الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 8 / الرقابة القضائية على صحة اتفاق التحكيم أثناء إجراءات التحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 8
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    75

التفاصيل طباعة نسخ

  مبدأ الاختصاص بالاختصاص:

 (1) من المبادئ الاساسية في التحكيم مبدأ "الاختصاص بالاختصاص"، ومفاده ان هيئة التحكـيم هي التي تختص بالنظر فيما اذا كانت مختصة بالنزاع المعروض عليها. وقد أرست محكمة النقض الفرنسية هذا المبدأ بحكم شهير لها جاء فيه انه " كأي جهة قضائية، ولو كانـت استثنائية، يدخل في سلطة المحكمين وواجبهم التحقق مما اذا كانواطبقا لنصوص اتفـاق التحكيم الذي يتمسك به ذوو المصلحةمختصين بالنظر في النزاع المطروح عليهم". (نقض فرنسي- الدائرة التجارية -22 فبراير 1949).

 (Motulsky (Henri): Etudes et notes sur l'arbitrage, 242-229) ويكون لهيئة التحكيم هذا الاختصاص، ولو دفع امامها بانعدام اتفاق التحكيم أو ببطلانه، أو بسقوطه. ذلك أن المحكم لكي ينظر ما يعرض عليه من نزاع لابد له ان يقرر أولا اختصاصه بنظره، ولو اقتضى هذا البحث في وجود وصحة وبقاء ونفاذ اتفاق التحكيم الذي يستند اليه طالب التحكيم، أذ هو يستمد ولايته من ارادة الطرفين، أي من هذا الاتفاق. ويرمي مبدأ الاختصاص بالاختصاص الى تمكين هيئة التحكيم من الفصل في النزاع دون تعطيل بسبب رفع دعوى امام محاكم الدولة يتعلق بوجود أو بصحة إتفاق التحكيم.

وقد قننت المادة 22/1 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 هذا المبدأ بنصها على أن "تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم او سقوطه بطلانه".

وتنص على هذا المبدأ المادة 6/2 من قواعد الـ .I.C.C "اذا لم يرد المدعى عليه على طلب التحكيم او آثار دفعاً يتعلق بوجود اتفاق التحكيم او صحته أو نطاقه كان لمحكمة التحكيم الدولية من فحص ظاهر الاوراق امكانية الاعتداد بوجود اتفاق التحكيم أن تقرر مواصلة اجراءات التحكيم دون المساس بقبول أو سلامة هذه الدفوع وفي هذه الحالة يكون لهيئة التحكيم اتخاذ أي قرار يتعلق باختصاصها فإذا لم تتوصل محكمة التحكيم الدولية الى هذه النتيجة يتم ابلاغ الاطراف ان التحكيم غير ممكن". كما تنص عليه أيضاً المادة 21/1 المختصة بالفصل في الدفوع الخاصة بعدم من قواعد مركز القاهرة الاقليمي "الهيئة هي اختصاصها. ويدخل في ذلك الدفوع المتعلقة بوجود وصحة اتفاق التحكيم".

(2) وتطبيقاً لهذا المبدأ لا يجوز أن يطلب أي من الطرفين من هيئة التحكيم وقف اجراءات التحكيم، حتى يتم الفصل في دعوى بطلان مرفوعة بشأن اتفاق التحكيم أمام القضاء. (موتولوسكي: مشار اليه ص 202 -203). فنص القانون على اختصاص هيئة التحكيم بالنظر في مسألة اختصاصها ولو كان الدفع مبنيا على عدم وجود اتفاق تحكيم او سقوطه او بطلانه، يعبر عن ارادة المشرع الصريحة في عدم جواز قيام هيئة التحكيم بوقف الخصومة الى حين الفصل في مسألة وجود أو صحة اتفاق التحكيم من المحكمة المختصة. Luiso) - La Riforma della (Francesco P.): Rapporti fra arbitro e giudice Disciplina dell, arbitrato, Milano 2006, no 3p.117).

 (3) وعندما تفصل هيئة التحكيم في الدفع بعدم إختصاصها- وفقاً للمادة 22ق. تحكيم مصري- فإنها لا تقضي ببطلان أو صحة الاتفاق، اذ ليس لها ولاية الفصل في صحة اتفاق التحكيم او بطلانه، ما لم يتفق الاطراف صراحة على تخويلها هذه الولاية. فالاطراف لا يخولونها باتفاق التحكيم وحده الاختصاص بهذه المسألة. واذا كان صحيحاً أن كل قضاء يختص بالفصل في اختصاصه أو عدم اختصاصه، فإن هذا الاختصاص لا ينصرف الى تقرير صحة او بطلان العمل الذي انشأ هذا القضاء. ولهذا فإن تقرير صحة أو بطلان اتفاق التحكيم لا يدخل في اختصاص هيئة التحكيم، وانما تختص به محكمة الدولة وذلك سواء تعلق الامر بشرط تحكيم أو بمشارطة. واذا كان إتفاق التحكيم هو مصدر سلطة المحكم، فمن التناقض منح المحكم سلطة الحكم حول وجود أو صحة مصدر هذه السلطة، ذلك ان وجود إتفاق تحكيم صحيح، هو مفترض لمباشرة المحكم أي سلطة في خصومة التحكيم.

 (Fouchard & Gaillard: Traité de l'arbitrage commercial international- 1996 – no 656 p.413).

فالمشرع المصري وفقاً للمادة 22 من قانون التحكيم يخول هيئة التحكيم فقط الفصل في الدفع بعدم اختصاصها المبني "..... على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه او بطلانه...."، دون أن يخولها سلطة الحكم بوجود الاتفاق أو بسقوطه أو ببطلانه. وفي تقديرنا أن مجرد النص على اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في الدفع بعدم الاختصاص لا يكفي وحده لتخويلها سلطة الفصل في وجود أو صحة أو نفاذ اتفاق التحكيم، بل لا بد أن ينص المشرع صراحة على منح المحكم هذه السلطة، بحيث يكون مصدر إختصاصه بالفصل في وجود أو صحة اتفاق التحكيم ليس هذا الاتفاق وإنما نص القانون. (قرب: فوشار- مشار اليه بند 658 ص 414). ذلك ان الفصل في الدفع بعدم الاختصاص يسبق منطقياً الفصل في الموضوع، ولهذا تنص المادة 108 من قانون المرافعات المصري على ان "يحكم في هذه الدفوع على استقلال (ومنها الدفع بعدم الاختصاص) ما لم تأمر المحكمة بضمها الى الموضوع"، فالفصل في الدفع لا يستلزم بالضرورة تحقيقاً كاملاً للموضوع. ولهذا يكفي هيئة التحكيم البحث في ظاهر الاوراق، لكي يتبين لها وجود وصحة ونفاذ اتفاق التحكيم فتبني على هذا اختصاصها بالدعوى. (عكس هذا: مصطفى الجمال وعكاشة- التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية جزء اول 1998- بند 361 ص 53. د. نبیل اسماعیل عمر- التحكيم- بند 56 ص 69. ويرون أن المادة 22 تحكيم تخول هيئة التحكيم الفصل في الدفوع بعدم الاختصاص وبطلان الاتفاق على التحكيم ومسألة عدم وجود اتفاق التحكيم أو سقوطه).

ونص القانون المصري، يماثل نص قانون المرافعات الايطالي (مادة 817 معدلة بلائحة بقانون رقم 40 لسنة 2006)، ولائحة الـ ICC (مادة 6/2)، ولائحة مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي (مادة 21/1).

(4) وعلى العكس، فقد أخذت بعض التشريعات والنظم الاخرى بفكرة مختلفة بموجبها تمنح هيئة التحكيم سلطة الفصل في عدم وجود أو سقوط او بطلان اتفاق التحكيم. (ينظر نص المادة 3/5 من الاتفاقية الاوروبية بشأن التحكيم التجاري الدولي لسنة 1961، اذ تنص على أن تكون للمحكم "سلطة الفصل في اختصاصه وفي وجود أو صحة اتفاق التحكيم". وايضاً المادة 1466 مرافعات فرنسي التي تخول المحكم سلطة "الفصل في صحة وحدود ولايته"(.

 وإتجاه القانون المصري يوفر ضمانة هامة للمتقاضين يتفق مع مبدأ الاقتصاد في الاجراءات (فوشار - مشار اليهبند 678 ص 423). ذلك أن تولي هيئة التحكيم ولاية الفصل في النزاع حول وجود اتفاق التحكيم أو صحته لابد وأن يؤدي الى تعطيل اجراءات التحكيم، إذ قد يقتضي تحقيقاً يستغرق وقتاً طويلاً من هيئة التحكيم، وقد يؤدي هذا الى انتهاء مدة التحكيم قبل الفصل في الدعوى التحكيمية. ويكفي لتقرير اختصاص هيئة التحكيم بالدعوى بحث المسألة من حيث الظاهر دون تحقيق كامل يستغرق وقتاً طويلاً.

 (5) ووفقاً للمادة 1/22 من قانون التحكيم المصري- تبحث هيئة التحكيم في وجود إتفاق التحكيم وفي صحته من حيث الظاهر للنظر في اختصاصها أو عدم اختصاصها. فإن ظهر لها وجود الاتفاق وصحته ونفاذه، رفضت الدفع بعدم الاختصاص، ومضت في نظر الدعوى التحكيمية. ولا يكون حكمها برفض الدفع وبأختصاصها قابلا للطعن فيه بدعوى البطلان فورا اذ هو حكم يصدر قبل الحكم المنهي للخصومة كلها، بل يطعن فيه بدعوى البطلان مع الحكم المنهي للخصومة كلها (3/22 تحكيم). (نقض 2001/6/17 في الطعن 291 لسنه 70ق. مجلة التحكيم العربي- العدد الخامس ص 198). وان ظهر لهيئة التحكيم عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه، فإنها تقضي بعدم الاختصاص، وتنتهي اجراءات التحكيم امامها باعتبار أن الحكم الذي أصدرته منهيا للخصومة كلها، وذلك اعمالا لنص المادة 48 تحكيم التي تنص على انه "تنتهي اجراءات التحكيم بصدور الحكم المنهي للخصومة كلها". ويجوز رفع الدعوى ببطلان هذا الحكم بعدم الاختصاص اذا توافرت حالة من حالات بطلان حكم المحكمين وفقا للمادة 1/53 تحكيم.

 (6) وفي الحالتين لا يحوز حكم هيئة التحكيم بالاختصاص بعد رفض الدفع، أو حكمها بعدم الاختصاص بعد قبول الدفع، حجية الامر المقضي بالنسبة لوجود اتفاق التحكيم او صحته أو بطلانه او سقوطه أو انقضائه. وذلك مع ملاحظة انه إذا صدر حكم باختصاص هيئة التحكيم على أساس ما تبين لها من حيث الظاهر من وجود اتفاق تحكيم او صحته، وفصلت الهيئة في الدعوى التحكيمية، وانقضى ميعاد دعوى بطلان الحكم، فلا يجوز رفع نفس الدعوى الموضوعية مرة أخرى أمام نفس هيئة تحكيم أو هيئة تحكيم أخرى أو أمام المحكمة استناداً إلى بطلان اتفاق التحكيم، اذ الحكم في الدعوى الموضوعية التحكيمية يحوز قوة الامر المقضي. ونفس الامر اذا رفعت دعوى بطلان حكم التحكيم في الميعاد وصدر حكم فيها برفضها أو عدم قبولها.

اما اذا صدر حكم من هيئة التحكيم بعدم الاختصاص على اساس ما بدا لها من عدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه او سقوطه، فإن هذا الحكم – اذ لا حجية له بالنسبة لوجود الاتفاق أو صحته- لا يمنع من التمسك بوجود الاتفاق او صحته سواء امام هيئة تحكيم اخرى او امام المحكمة حسب الاحوال.

اختصاص المحاكم بالمنازعات المتعلقة باتفاق التحكيم:

أولاً- قبل بدء خصومة التحكيم:

(1) لا خلاف حول اختصاص المحاكم بالمنازعات المتعلقة باتفاق التحكيم قبل بدء خصومة التحكيم وتشكيل هيئة التحكيم. ذلك أن القول بغير ذلك يؤدي الى فراغ في الاختصاص، وبالتالي مخالفة لحق الالتجاء الى القضاء. ولهذا فإن هذا الاختصاص متفق عليه حتى وفقاً للتشريعات التي تخول هيئة التحكيم سلطة الفصل في المنازعات المتعلقة بوجود أو بصحة أو بطلان اتفاق التحكيم.

واذا رفعت الدعوى قبل بدء الخصومة فإن رفعها يكون بصفة وقائية. (محمد نور شحاته- النشأة الاتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين-1993 – ص 222). ويجب لقبول الدعوى ان تتوافر المصلحة في الدعوى وفقا للقواعد العامة. وهذه المصلحة تتوافر- قبل بدء الخصومة- اذا كان النزاع قد نشأ بالفعل وليس احتمالياً، وهو ما يتوافر دائما بالنسبة لمشارطة التحكيم. على أنه لا يوجد ما يمنع من رفع دعوى أبطال أو بطلان شرط التحكيم كدعوى تقريرية قبل نشأة النزاع اذا توافرت المصلحة في ذلك وفقاً للقواعد العامة.( ينظر: Matthieu de Boisseson: Le droit_français de l'arbitrage - 1983- no 87p.89-90.).

وتنظر شروط الدعوى التقريرية: الوسيط في قانون القضاء المدني للمؤلف 2009 – بند 70 ص 118). والمشكلة هنا هي البحث في توافر أو عدم توافر هذه المصلحة. وفي تقديرنا انه توجد مصلحة حالة في ابطال شرط تحكيم قبل نشأة أي نزاع لمنع عرض النزاع على هيئة تحكيم في المستقبل بموجب شرط تحكيم باطل لمنعها من اصدار حكم باطل. وتتوافر هـذه المصلحة منذ انعقاد العقد المتضمن للشرط الباطل، اذ تتوافر للطرف في هذا العقد مصلحة حالة في عدم تحمل اجراءات تحكيم بما تتضمنه من ضياع الوقت والنفقات تنتهي بـصدور حكم باطل لبطلان شرط التحكيم، ولو كانت هذه الاجراءات لم تبدأ بعد.

 (Robert (Jean) & Moreau: l'arbitrage dr. interne, dr. international privé- 1993 no 105 p.85-86).

وليس هناك ما يمنع – ولو قبل بدء خصومة التحكيم من رفع دعوى مستعجلة بعدم الاعتداد بشرط التحكيم اذا توافرت شروط الدعوى المستعجلة وفقا للقواعد العامة.

(2) ولا يؤدي رفع دعوى البطلان الى المحكمة المختصة الى منع هيئة التحكيم من نظر مسألة صحة أو بطلان الاتفاق لتقرير اختصاصها كما لا يمنعها من الاستمرار في اجراءات التحكيم. على انه اذا صدر حكم في الدعوى من المحكمة المختصة، فإن هذا الحكم يحوز حجية الامر المقضي امام هيئة التحكيم، ويقيد هيئة التحكيم. ولا يتعارض هذا مع ما نقرره من اختصاص هيئة التحكيم باختصاصها، اذ هذا الاختصاص يتقيد – بغير شك- بحجية الامر المقضي المقررة لأحكام المحاكم، لويزو- مشار اليه – بند (2) ص 114).

ثانياً- أثناء إجراءات التحكيم:

(1) اذا كان لا يوجد خلاف حول اختصاص المحاكم بالمنازعات المتعلقة باتفاق التحكيم قبل بدء اجراءات التحكيم وتكوين هيئة التحكيم، فإن الأمر ليس محل اتفاق، اذا رفعت الدعوى بعد بدء اجراءات التحكيم. فيرى البعض في مصر أن مبدأ الاختصاص بالاختصاص يمنع من إختصاص المحاكم بالمنازعات المتعلقة بوجود او بصحة أو بطلان اتفاق التحكيم في هذه المرحلة. ويستند هذا الرأي الى انه وقد منحت المادة 22/1 من قانون التحكيم الاختصاص بنظر هذه المنازعات، فإنه لم يعد في مقدور المحكمة الفصل في هذه المنازعات باعتبار أن المشرع قد جعل الاختصاص بها لهيئة التحكيم. (د. مصطفى الجمال ود. عكاشة عبد العال التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية- جزء أول- 1998- بند 311 ص 530-531).

 (2) وهذا الرأي يعيبه ان نص المادة 1/22 من قانون التحكيم المصري لم يمنح هيئـة التحكـيم سلطة الفصل في المنازعات المتعلقة باتفاق التحكيم، وانما منحها فقط سلطة الفصل في الدفع بعدم الاختصاص ولو كان مبنيا على عدم وجود أو بطلان اتفاق التحكيم. وهي عندما تنظر في وجود أو صحة اتفاق التحكيملتقرير اختصاصها أو عدم إختـصاصها بالـدعوىتنظر فيه من حيث الظاهر من أجل الفصل في المسألة التي تختص بهـا مـسألة اختصاصها. وتخويل محكمة الدولة سلطة الفصل في وجود أو صحة إتفاق التحكـيم الاتجاه الغالب في التشريعات (ينظر: فوشار- بنـد 675 ص 422 -423. ويشير الـى القانون الانجليزي والقانون البلجيكي والقانون الهولندي والقانون السويسري).

واذا كان الفقه الفرنسي يرى عدم اختصاص المحاكم بنظر هذه المنازعات اثناء اجراءات التحكيم. فذلك لأن المشرع الفرنسي ينص في المادة 146 مر افعات على اختصاص هيئة التحكيم بهذه المنازعات.

"..... il appartient à celui ci de statuer sur la validité de son investiture".

ماتيو دي بواسيسونمشار اليهبند 92 - 93 ص 92-93).

 ولهذا فإن بعض التشريعات التي لا تخول هيئة التحكيم سلطة الفصل في المنازعات المتعلقة بوجود أو صحة اتفاق التحكيم، إضطرت لتقرير عدم جواز رفع هذه الدعاوى امام المحاكم بعد بدء اجراءات التحكيم الى إيراد نص خاص بذلك. ومثاله نص المادة 819 مكرر(3) من قانون الاجراءات الايطالي (مضافة بلائحة بقانون رقم 40 لسنة 2006) على أنه "لا يجوز اثناء قيام اجراءات التحكيم رفع دعوى أمام المحكمة ترمي الى الحكم بعدم صحة أو عدم نفاذ اتفاق التحكيم". (ينظر: لويزومشار اليهبند (2) وبند (6) ص 114-115وص 127).

  المحكمة المختصة بمنازعات اتفاق التحكيم:

 أولاً- المحكمة المختصة بالدعوى المبتدأة:

 (1) تختص بهذه الدعوى محكمة أول درجة وفقاً للقواعد العامة في الاختصاص التي ينص عليها قانون المرافعات المصري.

وينعقد هذا الاختصاص لجهة المحاكم وليس لجهة القضاء الاداري، ولو كان التحكيم يرد على منازعة ادارية أو كان شرط التحكيم ضمن بنود عقد اداري. فرغم اختصاص جهة القضاء الاداري بالمنازعة الموضوعية اذا لم يوجد اتفاق على التحكيم، فإن هذه الجهة لا تختص بالنظر في صحة أو بطلان شرط التحكيم.

ذلك أن من المبادئ الاساسية في قانون التحكيم أن اتفاق التحكيم يعتبر اتفاقاً مستقلاً عن العقد الاصلي. فهو تصرف قانوني مستقل بذاته وإن تضمنه هذا العقد. وقـد قـتـن قـانون التحكيم المصري هذا المبدأ صراحة بنصه في المادة 23 منه على أنه "يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الاخرى". ونتيجة لاستقلال شرط التحكيم عن العقد الاصلي، فإن له طبيعته الخاصة المستقلة فلا يتأثر بكون العقد الاصلي مدنياً او تجارياً او ادارياً.

ومن المسلم به آن اتفاق التحكيم هو عقد من عقود القانون الخاص يخضع لما تخـضـع لـه عقود القانون الخاص من أحكام. ولهذا يعتبر اتفاق التحكيم عقداً مــدنياً، ولا يعتبـر عقـداً تجارياً ولو تعلق بمنازعات ناشئة عن عقد من العقود التجارية، كما لا يعتبر عقداً إدارياً ولو تعلق بمنازعات ناشئة عن عقد من العقود الادارية، هذا ولو كان اتفاق التحكيم شرطاً العقد الاصلي. (الدكتور مصطفى الجمال والدكتور عكاشة عبد العال التحكيم - بند 218 ص 221 وما بعدها. د. فتحي والي – قانون التحكيم في النظرية والتطبيق- 2007 بند 38 ص 87).

ولا خلاف في ان اتفاق التحكيم – ولو كان احد طرفيه أحد اشخاص القانون العام – لـيس عقداً إدارياً، إذ لا تتوافر فيه أي شروط استثنائية غير مألوفة في اتفاق التحكيم الذي يعقـد بين طرفين من أطراف القانون الخاص. ومن المقرر أن "فكرة الشروط الاستثنائية وغيـر المألوفة في القانون الخاص هي حجر الزاوية في التعرف إلى طبيعة العقود الاداريـة". (د. سليمان الطماوي – الاسس العامة للعقود الادارية – 1984 – ص 79).

(2) ونتيجة لاستقلال شرط التحكيم عن العقد الاصلي، فإن المنازعة حـول صـحة أو بطـلان شرط التحكيم لا تعتبر منازعة ادارية ولو كان العقد الاصلي عقداً اداريـاً. ذلـك ان هـذه المنازعة ليست منازعة حول العقد الاصلي وانما منازعة حول شرط التحكيم. ولهـذا فـإن دعوى بطلان شرط التحكيم الذي يتضمنه عقد اداري يخرج عـن الاختصاص الـولائي للقضاء الاداري الذي لا يختص ولائياً الا بالمنازعات الادارية، ما لم ينص القانون على غير ذلك. ولم يرد نص في القانون على اختصاص القضاء الاداري بالـدعوى الاصـلية ببطلان شرط التحكيم في العقود الادارية.

 (3) واذا كان المشرع ينص في المادة 2/54 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 علـى ان: "تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار اليها في المادة (9) من هذا القانون وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة اصلا بنظر النزاع"، فإن هذا النص الخاص يتعلق بدعوى بطـلان حكم التحكيم وليس بدعوى بطلان اتفاق التحكيم شرطاً أو مشارطة. وهو نص اسـتثنائي لا يجوز القياس عليه وتطبيقه على دعوى بطلان شرط التحكيم.

 (4) وبفرض ان شرط التحكيم لا يتعلق بتحكيم تجاري دولي، وانما بتحكيم ليس تجاريـاً دوليـاً فأنه لا يجوز الاستناد الى المادة 9 من قانون التحكيم لمنح الاختصاص لمحكمـة القـضاء الاداري بدعوى بطلان شرط التحكيم. ذلك أن هذه الدعوى لا تعتبر من مسائل التحكيم التي تنص المادة 9 من قانون التحكيم على تحديد الاختصاص بها. فالاختصاص المحـدد وفقـاً لهذه المادة لا يتوافر الا بالنسبة لمسائل التحكيم "التي يحيلها هذا القـانـون الـى القـضاء المصري "اي مسائل التحكيم التي ينص قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 على اختصاص القضاء المصري بها. فبالنسبة لهذه المسائل فقط تحدد المادة "9" تحكيم المحكمـة المختصة بها. ولم يرد أي نص في قانون التحكيم يحيل مسألة صحة او بطلان شرط التحكيم الى القضاء المصري، وبالتالي الى محكمة القضاء الاداري اذا كان التحكيم يتعلق بمنازعـة ادارية.

 ولا يكفي لإختصاص القضاء الاداري بنظر دعوى بطلان شرط التحكيم محـل النـزاع أن تكون دعوى البطلان أمام القضاء الاداري قد رفعت قبل الفصل في الدعوى التحكيمية، ذلك ان محكمة القضاء الاداري ليست مختصة بنظر دعوى بطلان شرط التحكـيم فـي جميـع الاحوال.

 (5) ورغم وضوح حكم القانون في هذا الشأن، فإنه بتاريخ 2009/5/11 – أثنـاء اجـراءات التحكيم المتعلق بعقد اداريتم رفع الدعوى رقـم 38683 ق. اداري القاهرة أمـام محكمة القضاء الاداري بطلب الحكم ببطلان شرط التحكيم الوارد بالعقد الاداري محـل التحكيم.

وقد قدم مفوض الدولة تقريراً في الدعوى، انتهى فيه الى عدم قبول دعوى البطلان استناداً الى نص المادة 1/13 من قانون التحكيم التي تنص على أنه يجب على المحكمة التي يرفـع اليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق التحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى اذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه اي طلب أو دفاع في الدعوى".

 وهو رأىفي تقديرنامحل نظر. ذلك أن نص المادة 1/13 يفترض أن يكـون النـزاع الموضوعي محل اتفاق التحكيم قد تم رفعه الى المحكمة، ودفع أمامها بعدم القبول لوجـود اتفاق على التحكيم، في حين أنه لم تكن هناك دعوى موضوعية مرفوعة بالنزاع الى محكمة القضاء الاداري. اذ ان الدعوى الموضوعية المرفوعة كانت دعوى ببطلان شرط التحكيم.

 (6) وبتاريخ 2009/10/31 – بعد صدور حكم التحكيمأصدرت محكمة القضاء الاداري داري حكماً في دعوى البطلان المشار اليها، إنتهت فيه الى اختصاصها بدعوى بطلان شـرط التحكـيم المرفوعة اليها كدعوى أصلية، وقضت ببطلان شرط التحكيم. واستندت المحكمة في تقرير اختصاصها بدعوى البطلان إلى أنه بالنسبة الى العقود الادارية "فانها لا تعـد مـن عقـود التجارة الدولية، حتى وان اصطبغت بصبغة تجارية لأنها لم تنشأ من عملية تبادل حركـي بين البضائع وقيمتها عبر الحدود الدولية من جهة، كما انها من جهة أخرى لا تعد من عقود التجارة بالمعنى المقصود بالمادة (2) من قانون التحكيم والتي لا تشمل سوى العقـود فـي و مجال المواد المدنية والتجارية، حيث خص القانون منازعات العقود الادارية في خضوعها لاحكام قانون التحكيم بالنص عليها في الفقرة الثانية من المادة (1) من القانون، وبالتالي فإن المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم المنصوص عليها في المواد (9) و (13) و(14) من قانون التحكيم بالنسبة لمنازعات العقود الادارية تكون هي محكمة القضاء الاداري، بحسبان ان تلك المنازعات ليست من مسائل التحكيم التجارية التي تختص بنظرها محكمة الاستئناف، كما انها ليست من مسائل التحكيم التجارية الدولية التي تختص بنظرها محكمـة اسـتئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى... وعلى ذلـك ووفقـاً لحكم البند (2) من المادة (9) من القانون تظل محكمة القضاء الاداري دون غيرهـا هـي صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع اجراءات التحكيم ولا يحول رفع الدعوى امامها عن نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم دون البدء في اجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها أو إصدار حكم تحكيم عملا بحكم البند (2) من المادة (13) من القانون، ويجـوز لمحكمـة القـضاء الاداري المختصة اصلاً بنظر منازعات العقود الادارية وفقاً لنص المادة (9) من القـانون سالف الذكر ان تأمر بناء على طلب أحد طرفي التحكيم، باتخاذ تدابيرمؤقتـة أو تحفظيـة سواء قبل البدء في اجراءات التحكيم أو أثناء سيرها عملاً بما قررتـه المـادة (14) مـن القانون".

واضافت المحكمة أنه ما دام ان عقد النزاع هو عقد اداري "فإن محاكم مجلس الدولـة تكـون هي المحكمة المختصة اصلاً بالنزاع باعتبارها صاحبة الولاية العامـة والقاضـي الطبيعـي المختص بسائر المنازعات الادارية بحكم ما أولاه لها الدستور في المادة (172) منه، وترتيباً على ما تقدم فإن هذه المحكمة تكون هي المحكمة المختصة اصلا وفقـا لـحـكـم المـادة (9) و(13) و (14) من قانون التحكيم.... ولا يغير من اختصاص هذه المحكمة بنظر مدى صحة وسلامة شرط التحكيم الوارد بعقد من عقود التزام المرافق العامة محل الـدعوى أن يكـون نص البند (2) من المادة (9) من قانون التحكيم المشار اليه قد تضمن ان تظل المحكمة التـي ينعقد لها الاختصاص وفقاً للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميـ اجراءات التحكيم، أو أن تكون هيئة التحكيم قد أصدرت حكمها في القضية التحكيميـة رقـم 567 لسنة 2008 بتاريخ 12/9/2009 وان هذا الحكم الصادر بالاغلبيـة لـرفض الاقليـة التوقيع عليه قد تضمن في البند (4) منه رفض الدفع ببطلان شرط التحكيم، أو القول بأنه لـم يعد امام الهيئة المدعية سوى سلوك طريق الطعن ببطلان حكم التحكيم وفقاً لاحكـام البـاب السادس من قانون التحكيم، لا يغير كل ذلك من اختصاص مـحـاكم مجلـس الدولـة بنظـر المنازعة حول مدى صحة شرط التحكيم بحسبانها المحكمة المختصة اصلا بالنزاع.".

(في نفس الاتجاه: محكمة القضاء الاداري 29/2/2009 في الدعوى رقـم 18628 لـسنة 59ق.).

(7) وهذا الحكم محل نظر ذلك أن محكمة القضاء الاداري قد عقدت لنفسها الاختصاص بنظ دعوى بطلان شرط التحكيم الوارد في عقد اداري استنادا إلى ما تنص عليه المادة 9/1 من قانون التحكيم من أن "يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون الـى القضاء المصري للمحكمة المختصة اصلا بنظر النزاع"، باعتبار ان التحكيم في منازعـات العقود الادارية لا يعتبر ابدأ تحكيماً تجارياً دولياً وانما هو تحكيم غير تجاري وغير دولــي. وهو إعتبار ليس له اي سند قانوني، فلم يقل أحد قط ان التحكيم في العقود الادارية اذا كانت تتعلق بنشاط اقتصادي على النحو الذي تحدده المادة (2) من قانون التحكيم لا يعتبر تحكيما تجارياً او ان هذا التحكيم اذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية وفقـا للمـادة (3) تحكيم لا يعتبر تحكيما دولياً!!

ومن ناحية أخرى، فإن المادة 9 من قانون التحكيم تقرر اختصاص المحكمة المختصة اصلا بنظر النزاع "بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون (اي قانون التحكيم) الى القـضاء المصري"، ولم يرد في قانون التحكيم أي نص يحيل دعوى بطلان اتفاق التحكيم الى القضاء المصري، على ما أوضحنا في ما سبق.

ثانياً- المحكمة المختصة بالدفع، أو بالطلب العارض، بعدم وجود أو ببطلان اتفاق التحكيم:

   قد تثار قبل بدء اجراءات التحكيم أو أثناءها- مسألة وجود أو بطلان اتفاق التحكيم كدفع أو كطلب عارض في دعوى موضوعية مرفوعة امام المحاكم أو أثناء نظر الدعوى بتعيين محكـم وقد يقدم هذا الدفع أو الطلب أمام جهة المحاكم أو امام جهة القضاء الاداري.

أ- أمام محكمة الموضوع التي رفعت أمامها الدعوى الموضوعية:

1- أمام جهة المحاكم:

   اذا رفعت دعوى موضوعية أمام محكمة أول درجة، وكان هناك اتفاق على التحكيم بشأن النزاع محل هذه الدعوى، ودفع المدعى عليه بعدم قبول هذه الدعوى لوجود اتفاق على التحكيم، فإن للمدعي - تأكيداً لقبول دعواه- أن يتمسك بعدم وجود اتفاق على التحكيم أو ببطلانه.

   ولا يؤدي مجرد التمسك أمام محكمة الموضوع بعدم وجود الاتفاق أو ببطلانه الى منع هيئة التحكيم من النظر في صحة الاتفاق أو بطلانه لتقرير اختصاصها.

   وعلى المحكمة قبل الفصل في الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود اتفاق صحيح على التحكيم- ان تفصل في صحة أو بطلان الاتفاق. فإذا تبين لها بطلانه او قضت بإبطاله، رفضت الدفع بعدم القبول ومضت في نظر الدعوى. (لويزو- بحث مشار اليه- بند 6 ص 127).

   ولا يحول دون ذلك أن تكون هيئة التحكيم قد تشكلت وبدأت امامها اجراءات التحكيم. فمبدأ الاختصاص بالاختصاص لا يخول هيئة التحكيم الفصل في صحة أو بطلان الاتفاق، وانما هـي تنظر في صحة الاتفاق أو بطلانه فقط لتقرير اختصاصها. (ينظر اتجاه مخـالف فـي القـانون الفرنسي، اذ وفقا للمادة 1458 مرا افعات فرنسي معدلة سنة 1981 لا تقضي محكمة الدولة بعـدم اختصاصها لصحة اتفاق التحكيم اذا كانت محكمة التحكيم قد اتصلت بالنزاع. ويأخذ بهذا الـرأي في القانون المصري – رغم عدم وجود نص مقابل لنص المادة 1458 فرنسي: مصطفى الجمال وعكاشة عبد العال – التحكيم بند 361 ص 530 –531. وينظر: د. أحمد عبد الكـريم – بنـد ص 511 –512. ونبيل اسماعيل عمر- التحكيم- بند 56 ص 69).

2- أمام جهة القضاء الاداري:

   اذا كانت المنازعة الموضوعية منازعة ادارية ورفعت الى القضاء الاداري، رغـم وجـود شرط التحكيم، وتمسك المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لوجود اتفاق على التحكيم، فدفع المـدعي بعدم وجود اتفاق على التحكيم أو ببطلان الاتفاق، فلا تختص محكمة القضاء الاداري بالفصل في الدفع ببطلان شرط التحكيم، ذلك أن هذا الدفع يثير مسألة أولية لازمة للفصل في موضوع النزاع وهي مسألة صحة أو بطلان شرط التحكيم. ومن المقرر أن محكمة الدعوى لا تختص بالمـسألة الاوليـة، الا اذا كانت هذه المسألة تدخل في الاختصاص الولائي للمحكمة التي تنظر الـدعوى. (د. فتحي والي- قانون القضاء المدني- 2009 بند 183 ص 376). ولما كان الفصل في وجود أو بطلان اتفاق التحكيم يخرج عن ولاية القضاء الاداري- كما قدمنا- فإن الفصل في صحة أو بطلان شرط التحكيم يخرج عن اختصاصه ولو طرحت عليه كمسألة أولية. وانما يجـب عليـه وفقاً للمادة 16 من قانون السلطة القضائية، ان يوقف الفصل في الدعوى الى حين الفـصـل فـ المسألة الاولية من المحكمة المختصة بها، وهي محكمة أول درجة بجهة المحاكم.

ب- أمام المحكمة المختصة بتعيين المحكم:

(1) عندما يلجأ احد الاطراف الى المحكمة المختصة وفقاً للمادة 17 من قانون التحكيم لاختيـار المحكم، فإن لهذه المحكمة ان ترفض تعيينه- من تلقاء نفسها أو اذا دفـع المـدعى عليـه ببطلان الاتفاق على التحكيم - اذا كان الاتفاق على التحكيم ظاهر الـبطلان. (انظـر فـي القانون الفرنسي: روبير- مشار اليه- بند 88 ص 70. ومفهوم المخالفة لحكـم اسـتئناف القاهرة - دائرة 19- جلسة 29/4/2003 في الدعوى رقم 87 لسنة 119ق).

ولا تقضي المحكمة -عندئذ- ببطلان الاتفاق، اذ لا يتسع له نطاق دعوى طلب تعیین المحكم، وانما تبحث في صحة أو بطلان الاتفاق من حيث الظاهر لكي تقرر تعيين المحكم او عدم تعيينه. والمقصود بالبطلان الظاهر أن يكون العيب المؤدي للبطلان واضحاً من ظاهر اتفاق التحكيم دون حاجة الى التعمق في بحث مضمونه، وأن يكون من الخطورة بحيث يكون من شأنه أن يؤدي الى بطلان الاتفاق. ومن هذه حالة اذا كان العيب مؤدياً الى بطلان يتعلق بالنظام العام. أو كان شرط التحكيم غامضاً أو متعارضاً مع عبارة أخرى في العقد او وارداً ضمن رسائل متبادلة يحتاج التحقق من توافق إرادة الطرفين فيها على التحكيم الى تحقيق. (دي بواسيسون: بند 96 ص 95-93  ).

(2) ويلاحظ انه اذا كانت المحكمة المختصة هي محكمة أول درجة بجهة المحاكم (وهي تكون كذلك اذا كان التحكيم ليس تجارياً دولياً)، فعندئذ يمكن للمدعى عليه – في دعوى طلب تعيين المحكم – أن يطلب أبطال أو بطلان الاتفاق امامها كطلب عارض. وعلى المحكمة أن تفصل أولاً في الطلب الاصلي بتعيين المحكم حتى لا تعطل اجراءات التحكيم، وترجئ الفصل في طلب البطلان الى ما بعد الفصل في طلب تعيين المحكم. وهي تفصل في الطلب الاصلي بتعيين محكم بالرفض اذا كان بطلان اتفاق التحكيم ظاهراً. ولا يكون لحكمها برفض تعيين المحكم أو بتعيينه حجية أمام المحكمة التي تنظر دعوى بطلان الحكم المنهي للخصومة بالنسبة لبطلان اتفاق التحكيم او صحته. اما حكمها في الطلب العارض ببطلان الاتفاق أو صحته فأنه يحوز حجية الامر المقضي سواء أمام هيئة التحكيم أو أمام المحاكم.

(3) اما اذا كانت هذه المحكمة هي محكمة الاستئناف (في التحكيم التجاري الدولي)، فليس للمدعى عليه ان يتمسك ببطلان الاتفاق الا في صورة دفع. فإن وجدت المحكمة انه دفع جدي لان البطلان ظاهر، فعليها أن توقف الفصل في الدعوى الى حين الفصل في المسألة الاولية التي يثيرها الدفع (وهي بطلان أو صحة الاتفاق على التحكيم) من محكمة أول درجة المختصة. ويلاحظ أنه ليس للمدعى عليه في طلب تعيين المحكم الذي تنظره محكمة الاستئناف ان يقدم طلباً عارضاً امامها بإبطال الاتفاق على التحكيم. ولا يكون امامه الا أن يرفع دعوى الابطال أمام المحكمة المختصة وفقاً للقواعد العامة، ويتمسك بوقف طلب تعيين المحكم المقدم أمام محكمة الاستئناف الى حين الفصل في دعوى الابطال من محكمة اول درجة المختصة.

 ونفس الامر اذا كان التحكيم ليس تجارياً دولياً يتعلق بمنازعة إدارية تدخل في اختصاص القضاء الاداري.