يقصد بطلب التحكيم؛ العمل الذي يوجهه المحتكم إلى المحتكم ضده و الذي يتضمن رغبته في الفصل في النزاع القائم بينهما عن طريق التحكيم.
وتحقيق تلك الغايات يبدو أكثر وضوحا في قواعد التحكيم المؤسسي، خصوصا تلك التي تناولت إمكانية الرد على طلب التحكيم، فعلى سبيل المثال، توجب[المادة/3/1] من قواعد مركز هونج كونج للتحكيم الدولي(HKIAC) أن يشتمل الرد على طلب التحكيم، تأكيد رغبة المدعى عليه في اللجوء إلى التحكيم أو رفضه، وفي هذه الحالة يتعين بيان أسباب الرفض.
وأوجبت المادة[٢/٦] من قواعد تحكيم محكمة مدريد للتحكيم أن يشتمل الرد على طلب التحكيم، في حالة الرفض، على بيان موقف المدعى عليه من وجود وصحة اتفاق التحكيم أو قابليته للتطبيق.
فإذا رفض المدعى عليه اللجوء إلى التحكيم مدعيا تنازل طالب التحكيم عن حقه في اللجوء إلى التحكيم، وكان النزاع معروضا على القضاء، فيتعين الانتظار حتى البت في مسألة التنازل وإلا كان حكم التحكيم باطلا، فإذا كانت المحكمة المختصة قد قبلت الدفع بوجود اتفاق على التحكيم وأمرت بإحالة الأطراف إلى التحكيم فيستحسن إرفاق صورة ذلك الأمر مع طلب التحكيم وهذا ما توجبه المادة[٢/١٥/ج] من قواعد المجلس الهندي للتحكيم.
أن طلب التحكيم يشمل، فضلا عن إبداء الرغبة في إحالة النزاع إلى التحكيم، الدعوة إلى تعيين المحكم أو استكمال تشكيل هيئة التحكيم أو اتخاذ ما يلزم لتشكيلها.
كما يلاحظ، في التحكيم المؤسسي، أن استخدام نماذج طلبات التحكيم التي تعدها مؤسسات التحكيم ليس بأمر لازم، فيمكن للأطراف تقديم الطلب بأي شكل يرغبون به، طالما أدى الغرض، وهذا ما حرصت على تأكيده المادة[1/6] من قواعد تحكيم المعهد الهولندي(٢)، والتي قررت انه لا يوجد شكل محدد لطلب التحكيم، ويمكن للأطراف، إذا رغبوا، استخدام النموذج المعد لذلك والمتوفر مجانا في سكرتارية المعهد.
فيجب أن يشتمل الطلب على تاريخ تقديمه وما يفيد صدوره عن من قدمه، كتوقيعه أو توقيع من يمثله.
أما بالنسبة للقوانين أو القواعد التحكيمية التي تستلزم اشتمال طلب التحكيم على بيانات معينة فتختلف هي الأخرى في مقدار تلك البيانات، وتكون غالبا أكثر تفصيلا في قواعد التحكيم المؤسسي واقل في قوانين التحكيم، فعلى سبيل المثال يجب أن يحدد طلب التحكيم وفقا للمادة [۱۹] قانون التحكيم السويدي، بيان المسائل التي يتعين البت فيها بواسطة المحكمين، والتي يشملها اتفاق التحكيم، وبيان اختيار طالب التحكيم لمحكمه، عندما يكون مطلوب منه تعيين المحكم، في حين يجب أن يشتمل طلب التحكيم وفقا للمادة[5] من قواعد تحكيم مركز غرفة تجارة استكهولم على بيان أسماء وعناوين وأرقام تلفونات والبريد الالكتروني.
وتوجب المادة [1044] من قانون الإجراءات المدنية الألماني أن يشتمل طلب التحكيم على أسماء الأطراف، وموضوع النزاع، والإشارة إلى اتفاق التحكيم. وفيما يتعلق بمرفقات طلب التحكيم فلم يوجب أي من قانون التحكيم المصري أو اليمني أو الانجليزي إرفاق مستندات أو وثائق معينة بطلب التحكيم، ومع . فان بعض قواعد التحكيم المؤسسي توجب إرفاق بعض الوثائق أهمها:
- نسخة من اتفاق التحكيم أو نسخة من العقد الذي يتضمن شرط التحكيم، وقد أجازت المادة [1/3/6] من قواعد المعهد الهولندي للتحكيم، إرسال طلب التحكيم بواسطة التلكس أو الفاكس، وفي هذه الحالة يكفي أن يقتبس نص اتفاق التحكيم في الطلب، على أن تقدم نسخة من اتفاق أو شرط التحكيم إلى سكرتارية المعهد في اقرب وقت ممكن بعد تقديم طلب التحكيم.
ووفقا للمادة[6/3] من القواعد السويسرية للتحكيم، يتعين إرسال نسخة من إخطار التحكيم ومن الملاحق المرفقة به إلى المدعى عليه، بدون تأخير، إلا إذا قررت الغرف، بعد استشارة اللجنة الخاصة، انه لا يتضح وجود اتفاق أو شرط تحكيم يشير إلى هذه القواعد.
إخطار بتسديد مصرفات التحكيم أو ما يقيد القيام بذلك، وهذا خاص بالتحكيم المؤسسي.
وتجدر الإشارة إلى أن الفريق العامل المعني بالتحكيم والتوفيق في لجنة الاونسترال، قد وافق على اقتراح بإضافة عبارة إلى المادة [18] من قواعد الاونسترال للتحكيم، تجيز للمدعي أن يعتبر إخطار التحكيم الوارد في المادة[3] بيانا للدعوى، فلا يكون المدعي في حاجة إلى تقديم بيانا للدعوى إذا رأى أن الإخطار بالتحكيم قد أدى الغرض الذي سيؤديه بيان الدعوى، وقد اتفق الفريق العامل على أن الإخطار بالتحكيم الذي يعامل معاملة بيان الدعوى، ينبغي أن يمتثل لأحكام المادة [۱۸] دون حاجة إلى النص على ذلك صراحة
تعامل كل من قانون التحكيم المصري واليمني مع طلب التحكيم بطريقة مرنة فلم يستلزم أي من القانونين شكلا معينا لهذا الطلب كما لم يستلزما اشتماله على بیانات محدده، ومع ذلك فإذا لم تتحقق الغاية من طلب التحكيم، والمتمثلة في إشعار الطرف الأخر برغبة مقدم الطلب في اللجوء إلى التحكيم للفصل في نزاع معين نشأ بينهما متفق على حله بواسطة التحكيم، فلا يمكن أن يعد طلبا صحيحا، سواء كان عدم تحقق تلك الغاية راجعا إلى غموض الطلب وعدم وضوحه، أو إلى عدم التعريف الكافي بالأطراف أو بموضوع النزاع المطلوب إحالته إلى التحكيم.
وتكمن خطورة عدم تقديم طلب التحكيم بطريقة صحيحة، بالنظر إلى هذه المسألة من وجهة نظر المدعى عليه، فعند اللجوء إلى التحكيم بطريقة غير صحيحة، فلا يوجد ثمة التزام إجرائي على المدعى عليه بتأكيد استلامه لطلب التحكيم أو الرد عليه أو تحديد موقفه المبدئي من مسألة اللجوء إلى التحكيم.
وتتجه المحاكم الفرنسية، في بعض الأحيان، إلى تبني تفسير مرن للمواعيد المحددة التي يجب تقديم طلب التحكيم خلالها، والتي تنص عليها بعض قواعد مؤسسات التحكيم، فعلى سبيل المثال رفضت محكمة استئناف باريس إبطال حكم التحكيم لعدم تقديم الطلب في الميعاد المحدد وفقا لقواعد إحدى غرف التحكيم، والتي توجب تقديم الطلب خلال مدة محدده.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون التحكيم الانجليزي يخول المحكمة المختصة سلطة مد الوقت اللازم لبدء إجراءات التحكيم وفقا لضوابط وشروط معينة بينتها المادة[۱۲] من قانون التحكيم الانجليزي.
يؤدي التحكيم المؤسسي دورا ملموسا في تحقيق الأهداف المعلنة للتحكيم والمتمثلة في سرعة الإجراءات والاقتصاد في النفقات، ويتجسد هذا الدور في الإشراف والمساعدة التي تقوم بها مؤسسات التحكيم في مراحل إجراءات التحكيم المختلفة، من خلال حل وتجنب الصعوبات الإجرائية التي قد تحدث، بهدف تبسيط وتسريع عملية التحكيم، ومثل هذا الدور لا يمكن أن يوجد في أي تحكيم غير مؤسسي لعدم وجود كيان موجود للإشراف على الإجراءات. ويمكن الوقوف على جانب من جوانب هذا الدور في الجزئية المتعلقة بتصحيح طلب التحكيم، فعلى سبيل المثال، وفقا للمادة[5] من قواعد الجمعية اليابانية للتحكيم التجاري لعام ٢٠٠٤، على الجمعية قبل إرسال طلب التحكيم إلى المدعى عليه التأكد من استيفاء الطلب للبيانات والمرفقات المنصوص عليها في المادة[۳,۲,1/4]، ووفقا للمادة[5/3] من القواعد السويسرية للتحكيم؛ إذا كان طلب التحكيم غير مكتمل أو كانت المرفقات غير كافية، فيمكن للغرف أن تطلب من مقدم الطلب إصلاح هذا النقص خلال مدة مناسبة، وكذلك الأمر إذا كان الطلب قد قدم بلغة غير تلك التي اعتمدته القواعد(وهي الانجليزية والألمانية والفرنسية والايطالية) فللغرف أن تطلب ترجمة لطلب التحكيم خلال تلك المدة، فإذا اخفق طالب التحكيم في الامتثال لذلك في الوقت المحدد فان الطلب يعتبر باطلا.