ارادت الشركة الوطنية للسكك الحديدية فى تونس ان تشترى معدات لنشاطها منها مولدات كهربائية وقاطرات و عربات للركاب. ولذلك تعاقدت مع شركة من المجر تسمى جائز مافاج على ثلاثة عقــود عام ۸۳/۱۹۸۲ على شراء هذه المعدات ووضع في العقد شرط تحكيـم لدى غرفة التجارة الدولية، على ان تكون باريس مقرا للتحكيم وان تطبق محكمة التحكيم القانون الفرنسي.
وفي نهاية عام ۱۹۸۷ تم تقسيم شركة جانز مافــــاج شركات ستة منها تسمى مجموعة جائز والسابعة يرمز لها بالحروف GMVV وتعتبر هي الخلف العام للشركة الأصلية في كل العقود التي لـــــــم تلتزم بها الشركات الست الأخرى من عقود جانز الاصلية.
ولم تكن شركة السكك الحديدية التونسية مرتاحة الى طريقة تنفيذ العقد من الجانب المجرى، والى عملية تقسيم الشركة الاصلية واسناد عقودها معها الى الشركة السابعة، فتقدمت الى غرفة التجارة الدولية فــــــي الثاني من سبتمبر ۱۹۸۸ بطلب تحكيم ضد الشركات السبع لوجود عيوب غير عادية في المعدات المبيعة. وحتى الشركة السابعة (جمـف) التــى التزمت بعقود الشركة التونسية دخلت في صعوبات مالية وأصبحت تحت التصفية القضائية على اثر رفع الدعوى. وفي نوفمبر ۱۹۸۹ تم توقيع ملخص مهمة المحكمين وبعد ذلك اصدر المحكمون حكما جزئيا يقولون فيه ان قرار تقسيم جانز مافاج لا يحتج به على الشركة التونسية وان خلفاءها السبع مسئولون بالتضامن بموجب شرط التحكيم وطعنت الشركات السبع على هذا الحكم ولكن الطعن رفض في مارس ۱۹۹۱.
وقبل صدور الحكم النهائى قرر المحكمون ان يقدم كل طرف مستنداته ومذكرة يحدد فيها رأيه في خمس نقاط هي الضرر التجاري - مصاريف النقل - الجمارك - الاستهلاكات - تحديث المعدات وكان هذا القرار في ٢١ سبتمبر ۱۹۹۲ وحددت فيها جلسة للمرافعة في ١١ ديسمبر ۱۹۹۲ على ان يكون آخر موعد لتقديم المذكرات المشار إليها هو يوم ١٦ نوفمبر ۱۹۹۲.
وفي جلسة ١١ ديسمبر وقبلها اعترضت شركة جمف (السابعة) على ما قدمته الشركة التونسية من مستندات لا تتصل بالموضوعات الخمس المحددة في القرار الصادر في شهر سبتمبر كما تقدم، وقالت ان الوقت لا يكفى للرد على هذه المستندات وعل ما أثارتــــه ه الشركة التونسية، وطلبت استبعاد المستندات التي تتصل بالموضوعات الخمس.
وكانت الشركات الست الاخرى تردد نفس الدفوع التي تقدمت بها شركة جمف.
وفي الرابع من مايو ۱۹۹۳ أصدر المحكمون الحكم النهائي الذي قضى برفض طلب الشركات الست اخراجها من الدعوى، كما قضى بأن الشركات السبع هم خلفاء جانز ما فاج وان هذه الشركات لم تحترم تعهداتها وهي مسئولة عن الاضرار التـ لحقت بالشركة التونسية والزموها بأن تدفع لها المبالغ التالية : مبلغ ١٢٨٥٤٠٧٦ دولارا أمريكيا بخلاف الفوائد بالسعر القانوني الفرنسي ابتداء من اول يناير ۱۹۹۳،
وكذا مبلغ عشرة ملايين دولار عن الضرر التجارى بخلاف الفوائد ومبلغ مليون دولار و ٢٥٥ الف دولار أمريكي غرامات تأخير بخلاف الفوائد. وكانت الشركة التونسية قد صادرت خطابات الضمان المقدمة إليها من جانز مافاج فقضى الحكم بالمقاصة بين المبالغ المذكورة وبين ما قبضته الشركة التونسية وأخيرا قضى لها كذلك بمبلغ مليونى فرنك فرنسي مصاريف القضية.
طعنت الشركات السبع في هذا الحكم أمام محكمة استئناف باريس طالبة إيطاله على أساس أنه خالف المادة ١٥٠٢ ٤ من قانون المرافعات الفرنسي لأنه لم يحترم مبدأ المواجهة في التقاضي أمام التحكيم، حيث أنه تم أثناء الجلسات إعداد محضر بواسطة كاتب اختزال يكتب أقوال الأطراف والمحكمين بناء على تكليف من الشركة التونسية. وطلبت الشركات السبع موافاتها بصورة من هذا المحضر لتعلم بما فيه ولكن لـــــم يحقق لها المحكمون الاطلاع عليه. وكان الطعن مبنيا أيضا على مخالفة المادة ٥/١٥٠٢ من نفس القانون لأن الحكم جاء مخالفا للنظام العام الدولي لأنه قبل مستندات من الطرف الأخر مخالفة للقرار الذى حــــدد الموضوعات الخمس التي ينحصر البحث فيها.
وردت الشركة التونسية على هذا الطعن بطلب تأييد الحكم والزام الشركات السبع بنصف مليون فرنك تعويضا.
وقد رأت محكمة استئناف باريس الدائرة الأولى أن حكم التحكيم صحيح ولم يكن مخالفا للنظام العام الدولى في شيء، وذلك أن قرار المحكمين في ٢١ سبتمبر ۱۹۹۲ لم ترد فيه أية إشارة إلى أن الموضوعات الخمس المذكورة فيما تقدم هي وحدها التي يقدم فيها الأطراف مستنداتهم ومذكراتهم، وبالتالي كان جائزا تقديم مستندات في أي نقطة أخرى من نقاط القضية، وهذه الموضوعات كانت محددة لأن المحكمين يطلبون استيفاءها بصفة خاصة ولكنهم لم يمنعوا استيفاء غيرها من المسائل.
ورأت محكمة استئناف باريس أيضا أن الحكم قد احترم مبدأ المواجهة في إجراءات التحكيم ، والمحضر الذي حرره كاتب الاختـزال لیست له حجية قانونية، وقد قال عنه رئيس هيئة التحكيم أنه ليس مطلوبـــا للهيئة في شيء، والذى له الحجية هو المحضر الذي يحرره المحكمــــــــون بوقائع الجلسة، ومحضر كاتب الاختزال حرر بناء على طلب الشركة التونسية وعلى نفقتها وليس لهذه الشركات شأن به لأنه لا يخصها ولا يدل على عدم احترام مبدأ المواجهة.