قررت المادة الثامنة والعشرون في شأن مكان التحكيم أنه: "لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في المملكة أو خارجها، فإن لم يوجد اتفاق عینت هيئة التحكيم مكان التحكيم، مع مراعاة ظروف الدعوى، وملاءمة المكان الطرفيها، ولا يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبا للمداولة بين أعضائها، ولسماع أقوال الشهود، أو الخبراء، أو طرفي النزاع، أو لمعاينة محل النزاع، أو لفحص المستندات، أو الاطلاع عليها".
يقدم اتفاق الطرفين على المكان الذي يجري فيه التحكيم على إرادة هيئة التحكيم، سواء ورد هذا التحديد في شرط التحكيم، أو في مشارطة التحكيم، أو في اتفاق لاحق، سواء كان التحكيم حراً أو مؤسيساً۔
وقد نصت على حق الأطراف في تحديد مكان التحكيم أغلب قوانين التحكيم ولوائح المؤسسات التحكيم.
وترتيباً على ذلك، فقد حكمت الدائرة التجارية السادسة في حكم لها بأنه: "... ولكن، ولتمسك وكيل المدعى عليها بشرط التحكيم المنصوص عليه في المادة رقم (10) من العقد، الذي أرفق وكيل المدعية نسخة منه بلائحة الدعوى، والتي جاء فيها: "في حال نشوب أي نزاع ذي صلة بهذه الاتفاقية، سوف يفصل فيه بواسطة محگم واحد بموجب نظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بمحكمة باريس الدولية للتحكيم - فرنسا"، وبما أن محل التحكيم الذي اختاره الطرفان يقع خارج المملكة العربية السعودية، واستناداً للمادة الثامنة والعشرين من نظام التحكيم رقم (م34) بتاريخ 24/ 5/ 1433 هـ، والتي نصت على أنه: "لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في المملكة أو خارجها، وبعد المداولة والتأمل، و حکمت الدائرة بعدم جواز نظر هذه الدعوى".
ويجب على الأطراف عند اختيار مكان التحكيم مراعاة ظروف الدعوى، وملاءمة المكان لهيئة التحكيم، ولإدارة مركز التحكيم - إن كان التحكيم مؤسسياً . وذلك لحسن إدارة عملية التحكيم.
أما إذا لم يتفق طرفا التحكيم على المكان الذي يجري فيه التحكيم، فإن هيئة التحكيم تتولى تحديده.
وإذا كان التحكيم مؤسسياً، فالأصل أن يكون مكان التحكيم هو المكان الذي يوجد به مقر مؤسسة التحكيم.
وإذا كان التحكيم حراً، فإن هيئة التحكيم تراعي عند تحديد مكان التحكيم ظروف الدعوى)، وجنسية الأطراف، ومدى ملاءمة المكان لهم، فتختار مكاناً قريباً منهم، وقريباً من مكان النزاع لتيسير المعاينة . إن وجدت . وأن تراعي أن يكون البلد مما يسهل دخوله للأجانب من الشهود والخبراء.
فإذا ما حددت هيئة التحكيم المكان، فإن ذلك لا يمنع من إجراء بعض إجراءات التحكيم في غير هذا المكان.
ومن الضروري أن يبحث أطراف التحكيم عن مدى ملاءمة نظام التحكيم في البلد الذي يجري فيه التحكيم؛ من حيث انضمام بلد التحكيم إلى الاتفاقيات الدولية، لا سيما اتفاقية نيويورك، أو اعترافه بالقوة القانونية لشروط أو مشارطة التحكيم، أو مدى تجاوب القضاء لمعاونة هيئة التحكيم، أو مدى تدخل القضاء في الوصاية على التحكيم والتدخل السلبي فيه، أو مدى سهولة الحصول على الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم فيه.
فكلما كانت الدولة التي يجري فيها التحكيم منضمة إلى الاتفاقيات الدولية، وقانون التحكيم فيها يحاكي القانون النموذجي للتحكيم، والقضاء فيها يتدخل إيجابياً في مسيرة التحكيم، ويعاون هيئات التحكيم، كان البلد خياراً أولياً للتحكيم.
وفي المملكة، بالنسبة لاختصاص المحاكم، فقد حدد النظام في المادة الثامنة منه المحكمة المختصة، فإذا كان التحكيم وطنياً، فإن الاختصاص بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، والمسائل التي يحيلها نظام التحكيم للمحكمة المختصة . كما رأينا . فإن الاختصاص یکون معقوداً إلى محكمة الاستئناف المختصة أصلاً بنظر النزاع.
وإذا كان التحكيم تجارياً دولياً، سواء جرى بالمملكة أم خارجها، فيكون الاختصاص المحكمة الاستئناف المختصة أصلاً بنظر النزاع في مدينة الرياض، ما لم يتفق طرفا التحكيم على محكمة استئناف أخرى في المملكة.
وهذه الحرية في اختيار مكان التحكيم نصت عليها أنظمة التحكيم ولوائح مؤسسات التحكيم.