مكان التحكيم : لا تخفى أهمية اختيار مكان التحكيم ، سواء بالنسبة لطرفي خصومة التحكـيم أو بالنسبة لهيئة التحكيم ذاتها ، إذ يلقى هذا الاختيار بظلاله على خـصومة التحكيم وحسن سيرها ، وما يسفر عنها من حكم ، ليس فقط من زاوية قرب المكان لطرفي النزاع وهيئة التحكيم والشهود وما قد يستعان بهـم من خبراء الأمر الذي يوفر الكثير من الوقت والنفقات ويؤدي إلى تـتابع الجلـسات وانتظامها وسرعة الفصل في النزاع ؛ وإنما أيضاً من زاوية أكثر أهمية ؛ إذا كان قانون الدولة التي يجرى التحكيم على أرضها هو القانون الواجب التطبيق سواء على موضوع النزاع أو على إجراءات خصومة التحكيم ، مع ما يتعين مراعاته في مثل هذه الأحوال من قواعد تتعلق بالنظام العام بمفهومه المرن ، فضلاً عن أن المكان قد يحدد ما إذا كان الحكم الصادر وطنيـاً أو أجنبياً . لـذا ، يتوخى الأطراف الحرص في تحديدهم لمكان التحكيم تقديرا منهم لعواقب هذا الاختيار . وطـبقا للمـادة ٢٨ من قانون التحكيم المصري لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم سواء في مصر أو في خارجها . فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم مع ضرورة مراعاتهـا في هذه الحالة لظروف الدعوى ، وملائمة المكان لأطرافها
( م ٢۸ ) . وهـو ذات مـا نـصـت علـيه المادة ١/٢٠ من القانون النموذجي . علـى أنـه تجـدر ملاحظـة ؛ أنه سواء تم اختيار المكان باتفاق الخصوم أو عـن طـريق هيئة التحكيم ، فإن ذلك لا يخل بسلطة هيئة التحكـم فـي أن تجتمع في أي مكان تراه مناسباً للقيام بأي إجراء من إجـراءات التحكيم ، كسماع أطراف النزاع أو سماع الشهود أو الخبراء أو الإطـلاع علـى مـستندات أو معاينة بضاعة أو إجراء مداولة بين أعـضائها أو غير ذلك ( م ٢٨ تحكيم ) ، وهو ما نصت عليه أيضاً المادة 16 من قواعد اليونسترال وقد خولت المادة ٢/٢٠ من القانون النموذجي هذه السلطة لهيئة التحكيم ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك