الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / بدء اجراءات التحكيم / الكتب / التنظيم القانوني للمحكم / تقييم مسألة بدء إجراءات التحكيم : 

  • الاسم

    دكتور طارق فهمي الغنام
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    226

التفاصيل طباعة نسخ

تقييم مسألة بدء إجراءات التحكيم : 

   نصت المادة 27 من قانون التحكيم المصري علي أنه «تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم  الذي يتسلم فيه المدعي عليه طلب التحكيم من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر».

   فهذه المادة يمكن أن تشكل قيدا علي سلطات المحكم بصياغتها هذه، التي لا تتصدي للمشكلات العملية في التحكيم ذلك أنه من المتصور أن يُعلن الخصم سيئ النية بطلب التحكيم من الطرف الآخر في حالة تعدد المحكمين، فيمعن في المماطلة في تعيين مُحكمة مستغلاً ما قرره المشرع بشأن بداية مواعيد التحكيم - من وقت إعلانه - من أجل تضييع الوقت هباءً و انتقاصاً من المواعيد المحددة للتحكيم حيث أنه يمكن أن يصل إلى مبتغاه، فتنتهي مدة التحكيم أمام المحكمين قبل بدء الجلسات أوقد لا يبقى إلا وقت قليل من الميعاد القانوني المقرر لانتهاء التحكيم، فلا يتمكن خلاله المحكمون من إكمال إجراءاتهم، مما يؤثر حتما علي ممارستهم لسلطاتهم لتحقيق العدالة، خاصة في حالة عدم اتفاق الأطراف على مد فترة التحكيم، فوفقاً للمادة 45 من قانون التحكيم يلتزم المحكم بإصدار حكمه خلال الفترة التي حددها المشرع، وإلا أصبح حكمة باطلاً؛ لذلك فإن المشرع بنص المادة 27 من قانون التحكيم يفتح باب المماطلة للطرف سيئ النية، فلا يكون أمام المحتكم إلا اللجوء إلى المحكمة المختصة وفقاً للمادة (9) لمطالبة الطرف الآخر بتعيين محكمه وفقا للمادة 17 من قانون التحكيم وقطع المدة المقررة للتحكيم لحين تعيين ذلك المحكم. 

   وبالتالي فإن ذلك يتنافي مع روح التحكيم الذي يتسم بالسهولة والبساطة واليسر .

    وهكذا يبدو أنه و إن كان الأمر متروك لحرية الأطراف إلا أن من الأصلح أن يبدأ ميعاد التحكيم من تاريخ أول جلسة تحكيم، حتى يمارس المحكمون مهمتهم في طمأنينة و يسر بدلاً من أن يبدأ ميعاد التحكيم من تاريخ إعلان المدعي عليه بطلب التحكيم ما لم يتفق الأطراف علي غير ذلك وهكذا فإن تحديد أجل لكل إجراء يغلق باب التلاعب أمام الطرف سيئ النية ويُمكّن المحكم من القيام بمهمته .

 تقييم سلطة المحكم بشأن إجراءات التحكيم عموماً: ا

    لإجراءات هي العمود الفقري لنظام التحكيم ولقد رتب المشرع البطلان في حالة شمول حكم التحكيم علي عيب إجرائي حيث إن المشرع المصري أعطي للمحكمة المختصة - بمنح حكم التحكيم – الصيغة التنفيذية وسلطة رقابة الإجراءات المطبقة علي التحكيم دون الرقابة الموضوعية وبنظرة متأملة فيما رتبه المشرع من جزاء البطلان كنتيجة لإخلال هيئة التحكيم، بإجراءات التحكيم نجد أن المقصود من ذلك الجزاء هو تحقيق الضمانات الكافية للأطراف الذين اختاروا طريق التحكيم بديلاً للقضاء للفصل فيها بينهم من نزاع بحكم عادل، إلا إنه في ذات الوقت يعد جزاء قاسياً قد يخرج منه الأطراف - خاصة فيمن صدر حكم التحكيم لصالحة – بخسائر قد لا يُمكنه تحملها وأعباء جديدة بعد للوصول إلى حكم عادل منصف فيضطر إلي ولوج طريق القضاء من جديد مخلفا وراءه ما بذله من جهد ووقت ومال، ذهب بلا فائدة.

   لذلك فإننا نرى أنه يجب أن يخفف من قسوة ذلك الجزاء، بأن يمنح للمحكمة المختصة بالأمر بالصيغة التنفيذية سلطة تقديرية – في حالة قيامها بالرقابة علي حكم التحكيم إجرائيا - بإعادة الأوراق مرة أخرى لهيئة التحكيم لتلافي ما اعترى حكمها من عيوب طالما أمكن ذلك، و يتم ذلك على مرحلتين: 

   الأولى - كما سبق أن ذكرنا - تخضع لرقابة المحكمة المختصة للرقابة علي إجراءات التحكيم فلها سلطة إعادة الحكم مرة أخرى إلي هيئة التحكيم إذا أمكن ذلك. 

   والثانية: تكون حال استنفاذ هيئة التحكيم فرصتها في المرحلة الأولى ويكون أمام المحكمة المختصة إما الأمر بتنفيذ الحكم إن كان قد تم تلافي ما اعتراه من عيوب وإما أن تأمر ببطلانه لوجود عيب في الإجراءات، ويثور تساؤل عن مدى قوة حكم التحكيم فيما يتعلق بهذا الفرض، فنرى أن حكم التحكيم هو في جميع الأحوال حائزاً لقوة الأمر المقضي ولا يمس تدخل القضاء في الفرض الأول أو الثاني بحجيته. 

    ولا شك أن ذلك له مزايا عديدة، فيُمَكِّن الأطراف من التأكد من توافر جدية هيئة التحكيم التي إذا ما أصرت علي قراراتها بعد إعادة الحكم مرة أخرى إليها لتلافي ما به من عيوب، فإن للطرف المضار أن يطالبها بالتعويض وفقاً للقواعد العامة، كذلك فإن ذلك التصور يمنح المحكمين والأطراف فرصة أخرى لبناء وإصلاح ما شاب الحكم من عيوب.