اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور المحكم في خصومة التحكيم / نطاق السلطات الإجرائية للمحكم فى خصومة التحكيم
يتمتع المحكم في إطار خصومة التحكيم بسلطات إجرائية واسعة،تزداد إتساعاً كلما تراجعت النصوص القانونية التي تقيد سلطات المحكم، إمـا لقصور التنظيم التشريعي أو لاختفائه كلية،وأيضا عندما يخول القانون لأطراف خصومة التحكيم حرية وضع التنظيم الإجرائي للخصومة أوتفويض المحكم في ذلك. فعندما يخلو التشريع من تنظيم تفصيلي لإجراءات الخصومة وهو ما كان عليه قبل صدور قانون التحكيم الجديد لايجد المحكم مناصاً من أن يكون مشرعا يضع قواعد وإجراءات الخصومة،ثم قاضيا يطبقها ولايقيده في ذلك إلا إتفاق الخصوم.
فما يميز خصومة التحكيم عن الخصومة القضائية الدور الإيجابي الذي يمارسه المحكـم في مختلف مراحل الخصومة، حيث تتناغم سلطات المحكم والأطراف في إطار النظـام القانوني لتخلق نظاماً إجرائيا متفرداً وإن ظل محتفظاً بجوهره القضائي الذي تحرص النصوص القانونية على فرضه كشرط أساسي لتمتع الحكم الصادر بقـوة الأحكام. وهذا الدور الإيجابي الذي يمارسه المحكم في إطار خصومة التحكيم اقتضى فرض بعض القيود التي تحد من سلطاته حماية لمصالح الخصوم،حتى لايستبد بالإجراءات ليسيرها كيفما يتراءى له،كما إقتضى فرض الضمانات التي تكفل عدم إساءة استخدام المحكم للسلطات التي يتمتع بها، وهذا يحتاج لبحث ودراسة مستفيضة للتعرف على مصدر سلطاته وكيفية ممارستها،والقيود التي ترد عليها، وذلك في ضوء التنظيم التشريعي لإجراءات خصومة التحكيم.
تمر إجراءات خصومة التحكيم بمرحلة تمهيدية يتم خلالها الإتفاق على معالم التنظيم الإجرائي الذي يحكم سير الخصومة،وقد يستقل الخصوم بوضعه بعيداً عن الحكم،أويشـارك المحكم بخبراته في وضعه،وقـد يتفق الخصوم على إستقلال المحكم بوضع هذا التنظيم الإجرائي تجنبا للإختلاف بشأنه.ثم تأتي بعد ذلك مرحلة سير الإجراءات حيث يمارس المحكم دورا إيجابياً في تسيير إجراءات الخصومة.
ومن ثم فإن المحكم يتمتع بنوعين من السلطات الإجرائية،الأولى تتعلق بإختيار الأشكال الإجرائية التي يتقرر إتباعها وذلك في بدء الإجراءات ويساهم من خلالها في وضع تفصيلات الخطة الإجرائية الواجبة الاتباع في حسم الـنزاع،وسلطات إجرائيـة تتعلـق بالسلطات الفعلية التي يمارسها أثناء سير الإجراءات. وهذه السلطات التي يتمتع بها المحكم في وضع التنظيم الإجرائي وفي إعماله تعد من المعالم المتميزة لخصومة التحكيم ولـدور المحكم ذاته،وتختلف عن الدور الذي يمارسه القاضي الوطني الذي تفرض عليه إجراءات الخصومة فرضا،ولايتمتع بأية سلطة تقديرية في إختيار الأشكال الإجرائية،أو الالتفات عن بعض المراحل الإجرائية،أو الخروج عن حدود التنظيـم الإجرائي الذي قننه المشرع على سبيل الفرض والإلزام .