يقصد به مكنة التمسك بالدفوع المتعلقة بالإجراءات أو الموضوع.
ونحن نرى أن حق الدفع أوسع من ذلك بكثير، فهو وسيلة بيد كل خصم على حدة، وعلى قدم المساواة، تمكنه من إبداء كافة أنواع الدفوع (الموضوعية - الاجرائية - بعدم القبول) وأوجه الدفاع، وهي عمليات الاستنباط العقلي والمنطقي التي يمارسها كل خصم في مواجهة الآخر، مثل الرد على الحجة ورد الرد وإبراز وجه التناقض في أقوال الخصم وهكذا.
أولاً: ففي أثناء الخصومة:
(أ) يجب على المحكم أن يمكن كل خصم، وعلى قدم المساواة من أبداه أما لديه من دفوع، وأن يعد لها في الوقت المناسب، وهذا ما نصت عليه المادة (۱۹) من قواعد اليونسترال، حيث أوجبت على المدعي عليه تقدیم بیان الدفاع خلال المدة التي تحددها هيئة التحكيم وأن يضمنه ما شاء من الدموع وبصفة خاصة الدفع بالمقاصة، كما نصت المادة (۲۰) من هذه القواعد على جواز تعديل كل من الطرفين لطلباته وأوجه دفاعه، أو استكمالها، وقیدت ذلك بقيدين: الأول عدم الأبطاء والأضرار، والثاني عدم الخروج عن نطاق شرط التحكيم.
فجاء هذا النص على أنه: «يجوز لكل من الطرفين خلال اجراءات التحكيم تعديل طلباته وأوجه دفاعه أو استكمالها إلا اذا رأت هيئة التحكيم أنه من غير المناسب اجازة التعديل لتأخر وقت تقديمه، أو لما قد ينشأ عنه من ضرر للطرف الأخر أو لأية ظروف أخرى، ومع ذلك لا يجوز ادخال تعديلات على طلب يكون من شأنها أخراج هذا الطلب بعد تعديله عن نطاق شرط التحكيم أو الاتفاق المنفصل على التحكيم
وقد أخذ هذه القواعد حرفية نظام التحكيم لدى مركز القاهرة الاقليمي المادتين (۱۹ - ۲۰).
ذلك أنه من المتفق عليه أن حرية الدفاع مقيدة بقيد أساس هو احترام قيمة الوقت في الخصومة من ناحية، وبواجب حسن النية من ناحية أخرى.
فلا ينبغي أن تتخذ حرية الدفاع ذريعة لتعطيل الفصل في الدعويه وخصوصا في التحكيم، لأن قيمة الوقت فيه ثمينة جدا، ولذلك لهيئة التحكيم سلطة ادارة الوقت في الخصومة بما يرشد انفاقه، دون التقيد پالمواعيد الاجرائية التقليدية في قانون المرافعات، ولذلك انفردت لائحة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية بباريس بنص موفق على تحديد جدول زمني مرن لانجاز المهمة التحكيمية، حيث نصت المادة ( ٤/۱۸ ) على أنه و عندما تقوم محكمة التحكيم باعداد وثيقة المهمة أو في أقرب وقت ممكن عقب ذلك وبعد استشارة الأطراف يكون على محكمة التحكيم القيام في مستند منفصل باعداد جدول زمني تنوي اتباعه لادارة اجراءات سير التحكيم وفقا له، وترسله إلى الهيئة الدولية وإلى الأطراف. وأية تعديلات لاحقة على الجدول الزمني المبدئي يتعين إبلاغها للهيئة والأطراف..
وقد اكتفى القانون النموذجي بالنص على الشق الأول من القيد الأول الخاص بفكرة الوقت المناسب في تعديل الدفع (م ۲/۲۳). وكذلك الشأن في االمادة (۳۲) من قانون التحكيم المصري والقوانين التي حذت حذوه كالقانون الأردني (م ۳۱) والقانون العماني (م ۳۲) وقانون التحكيم البحريني (م ۲/۲۳) والقانون السوري (م ۲۷) والقانون اليمني (م ۲۹).
ولسوف نعود إلى القيد الثاني الذي وضعته قواعد اليونسترال الخاص بعدم الخروج عن نطاق اتفاق التحكيم فيما بعد عند التعرض لمدى ولاية المحكم في قبول الطلبات العارضة.
(ب) ومن مقتضيات احترام حق الدفع أثناء الخصومة واجب المحكم - في بعض الأحيان - التنبيه على الخصوم لاستكمال دفاعهم وأن يمنحهم الفرصة لذلك، من ذلك ما نصت عليه المادة (۲۶) من قواعد البونسترال من أنه: الهيئة التحكيم أن تطلب - إذا استطوبت ذلك - من أحد الطرفين أن يقدم إليها وإلى الطرف الاخر خلال المدة التي تحددها، ملخصة للوثائق وأدلة الاثبات الأخرى التي يعتزم تقديمها لتأييد الوقائع المتنازع عليها والمبينة في دعواه أو بيان دفاعه، ولهيئة التحكيم أن تطلب من الطرفين في أي وقت أثناء اجراءات التحكيم أن يقدما خلال المدة التي تحددها وثائق أو مستندات أو أية أدلة أخرى.. وهذا ما نصت عليه المادة (۲۶) من نظام تحكيم مركز القاهرة الاقليمي، ونصت المادة ( ۵/۲۰) من لائحة تحكيم غرفة تجارة باريس على أنه: «يجوز لمحكمة التحكيم أن تطلب من الأطراف تقديم أدلة اضافية في أية مرحلة من مراحل التحكيم.