الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / المبادئ التي تحكم خصومة التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / واجبات المحكمين

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    265

التفاصيل طباعة نسخ

(أولا) تكريس المبادىء الأساسية للخصومة فى النظام الدولي للتحكيم التجاري :

   بالنظر إلى تباين الأنظمة الوطنية في معالجة المبادىء الأساسية الموجهة لخصومة التحكيم من حيث عنايتها بتفصيل هذه المباديء أو بإجمالها أو بمعالجة بعضها دون البعض الآخر باعتبار هذا البعض الأخير من المسلمات أو باعتباره متصلا بالبعض الأول إتصالا وثيقا فان اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجارى الدولى تتباين بدورها فى هذا الشـ ان وإن كان يظهر من جماعها حرصها على إحترام تلك المبادىء كشرط لصحة حكم التحكيم.

    من مظاهر ذلك ما نصت عليه نظام مركز تسوية منازعات الإستثمار المقرر باتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ من أنه يجوز لأى من الطرفين أن يقدم طلبا مكتوبا الى الأمين العام للمركز لإبطال حكم التحكيم لأى سبب من الأسباب الآتية : ... (د) إغفال قاعدة أساسية من قواعد الخصومة إغفالا صارخا ) . وبالرغم من عدم وجود نص مقابل في نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية فان نصوصه تكفل احترام تلك القواعد فى مختلف مراحل الخصومة، حيث تقرر للطرفين حقوق الدفاع على قدم المساواة بينهما. ومظهر ذلك أن المادتين ٣ و ٤ تتيح لكل من الطرفين فرصة عرض دعواه وبيان وجهة نظره أمام محكمة التحكيم وتقديم مستنداته كما أن المادة ٥ ترسى مبدأ المواجهة بين الطرفين عندا إبداء الطلبات المقابلة وتنص المادة ١٣ على وجوب وضع المحضر الذي يحدد فيه المحكم مهمته على أساس المستندات المقدمة من الخصوم أو في حضورهم  ، كما أوجب توقيعه منهم. وتتكلم المادة ١٤ عن واجب المحكم في الاستماع الى اقوال الخصوم فى مواجهة بعضهم البعض، ويكون هذا الإستماع بناء على طلب المحكم أو بناء على طلب أحد الطرفين  فإذا قرر المحكم الاستماع الى شخص من الغير أن يكون ذلك فى حضور الطرفين أو بعد دعوتهما الى جلسة الاستماع بصورة صحيحة. كما أن المادة ١٥ من النظام تخول المحكم ادارة الجلسات الا أنها قد اشترطت السلامة الإجراءات حضور الطرفين أو دعوتهما للحضور بصورة صحيحة . وبالجملة يقرر الفقه أنه يجب على المحكم في مؤسسات التحكيم الدائمة الدولية، كما في التحكيم غير المؤسسي ، النظر في النزاع بطريقة تسمح لكل طرف بأن يبدى أوجه دفاعه ودفوعه وتفادى أي عائق يحول دون ذلك .

   ومن أهم نصوص قواعد لجنة الأمم المتحدة - في هذا الخصوص – نص المادة ١/٢٤ الذى يقرر لكل من الطرفين الحق في إبداء أقواله المثبتة لحقيقة النزاع وهو في سبيل بيان دعواه أو دفاعه ، والمادة  ٢/٢٤ تقرر للخصم الحق في تقديم المستندات التي يرد بها على ادعاءات خصمه الآخر والمادة ۱/۲٥ التي توجب على المحكمة اعلان الطرفين بجلسة المرافعة الشفهية التي تقرر عقدها، وذلك قبل ميعاد الجلسة بوقت مناسب، والمادة ٢/٢٥ التي تقرر نفس الحل اذا قررت محكمة التحكيم عقد جلسة لاستماع أحد الشهود ، والمادة ٢٧ التي تنظم تعيين خبير وتجعل جميع المسائل المتعلقة به في مواجهة الطرفين.

    أما القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى - وهو الأحدث والأكثر تطوراً في مجال التحكيم - فقد خصص الفصل الخامس لسير اجراءات التحكيم على نحو عادل وفعال ضمنه المبادىء الأساسية للعدالة.

    وجاءت المادة ٢٦ لتتيح للمحكمة وللطرفين الحق في الإستعانة بخبير، ونصت هذه المادة (فقرة ۲) على أنه إذا طلب أحد الطرفين أو رأت محكمة التحكيم ضرورة لذلك يقدم الخبير تقريره الكتابي أو الشـــــفـهـي فـــي جلسة مرافعة تتاح فيها للطرفين فرصة توجيه أسئلة اليه وتقديم شهود من الخبراء ليدلوا بشهادتهم في المسائل موضوع النزاع. وأخيرا أجازت المادة ٣٤ الطعن في حكم التحكيم أمام المحكمة الوطنية المختصة بالبطلان إذا لم يكن الطرف الذي يطلبه قد أبلغ على وجه صحيح بتعيين أحد المحكمين أو بإجراءات التحكيم، أو أنه لم يستطع لسبب آخر أن يعرض قضيته، أو كان موضوع النزاع لايقبل التسوية بطريق التحكيم وفقا لقانون الدولة المعنية، أو كان حكم التحكيم متعارضا للنظام العام فى هذه الدولة. وبالجملة فان النصوص المتقدمة تكفل عدم وقوع مخالفات خطيرة للأسس الجوهرية اللازمة لتحقيق العدالة الإجرائية .

   (ثانيا) عدم الإعتراف بحكم التحكيم التجارى الدولى أو تنفيذه إذا أخل بالمبادىء الأساسية لخصومة التحكيم :

      تشترط معظم اتفاقيات التحكيم التجارى الدولى للإعتراف بأحكام المحكمين وتنفيذها في اقاليم الدول الأطراف أن تكون المبادىء الأساسية الموجهة لخصومة التحكيم قد روعيت في الإجراءات وإلا جاز للسلطة الوطنية المختصة رفض هذا الإعتراف أو التنفيذ ، وهو ما يضمن احترام المحكمين الدوليين لهذه المبادىء.

     فقد أرست المادة الأولى فقرة (هـ) من اتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية مبدأ عاماً بمقتضاه يلزم للإعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه في اقليم احدى الدول الأعضاء ألا يكون هذا الإعتراف والتنفيذ متعارضاً مع النظام العام أو المبادىء العامة لمقانون هذه الدولة. وليس من شك فى اعتبار المبادىء الأساسية لخصومة التحكيم متعلقة بالنظام العام في مختلف الدول وإلا أدى القول بغير ذلك الى عدم ضمان تحقيق العدالة.

    لذا نصت المادة الثانية فقرة (ب) من نفس الاتفاقية على أنه حتى لو توافر الشرط المتقدم فان الإعتراف بحكم التحكيم الأجنبى أو تنفيذه في اقليم احدى الدول الأعضاء لايجوز إذا تبين للقاضي المختص أن الطرف الذى يحصل الإحتجاج قبله بالحكم لم يعلم باجراءات التحكيم في الوقت المفيد الذى يسمح له بإبداء دفاعه أو لم يمكن من تمثيله تمثيلاً صحيحاً إذا كان ناقص الأهلية.

     ولم تخرج اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ بشأن الإعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها عن هذه المبادىء فوفقاً للمادة الخامسة من هذه الإتفاقية يجوز للسلطة الوطنية المختصة رفض هذا الإعتراف والتنفيذ إذا قدم اليها الطرف الذى يحتج عليه بالحكم الدليل على أنه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه أن يقدم دفاعه لسبب آخر  . كما أجازت نفس المادة للسلطة الوطنية المختصة رفض الإعتراف بحكم التحكيم الأجنبى أو تنفيده إذا تبين لها أن فى الإعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في البلد الذي طلب فيه الإعتراف أو التنفيذ .

    ويطابق هذان السببان لرفض الإعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها في اقليم الدولة التي يطلب اليها ذلك فى ظل إتفاقية نيويورك نفس السببين المنصوص عليهما في المادة ٣٦ من القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى لرفض هذا الاعتراف والتنفيذ، حيث ورد السبب الأول المتعلق بعدم العلم بالإجراءات في الفقرة الأولى من المادة المذكورة ، كما ورد السبب الثاني المتعلق بمخالفة النظام العام في نفس الفقرة . إنما يلاحظ أن النصوص الواردة - في هذا الشأن - في القانون النموذجى المذكور لا تتعلق فقط بأحكام التحكيم الأجنبية كما هو الحال في اتفاقية نيويورك لعام ۱۹٥٨ بل تتعلق أيضا بجميع أحكام التحكيم الصادرة في منازعات التجارة الدولية ولو لم تكن هذه الأحكام أجنبية وفقاً لقانون الدولة التى يطلب اليها الإعتراف بها وتنفيذها في إقليمها.