اجراءات خصومة التحكيم / احترام اساسيات التقاضي / الكتب / التحكيم في الشريعة الاسلامية / شروط الزام القاضي بالفرقة بين الزوجين للشقاق بينهما، وبيان من يباشر الفريق بين الزوجين
الشرط الثاني: التزام الزوجة بالعوض الذي يقرره الحكمان أو القاضي عند وجوبه عليها:
مسألة: تقديم تسليم العرض على فسخ الحاكم:
والذي يظهر لي: مشروعية تقديم تسليم العوض عند الفرقة، وحديث ابن عباس السابق دال على ذلك، فقد جاء فيه: «فردت عليه وأمره ففارقها»، فأمره - صلى الله عليه وسلم - للزوج بالفرقة جاء بعد أن ردت عليه - الزوجة، ولا يفرق بينهما على مال إلا إذا التزمت الزوجة بتسليمه قبل فسخ النكاح، إلا أن يرضى الزوج بتأجيله ويكون دينا في ذمتها أو يقوم مفتض لتأجيله كعسرتها مع طول نشوزها.
بيان من يباشر التفريق بين الزوجين من أجل الشقاق:
والذي يظهر لي في هذه المسألة: الجمع بين القولين في الصورتين فيقال: إذا توجهت الفرقة بين الزوجين سواء كان ذلك بناء على ما ارتآه الحكمان، أم مبادرة من القاضي عند ظهور مقتضى الفسخ للضرر والنشوز والعجز عن التحكيم فإن القاضي يأذن للزوجة بفرقة زوجها بأن | تقول: فسخت نكاحي من زوجي فلان، ثم يحكم بصحة ذلك ولزومه، كما أن له مباشرة ذلك فيقول عند توجه الفرقة: فسخت نكاح فلانة من زوجها فلان وبذلك قضيت.
ووجه ذلك: إعمال الحديثين، الحديث الذي استدل به أصحاب القول الثاني وفيه رد ذلك إلى المرأة لتفسخ هي، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة ثابت بن قيس بن شماس مع امرأته: «خذ الحديقة وطلقها تطليقة"، فأمره بفراقها فاستجاب، والأصل في الأمر الوجوب، وإذا امتنع من وجب عليه حق فإن الحاكم يستوفيه عنه، فيطلق عليه الحاكم بفسخ إذا امتنع من ذلك.
وبذلك تحمل أدلة كل قول على وجه يصح، وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما.
كما أن الحنابلة في عيوب النكاح والإعسار بالنفقة قالوا بأن القاضي يفسخ النكاح بطلب من ثبت له الخيار، أو يرد ذلك إلى المستحق فيفسخه.
ويخرج عليه فرقة الشقاق.
لكن مباشرة القاضي لذلك أوقع هيبة القضاء في النفوس، وهو أمر معتبر، ولذا فإن الأولى مباشرة القاضي لذلك بطلب من له الخيار.