نظرا للأهمية الخاصة والمتفردة لمكان التحكيم في إجراءات التحكيم الدولي ، بما في ذلك في سياق العلاقات المصرفية والمالية ، والتي طالما تم إغفالها وعدم الالتفات إليها ، فان المادة 6 من لائحة إجراءات التحكيم تصبح ، والحال ، جديرة بالملاحظة .
أن النص على مكان التحكيم هو أمر لا غني عنه والسبب في ذلك يتجاوز الرغبة الواضحة في اختيار مكان يتم فيه التحكيم إذا كانت الفرصة متاحة ل هذا الأمر ، وعلة ذلك أن المكان التحكيم تأثيرا مباشرا وحاسما على عدد من الموضوعات الحاسمة في التحكيم .
فأولا : هل ستكون المحاكم الوطنية سواء في مكان التحكيم أو في أي مكان آخر قادرة على القيام بدور إشرافي أو أنها ستتدخل في الإجراءات أو القيام باتخاذ الأوامر الزجرية بناء على طلب من أحد الأطراف او من هيئة التحكيم ؟ وإلى أي مدى وبأية طريقة وبأية سرعة ستكون المحاكم قادرة على لعب هذا الدور وميلها للقيام بذلك في مكان التحكيم المقرر ؟
ثانيا : عند اختيار مكان التحكيم فانه يتعين على من يقوم بصياغة شرط التحكيم ان لا يغفل عن التساؤل عما إذا كانت هناك أية متطلبات إجرائية إلزامية أو أية متطلبات أخرى في مكان التحكيم يتوجب اتباعها في إدارة إجراءات التحكيم ( بما فيها قوانين التقادم المسقط أو انقضاء المواعيد القانونية المقررة أو مؤهلات المحكمين ) . فإذا ما وجدت هذه المتطلبات ، فانه يكون لزاما على من يصيغ شرط التحكيم ان يتحقق من ماهية هذه المتطلبات وكيفية مراعاتها أو التقيد الجزئي بها من خلال السوابق القضائية للمحاكم المحلية م ن حيث تفسيرها وتنفيذها .
ثالثا : أن اختيار المكان في شرط التحكيم يرتبط مباشرة بمسألة موانع تنفيذ الحكم التحكيمي والتي قد توجد بحكم القانون العام في مكان التحكيم المختار ، بما في ذلك عندما يكون طلب التنفيذ في مكان آخر . والتحقق من ذلك يتجاوز مسألة ما إذا كان البلد مكان التحكيم هو إحدى البلدان الموقعة على معاهدة نيويورك .
وأخيرا هناك مسألة أخرى ذات علاقة بالموضوع إلا أنها ليست مماثلة وتكمن في أسس بطلان أو إبطال الحكم التحكيمي الموجودة في مكان التحكيم . لذلك فانه يتعين على المرء أن يقيم كيف أن بعض الاختصاصات القضائية، والتي غالبا ما تكون مكانا للتحكيم يتم فيها إبطال إجراءات التحكيم ( بسبب شهرتها كمكان للتحكيم في المقام الأول ) ، قد قامت منذ عهد قريب بالنظر الإبطال و أبطلت إجراءات التحكيم .
"تجرى إجراءات التحكيم بدولة البحرين إلا إذا اتفق الطرفان على إجرائها في دولة أخرى توافق عليها الهيئة بعد التشاور مع الأمين العام ، ويصدر الحكم في مكان إجراء التحكيم ".
وفيما يتعلق بالأحوال الاستثنائية التي يتعذر معها إجراء التحكيم في مكان التحكيم فان النص الوارد بشأن مكان التحكيم في نظام مركز التحكيم الخليجي ، شأنه في ذلك شأن نظام التحكيم الحالي لغرفة التجارة الدولية، لا يقدم حلا بهذا الخصوص .
وعلاوة على ما سلف بيانه ، يبدو ان ثمة إمكانية ضئيلة لمنح الأطراف فرص كاملة لاتخاذ موقف بشأن إمكانية تغيير مكان التحكيم . وإذا ما حدث ذلك ، فانه عادة ما يتم خطيا وخلال موعد زمني ضيق ، وبمنأى عن الظروف الاستثنائية .