الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / مكان التحكيم / الكتب / قانون التحكيم الإلكتروني / مقر التحكيم

  • الاسم

    د. عبدالمنعم زمزم
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    477
  • رقم الصفحة

    195

التفاصيل طباعة نسخ

- لتحديد مقر التحكيم أهمية لا يمكن إنكارها في تحديد جنسية الحكم، محليا كان أم أجنبيا، لمعرفة الطائفة التي سيخضع لها عند تنفيذه. فالمقرر أن الأحكام الأجنبية يخضع لنظم وقواعد مختلفة عن تلك التي تخضع لها أحكام التحكيم الوطنية حال تنفيذها. وعلى ذلك يغدو «حق الإقليم» المتعارف عليه في مجال تحديد جنسية الشخص الطبيعي أساساً لتحديد جنسية حكم التحكيم، حيث يكتسب هذا الحكم جنسية الدولة التي دار على أرضها التحكيم، أما إذا انعقد التحكيم المؤسسي مثلا في دولة ما مع اتفاق أطرافه على اعتبار دولة أخرى مقرا للتحكيم، فإن حق الإقليم لا يصلح لتبرير اكتساب الحكم الجنسية الدولة الأخيرة؛ لأن التحكيم لم يجر على أراضيها، وإنما يعتبر وكانه قد تم على أراضيها.

مقر التحكيم الالكتروني:

ودون خوض في كثير من التفصيلات، وباستطلاع نص المادة ۱۳ من تنظيم محكمة القضاء نجد أنها تقضي بأنه:

«(۱) يكتسب مقر التحكيم وفقاً لأحكام هذا التنظيم نفس المفهوم القانوني لمقر التحكيم العادي. ولا يتطلب هذا المفهوم ضرورة جلوس المحكم في مكان معين في أي مرحلة من مراحل التحكيم.

(۲) يجوز للسكرتارية، قبل تشكيل هيئة التحكيم، وبناء على طلب أحد الأطراف أن تحدد مؤقتا مقر التحكيم.

(۳) تحدد هيئة التحكيم المقر مع الأخذ في الاعتبار ظروف الدعوى ورغبات الأطراف». والواقع أن هذا النص يتضمن تفصیلات عديدة لا يمكن تجاهلها:

أولاً: بدا النص واضحة في تحديد المفهوم القانوني لمقر التحكيم الإلكتروني مؤكدا أن هذا المفهوم لا يختلف عن ذلك المفهوم الذي يكتسبه في التحكيم التقليدي. فاختلاف الوسيلة بين التحكيمين التقليدي والإلكتروني لا يؤثر - ولا يجب أن يؤثر - على المفهوم القانوني لمقر التحكيم، على اعتبار أن المحكم في الحالتين شخص طبيعی يجلس في النهاية في مكان معين.

ثانياً: لا يتطلب تحديد دولة معينة كمقر للتحكيم الإلكتروني ضرورة ان تتم جميع الإجراءات المنطقة به في هذه الدولة، فمن الممكن أن ينتقل المحكم من دولة إلى أخرى للمعاينة أو التحري عن بعض الأمور المنطقة بموضوع النزاع، وفي ذلك يستوى التحكيم المميكن مع التحكيم غير المميكن.

ثالثا: أجاز النص للسكرتارية - على غير المعتاد في هذا المجال - تقوم - بناء على طلب أحد الأطراف - وقد يبدو هذا الحكم عجيبا - بتحدہ مقر مؤقت للتحكيم الإلكتروني.

ويخضع حق السكرتارية في ممارسة هذه الرخصة للشرطين التاليين: 

1- أن يتم اختيار السكرتارية للمقر المؤقت قبل تشكيل هيئة التحكيم فهذه الهيئة لو شكلت لما أصبح هناك داع لتدخل السكرتارية. .

۲- أن تقوم السكرتارية بهذا الإجراء بناء على طلب أحد الطرفين سواء كان المدعى أو المدعى عليه. ويتوافر هذا الشرط من باب أولى إذا كان الطلب موجها من الطرفين معا. وتأسيسا على ذلك لا يجوز للسكرتارية أن تقوم من تلقاء نفسها بتحديد مقر التحكيم الإلكتروني دون أن يتقدم إليها أحد الأطراف - على الأقل - بطلب لتحديد هذا المقر، حيث يعد التقدم بهذا الطلب بمثابة شرط مبدئي لاختصاصها بهذه السلطة.

هكذا وفي حالة توافر هذين الشرطين يمكن للسكرتارية أن تقوم بتحديد مقر مؤقت للتحكيم الإلكتروني. ويتعلق الأمر برخصة وليس إلزام، فقد ترى السكرتارية أنه لا ضرورة تبرر تحديد المقر في هذا الوقت المبكر، ومن ثم تفضل الانتظار لحين تشكيل هيئة التحكيم لتتولى هي القيام بهذه المهمة. وقد ترى على العكس أن التيسير والرغبة في المحافظة على بعض الاعتبارات التي يقتضيها الفصل في الدعوى تقتضى تحديد هذا المقر وإن كان بصفة مؤقتة. والمنطقي أن مناط تطبيق هذا الحكم يرتهن بعدم اتفاق الأطراف على تحديد مقر التحكيم، إذ لو كان اتفاق التحكيم شاملا لهذا المقر لما كانت هناك حاجة لقيام السكرتارية بهذا الإجراء.

رابعا: تحتفظ جميع النظم القانونية بهيئة التحكيم كسلطة احتياطية تتولى تحديد مقر التحكيم في حالة عدم اتفاق الأطراف على تحديده. ومن العجيب أن المادة ۳/۱۳ - من تنظيم المحكمة - قد تجاهلت وربما عصفت بهذه القاعدة عندما قررت قيام الهيئة بتحديد مقر التحكيم الإلكتروني مباشرة دون أية إشارة لإرادة الأطراف. وماذا يكون الحكم لو كان هذا المقر قد سبق الاتفاق عليه في شرط التحكيم؟ هل تلتزم به الهيئة أم يكون لها الحق في اختیار مقر جديد؟ ولهذا السبب لم يأت النص المشار إليه موفقا في صياغتها لانه كان يجب أن تعلق سلطة كل من السكرتارية - في تحديد المقر المؤقت - وسلطة هيئة التحكيم - في تحديد المقر النهائي - على عدم وجود اتفاق من جانب الطرفين على اختيار هذا المقر، أما أن يطلق النص صياغته على هذا النحو الذي يوحي بأن سلطة تحديد مقر التحكيم الإلكتروني تعد حكرا على السكرتارية والهيئة، فإن هذا الإطلاق يصطدم بالمبادئ الراسخة في مجال التحكيم التي توجب الأرتكان إلى إرادة الأطراف أولا؛ ولذلك نرى ضرورة التزام السكرتارية وهيئة التحكيم - على حد سواء - بالمتر الذي اختاره الأطراف لعدة أسباب:| - اتفاق هذا الاختيار مع المبادئ الراسخة في مجال التحكيم. - نص المادة ۱/۱۳ الذي يقضي باكتساب مقر التحكيم الإلكتروني نفس المفهوم القانوني المتعارف عليه في مجال التحكيم التقليدي، ويقتضي هذا

المفهوم الارتكان لإرادة الأطراف قبل هيئة التحكيم. - نص المادة ۳/۱۳ الذي يؤكد على هيئة التحكيم الإلكتروني عدم الإخلال بتوقعات الأطراف حال تحديدها لمقر التحكيم.

 ومهما يكن من أمر، فإنه في حالة عدم اتفاق الأطراف لاختيار مقر التحكيم الإلكتروني، فإن تساؤلا آخر يتعين الإجابة عليه: ماذا لو قامت السكرتارية بتحديد مقر التحكيم بصفة مؤقتة على النحو السابق ثم رت الهيئة ضرورة اختيار مقر مخالف؟ ليس من العصير الإجابة على هذا التساؤل إذا علمنا أن مهمة السكرتارية تتمثل في تحديد هذا المقر بصفة مؤقتة وطالما كان هذا التحديد يتسم بالتأقيت، فإنه يحتاج إلى من يثبته، بما يعني خضوع اختيار السكرتارية للسلطة التقديرية لهيئة التحكيم الإلكتروني التي يكون لها أن تؤيده أو تلغيه؛ لما لها – بمقتضى النص - من قول فصل في هذا الشان. وربما يغلب أن يتفق قرار هيئة التحكيم الإلكتروني مع فرار السكرتارية - في حالة وجوده - ما دام مستمدة من اعتبارات موضوعة متصلة بموضوع النزاع، مع عدم الإخلال بالتوقعات المشروعة للأطراف.

 تحمل المادة 10 من الإجراءات التكميلية لجمعية التحكيم الأمريكية عنوان مكان التحكيم Place of award وتنص على أنه لطرفي التحكيم الاتفاق كتابة على مكان الحكم، مع ذكر المحكم لهذا المكان في الحكم.

وفي حالة غياب هذا الاتفاق، يتعين على المحكم تحديد مكان الحكم مع ذكره في الحكم.

 ولا أقل من القول بأن هذا تنص يد أفضل في الصياغة من مثيله من تنظيم محكمة القضاء؛ حيث يتفق مع القواعد العامة التي تحتم ترك الحرية نظرا لاختيار مقر التحكيم. كما أنه يتميز في صياغته عن مختلف النصوص السابقة التى كان موضوعها الحديث عن هذا المقر. فالنص الأمريكي يتحدث من مقر الحكم وليس عن مقر العملية التحكيم بأكملها، وهو ما يمنح المحكمين مرونة في التجول وعقد جلسات المرافعة هنا وهناك، دون إثارة أي مشكلة حيث تعتبر هذه الأماكن مقارا لجلسات التحكيم وليست مكانا لإصدار الحكم. بل ويتيح النص للمحكمين أيضا إمكان النطق بالحكم في أي مكان آخر غير المتفق عليه، ولكن بشرط اعتبار أن الحكم وكأنه صدر في المكان مع ذكر هذا المكان في صلب حكم التحكيم الإلكتروني. فالمحكم ليس ملزم - كما أشرنا - باصطحاب جهاز كمبيوتر الخاص به والانتقال خصيصا إلى الدولة التي اتفق عليها الأطراف كمقر للحكم الإلكتروني لمجرد إرساله علی موقع الدعوى على شبكة الإنترنت من تلك تدولة. إن اختيار مكان معين كمقر لإصدار الحكم ليس معناه وجوب النطق بالحكم في هذه الدولة، وإنما يظل هذا المقر محتفظا بمفهومه القانوني سابق الإشارة إليه، والذي يقضي بإعتبار الحكم الإلكتروني وكأنه قد صدر على إقليم الدولة المختارة.

وقد ميز النص بين فرضين:

 فرض الأول: اتفاق الأطراف على تحديد مكان إصدار حكم التحكيم الإلكتروني. ويلزم أن يتم هذا الاتفاق كتابة، فالمحكم لا يلتزم - وفقا لصريح نص- بالاتفاقات الشفهية.

الفرض الثاني: عدم اتفاق الأطراف على تحديد مكان إصدار الحكم، ولا غنى - عن سد هذه الثغرة - من تدخل هيئة التحكيم الإلكتروني لممارسة واحدة من أدوارها الإيجابية في تحديد المقر الذي يعتبر حكم التحكيم وكله قد صدر فيه. ويترتب على هذين الفرضين حكم عام قوامه التزام المحكم بذكر مكان إصدار الحكم في طلب حكم التحكيم الإلكتروني.