الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور المحكم في خصومة التحكيم / ضوابط ممارسة المحكم سلطة وضع التنظيم الإجرائي

  • الاسم

    د. هدى محمد مجدي عبدالرحمن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

    464
  • رقم الصفحة

    211

التفاصيل طباعة نسخ

ضوابط ممارسة المحكم سلطة وضع التنظيم الإجرائي

  يخضع المحكم في ممارسة سلطة وضع التنظيم الإجرائي لقيـود وضوابط تجد مصدرها في إطار النصوص القانونيـة الأمـرة، وإرادة الأطراف، وأيضـاً فـي ملائمـة الإجراءات لطبيعة النزاع المثار،فما يدفع الأطراف إلى تفضيل التحكيم عن القضاء ما ينشدونه من الوصول إلى العدالة بأسرع السبل وأيسرها،وهذا لا يكـون بـإطلاق يد المحكم في الخصومة ليسيرها كيفما يشاء،فالسلطات الإجرائية الواسعة التي يتمتع بها المحكم في إدارة الإجراءات ليست مطلقة،فالمحكم كالقاضي يخضع لقيـود وضوابط في ممارسـته السلطاته وإختلاف مصادر هذه الضوابط والقيود بالنسبة للمحكم ليس مرجعه إنتفاء الطبيعة القضائية لمهمته وإنما للطبيعة المتميزة للخصومة التي تنعكس على أبعاد الدور الذي يؤديه. 

  ورغم أن هذه القيود تكفل عدم تجاوز المحكم لنطـاق سلطاته أووقوعه في أخطاء إجرائية وعدم تهاونه في أداء مهامه،وتحفظ للأطراف حقهم في الوصول إلى حكـم عـادل وصحيح،إلا أن غالبية الأنظمة القانونية قد إكتفت بالإشارة إلى هذه الضوابط إشارة عامة دون توضيح المسلك الإجرائي السليم الذي يتعين على المحكم إتباعه في إدارة الإجراءات تحقيقاً لهذه العدالة،أوتحديد أنماط السلوك التي تشكل إهدارا لها.

   فإذا ما رجعنا إلى المفهوم القضائي السليم الخصومة التحكيم وما تقتضيه من ضرورة تعيد المحكم بأحكام القانون الإجرائي الواجب التطبيق، وبالتحديد بالقواعد الأمرة في هذا القانون بالإضافة إلى المبادئ الأساسية في التقاضي، وإذا ما وضعنا في الاعتبار ما تتميز به خصومة التحكيم من إفساح المجال أمام إرادة الأطراف للإختيار من الإجراءات ما قد يرونه ملائماً،لوجدنا أن المحكم يتقيد في ممارسة سلطاته الإجرائية بقيدين يمثل أحدهما الحد الأقصى الذي لايملك تجاوزه وهو الأحكام الآمرة في القانون الإجرائي الواجب التطبيق والمبادئ الأساسية في التقاضي. أما الثاني فيمثل الحد الأدنى الذي لايملك المحكـم أيضاً تجاوزه وهو ملائمة القواعد الإجرائية،وإحترام إتفاق الأطراف.

 

  ملائمة الإجراءات للنزاع:

 

  تتضح السلطات الإجرائية للمحكم وتزداد إتساعاً عندما يفوض في إختيار الإجراءات وهذا التفويض يضاعف من مسئوليته عن صحة الإجراءات وملاءمتها للنزاع المطروح، إذ ينبغي مراعاة أن سلطة المحكم في تقدير ملائمة الإجراءات هي سلطة موضوعية لاتعتمد على رؤية شخصية للمحكم،وإنما بناء على تقدير موضوعي في ضوء المسائل التي يثيرها النزاع وطبيعة المعاملة ذاتها،وبالنظر لما يتوافر له من خبرة عامـة بمسائل التحكيم وبموضوع النزاع فيتمكن من المواءمة بين الاحتفاظ بالجوهر القضائي الخصومة وبين إختيار القواعد الملامة لطبيعة النزاع،واضعاً في إعتباره أن عدالة الإجراءات لاتعنى فقط عدالة الإجراء في ذاته، وإنما تعنى أيضاً ملائمة الإجراء للنزاع المطروح في كافة جوانبه. 

  فتوخي السرعة في حسم النزاع يتجسد في إختيار الإجراءات التي لايترتب عليها إطالة أمد النزاع دون مقتض ،فالسرعة لاتأتي في المقام الأول بالنسبة للاعتبارات التي تحكم إختيار الإجراءات،فالعدالة لا تتحقق بالضغط على الأطراف للسير في الإجراءات بأسرع مما تقتضيه طبيعة النزاع المطروح وتفصيلاته والملابسات التي أحاطت به، فقد تكـون المرافعات الشفوية أمراً لازماً في نزاع،وقد يكتفي بتقديم المستندات في نزاع آخر دون حاجة لإجراء مرافعات أو سماع شهود،فالمنازعات المتعلقة بتبادل البضائع والسلع لا تقتضي إتباع إجراءات طويلة ومعقدة تثقل كاهل الأطراف بمصروفات ضخمة وتعرقل الفصل في النزاع بلا ضرورة مما يضر بعدالة الدعوى ويؤثر على فاعليـة التحكيم، ويكفي في مثل هذه المنازعات التي لاتثير في غالبية الحالات مسائل قانونية إنتقال المحكم أوالخبير لمعاينة البضائع ومراجعة مستنداتها وحسمها في وقت يسير، وذلك على خلاف أنماط أخرى من المنازعات كتلك المتعلقة بنقل التكنولوجيا،أو البنـاء والتشييد،فتقتضـى إتبـاع إجـراءات مخاصمية دقيقة،كإجراء المرافعات وسماع الحجج وتلقى الأدلة ومناقشتها لتبين وجـه الحق فيما يثيره النزاع من مسائل قانونية معقدة ، ومن ثم فإن ملاءمة الإجراء لطبيعة النزاع تشكل قيداً على حرية المحكم عند إختيار الإجراءات.