الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور المحكم في خصومة التحكيم /  خصومة التحكيم وقانون المرافعات:

  • الاسم

    د. هدى محمد مجدي عبدالرحمن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

    464
  • رقم الصفحة

    197

التفاصيل طباعة نسخ

 خصومة التحكيم وقانون المرافعات:

عالجت التشريعات الوطنية في العديد من الدول إجراءات التحكيم بنصوص عامة جاءت ضمن نصوص قانون الإجراءات المدنية، أي بإعتبارهـا جـزء مـن قواعـد المرافعات .وفي تقديرنا أن لهذا المسلك دلالته الواضحة في التعبير عن مكانة خصومة التحكيم في إطار التنظيم القانوني،فقد أثرت الطبيعة القضائية الخصومة التحكيم على موقف المشرع في غالبية الأنظمة القانونية،أوجدت القواعد التي تحكم نظر خصومة التحكيم مكانها بين جنبات قانون المرافعات حيث أفردت لها أبواب مستقلة،أو كرست لها عدة مواد متتابعة تحدد السمات الخاصة التي تتميز بها عن إجراءات التقاضي العادية، وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن إمكانية إستخلاص دلالة أخرى من مسلك المشرع في معالجة القواعد التي تحكم نظر خصومة التحكيم ضمن نصوص قانون الإجراءات المدنية وهي إمكانية الاستعانة بقواعد المرافعات التي تنظم إجراءات الخصومة أمام القضاء فيما لم يتطرق له المشرع عند تنظيم القواعد التي تحكم نظر خصومة التحكيم لاستكمال ما بها من نقص، وهل تنتفى هذه الدلالة عند تنظيم خصومة التحكيم بقانون مستقل.

تتردد الإجابة على هذا التساؤل بين تأييد فكرة الإستعانة بأحكام قانون المرافعات فيما لم تتناوله النصوص التي تنظم عملية التحكيم لسد الفراغ القانوني أو القصور في تنظيـم خصومة التحكيم،وبين رفض لها بالنظر إلى عدم جواز إعمال قواعد المرافعات على خصومة التحكيم، لاختلاف طبيعة الروابط والعلاقات التي تنشأ في إطار التحكيم الأمر الذي دعا إلى استقلالها بقواعد خاصة ذات طابع متميز . ونحن نميل إلى تأييد فكرة الإستعانة بقواعد المرافعات لمعالجة القصور في تنظيم إجراءات وقواعـد خصومة التحكيم تنظيماً محكماً متكاملاً،وذلك في الحدود التي لاتشل فاعلية خصومة التحكيم ولاتؤثر على كيانها المتميز. وحجتنا في ذلك لاتستند إلى مسلك المشرع في الجمع بين قواعـد كـلا الخصومتيـن فـي قـانون واحـد،وإنمـا لـوحـدة الطابع القضائي الـذي يجمـع بينهمـا والـذي يبرر الإستعانة بقواعد المرافعات،فإستقلال خصومة التحكيم لايقطع بإستقلالها تماماً ولو أفـرد لها قانون مستقل.

(۲) فخصومة التحكيم تهدف إلى حسم النزاع القائم بين طرفي الخصومة مـن خـلال تنظيم إجرائي يبدأ بالمطالبة ويستمر حتى صدور الحكم أوإنتهاء الإجراءات بغير حكم،ومن ثم فلا تخرج خصومة التحكيم عن فكرة الدعوى بإعتبارها وسيلة لتقرير الحـق أوحمايته.فالصلة بين النظامين وثيقة العرى ولعلنا لانخطئ إذا ما نظرنا إلى كلا الخصومتين كفرعين لأصل واحد هو مرفق القضاء أوميزان العدالة والحماية القضائية. ويتفرع عن هذا الأصل أشكال لايختلف أساسها وهـو تقرير الحـق أوحمايته،ولاهدفها وهو تحقيق العدالة وإنما تتعدد طرائقها لتصبغ إجراءات الخصومة بصبغة خاصة تتلائم مع مقتضيات ممارستها،وهذا ينعكس على أسلوب إدارة الإجراءات،وكيفية معالجـة الـنزاع مـن النـاحيتين الإجرائيـة والموضوعية في الحدود التي لاتخرج بها عـن الهدف الذي تسعى إليه أو الأساس الذي أقيمت عليه. ونخلص من ذلك إلى أن خصومة التحكيم تجد مكانها الصحيح في إطار قانون المرافعات ،سواء نظمت بقانون مستقل،ام ضمن نصوص القانون ذاته.

نتيجة هامة مؤداها أنه لايجوز إستبعاد قواعد المرافعات بما تقدمه من ضمانات لصحة الحكم ،فقد شهدت الممارسة العملية للتحكيم وقوع المحكمين في العديد من الأخطاء الإجرائية التي تفقد الحكم الصادر عدالته ،وتهدد بإنهيار البنيان القضائي لخصومة التحكيم، وذلك نتيجة للإعتقاد الذي ساد لفترة طويلة بوجوب تحرير خصومة التحكيم من الخضوع لأية قواعـد إجرائية مما دفع المحكمـون إلى الإلتفات عن القواعد الإجرائية الأساسية بما تكفله من ضمانات .وقد حرص المشرع المصري في قانون التحكيم الجديد على الأخذ بأحدث الإتجاهات السائدة متجنباً بذلك كافة الإنتقادات التي وجهت الملغاة، وقد تميزت أحكام هذا القانون بوضع تنظيم تفصيلي لإجراءات خصومة التحكيم على نحو يجمع بين الجوهر القضائي الواجب توافره في خصومة التحكيم، مع إتاحة الفرصة للأطراف للإتفاق على أحكام مغايرة فيما يتعلق بالأحكام التي يجوز الإتفاق على مخالفتها،وهو ما سنقف عليه تفصيلاً من خلال تتبع سير إجراءات خصومة التحكيم للنصوص في مراحلها المختلفة .