اجراءات خصومة التحكيم / بدء اجراءات التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في منازعات التجارة الدولية لدول الخليج العربي / النطاق الزماني لإجراءات التحكيم
إلا أن تحديد زمان بدء تلك الإجراءات لا يقل أهمية عن تحديد مكانها أن لم يكن بدء إجراءاتها لسير مراحلها المتتالية، وفيما يلي بيان تلك الأهمية من عدة نواحي :
أ- ناحية بدايات التحكيم : أن تحديد وقت بدء الإجراءات يعني تحديد الوقت الذي تعتبر قد رفعت فيه الدعوى بالنزاع أمام هيئة التحكيم، وذلك بتقديم المدعي طلب التحكيم إلى تلك الهيئة .
لائحة إجراءات مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لعام 1994م، حيث نصت المادة (10) على أن: (يقوم الأمين العام بعد تلقي طلب التحكيم ودفع الرسوم ياشعار مقدم الطلب بتسلمه له ، وإخطار المطلوب التحكيم ضـده بنسخه منه خلال سبعة أيام من تسلمه لهذا الطلب بكتاب مسجل بعلم وصول ...).
وكذلك المادة (24) من القانون نفسه كما أنه يتعين على الطرف المطلوب ضده الرد على طلب الطرف الأول خلال مدة معينة . كما يترتب على تحديد وقــت بــدء الإجراءات بوقت رفع الدعوى بعض النتائج كقطع التقادم أو سريان الفوائد التأخيرية .
ناحية نهاية إجراءات التحكيم: أن بدء الإجراءات يبدو حاسما للمدة التي يتعين في فيها إصدار حكم التحكيم، أما فيما يخص إنهاء إجراءات التحكيم فإنهــا قــد أجمعت عليه قوانين التحكيم لدول الخليج العربية رغم التفاوت في ذلك التمديد والميعـــــاد والإصدار أو الانتهاء لتلك الإجراءات.
وبناء على ما سبق يتضح لنا أهمية تحديد وقت بدء إجراءات التحكيم رغم التباين لتفاوت تلك التشريعات بقوانين التحكيم حيث حدد المشرع السعودي في نظام التحكيم الجديد وكذلك المشرع العماني على أن مدة التحكيم لا تتجاوز 12 شهرا واشترط أن لا تزيد مد الميعاد على أكثر من ستة أشهر ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.
وذهب المشرع القطري والبحريني بتحديد المدة بثلاثة أشهر وذلك من تاريخ قبولهم للتحكيم وتركوا مد الميعاد لحرية الأطراف. بينما نجد المشرع الإماراتي قد توسط بين الفريقين وسلك طريق أخرى فحدد أن لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ أول جلسة حيث ترك مد الميعاد للأطراف.
وقت بدء الإجراءات في التحكيم العارض تحكيم الحالات الخاصة :
الأصل أن أطراف الخصومة هم الذين يقومون بتحديد سير الإجراءات والوقت الذي يبدأ فيه إجراءات التحكيم. وفي حال انعدام الاتفاق بينهم فإن مواقف القوانين المقارنة تتباين بشأن وقت بدء إجراءات التحكيم ونلاحظ ذلك التباين في قوانين التحكيم لدول الخليج العربية :
فمن قوانين التحكيم التي تحدد بدء الإجراءات من تاريخ أول جلسة للنزاع.
مشروع القانون الاتحادي الجديـــد حيث نصت المادة (27) منه على أن تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم في المدعي عليه طلب إحالة النزاع إلى التحكيم وتشكيل هيئة التحكيم ما لم يتفق أطراف التحكيم على غير ذلك ) . وهذا التعديل الأخير هو موافق لأغلب قوانين التحكيم اليوم في هذا الشأن.
كما نص نظام التحكيم الجديد لعام 1433هـ حيث نصت المادة (26) منه على أن: (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه أحد طرفي التحكيم طلب التحكيم من الطرف الآخر، ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك .)(1). وكذلك قانون التحكيم العماني لعام 1997م، حيث نصت المادة (27) على أن تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعي عليه طلب التحكيم من المدعى ما لم يتفق الطرفان على موعـــــد آخر ).كما نص قانون التحكيم الدولي البحريني في المادة (22) منه على أنـــه: (تبـدأ إجراءات التحكيم في نزاع ما من اليوم الذي يتسلم فيه المدعي عليه طلبا بإحالة ذلك النزاع إلى التحكيم ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك .
وقت بدء الإجراءات في التحكيم المنتظم (التحكيم المؤسسي) :
لم تتفق في ذلك قوانين التحكيم التشريعي ومراكز ومؤسسات التحكيم والمؤسسي على حل واحد بل ذهبت إلى اتجاهات متعددة :
الاتجاه الأول: وهو الغالب يذهب إلى أن تحديد تاريخ بدء إجراءات التحكيم تتم بيوم تقديم طلب التحكيم إلى الجهة المختصة بمركز أو بمؤسسة التحكيم .
وهذا الاتجاه اعتنقته لائحة إجراءات التحكيم بمركز التحكيم التجاري الدولي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لعام 1994م، حيث نصت المادة (9) على أن تبدأ الإجراءات من اليوم الذي يقدم فيه طالب التحكيم طلب التحكيم مكتوبا إلى الأمين العام للمركز). وكذلك نظام التوفيق والتحكيم التجاري لدى غرفة تجارة وصناعة دبي لعــــام 1994م حيث نصت المادة (23) على أن طالب التحكيم التقدم خطيًا بطلبه إلى أمانة اللجنة مرفقا به اتفاق التحكيم أن وجد وما يراه من مستندات ...).
الاتجاه الثاني: يذهب إلى أن تحديد تاريخ بدء إجراءات التحكيم ليس باليوم الذي يتقدم فيه طالب التحكيم بطلبه إلى مركز بل باليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه إخطار التحكيم من الجهة الإدارية المختصة بمركز التحكيم الذي سيتولى الإشراف على التحكيم.
وهذا ما جاء في قواعد اليونسيترال لعام 1976م، وهي المطبقة أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. فإذا كانت الفقرة (1) من المادة (3) قد نصت علــى أن: ( يرسل الطرف الراغب في التحكيم إلى الطرف المطلوب التحكيم ضده إخطــار التحكيم، فإن الفقرة (2) كانت صريحة في أن : ( تعتبر إجراءات التحكيم قد بدأت في التاريخ الذي يتسلم فيه المدعى عليه إخطار التحكيم ).
الاتجاه الثالث يذهب إلى أن تحديد تاريخ بدء إجراءات التحكيم تكون من يــــوم توقيع هيئة التحكيم مستند المهمة وقبولها .
من ذلك لائحة التوفيق والتحكيم التجاري لمركز أبوظبي للتوفيق والتحكيم التجاري لعام 1993م، حيث نصت المادة (8/35) على أنه : باستلام) هيئة التحكيم للمهمة وتوقيعها محضر القبول تنعقد الولاية والاختصاص للهيئة المذكورة لبدء إجراءات التحكيم ).
وكذلك لائحة إجراءات المركز البلجيكي لدراسة وممارسة التحكيم الوطني والدولي لعام 1988م، مادة (24، 27) .
والذي نرجحه هو أن إجراءات التحكيم تبدأ في الوقت الذي يتقدم فيـــه طالـــب التحكيم كتابيًا بطلب التحكيم إلى الجهاز الإداري المختص لدى مركز مؤسسة التحكيم، وذلك في حال بين فيه الوقائع الأساسية للنزاع، وطلباته، وبيانات المطلوب التحكيم ضده، مع ما يدل على اتفاق التحكيم. وهذا ما يدفع المدعي عليه أن يقدم رده في وقت سريع لمعرفته بأهمية الوقت وان تقاعسه وتخلفه عن ذلك والاحتيال في التأخير محسوب عليه .