اجراءات خصومة التحكيم / وجوب التقيد بالإجراءات التي اتفق الأطراف عليها / الكتب / التحكيم التجاري دراسة قانونية مقارنة / مبدأ حرية الأطراف في تحديد إجراءات التحكيم
مبدأ حرية الأطراف المحتكمة في تحديد القواعد المطبقة على إجراءات التحكيم، يعتبر من المبادئ والأعراف التحكيمية التي تطبق على التحكيم الدولي والداخلي معاً، سواء كان التحكيم مؤسسي أو تحكيم خاص ( Ad hoc).
ومن صور اتفاق الأطراف المباشر على إجراءات التحكيم على سبيل المثال، مكان التحكيم ولغة التحكيم، والمسائل المتعلقة بالمواعيد وغير ذلك... وقد يتفق الأطراف أيضاً بشكل غير مباشر على تسوية النزاع وفقاً لقواعد مؤسسة تحكيم معينة، وهنا تصبح قواعد المؤسسة التحكيمية جزء لا يتجزأ من اتفاق الأطراف بشأن إجراءات التحكيم.
وعند اتفاق أطراف التحكيم على إجراءات معينة، يصبح هذا الاتفاق ملزماً لهيئة التحكيم التي يتوجب عليها احترامه وعدم جواز مخالفته. وإذا اتفق الأطراف أثناء إجراءات التحكيم على تعديل القواعد التي تم الاتفاق عليها في بداية الإجراءات، فإن هذا التعديل يعتبر ملزماً أيضاً لهيئة التحكيم، وعليها التقيد به كما اتفق عليه الأطراف.
المبدأ في نصوص قوانين التحكيم :
لقد أكدت قوانين التحكيم محل الدراسة على مبدأ حرية الأطراف في تحديد الإجراءات التي يتعين على هيئة التحكيم اتباعها في تسيير الإجراءات رهناً بأحكام إلزاميه بشأنها، حيث تتفق هذه القوانين في الغالب بأحكام موحدة... وإن ظهر اختلاف في النصوص فإنها لا تخرج على المبدأ ذاته حين قررت على أنه لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم.
ويتضح أن هذه القوانين، قد منحت الحرية للأطراف في اختيار القواعد الإجرائية الخصومة التحكيم والاتفاق عليها... وهو تأكيد على احترام مبدأ سلطان الإرادة... وتمتد الحرية للأطراف بموجب هذه القوانين إلى حقهم في الاتفاق على اختيار قواعد إجرائية معتمدة لدى مؤسسة تحكيم معينة مثل المركز اليمني للتوفيق والتحكيم أو مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، أو غيرها من مؤسسات التحكيم المعروفة للأطراف المحتكمة.
ولحرية الطرفين في تحديد قواعد الإجراءات أهمية خاصة في التحكيم التجاري الدولي، لأنها تتيح للطرفين اختيار القواعد أو تفصيلها وفقا لرغباتهما واحتياجاتها الخاصة، ودون أن تعترض سبيلها قواعد إجراءات التحكيم الداخلي، وربما المتضاربة، وبذلك ينتفي احتمال الإحباط أو المفاجأة .
عدم تحديد الأطراف للإجراءات :
عند عدم اتفاق الأطراف على إجراءات التحكيم التي تحكم الخصومة، أو كان اتفاقهم ناقصاً، فإن هيئة التحكيم هي من يتولى بدلاً عن الأطراف، وضع القواعد لهذه الإجراءات، أو استكمال الناقص منها... وتصبح هذه الإجراءات التي وضعتها الهيئة ملزمة للأطراف وعليهم التقيد بها وكذلك الهيئة.
وفي جميع الأحوال فإن تطبيق مبدأ احترام إرادة الأطراف، وكذلك حق هيئة التحكيم في اختيار القواعد الإجرائية لعملية التحكيم، عند عدم اتفاق الأطراف عليها، يجب أن يخضع لقيد أساسي وهو عدم مخالفة النظام العام للقانون الذي يجري على أساسه التحكيم، أو لقانون البلد المطلوب فيه تنفيذ حكم التحكيم.
نصوص قوانين التحكيم :
في هذه المسألة جاء في قانون التحكيم النموذجي عندما لم يتفق الأطراف على اختيار الإجراءات كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون أن تسير في التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة. وتشتمل السلطة المخولة لهيئة التحكيم البت في مقبولية الأدلة المقدمة وصلتها بالموضوع وجدواها وأهميتها وأكدت قوانين التحكيم في مصر والأردن وسوريا على هيئة التحكيم عند اختيارها إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة مراعاة أحكام هذا القانون. ويوجب نظام التحكيم السعودي على هيئة التحكيم عند اختيارها للقواعد الإجرائية، مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية، وأحكام هذا النظام. كذلك القانون اليمني، إلى جانب التأكيد على مراعاة قانون التحكيم، يضيف أيضاً وعدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات التي تعتبر من النظام العام . أما قانون التحكيم العراقي فلم يتضمن أي اشتراط من هذا النوع ... ولكن باعتقادنا، فإن عدم النص لا يعني بأي حال أنه يجيز للأطراف أو لهيئة التحكيم تقرير قواعد إجرائية لعملية التحكيم، يتضمن أي أمر يمس أو يخالف النظام العام.
والملاحظ أن هذه القوانين تجيز لهيئة التحكيم في حال عدم اتفاق الطرفين، أن تتولى تحديد قواعد الإجراءات وتسيير التحكيم بالطريقة التي تراها مناسبة. وتشمل السلطة الممنوحة هيئة التحكيم صلاحية البت في مقبولية أي دليل وصلته بالموضوع وجدواه وأهميته، ولحرية التقدير التكميلية التي تتمتع بها هيئة التحكيم نفس القدر من الأهمية التي منحت للأطراف لأنها تتيح لها تسيير الإجراءات بحسب السمات الخاصة للقضية دون أن يعترض سبيلها أي قيد قد ينشأ من القانون الوطني، بما في ذلك أي قاعدة محلية بشأن البينات. وعلاوة على ذلك فإنها تهيئ الأساس لاتخاذ المبادرة في حل أي مسألة إجرائية لا ينظمها اتفاق التحكيم أو القانون النموذجي .