اجراءات خصومة التحكيم / مكان التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في منازعات التجارة الدولية لدول الخليج العربي / ضوابط التحديد الاتفاقي لمكان التحكيم
بما أن لأطراف النزاع الحق في اختيار وتحديد مكان التحكيم حسب سلطان الإرادة لقضاء التحكيم فأنه يتعين عليهم عدم الإفراط في ذلك الحق ويجب عليهم الالتزام المعقول والمقبول في اختيارهم مكان التحكيم وذلك مراعاة منهم للاعتبارات النفسية التي تحيط بعملية التحكيم.
وعند تحديد الأطراف مكان التحكيم يتوجب عليهم :
أنه في حالة التحكيم الذي يجري تحت مظلة مركز تنظيم دائم وحيث تعترف لائحة إجراءاته بحق الأطراف في اختيار مكان التحكيم فإنه غالبًا ما يلزم أن توافق أو تصادق الهيئة الإدارية لذلك المركز على ذلك الاختيار استنادًا إلى حسن إدارة عمليــة التحكيم والتنسيق بين أجهزة المركز وهيئة التحكيم . وهذا ما جاء في لائحة إجراءات التحكيم لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لعام 1994م، الذي نصت المادة 26 منه على أنه : ( يجوز للهيئة وبعد التشاور مع الأطراف أن تعقد بعض جلساتها واجتماعاتها في أي مكان تراه ملائما ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك ).
كما نصت عليه المادة (11) من اتفاقيه عمان العربية للتحكيم التجاري لعام 1987 على أن : (تجري إجراءات التحكيم في مقر المركز إلا إذا اتفق الطرفان على إجراءها في دولة أخرى توافق عليها الهيئة بعد التشاور مع المكتب)
التحديد الاتفاقي لمكان التحكيم
ففي حال كان التحكيم مثلا داخل الإمارات فإنه يطبق أحكام قانون التحكيم الإماراتي حيث يسري على ذلك التحكيم سواء كان أطرافه من أشخاص القانون العام أو الخاص أي كان تلك العلاقة القانونية الذي يدور حولها النزاع كما يسري أحكامه على التحكيم التجاري الدولي في الخارج إذا اتفق على إخضاعه لهذا القانون شريطة عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في دولة الإمارات كما نصت عليه المادة (2) من مشروع القانون الاتحادي حيث نصت على عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفا فيها أو من ضمه إليها تسري أحكام هذا القانون على -1- كل تحكيم تجاري دولي يجري في الخارج يتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون.
وهذا ما تنص عليه قوانين التحكيم والتشريعات في دول الخليج العربية ومراكزها الداخلية ومن هذه القوانين التحكيمية : نظام التحكيم السعودي الجديد لعام 1433هـ الذي نصت المادة (28) منه على أن لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في المملكة أو خارجها فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى وملاءمة المكان الطرفيها ، ولا يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم في أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبًا للمداولة بين أعضائها ولسماع أقوال الشهود أو الخبراء أو طرفي النزاع أو لمعاينة محل النزاع أو لفحص المستندات أو الاطلاع عليها (1). وكذلك قانون التحكيم التجاري الدولي البحريني لعام 1994م، الذي نصت المادة (1/21) منه على أن: (للطرفين حرية الاتفاق على مكان التحكيم ، فإذا لم يتفقا على ذلك تولت هيئة التحكيم تعيين هذا المكان على أن تأخذ في الاعتبار ظروف القضية بما في ذلك العمل على راحـــة الطرفين ).
كما نص قانون التحكيم العماني في المادة (28) منه على أن: 1- لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في سلطنة عمان أو خارجها فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئــة التحكيم مكان التحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى وملاءمة المكان لأطرافها. 2- ولا يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم في أن تجتمع في أي مكان تــــراه مناسبًا للقيـــام بإجراءات من إجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الاطلاع على مستندات أو معاينة أو أموال أو إجراء مداولة بين أعضائها أو غير ذلك ). وهذا ما سارت عليه جميع قوانين التحكيم العربية والأجنبية ومنها على سبيل المثال: قانون التحكيم الأردني في المادة (16) ، وكذلك نصت المادة (1/20) من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، لعام 1985م، على (للطرفين حرية الاتفاق على مكان التحكيم فإن لم يتفقا على ذلك تولت هيئة التحكـ تعيين هذا المكان على أن تؤخذ في الاعتبار ظروف القضية ..) .
ويتضح مما سبق أن إجراءات التحكيم التي نص عليها نظام التحكيم السعودي الجديد لعام 1433هـ ، لهو دليل على أن النظام بما جاء عليه من أحكام إنما استقى أفضل هذه الأحكام من الأنظمة العربية المشابهة وقانون (uncitral)، فواكب بذلك معظم التشريعات الحديثة في التحكيم .
ولم تقتصر التشريعات الوطنية في الاعتراف بتحديد مكان التحكيم بل امتد ذلك إلى لوائح ومراكز التحكيم المنتظم ومن ذلك : لائحة إجراءات التحكيم لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المادة(6 /أ) والتي تم المصادقة عليها في مدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 1999م، حيث نصت على أن: (تقــوم الهيئة بتحديد مكان التحكيم ما لم يتفق الأطراف على ذلك. وكذلك المادة (20/ أ) مـــن نظام التوفيق والتحكيم التجاري لغرفة تجارة وصناعة دبي لعام 1994م، على أن :(تعقــــد جلسات هيئة التوفيق أو التحكيم في المكان الذي يتفق عليه أطراف النزاع.
كما نص نظام التوفيق والتحكيم لمركز أبوظبي في المادة (17)/1) على أنه: (إذا لم يتفق الأطراف على مكان إجراء التحكيم تعين أن يجرى في إمارة أبوظبي ، ما لم تحدد اللجنـــة مكانا آخر وذلك في وضوء جميع ملابسات وظروف التحكيم وبعد فحص ملاحظات الأطراف ). ونلاحظ بأن هذه المادة قد ألزمت المتخاصمين في حال عدم الاتفاق علــى إجراء التحكيم أن يكون في إمارة أظبي وهذا على خلاف بعض مراكز التحكيم العربيـــة والأجنبية ومنها على سبيل المثال: نظام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري حيــث جاء في المادة (1/16) أنه: (إذا لم يتفق الطرفان على مكان إجراء التحكيم تتولى هيئــة التحكيم تحديد هذا المكان مع مراعاة ظروف التحكيم ).
وكذلك المادة (1/14) من لائحة التحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس لعام 1989م التي نصت على أن تحدد المحكمة مكان التحكيم ما لم يكن الأطراف قد اتفقوا على هذا المكان ).
ولا يلزم الأطراف الاتفاق في تحديد مكان التحكيم في اتفاق التحكيم ذاته كان شرطًا أو مشارطة بل أن لهم الحق القيام بذلك وفي أي وقت .
ويتضح لنا من خلال هذه النصوص الآتي : إن المشرع قد ترك الحرية الكاملة لأطراف النزاع في اختيار وتحديد مكان التحكيم، أما في حال لم يوجد اتفاق لأطراف النزاع في تحديد مكان التحكيم فأن هيئة التحكيم تتولى تعيين المكان التي تراه مناسبًا للتحكيم وذلك مع مراعاة ظروف الدعوى وملاءمة المكان لما يصلح ويناسب ويريح أطراف النزاع.