الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / حق المواجهة / الكتب / منصة التحكيم التجارى الدولى - الجزء الرابع / احترام مبدأ المواجهة في التحكيم (2)

  • الاسم

    محيي الدين اسماعيل علم الدين
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

    313
  • رقم الصفحة

    33

التفاصيل طباعة نسخ

احترام مبدأ المواجهة في التحكيم (2)

   في بعض قضايا التحكيم يسير المدعى فى دعوى التحكيم متمسكا به، فإذا صدر الحكم ضده غضب على التحكيم وطعن في الحكم الصادر فيه على أساس أنه لم يكن يوجد اتفاق على التحكيم أو وجد اتفاق كان باطلا فـــلا يعتد به ويعتبر هو وعدم وجود شرط أو اتفاق تحكيم سواء بسواء. فهل يجوز له ذلك عدولا عن موقفه السابق في التمسك بالتحكيم؟.

   حدث هذا في قضية بين شركة تشتغل فى الحبوب فــــــــى فرنســـــا وتسمى شركة فيروزى وبين اتحاد التعاونيات الزراعية للحبوب في يور ولوار ويسمى اوكاسيل. فقد لاحظت فيروزى أن كميات القمح التى تحتاجها لا تتوافر أحيانا كليا أو جزئيا فى صوامع الاتحاد المذكور. لذلك تقدمت فيروزى بطلب تحكيم إلى غرفة التحكيم بباريس(وهذه غير غرفة التجارة الدولية للفصل فى الخلاف بينها وبين الاتحاد وكان ذلك في ۱۹۸۹/۲/۱۰ ، وطلبت التعويض عن الضرر المتتابع الناتج عن عدم توافر القمح، وهذا الطلب كان تجديدا لطلب أخر سبق تقديمـه فــــي ۱۹۸۷/۱۲/۱ وتم حفظه نهائيا بسبب عدم إيداع قيمة مصاريف التحكيم خلال الأجل الذي حددته غرفة التحكيم، وصدر حكم في الدرجة الثانية في ١٩٩٠/١٠/١١ يقرر أن الطلب الجديد من فيروزی غیر مقبول بسـبب سقوط الحق في التحكيم طبقا للمادة ٣ من الشروط العامة لاتحـاد او كاسيل

  وطعن فيه على أساس ثلاثة اسباب نذكرها مع الرد عليها فيمـــــا یلی

    أولا: أن المحكمين لم يكونوا مختصين بسبب بطلان شرط التحكيم وحول هذا السبب قررت محكمة النقض في حكمها أن المدعي في التحكيم لا يمكنه أن يتمسك بعدم وجود اتفاق تحكيم أو ببطلان هذا الاتفاق لأنه هو المدعى ثم ان طلبه التحكيم يعتبر موافقة محددة عليه. 

    ثانيا: تمسكت فيروزى بمبدأ المواجهة في إجراءات التحكيم، وقالت أن محكمة الاستئناف رفضت إبطال حكم التحكيم الذي انتهك المبدأ فأصبحت الإجراءات التي لم تتم وجاهيا مؤدية إلى حكم باطل. فقد قرر المحكمون حجز القضية للحكم قبل أن تستكمل مناقشة موضوع الدعوى بين الخصوم ومناقشة لائحة الإجراءات.

   ولكن محكمة النقض لاحظت أن لائحة الإجراءات كانت مقبولة من الطرفين، وأن حكم التحكيم المطعون فيه قد تعرض لهذه النقطة وذكر ان المحكمين قد التزموا بما طلبه الأطراف حول نقطة لائحة التحكيم وخاصة فيما يتعلق بالأحكام التى كانت موضع مناقشة وجاهية بين الخصوم، الأمر الذى يجعل الطعن لا محل له، ومحكمة الاستئناف لم تخالف في ذلك أحكام قانون المرافعات الفرنسي الجديد. 

   ثالثا : تمسكت فيروزى بأن الحكم التحكيمي المطعون فيه قـــور أن عدم دفع المصاريف هو سبب اعتبارها متنازلة عن الإجراءات الخاصة بالتحكيم، وايدت محكمة الاستئناف ذلك، وهذا يعتبر مخالفة للنظام العــــام الدولي. والحكم الذى اعتبر أن الخصومة اثناء الأجل الذي حددته غرفة التحكيم بباريس هو حكم مخالف للنظام العام، ولائحة التحكيم التي تطبق هذا النص احكامها تعتبر هي بدورها مخالفة للنظام العام. 

    ولكن محكمة النقض رفضت هذا السبب أيضا وقالت ان القواعد التي يجب على المحكمين احترامها من بين قواعد قانون المرافعات هــــي القواعد والمبادئ الموجهة للدعوى، وهي قواعد رئيسية لا يمكن التغاضي عنها أو التفريط فيها، وعدم إعمال أحد هذه المبادئ الموجهة يعتبر مخالفة للنظام العام، ترتب إبطال حكم التحكيم ، ولكن الصورة المعروضة ليس فيها شئ من المبادئ الموجهة للدعوى قد انتهك . فقرار المحكميـــــــن الذى رتب على عدم دفع المصاريف أثار النزول عن الإجراءات لا ينتهك اية قاعدة من النظام العام منطبقة على التحكيم ولذا تعتبر هذه الحجة مرفوضة.

   ومبدأ المواجهة الذى أثير فى هذه القضية مبدأ على مستوى عــال من الأهمية في مجال التحكيم، ومراعاته تقتضى من المحكمين مراعاة المساواة التامة بين الطرفين فى مرحلة إجراءات التحكيم. ولكن شعار المساواة في الظلم عدل لا ينطبق في هذه المسألة، لأنه إذا كـــان هنـاك تقصير لا بالنسبة إلى طرف واحد وإنما بالنسبة إلى الطرفين، فان كـــون التقصير شاملا للطرفين لا يعتبر عدلا بل يظل خطأ يؤدى إلى إبطال الحكم إذا ما طعن عليه بالبطلان. 

  ويلاحظ أنه بالنسبة إلى هذه القضية يجب ان يكون مركز التحكيم قد ارسل مطالبة إلى المدعى بدفع المصاريف وأن يكون قد أنذره فيها بأن عدم الدفع يعتبر نزولا عن طلب التحكيم، وهذا تطبيق لمبدأ يحكم فكرة المواجهة مؤداه ألا تأخذ محكمة التحكيم الأطراف على غرة أى دون سابق تنبيه وإنذار.

    ومبدأ المواجهة يشمل عرض كل العناصر الواقعية والقانونية التي ينوى المحكم أن يبني حكمه عليها، على الأطراف لمناقشتها وإبداء آرائهم فيها . فلا يستقيم مع مبدأ المواجهة أن يحتفظ المحكم بتحفظ ذهنـــــي على مستندات أحد الأطراف ويبنى حكمه على هذا التحفظ الذهنـــــــي دون ان يطرحه للمناقشة بين الأطراف.