الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور المحكم في خصومة التحكيم / سلطة وضع التنظيم الإجرائي للخصومة

  • الاسم

    د. هدى محمد مجدي عبدالرحمن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

    464
  • رقم الصفحة

    204

التفاصيل طباعة نسخ

سلطة وضع التنظيم الإجرائي للخصومة

الدور الإيجابى للأطراف فى تحديد شكل الإجراءات

توثيق هذا الكاتب

 ‏وفي تقديرنا أن المشرع قد بالغ في منح المحكم هذه السلطات الإجرائية الواسعة،وأني من شأنها إضعاف الدور الإرادي لأطراف الخصومة وقد يدفع لاستبداد المحكم،كما لم يعلن المشرع بوضع الضوابط للتحقق من توافر الضمانات الكافية في لوائح مؤسسات التحكيم،أو تنظيم كيفية اللجوء إليها، وهذا يضفى على إجراءات التحكيم الطابع العشوائي الذي يبعد عن إطار التنظيم القانوني عندما لايتفق على كافة التفصيلات الإجرائية

تفويض المحكم في وضع التنظيم الإجرائي: 

تتضح سلطات المحكم الإجرائية وتزداد إتساعاً عندما يفوضه الأطراف في تحديد إجراءات الخصومة، فقد تؤثر المصالح المتعارضة للأطراف على مناخ الود والثقة الذي يسود مرحلة الإتفاق،فتكون للخصوم مواقف متباينة بشأن تنظيم إجراءات الخصومة لمذا قد يتعذر وضع التنظيم الإجرائي خاصة وأنه يتطلب درجة من التخصص والتأهيل قد لاتتوافر لديهم فيتم الإتفاق على تفويض المحكم في وضع التنظيم الإجرائي. 

وتفويض المحكم في إختيار القواعد قد يؤدي إلى نتائج غير عادلة إما لعدم عدالة الإجراء في ذاته، أو لاستقلال المحكم بتحديد القواعد الإجرائية وفقاً لما يراه هو ملائماً على نحو قد يخـل بتوقعات الأطراف، لذا يتعين على المحكم دائما التنبيه على الأطراف بالقواعد التي ينتـوى إتباعهـا قبـل بـدء الإجراءات بفترة كافية،متيحاً لهـم فرصة التعليـق وإقتراح إجـراءات بديلة،وإحاطتهم بأية تعديلات لاحقة يقتضيها حسن سير الإجراءات، كما يلتزم بإعطـاء الأولوية في إختيار القواعد عند تفويضه في ذلك للقواعد التكميلية في القانون الإجرائي الواجب التطبيـق بإعتبارها الأولى في التطبيـق مـا لـم يتبين عدم ملائمتها،ويلتزم أيضاً بمراعاة التوازن بين مصالح الأطراف،وذلك بإختيار القواعد الإجرائية التي تتناسب مع طلبات وإدعاءات كلا الطرفين . -

 الطابع الاتفاقي لسلطات المحكم في إختيار شكل الإجراء:

 من الملامح المتميزة لخصومة التحكيم والتي تعكس الطابع الـودي الذي يسيطر على إجراءات التحكيم معاونة الخصوم للمحكم في إختيار الأشكال الإجرائية من خلال إجتماع المحكم مع الأطراف بغية تحضير القضية،حيث تتضح الطبيعة المتميزة لمهمة المحكم،وتعـد مرتعاً لممارسة سلطاته الإجرائية على أوضح ما يكون، فيتم تحديد نطاق النزاع وإجراءات حسمه على وجه الدقة، ليتحدد بذلك نطاق سلطاته الإجرائية والموضوعية. ويتم في هذا الإجتماع التمهيدي تحديد الخطة الإجرائية الواجبة الإتباع وإختيار وسائل الإثبات الملائمة لظروف الدعوى وطبيعة النزاع المثار.

 عناصر التنظيم الإجرائي:

 تتحدد أولوية الإجراءات تبعاً لعدة عناصر تسهم في رسم الملامح الإجرائية في كل حالة على حدة مع الاحتفاظ بالطابع القضائي للإجراءات في جوهره. ومن هنا تتجلى أهمية الدور الذي يقوم به المحكم في خصومة التحكيم والذي يبرر منحه هذه السلطات الإجرائية الواسعة التي يتميز بها عن القاضي الوطني. فيتم خلال الاجتماع التمهيدي وضع كافة عناصر التنظيم الإجرائي،ويراعي الخصوم والمحكم الدقة عند إختيار القواعد الإجرائية واضعين في الإعتبار أثرها على العدالة الإجرائية التي ينشدونها،فملائمة الإجراءات لخصوصية النزاع المثار تساهم في تحقيق العدالة، ومن ثم فلا يجب أن يكـون إختبـار الإجراءات عشوائياً وإنما تحكمه إعتبارات موضوعية. ويهمنا أن نتناول بالشرح والتعليق بعض المسائل الإجرائية الهامة التي يتعين حسمها بوضوح قبل بدء الإجراءات:

[1] إختيار مكان التحكيم:

 يترتب على إختيار مكان التحكيم آثار إجرائية عديدة، فللقضاء في الدولة التي يقام فيها التحكيم سلطات واسعة في تدعيم سير التحكيم أو إفساد فاعليته،فقانون مكان التحكيم يفرض رقابته على الإجراءات ،وقد يمنح هيئات التحكيم سلطات واسعة،أويضع قيودا على إختيار المحكمين وبصفة خاصة ما يتعلق بمؤهلات المحكمين وشروط تعيينهم، وشكل الإجراءات،وتتنافس الأنظمة القانونية في إصدار تشريعات أكثر مرونة وتقديم تسهيلات إجرائية،وفرض قيود أقل على التحكيمات غير الوطنية لجذب التحكيمات إليها .

وقد نصت المادة "28" من قانون التحكيم المصرى الجديد على أن:" لطرفي التحكيم الإتفاق على مكان التحكيم في مصر أوخارجها ،فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى وملائمة المكان لأطرافها". ويتضح من صياغة هذه المادة أن المشرع لم يضع أية قيود على حرية الأطراف في إختيار مكان التحكيم،بينما قيد حرية التحكم في إختياره بأن يكون ملائماً لظروف الدعوى وأطرافها، وقد أوضحت المادة 1457" من قانون المرافعات الفرنسي أنه عند عدم تعيين مكان التحكيم من قبل الأطراف فإن الاختصاص بتدعيم التحكيم ومساعدته يكون للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ولم تمنح المحكمين سلطة إختيـار مكان التحكيم،وحددت المحكمة المختصة بأنها محكمة موطن المدعى عليه، وفي هذا إظهار للطابع القضائي لخصومة التحكيم.

ونعتقد أن هذا النص لايحظر على المحكم إختيار مكان التحكيم بقدر ما يوجهه إلى إختياره على نحو ما حدده النص، لأنه في حالة إختيار مكان مغاير ستظل هذه المحكمة هي المختصة بمسائل التحكيم،مما قد يحدث تضارباً من الأجدر بالمحكم أن يتوقـاه. هذا ويتعين على أطراف خصومة التحكيم بصفة عامة الإلمام بقانون محل التحكيم قبل إختياره والتحقق مما يقدمه من ضمانات وبصفة خاصة لغير مواطنيها, ،وأن يكون هو الدافع لإختيار دولة ما لإجراء التحكيم فيها دون الإعتماد على المزاج السياحي للمحكمين، أوتـرك الأمر للمصادفات ،فهذا القانون يمارس دوراً هاماً رغماً عن إرادة الأطراف التي ينتهى دورها بإخياره، فيلتزم المحكم بإحترام قواعد النظام العام في مكان التحكيم وتغليبها على أحكام القانون الذي قد يختاره الأطراف لحكم النزاع. ولعـل إختيار مكان تنفيذ العقد مثار النزاع،أومكـان وقـوع النزاع بصفة عامة كمكـان التحكيـم يكـون أجـدى وأيسر في الإثبات فييسر للمحكم إجراءات الإثبات كسماع الشهود، والأوامر الوقتية، بالإضافة إلى أن معايشة الجو الذي أحاط بالنزاع تعين المحكم على حسمه .

[۲] تحديد لغة الإجراءات :

اللغة هي أداة الفكر ولايتسنى للخصوم التعبير عن وجهات نظرهـم إلا بلغتهم الأصلية أوبلغة يتقنونها تماماً ،لذا يلتزم المحكم بلغة الأطراف، ولايجب التساهل في ذلك إحتراماً لحـق الدفاع،فقد تكون اللغة عائقاً أمام عـرض الخصم لدعـواه وسببا لخسارتها، ومن المنصور إتفاق الأطراف على إتباع لغة مغايرة للغتهم الأصلية مقدرين تبعات هذا الإختيار،وقد يتفق الخصوم على الإستعانة بأكثر من لغة.

 وقد عالجت أحكام قانون التحكيم المصرى تحديد لغة الإجراءات من ذات الزاوية التي تناولت بها مختلف إجراءات التحكيم، عندما نصت المادة "1/29 على أن يجرى التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى، ويسرى حكم الإتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة وعلى المرافعات الشفهية، وكذلك على كل قرار تتخذه هذه المحكمة أورسالة توجهها أوحكم تصدره مالم ينص اتفاق الطرفين أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك". وحسنا فعل المشرع أن جعل الأصل هو اللغة العربية. وقد نصت الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه ولهيئة التحكيم أن تقرر أن يرفق بكل أوبعض الوثائق المكتوبة التي تقدم في الدعوى ترجمة إلى اللغة أو اللغات

المستعملة في التحكيم،وفي حالة تعدد هذه اللغات يجوز قصر الترجمة على بعضها ".

توثيق هذا الكاتب

 ونعتقد وجاهة هذا النص لأن إلزام هيئة التحكيم بترجمة كافة المستندات يكبد الخصوم الكثير من الوقت والتكاليف خاصة مع ما تشهده خصومات التحكيم في الآونة الأخيرة من تكدس في المستندات،ومن هنا تمارس هيئة التحكيم سلطة تقديرية في الأمر بترجمة المستندات الهامة الحاسمة في النزاع. ونعتقد أنه ليس هناك ما يحول دون طلب أحد الأطراف ترجمة مستند ما يرى أهميته،أويبادر بتقديم ترجمة معتمدة له.

[۳] الإستعانة بسكرتيرين وكتبة :

 اجازت غالبية الأنظمة الوطنية والمؤسسية للمحكم الأمر بإتخاذ إجراءات الإثبـات المختلفة كسماع الشهود، وإجراء المعاينة،والإستعانة بالخبراء والسكرتيرين والكتبة . ويتولى المساعدون القيام بما يكلفهم به المحكم من أعمال إدارية تتعلق بالخصومة كتدوين ما يدور في الجلسات ويوقع عليها منه ومن المحكم، وإرسال صورة من محاضر الجلسات للأطراف عقب كل جلسة عندما يقضى بذلك النظام المؤسسى أو إتفاق الأطراف. وقد يتولى الأطراف فـي ظـل التحكيمـات الفرديـة إختيار السكرتير الذي يتولى المهام الإداريـة والتنظيمية،وقد يفوض المحكم في ذلك ، ويراعي في إختياره توافر شروط الحياد والإستقلال،فضلا عن التأهيل والخبرة،فمهمة السكرتير قد تتعدى الدور الكتابي البحت.

[4] تدوين محاضر الجلسات :

 الأصل أن المحكم لايلتزم بتدوين الأدلة والإقرارات أثناء سير المرافعات ما لم يتفق الأطراف على ذلك، إلا أن المتبع عملاً إجراء تسجيلات لكافة الاجتماعات وجلسات الإستماع، وهذا من شأنه مضاعفة ثقة الأطراف في الحكم، كما تبدو أهميته عند الرجوع إليه أثناء سير الإجراءات،أوبعد صدور الحكم إذا ما طعن عليه، وتعد هذه المسألة مـن أهـم عناصر التنظيم الإجرائي الواجبة الحسم قبل بدء الإجراءات، ويتعين على الأطراف دائماً مطالبة المحكم بتسجيل المرافعات،وقد تتم الإستعانة بمساعدين لإجراء عملية إختزال توفيراً للوقت والصعوبات خاصة في المنازعات المعقدة.

وقد أحسن المشرع المصرى عندما قرر في المادة 3/33" أن " تدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه إلى كلا الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلك".أي إعتبر أن تدوين محاضر الجلسات هو الأصل أخذا بالطابع القضائي للإجراءات، وأتاح للأطراف الإتفاق على غير ذلك لاعتبارات يقدرونها.