وحيث لم يتضمن القرار التحكيمي ردا على ذلك الدفع، وبذلك يكون قد ضم حق الدفاع، کما خالق المنصوص قاعدة أساسية من القواعد الإجرائية عليها بالنصوص التشريعية التونسية وهي قاعدة لزوم تعليل الأحكام والقرارات الفضائية، المنصوص عليها بالفصل ۱۲۳ من مجلة المرافعات المدنية والتجارية الذي يوجب التنصيص بالحكم على "المستندات الواقعية والقانونية".
وحيث أن حرق القواعد الإجرائية الأساسية يوجب إبطال القرار التحكيمي عملا بالفصل ٤٢ من مجلة التحكيم. وحيث أنه يستنتج من أحكام الفصل ١٢٣ المذكور، وحسبما ما درج عليه فقه القضاء التونسي أن تعليل الأحكام يجب أن يكون متناسقا ومتجانساً ومتكاملا ومؤديا بصفة منطقية إلى النتيجة المحكوم بها، بحيث لا يعقل أن يكون الحكم متناقض الأجزاء. ان القرار التحكيمي المطلوب إبطاله قد رفض الطلب المقدم من قبل طالبة الإبطال في إطار دعواها المعارضة والمتعلق بتحميل المقاول مصاريف تنفيذ الأمثلة الهندسية معللة ذلك بأنه لا يمكن الإستجابة لذلك الطلب إلا بعد القبول الوقتي، أي أن هيئة التحكيم تعتبر أن التسليم لم يحصل، ثم أنها قضت لصالح المقاول بالمبلغ المساوي للضمان (10 بالمائة من مبلغ الصفقة الذي لا يستحقه المقاول إلا بعد حصول التسليم النهائي الذي يكون بعد القبول الوقتي بسنة حسبما ورد بأمر ١٩٨٩ المتعلق بالصفقات العمومية وبأحكام عقد الصفقة (الفصل 18 والفصل 19 والفصل ٢٠ من العقد). وحيث يتبين من ذلك أن القرار التحكيمي جاء متناقض الأجزاء إذ ورد بأحد فروعه أن التسليم لم يحصل ثم تأسس فرع ثان منه على حصول التسليم.
وحيث أن تناقض أجزاء الحكم بمس بالقواعد الإجرائية الأساسية. ... وحيث ينضاف إلى ذلك التناقض الوارد بالصفحة 13 من القرار التحكيمي في خصوص غرم الضرر اللاحق بطالبة الإبطال الآن من التأخير في إنجاز الصفقة، حيث قضت في البداية بالتعويض للشركة المذكورة تلك المضرة عملا بالشرط التغريمي ثم أنها صرحت أن "الشركة مسؤولة بدورها التأخير، هذا بالإضافة إلى أن الملف حال من أي مؤشر يفيد حصول الضرر المزعوم وحسابه وتقديره، وبالتالي فهيئة التحكيم تقضي بعدم سماع الدعوى شانه"، ومن ثمة فإن هيئة التحكيم تعتمد المستند ونقيضه لتأسيس نفس الحكم مما يجعل حكمها مشوبا بعدم المنطقية بغض النظر عن الفرع من الحكم إذ أن هذه المحكمة ليست محكمة درجة ثانية، فلا تراقب محتوى القرار التحكيمي لتعيد النظر فيه وإنما تراقب مدى احترامه للقواعد الإجرائية ومدى توفق هيئة التحكيم في أداء مهمتها الفضائية. وحيث أن القرار التحكيمي تعتريه إخلالات جوهرية عديدة تجعله مخالفا لمبادئ نظام التقاضي التونسي، وهو ما يستوجب إبطاله عملا بأحكام الفصل ٤٢ من مجلة التحكيم».
كما اعتبرت محكمة الإستئناف بتونس في قرارها عدد 40 بتاريخ 5 ماي 1999 أن التعليل المتناقض يؤدي إلى إبطال حكم التحكيم، وذلك للأسباب التالية: ه... پشین بالاطلاع على القرار المذكور أنه قضى لصالح الطلب في ما يتعلق بالتعويض للمدعية عن الضرر اللاحق بها من جزاء تعطيل بعض معداتها مع تقدير قيمة الضرر المذكورة والمتمثل في تعذر استعمال تلك المعدات، بفرض الطلب المتعلق بالتعويض للمدعية عن الضرر اللاحق بها من جراء تمديد آجال إنجاز المشروع، وعلل قضاءه في هذا الباب بأن "المدعية لم تقدم ما يثبت أنها تخلت عن إنجاز صفقات أو رفضت التعاقد على إنجاز فلان كان ضعف التعليل لا يمثل مينا الإيطال القرارات التحكيمية فإن الأمر على خلاف ذلك حين بمعان الأمر يتناقض التعليل، إذ يعتبر التناقض بمثابة إنعدام التعليل مطلقا.
وحيث أن هذا القول بعلبت على أحكام المحاكم العدلية وعلى الأحكام التحكيمية، وهو الرأي الذي انتهى إليه فقهاء القانون كالفقه اماتيو دي بواسيزون» Mathieu DE BOISSISON في كتابه القانون الفرنسي للتحكيم الداخلي والدولي، ص. ۳۷۷
ذلك أن تناقض حيثيات الفرار دليل على اختلال المنطق المعتمد من قبل المحكمين في الفصل في النزاع
وحيث أن تناقض تعليل القرار التحكيمي يمثل بدوره سيا من أسباب إيطاله لخرقه القواعد النظام العام.
وحيث أنه ولكن خول الفصل 42 من مجلة التحكيم أن تقضي بأبطال القرار التحكيمي جزئيا فقط، وذلك بإقرار سلامته في بعض الفروع المفضي فيها دون سواها، فإن تلك الإمكانية تبقي رهيئة إمكانية فصل الفرع المقضي أبطاله عما عداه من الفروع
وحيث أن وجه الأبطال المستمد من عدم احترام حقوق الدفاع وعدم الرد على دفوعات المدعي عليها يؤدي إلى ضرورة إعطال الفرار في فرعه المتعلق بالتعويض عن قيمة الأشغال الإضافية.
وحيث إن سائر فروع الدعوى مؤسسة على هذا الطلب الرئيسي ولا يمكنها أن تقوم بدوته وإن إبطال الفرع الأساسي من الحشمي أن تبطل به بقية الفروع، خصوصا وأن البعض منها تقرر إبطاله لأسباب خاصة به، تتمثل في تناقض التعليل
وحيث يتجه لذلك ومرعاة للمبدأ المذكور الحكم بأبطال الفرار التحكيمي برمتها
وفي إطار مسألة الوضوح والمنهجية، نلاحظ أنه يحسن بالمحكم أن بنا حكمه بتحديد طبيعة التحكيم، وخاصة بيان إن كان داخليا أو دوليا، مع استعراض حججه على ذلك والرجوع خصوصا إلى الفصل 48 من مجلة التحكيم في خصوص معايير التمييز بين صفي التحكيم إن كانت مجلة التحكيم التونسية في المستطيفة طيق ما ورد بالفصل 4۷ من مجلة التحكيم - ذلك أن تحديد طبيعة التحكيم هي التي تضبط الإطار القانوني الذي يتحرك فيه المحكم. وقد رأينا بعض الأحكام التحكيمية التي اقتصر فيها المحكم على وصف التحكيم بأنه داخلي في الصفحة الخارجية (page de garde) من قراره دون إيلائها كبير اهتمام في الحكم ذاته، مما أدى إلى طرح إشكاليات قانونية عويصة تتعلق بدور القاضي في إثارة الصيغة الدولية للتحكيم من عدم ذلك، بما عرقل مصالح الطرفين، وخاصة منهما المحكوم له. كما أن مسألة التكييف لها أهمية كبرى في تيسير الأمر على الأطراف لتحديد الجهة المختصة للنظر في طلب الإكساء بالصيغة التنفيذية أو للطعن في حكم التحكيم عند الاقتضاء. كما يحسن التطرق ولو بإيجاز - وحتى على سبيل التذكير - إلى مسألة كون التحكيم صلحيا (amiable-composition | ex seque et bono) أو طبق القانون، والتذكير بالقانون المنطبق بصفة أولية. ه وضوح حيثيات حكم التحكيم وجدية التعليل: