نصت القوانين الوطنية المقارنة والاتفاقيات والأنظمة الدولية على أنه عند عدم وجود اتفـاق الطرفان، فإن إجراءات التحكيم تبدأ من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي، أمـا إذا اتفق الطرفان على تاريخ تنعقد به خصومة التحكيم فإن الإجراءات تبدأ من هذا التاريخ الذي حدده الطرفان. كأن يتفقا على أن يبدأ الموعد من تاريخ تقديم طلب التحكيم إلى الجهة التي اتفقا على الالتجاء إليهـا لتتـولي لمهمة التحكيم أو من تاريخ تسمية المدعى عليه لمحكمه أو من تاريخ الانتهاء من تشكيل هيئـة التحكيم وهذا النص يخالف ما نصت عليه المادة 7/4 من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس والتي تجعل يـوم بدء التحكيم من تاريخ استلام الأمانة العامة بهيئة التحكيم بالغرفة لطلب التحكيم. وتنص المادة 2/1 من نظام تحكيم محكمة لندن للتحكيم الدولي على أنه "إن تاريخ استلام الكاتب لطلب التحكيم يعتبر تاريخ بداية التحكيــم للمواضيع ما تنص عليه المادة 2/2 من نظام تحكيم الهيئة الأمريكية على أنه "تعتبـر إجـراءات التحكيم قد بدأت في التاريخ الذي تتسلم فيه الهيئة الأمريكية إخطار التحكيم".
كما أن النصوص المتقدمة لم تلزم لبدء إجراءات التحكيم أن يكون قد اكتمل تشكيل هيئـة التحكـيم بقبول المحكمين لمهمة التحكيم. وبالرغم من ذلك يرى بعض الفقه أن توجيه طلب التحكيم من المـدعـي إلـى المدعي عليه لا يعتبر بداية لإجراءات التحكيم إلا إذا كانت هيئة التحكيم قد تكونت بكاملها وكان قد تم قبـول كل محكم لمهمته. فإذا كانت الهيئة لم يكتمل تكوينها أو كان أحد المحكمين لم يقبل مهمته بعـد، فـإن طلـب التحكيم لا تحسب منه بداية إجراءاته، فلا يتصور قانونا أن تبدأ إجراءات خصومة التحكيم أمام هيئة ليس لها وجود قانوني .
بخلاف الوضع في قوانين التحكيم الكويتي والإماراتي، حيث افترض كمال هذا التشكيل لبـدء تلـك الإجراءات وسريان مهلة التحكيم حيث نصت المادة (179) من قانون المرافعات الكويتي والمادة (208) من قانون الإجراءات المدنية الإماراتي على أنه "يقوم المحكم خلال ثلاثين يوما على الأكثر من قبول التحكيم بإخطار الخصوم بتاريخ أول جلسة تحدد لنظر النزاع وبمكان انعقادها وذلك دون تقيد بالقواعد المقررة فـي هذا القانون للإعلان....". وطبقا للنصوص السابقة، تبدأ خصومة التحكيم باتخاذ أي إجراء فيها، سواء بمجرد حضور الخصوم أمام محكم التحكيم أو بإعلان يوجهه أحدهم إلى الآخرين بالحضور أمامها أيا كانت صـورة الإعلان، فإذا لم يبادر الخصوم بالحضور أمام المحكم أو بإعلان الخصوم الآخرين بالحضور وجـب علـى المحكم إخطار الخصوم بتاريخ أول جلسة تحدد لنظر النزاع ويجب حصول هذا الإخطار خلال ثلاثين يوماً على الأكثر ودون تقيد بالقواعد المقررة للإعلان في قانون المرافعات . وكذلك طبقا للمادة 181 مرافعـات كويتي والمادة (210) إجراءات مدني إماراتي يبدأ سريان مهلة التحكيم القانونية في حالة عدم الاتفـاق مـن تاريخ الإخطار المذكور.
كذلك ما تنص عليه المادة 1456 مرافعات فرنسي التي تجعل اليوم الذي تبدأ به دعوى التحكيم مـن اليوم الذي أعلن فيه آخر المحكمين قبول مهمته. وبمثل هذه الحالة سيكون من الصعب أحيانا تحديد بـدء إجراءات التحكيم على وجه الدقة، وإن كان التحديد يحسب من أول إجراء تتخذه هيئة التحكيم. وهو ما حـدا بالبعض إلى اقتراح عقد جلسات تمهيدية يتم خلالها تحرير محضر يتناول الاتفاق على مسائل عدة من بينهـا تحديد لحظة بدء الإجراءات، وعلى أن يتضمن هذا المحضر توقيع الأطراف أو ممثليهم وتوقيـع المحكمـين الذي يأتي تأكيدا لقبول مهمة التحكيم وتمام تشكيل هيئة التحكيم، ويعتبر تاريخه بداية لإجراءات التحكيم.