وقد يبدأ هذا الميعاد منذ بداية الإجراءات التحكيمية أو منذ اكتمال تشكيل هيئة التحكيم وإقفال باب المرافعة. والأصل أن للطرفين أن يحددا بمحض حريتهما بداية هذا الميعاد كأن يحددان لذلك تاريخًا محددًا أو أجلًا معيناً، فإن لم يتفقا على بداية الميعاد، فإن الميعاد الذي يحددانه يبدأ من اليوم الذي تبدأ فيه إجراءات التحكيم.
- بدء سريان ميعاد التحكيم في القانون اليمني:
The beginning of arbitration time in Yemen law
نص القانون اليمني رقم (٢٢) لسنة ١٩٩٢ م المعدل بالقانون رقم (۲۲) لسنة ١٩٩٧ م بشأن التحكيم في المادة (٣٤) على أن "تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه أحد الطرفين طلباً من الطرف الآخر بعرض النزاع على التحكيم وفقا لأحكام هذا القانون أو لشروط اتفاق التحكيم" والفيصل في ذلك هو إجراءات التحكيم السابقة على طرح النزاع على هيئة التحكيم وليس إجراءات طرحه على هيئة التحكيم.
فالمشرع اليمني ترك الأمر بشكل عام لاتفاق الأطراف فلهم أن يحددوا الوقت الذي يجدونه ملائما للبدء في إجراءات التحكيم ولكنه لم يترك الأمر سائبًا فيما لو لم يتفق طرفا الخصومة على موعد لبدء تحكيمهم فقرر أن إجراءات التحكيم تبدأ من يوم تسلم المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي باعتبار أنه وقت اتصال الخصومة بعلم الخصم، وهذا هو النهج الذي اتخذه قانون الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي بترك تحديد بداية الإجراءات لما يتفق عليه الأطراف مع الاحتياط في حالة عدم اتفاق الأطراف بالاعتداد في هذه المسألة بيوم تسلم المدعى عليه طلب التحكيم موعدًا لبدء الإجراءات.
قوانین دول مجلس التعاون الخليجي:
1- القانون الكويتي:
لم يرد في قانون التحكيم الكويتي أو النظام السعودي أو القانون القطري أو القانون الإماراتي ما يفيد عن بدء سريان ميعاد التحكيم بما يعني أنه أخضعه للقواعد العامة في قانون المرافعات المدنية والتجارية ولاتفاق الأطراف على ذلك.
۲- القانون العماني:
نصت المادة (٢٧) من قانون التحكيم العماني على أنه "تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر".
موقف القانون المقارن (In the comparative laws):
1- موقف القانون المصري:
تعرض القانون المصري رقم (۲۷) لسنة ١٩٩٤م لمسألة افتتاح إجراءات التحكيم، وتحديد بدء الإجراءات وبالتالي سريان ميعاد التحكيم وكان متفقًا مع المشرع اليمني في هذه المسألة. فنصت المادة (٢٧) منه على أنه: "تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي ما لم يتفق الأطراف على موعد اخر ".
ونستخلص من ذلك أن المشرع المصري ترك الأمر لاتفاق الأطراف، فلهم حق تحديد الوقت الذي يرونه مناسبا لبدء إجراءات التحكيم. وفي حالة عدم اتفاقهم اعتبر أن إجراءات التحكيم تبدأ من يوم تسلم المدعى عليه طلب التحكيم.
۲- موقف القانون والقضاء الفرنسي:
وتعرض قانون المرافعات الفرنسي لمسألة بدء سريان ميعاد التحكيم فنص في المادة (١٠٠٧) منه على أن تبدأ مدة التحكيم من تاريخ إبرام المشارطة وهذا النص كان منطقيًا في الوقت الذي كان فيه إبرام مشارطة التحكيم أمرًا ضروريًا ولازمًا لانعقاد خصومة التحكيم. ولكن التطور القضائي قبل التعديل التشريعي لعام ١٩٨٠م الذي جعل من شرط التحكيم اتفاقًا مستقلًا وكافيًا لتحريك إجراءات التحكيم دون حاجة إلى أبرام مشارطة قد أظهر مشكلة خاصة بكيفية حساب ميعاد التحكيم ونقطة بدايته في الحالة التي لم تبرم فيها مشارطة تحكيم.
وقد قضت محكمة باريس في حكمها الصادر في 15 مارس عام ١٩٨٩م بأن المشارطة تعد قد أبرمت من اليوم الذي حضر فيه المدعى عليه أمام هيئة التحكيم.
وقد أيدت محكمة النقض الفرنسي هذا الاتجاه، وقضت بأن محكمة الاستئناف قد أثبتت بسلطتها التي لا معقب عليها أن الاجتماع الأول بين المحكمين لم يكن إلا اجتماعا تمهيديا.
أما لوائح مراكز التحكيم فقد حددت بدء سريان ميعاد التحكيم وعلي النحو الآتي:
جاء في المادة (3) من قواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي على أن تبدأ إجراءات التحكيم من تاريخ استلام المدعى عليه طلبا التحكيم من المدعي.
كما أن قواعد اليونسترال قد جعلت من حق المحكمين تعيين مختلف المدد التي يتم خلالها تقديم كل طرف لدفاعه الكتابي والمستندات المؤيدة والدعاوى المضادة، كما أن المحكمين يتولون تحديد المدد التي يجب على الطرف الآخر أن يقدم رده خلالها.
وتبدأ إجراءات التحكيم وفقا لنظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية المعدل والساري اعتبار من أول يناير في سنة ١٩٨٨ من يوم تلقي أمانة الهيئة طلب التحكيم.
وتنص المادة (٢/٢) من ملحق التوفيق والتحكيم في الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية لسنة ١٩٨٠م على أنه "تبدأ إجراءات التحكيم عن طريق إخطار يتقدم به الطرف الراغب في التحكيم إلى الطرف الآخر في المنازعة ويوضح في هذا الإخطار طبيعة المنازعات والقرار المطلوب صدوره فيها واسم المحكم المعين من قبله.