فإذا حدد أطراف اتفاق التحكيم مكان التحكيم سواء في شرط التحكيم أو في مشارطة التحكيم فإنه يجب احترام إرادتهم نظراً للطابع التعاقدى لاتفاق التحكيم، حيث إن سيادة استقلال إرادة الأطراف هي أساس الإجراءات التحكيمية.
والأطراف في تحديدهم لمكان التحكيم قد يحددونه مباشرة كالنص على أن يكون مكان التحكيم لندن أو نيويورك على سبيل المثال، وقد يعهدون بتحكيمهم إلى إحدى مؤسسات التحكيم البحرى أو بموجب إحدى لوائح التحكيم البحرى الحر
فإذا عهد بالتحكيم إلى غرفة التحكيم البحرى بباريس، فإنه - ووفقاً للمادة التاسعة من لائحة تحكيمها - وبعد تسلم السكرتارية لبيانات وتقارير المدعى والمدعى عليه، وبعدما يتم تعيين المحكمين تعلن السكرتارية المحكمين والأطراف بمكان عقد الجلسات .
وإذا عقد التحكيم بموجب لائحة جمعية المحكمين البحريين بنيويورك، فإنه وبمقتضى المادة الثامنة من اللائحة - يكون مكان التحكيم هو مدينة نيويورك في مكان بها مختار بواسطة هيئة التحكيم مالم يتفق الأطراف على مكان آخر
وأخيراً فإن عقد التحكيم بموجب لائحة اليونسترال ١٩٧٦، فإنه وبموجب المادة السادسة عشرة من اللائحة- يتم تعيين مكان التحكيم بواسطة الأطراف
ويراعى عند اختيار مكان التحكيم جملة اعتبارات منها أن يكون قريباً من الخصوم حتى لا يكلفهم الانتقال إليه نفقات كبيرة ،وقريباً من الشهود إذا اقتضى الأمر سماعهم لكيلا يثنيهم بعد مكان التحكيم عن أداء الشهادة، وأن يجري التحكيم في مكان وجود البضاعة إذا تعلق النزاع ببيع بحرى دولي ليسهل معاينتها وفحصها واختيار المكان الذي يكون حكم التحكيم واجب التنفيذ فيه تيسيراً للإجراءات.
كما يراعى في أماكن عقد الجلسات وسائل الراحة للمحكمين وتيسر مساعدتهم عن طريق السكرتارية، وسهولة الاتصالات بينهم وبين الأطراف أو مستشاريهم، وترتيب التسجيل الدقيق للإجراءات وتيسير وجود المترجمين .
والخلاصة في كيفية تحديد مكان التحكيم في الممارسات التحكيمية البحرية هي تحديده بواسطة الأطراف مباشرة أو بالعهود بالتحكيم إلى مركز تحكيم بحرى مؤسسى يجرى التحكيم في مقره ، أو بموجب لائحة تحكيم مركز تحكيم بحرى حر تحدد هذا المكان ، فإرادة الأطراف المشتركة هي مركز الثقل في تحديد مكان التحكيم في الممارسات التحكيمية البحرية .
