أوجه الاختلاف بين خصومة التحكيم والخصومة القضائية وسلطة الحكم والقاضي
أولا : لما كان التحكيم استثناء على الأصل وهو القضاء، فإن موضوع الخصومة القضائية أوسع نطاقا من موضوع خصومة التحكيم، حيث أن هناك بعض الموضوعات، التي لا يجوز مطلقا أن تكون محلا الاتفاق التحكيم) مثل المسائل الجنائية كما سبق أن أوضحنا.
ثانيا : تلعب إرادة الأطراف دورا كبيرا في اختيار المحكمين، خاصة إذا كان التحكيم حرا، أما إذا كان التحكيم نظاميا، أي تتبناه مؤسسة أو غرفة أو مركز. فإنه قد يقوم الأطراف باختيار المحكمين فيه، وقد يتركون هذا الأمر إلى المركز أو الغرفة التي تتولى ذلك وفقا لنظامها .
ثالثا : تخضع مسئولية المحكمين للقواعد العامة، حيث أن مصدر المسئولية هنا العقد بين الأطراف والمحكمين، وإذا كان المحكم يشغل وظيفة القاضي، ولو كان هناك إذن من مجلس القضاء الأعلى، فإنه يخضع أيضا للقواعد العامة في المسئولية، وهذا بعكس القضاة الذين يخضعون النظام المخاصمة.
رابعا : أبداء الدفوع أمام هيئة التحكيم لا يشترط فيها ترتيب معين أيا كانت تلك الدفوع ماعدا الدفع بعدم الاختصاص الذي إذا كان مبنيا على عدم وجود اتفاق التحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع فيجب التمسك بها في ميعاد لا يجاوز میعاد تقديم المدعى عليه المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون التحكيم المصرى. كما أن الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم، لما يثيره الطرف الآخر من مسائل أثناء نظر النزاع فيجب التمسك به فورا أي في المذكرة اللاحقة إثارة هذه المسألة. وهذا كله بخلاف الدفوع أمام القاضي العادي. ويتفق القانون الإنجليزي (المادة 31) مع القانون المصري في هذا الصدد .
خامسا : الخصومة أمام قضاء الدولة يجب أن تجرى باللغة العربية نقط. أما الخصومة أمام المحكمين، فإنه من الممكن أن تجرى بلغة غير اللغة العربية.
سادسا : لا يجوز لأي شخص أن يتدخل تدخلا اختصاميا، للمطالبة بحق له أثناء سير خصومة التحكيم، وذلك بخلاف القضاء، كما لا يجوز لأي شخص التدخل انضماميا أثناء سير خصومة التحكيم، إلا إذا قبل الطرف الآخر ذلك صراحة .
سابعا : الأصل أن يعفي المحكم في الخصومة القضائية من تطبيق قواعد القانون الإجرائي، سواء كان محكما مقيدا بالقانون أم مفوضا بالصنع، إلا إذا اتجهت إرادة الأطراف إلى عكس ذلك.
ثامنا : الحكم الصادر من هيئة التحكيم يكون بحاجة إلى أمر بتنفيذه من القضاء المختص بذلك، نظرا لأن المحكمين لا يمتلكون سلطة الأمر. لذلك يجب تدخل قضاء الدولة لكي يعطي حكم التحكيم أمرا بتنفيذه، وهذا بخلاف حكم القضاء الذي إذا صدر حائزا لقوة الأمر المقضي، فإنه يكون قابلا للتنفيذ الجبري إذا تم تذييله بالصيغة التنفيذية كما سنوضح لاحقا. وبعبارة أخرى فهو في هذه الحالة يصدر مستغنيا عن أي إجراء آخر .
تاسعا : تختلف نقطة البداية في كل من الخصومتين حيث لا يحدد القانون شكلا معينا لبدء خصومة التحكيم، فيمكن إذن أن تبدأ بمجرد حضور الأطراف، إذا كان هناك مشارطه تحكيم وتم تعيين المحكمين. كما يمكن أن تبدأ يتوجيه إعلان من طرف إلى آخر إذا تم تشكيل هيئة التحكيم فإذا لم تشكل وتم الإعلان فإنه يكون باطلا فكيف يحضر أحد الأطراف أمام هيئة التحكيم لم تستكمل تكوينها القانوني. ولا يوجد شكلا معينا للإعلان- وذلك بخلاف الإعلان أمام القضاء العادي - فيجوز إذن أن يكون على يد محضر أو بالبريد، مع ملاحظة أن الإعلان لا يتم بواسطة الفاكس أو التلكس إذ لا
يعبران بريدا، وذلك ما لم يوجد اتفاق بين الأطراف على خلاف ذلك. كما لا يستلزم القانون أن يوقع أحد المحامين على العريضة، وذلك ما لم يوجد اتفاق خاص بين طرفي التحكيم وهذا كله بخلاف ما يحدث أمام القضاء العادي في هذا الصدد.
عاشرا : يرجع على الحكم الصادر من هيئة التحكيم بدعوى البطلان كطريق وحيد ، بينما يرجع على أحكام القضاء بكافة طرق الطعن ، س واء العادية أم غير العادية ، وليس بدعوى البطلان ، حيث أنه لا دعاوی بطلان