.

   وقد يكون هناك اتفاق على استخدام كل طرف لغته.

    ويشق الأمر إذا ما توافق الأطراف او اعتمدت الهيئة في حال عدم توافق الأطراف قانونـاً واجب التطبيق لغته غير لغة العقد. ولهذا ايضاً أثر كبير في اختيار المحكمين. لأن مـن طبيعـة الأمور ان الدراية باللغة تساعد على تفهم روح القانون، وعلى التعرف على جميع جوانب الفقـه والإجتهاد المتعلقة بهذا القانون. وهذا امر يعتبر من الأهمية بمكان نظراً لتوجه ارادة الطرفين الى تطبيق أحكام القانون. وكذلك يكون الأمر في حال تفويض امرهم لهيئة التحكيم.

    وفي سبيل الحد من إطلاق السلطة الممنوحة للهيئة في تحديد اللغة، فقد خلـق توجـه فـي مؤتمر مناقشات (uncitral) المعقود في فيينا، حول امكانية أن تستشير الهيئة الأطراف قبـل ان تحدد اللغة او اللغات كما هو الحال في:

- الجمعية الأمريكية للتحكيم (A.A.A) American Arbitration Association) (م14).

-  ونظام محكمة لندن للتحكيم (LCiA) م17/3.

- ونظام (Wipo) للمصالحة والتحكيم (م40).

  وفي معرض إثارة افتراض ممكن الحدوث، يمكن طرح السؤال التالي:

   ماذا إذا لم يتفق الطرفان على تحديد اللغة كما ان اعضاء الهيئة لم يتفقوا على اختيارها؟ نصت المادة 31/2 من القواعد على ما يلي:

   ((2- فيما يتعلق بمسائل الإجراءات، يجوز ان يصدر القرار من المحكم الرئيسي وحده إذا لم تتوافر الأغلبية او اجازت هيئة التحكيم ذلك، ويكون هذا القرار قابلا لإعادة النظر مـن قبـل هيئة التحكيم إذا قدم اليها مثل هذا الطلب)).

    وبطبيعة الحال يعتبر تحديد اللغة مسألة اجرائية تحددها الهيئة فـي حـال عـدم اتفـاق الأطراف.

     فكيف يمكن الخروج من مأزق كهذا إذا لم يصادف قرار رئيس الهيئة بإعتماد لغـة معينـة موافقة بقية اعضاء الهيئة، وهل يكون لذلك أثر على استمرار إجراءات التحكيم وصدور القـرار التحكيمي؟

وهل تستدعي الإجابة على هذا السؤال، العودة إلى الأطراف، ام الى سلطة التعيين؟

خلاصة الأمر:

   ان المشكلة الأساسية تثور في حال التباين بين لغة العقد، ولغة القانون المعتمـد الواجـب التطبيق. هذه حالة تستدعي اخذ لغة القانون واجب التطبيق بعين الاعتبار. خاصة في حال عـدم اتفاق الأطراف على تحديد اللغة الواجبة الاعتماد. لذلك قد يكون مفيداً تبني ما ذهب إليه بعـض رجال القانون ومنهم (الدكتور الأحدب) بتعديل نص المادة /17/ لتصبح كما يلي:

    "مع مراعاة ما يتفق عليه الطرفان، تبادر هيئة التحكيم إثر تشكيلها الـى تعيـين اللغـة او اللغات التي تستخدم في الإجراءات ومراعاة لغة القانون المطبق على التحكيم إذا حدد في اتفـاق التحكيم. ويسري هذا التعيين على بيان الدعوى وبيان الدفاع وكل بيان مكتوب آخر".

     (الدكتور عبد الحميد الأحدب – من مقال اتجاهات تعديل قواعد اليونسترال في ضوء متطلبات الممارسين، منشور في مجلة التحكيم العربي - العدد 10 – ص23).

   ونحن إذ نتبنى هذا الاقتراح، نأمل أن يسهم ذلك في تجفيف البؤر التي قد تـورث بعـض النزاعات المتعلقة باللغة.