الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد18 / هل قانون المرافعات هو الشريعة العامة لإجراءات التحكيم؟

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد18
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    83

التفاصيل طباعة نسخ

(1) تمهيد:

الأصل أن تطبق هيئة التحكيم الاجراءات التي يتفق عليها الاطراف. وهو ما تنص عليه صراحة المادة 25 من قانون التحكيم المصري 27 لسنة 1994، اذ تنص على أن الطرفي التحكيم الاتفاق على الاجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم". وحق الأطراف في اختيار اجراءات التحكيم من اهم مزايا نظام التحكيم، اذ يمكن الأطراف من الاتفاق على اجراءات تناسب النزاع، وقد تكون اجراءات مبسطة للانزعة البسيطة. ولا يتقيد الأطراف في تحديدهم إجراءات التحكيم بالاجراءات التي ينص عليها قانون التحكيم، او تلك التي ينص عليها قانون المرافعات. ويمكن للأطراف الاتفاق على اخضاع اجراءات التحكيم "للقواعد النافذة في اي منظمة او مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها" (مادة 25 من قانون التحكيم المصري)، كما أن للأطراف الاتفاق على اخضاع اجراءات التحكيم للاجراءات والمواعيد التي ينص عليها قانون المرافعات بالنسبة للخصومة القضائية أمام المحاكم. وعندئذ تعتبر قواعد المنظمة او المركز او نصوص قانون المرافعات قواعدة متفق عليها بين الأطراف، تلتزم هيئة التحكيم بتطبيقها. 

(2) فإذا لم يتفق الأطراف على اجراءات التحكيم، فإن" لهيئة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، ان تختار اجراءات التحكيم التي تراها مناسبة" (مادة 25 من قانون التحكيم المصري). وعلى هذا، فإنه اذا لم يتفق الأطراف على اجراءات التحكيم، فإن على هيئة التحكيم ان تطبق اجراءات التحكيم التي ينص عليها قانون التحكيم المصري، باعتباره قانون الدولة التي يجري فيها التحكيم. فإن كان الأطراف قد اتفقوا على بعض اجراءات التحكيم، فإن هيئة التحكيم تقوم بتكملتها بالرجوع الى أحكام قانون التحكيم. يؤكد هذا ما تنص عليه المادة 25 من قانون التحكيم المصري من ان هيئة التحكيم عليها عند عدم اتفاق الأطراف على اجراءات التحكيم - "مراعاة أحكام هذا القانون" (أي قانون التحكيم). 

(3) فإذا حدث، ولم تجد هيئة التحكيم في ما اتفق عليه الأطراف، او في ما ينص عليه قانون التحكيم من قواعد او اجراءات، ما يواجه الموقف الإجرائي الذي يعرض لها، فهل يجوز لهيئة التحكيم ان تلجأ الى ما ينص عليه قانون المرافعات من قواعد او اجراءات؟! في رأي بعض الفقه انه اذا لم يتفق الأطراف على اجراءات التحكيم كلها او بعضها، فإن الهيئة التحكيم - وفقاً للمادة 25 من قانون التحكيم- اختيار الاجراءات التي تراها مناسبة، ولا تتقيد في هذا الاختيار بما ينص عليه قانون التحكيم. ووفقاً لهذا الرأي، يكون لهيئة التحكيم - عند عدم اتفاق الأطراف على الاجراءات اختيار اي اجراءات اخرى تراها مناسبة. ووفقاً لهذا الرأي يكون لها تطبيق أحكام قانون المرافعات المصري. 

ولكن هذا الرأي يخالف الاتجاه الغالب في الفقه المصري الذي يرى انه يتعارض مع القيد الذي وضعه قانون التحكيم المصري في المادة 25، وهو الزام هيئة التحكيم بمراعاة احكام هذا القانون، أي قانون التحكيم. وهي تلتزم بمراعاة احكام قانون التحكيم سواء كانت هذه من الأحكام الآمرة او مما يجوز الاتفاق على مخالفتها. 

ولهذا، يبقى السؤال صحيحاً، سواء اتفق الأطراف على الإجراءات الواجب اتباعها، أو لم يتفقوا، وتولت الهيئة هذه المهمة او تولت تكملتها، وهو هل تتم تكملة النقص بالالتجاء الى قانون المرافعات؟! 

اختلف الفقه والقضاء، دون الوصول الى حل واضح محدد:

اجتهادات الفقه المصري:

 (4) اتجه رأي الى ان نصوص قانون المرافعات تعتبر الشريعة العامة لاجراءات الخصومة المدنية. ولهذا فإنه يعتبر المرجع لسد الفراغ في نصوص قانون التحكيم باعتبارها نصوصاً خاصة، وذلك لمعالجة القصور في تنظيم اجراءات وقواعد خصومة التحكيم تنظيماً محكماً متكاملاً، وذلك في الحدود التي لا تشل فاعلية خصومة التحكيم ولا تؤثر على كيانها المتميز". ويستند هذا الرأي الى وحدة الطابع القضائي الذي يجمع بين الخصومتين، والی التشابه بينهما في الأساس القانوني، وفي الهدف الذي تسعى اليه. فكل منهما يؤدي إلى حسم النزاع بين طرفي الخصومة من خلال تنظيم اجرائي يبدأ بالمطالبة ويستمر حتى صدور الحكم او انتهاء الخصومة بغير حكم. وكل منهما يرمي إلى تقرير الحق او حمایته بهدف تحقيق العدالة. 

على أن هذا الرأي لا يرى تطبيق كل قواعد واجراءات قانون المرافعات، لأنها تتسم بالاطالة والتعقيد"، ولوجوب توافر المرونة في اجراءات التحكيم. ويكون المعيار هو الوصول الى العدالة مع تخويل المحكم سلطة تقدير ما يلزم لذلك. 

وينتهي هذا الرأي الى نتيجة محددة وهي عدم جواز استبعاد قواعد المرافعات بما تقدمه من ضمانات لصحة الحكم. ولهذا يجب توافر الملامح الإجرائية العامة للخصومة على نحو يكفل احترام حقوق الدفاع، والابقاء على الضمانات التي تكفل صحة وعدالة اجراء .

(5) وقد انضم أحد رجال القضاء الى هذا الاتجاه، ولكنه بدأه بداية مختلفة. فقد بدأ رأيه بإنكار ان التحكيم هو قضاء أو نوع من القضاء. فهو نظام قانوني متميز ومستقل لحل المنازعات. ومع ذلك فإن ذاتية التحكيم لا تعني استقلاله التام عن فروع القانون الأخرى. ويضيف أن قانون المرافعات هو القانون الإجرائي العام بالنسبة للمعاملات المدنية والتجارية. وانه "اذا كانت القاعدة أن قانون المرافعات يكمل كل قانون اجرائي ومنه قانون التحكيم، فإن هذه التكملة يجب ان تكون بمنظار التحكيم ووفقاً لمفاهيمه ومقاصده". وفي رأيه أن المحكم ليس ملزماً بالرجوع الى نصوص قانون المرافعات اذا لم توجد قاعدة تشريعية ملزمة او مفسرة في قانون التحكيم، بل له مطلق الحرية في ان يستخلص القاعدة التي يطبقها من مستلزمات مفهوم نظام التحكيم ذاته وضوابطه العالمية المتعارف عليها، وبما يكفل حسن سير العملية التحكيمية".

ثم يضيف "ولذلك، فإنه عند تقصي قواعد المرافعات الإجرائية، فإنه من المتصور اللجوء ولو ضمنا إلى قواعد قانون المرافعات بوصفه القانون الإجرائي الأم بحسبان أن نصوص قانون المرافعات تعد هي الأحكام العامة في الاجراءات لشمولها كل انواع النزاعات الأ ما استثنی"، على أنه "لا يجوز أن تطبق قواعد قانون المرافعات على مسائل التحكيم، عند خلو قانون التحكيم من نص يحكم المسألة المثارة، الا على سبيل القياس وبشروط القياس، اي بتوافر العلة مع ترك كيفية اعمال اسلوب وتطبيق القاعدة المختارة الى المفاهيم الخاصة بالتحكيم على نحو يتفق ويتسق وطبيعة التحكيم والبيئة التي تهيمن على نصوصه هو لا على بيئة القضاء"؟. 

(6) وقد تسنى لصاحب هذا الرأي أن يطبق رأيه في حكم اصدرته الدائرة (7) تجاري بمحكمة استئناف القاهرة بتاريخ 2011/3/9 ، وكان صاحب هذا الرأي احد اعضاء الدائرة وقام بكتابة الحكم. وقد ورد في هذا الحكم انه يشترط للرجوع إلى القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات "بوصفه القانون العام في الاجراءات" وهو ان تكون قاعدة المرافعات التي تطبق في الشأن التحكيمي مقررة لقاعدة اجرائية عامة وليست قاعدة قضائية خاصة... أي شديدة الارتباط بشأن التقاضي أمام محاكم الدولة. فالقاعدة الخاصة لا يمكن القياس عليها بمعنى أنها لا تطبق في التحكيم، لأنه يتعين دائماً مراعاة أوجه الاختلاف بين الخصومة في القضاء و الخصومة في التحكيم، فلا تطبق على احداهما قاعدة مستنبطة من طبيعة الأخرى وخصائصها الذاتية.. ويجب الا تكون الحلول المستمدة من قوانين القضاء صادمة للأصول التحكيمية المتعارف عليها، بحيث يراعي الحل المقترح الوضع القانوني المتفرد للتحكيم والبيئة التجارية الدولية وطبيعة معاملاتها". 

وقد صدر هذا الحكم في دعوى بطلان حكم تحكيم، تم رفعها أمام محكمة القاهرة من بعض المساهمين في احدى شركات التأمين المصرية. وكان مساهمو هذه الشركة قد تعاقدوا مع احدى شركات التأمين الأميركية على أن تشتري الاخيرة اسهمهم في الشركة المصرية. وتم التحكيم- وفقاً للشرط الوارد في العقد - وفقا لقواعد ال (ICC)، بناء على طلب الشركة الأمريكية التي طلبت في التحكيم الزام أحد المساهمين البائعين بالوفاء بجميع الالتزامات الواقعة على عاتق كل البائعين، لوجود تضامن بينهم. طلب المحتكم ضده ادخال باقي البائعين اطراف عقد البيع، ووافق هؤلاء على ذلك. ومع ذلك رفضت هيئة التحكيم الاذن للمحتكم ضده بادخال البائعين، واصدرت حكماً ضده بالوفاء بالتزامات جميع البائعين. قام المحكوم عليه برفع دعوى بطلان، فرفضت محكمة استئناف القاهرة الدعوى. تم الطعن بالنقض في هذا الحكم لعدة أسباب، فقضت محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم، ثم قضت بنقض الحكم مستندة إلى أن هيئة التحكيم برفض طلب ادخال باقي المدينين المتضامنين تكون قد خالفت قاعدة من قواعد النظام العام التي تقضي بعدم تحميل احد المدينين بأكثر من نصيبه وخرقت بهذا احد المقاصد الكبرى للقانون المصري واجب التطبيق. وبعد نقض الحكم تحددت جلسة لنظرها أمام الدائرة (7) تجاري، ونظرت الدائرة الدعوى، وقضت برفض دعوى البطلانة. ورغم نص المادة 2/269 من قانون المرافعات المصري الذي يقضي بأنه "يحتم على المحكمة التي احيلت اليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة"، فإن الدائرة (7) تجاري لم تحترم المبدأ الذي قررته محكمة النقض، بل صرحت بمخالفته استنادا الى الرأي الفقهي الكاتب الحكم باعتبار أن ما قضت به محكمة النقض لا يتفق او يتسق مع طبيعة التحكيم و آليته التي تهيمن على نصوصه!! 

(7) وعلى العكس، يرى البعض الآخر في الفقه ان قانون المرافعات ليس هو الشريعة الاجرائية العامة أو الأم، استناداً إلى استقلال التحكيم عن القضاء من حيث طبيعته وغايته وبنائه الداخلي وتنظمية الاجرائي. واستخلص من هذه الطبيعة المختلفة أنه "لا يجوز تطبيق القواعد التي تحكم القضاء على التحكيم الا من باب القياس، وبشروط القياس. وهذا يقتضي خلو المسألة في التحكيم من النص، ووجود حكم في نص خاص بالقضاء مع توافر العلة او على الاقل الحكمة من القاعدة القضائية المطبقة على التحكيم". ويضيف انه لهذا فإن "التطبيق الآلي لقواعد القضاء على خصومة التحكيم يؤدي الى مسخ خصومة التحكيم، ويخرج بها عن طبيعتها الذاتية، والى تنكب الغاية التشريعية من التحكيم كوسيلة لفض المنازعات موازية للقضاء وليست من جنسه، او نوعاً من جنسه.

(8) وقريبا من هذا الاتجاه، ما يراه البعض من أن "الأ يعامل قانون المرافعات بإعتباره الشريعة العامة بالنسبة إلى مسائل التحكيم، ولكن يمكن تطبيقه بشأن مبادئ النظام العام للتقاضي كما تواتر عليها القضاء، أو الاسترشاد به للتعريف ببعض المصطلحات الإجرائية كالاعلان.

(9) ودون انكار الطبيعة القضائية للتحكيم، ووحدة الهدف بينها وبين الخصومة القضائية، ينتهي البعض الآخر إلى نفس النتيجة وهي "أن قانون المرافعات لا يصلح بطبيعته أن يكون من حيث تنظيمه الإجراءات سير الدعوى شريعة عامة لاجراءات التحكيم، اذ ينطوي قانون المرافعات على مجموعة من الاجراءات الشكلية التي تتسم بنوع من التعقيد والتي ينجم عنها طول أمد النزاع وتعطيل الفصل فيه بما لا يتلاءم مع طبيعة التحكيم. ولكن هذا الرأي لم يجب عن سؤال هام وهو أنه اذا كان المحكم لا يلتزم بتكملة النقص في الاجراءات بالرجوع الى قواعد واجراءات قانون المرافعات، فهل هذا مبدأ عام ام يجب عليه الرجوع احيانا الى بعض هذه القواعد والاجراءات؟ وكيف يتم تحديدها؟ 

اجتهادات القضاء المصري:

 (10) اتجه القضاء المصري في مجموعه الى ان قانون المرافعات المدنية والتجارية هو القانون الاجرائي العام الذي ينطبق على كافة الدعاوى، الأ ما استثني بنص خاص. ففي حكم هام لمحكمة النقض، كانت دعوى قد تم قيدها بمكتب التحكيم بوزارة العدل نفاذاً لقانون التحكيم الاجباري رقم 97 لسنة 1983 الخاص بالتحكيم في منازعات القطاع العام. وعندما صدر حكم التحكيم، طعنت المحكوم عليها في الحكم بدعوى البطلان، فقضت محكمة الاستئناف ببطلان الحكم. فطعنت الشركة المحكوم لها في التحكيم في حكم الاستئناف بالنقض. وكان مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، لأن الحكم أعمل احكام البطلان المنصوص عليها في قانون التحكيم الاختياري رقم 27 لسنة 1994، في حين أن النزاع والحكم الصادر يخضع لقانون التحكيم الاجباري رقم 97 لسنة 1983، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وقد قررت محكمة النقض أن هذا النعي سديد "ذلك أن قانون المرافعات المدنية والتجارية هو قانون الاجراءات العام والتشريع الاساسي في النظام القانوني المصري، وهو المرجع العام بالنسبة لهما في كل ما ينقصهما او في كل ما يحتاج الى تفسير او تكملة، وهي في الأصل واجبة التطبيق ما لم يرد في تشريع اجرائي آخر نص خاص يتعارض واحكامه، فإن خلا التشريع الخاص من حالة معينة تعين الرجوع الى قواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتبارها القواعد العامة الاساسية في اجراءات الخصومة المدنية. ويترتب على ذلك أنه يرجع الى قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتباره القانون الإجرائي العام الذي تعد نصوصه في شأن الطعن في الأحكام نصوصاً اجرائية عامة لانطباقها على كافة الدعاوى، الا ما استثني بنص خاص. كما انه عند خلو تشريع خاص من تنظيم امر معين ولا يرجع في ذلك الى تشريع خاص آخر، وانما يكون المرجع للقانون الإجرائي الاساسي وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية. لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه اعمل قواعد البطلان المنصوص عليها في القانون رقم 27 لسنة 1983 الخاص بالتحكيم الاجباري، وهو قانون خاص رغم ان حكم التحكيم محل طلب القضاء ببطلانه صدر نفاذا لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1983 الخاص بالتحكيم الاجباري، وهو قانون خاص ايضا، وكان من المتعين عند خلو القانون الأخير من تنظيم اجراءات طلب بطلان الحكم العودة الى التشريع الأساسي والعام في اجراءات الخصومة المدنية وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو لم يلتزم به الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويوجب نقضه. 

(11) وفي حكم آخر لمحكمة النقض، بمناسية تفسير نص المادة الثالثة من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 الخاصة بتنفيذ الأحكام الأجنبية، أوضحت المحكمة أن "المقصود بعبارة قواعد المرافعات الواردة بالمعاهدة أي قانون ينظم الاجراءات في الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها. وبالتالي لا يقتصر الأمر على القانون الإجرائي العام وهو المرافعات المدنية والتجارية، وانما يشمل أي قواعد اجرائية للخصومة وتنفيذ احكامها ترد في اي قانون آخر ينظم تلك الاجراءات"... ومنها قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 متضمنة القواعد الاجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ احكام المحكمين .

وقد كررت محكمة استئناف طنطا- مأمورية بنها- نفس العبارات التي وردت في حكم النقض الصادر بجلسة 2005/1/10 سالف الذكر، فوصفت قانون المرافعات بأنه القانون الاجرائي العام . 

(12) وفي حكم ثالث لمحكمة النقض، كان قد تم الطعن بالنقض في حكم المحكمة الاستئناف، فدفع المطعون ضده بعدم جواز الطعن بالنقض استناداً الى أن القانون رقم 27 لسنة 1994 الصادر في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية قد اجاز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم أمام محكمة الاستئناف، ولكنه لم يجز الطعن بالنقض في الحكم الصادر فيها، وهو ما يجعل الحكم المطعون فيه نهائيا غير جائز الطعن فيه بالنقض. .

 وقد رأت محكمة النقض أن هذا الدفع غير سدید، مقررة انه لما كان المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- انه مع قيام قانون خاص لا يرجع الى القانون العام، الآ فيما فات القانون الخاص من احكام. وكان القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية وان تضمن النص بالفقرة الثانية من المادة 52 منه على جواز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وحدد في المادتين 53 و 54 الاحوال التي يجوز فيها رفع تلك الدعوى ومدى قابلية الحكم الصادر فيها للطعن عليه كما انها لم تتضمن نفي تلك الخاصية عن تلك الأحكام بما لازمه - واعمالاً لما تقدم من مبادئ العودة في هذا الشأن الي قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتباره القانون الإجرائي العام الذي تعد نصوصه في شأن الطعن في الأحكام نصوصاً اجرائية عامة لانطباقها على كافة الدعاوى، الا ما استثني بنص خاص، ولما كان النص في المادتين 248، 249 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يدل على أن المشرع قصر الطعن بالنقض أصلاً على الاحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الأحوال التي بينتها المادة 248 وعلى الاحكام الانتهائية، أيا كانت المحكمة التي أصدرتها، اذا صدرت بالمخالفة لحكم سابق صدر بين الخصوم انفسهم وحاز قوة الامر المقضي، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة استئناف القاهرة اعمالاً لقواعد الاختصاص المقررة بالفقرة الثانية من المادة 52 من القانون 27 لسنة 1994 سالف البيان، ومن ثم يكون قابلاً للطعن عليه بطريق النقض ويكون الدفع قد جاء على غير أساس متعيناً رفضه" .

(13) و هذا هو نفس اتجاه محاكم الاستئناف، ففي حكم المحكمة استئناف القاهرة، رفعت دعوى بطلان حكم تحكيم تجاري دولي تم أمام مركز القاهرة الاقليمي. وكان من اسباب الدعوي بطلان حكم التحكيم لعدم اعادة هيئة التحكيم الدعوى للمرافعة بعد تعيين محكم جديد بعد تنحي أحد المحكمين. وقد قبلت المحكمة هذا السبب، وقضت ببطلان حكم التحكيم. وقررت انه حيث ان القواعد الاجرائية التي يتعين أن تتقيد بها هيئة التحكيم هي قواعد مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي التي اتفق الطرفان على تطبيقها. وحيث أن محل التحكيم في القاهرة، ولهذا وفقاً للمادة 22 من القانون المدني يسري على جميع المسائل الخاصة بالاجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى او تباشر فيه الاجراءات". ومؤدي هذا أن القواعد الإجرائية التي لا يجيز قانون المرافعات المصري الخروج عنها تكون لها الغلبة وتسمو على اتفاق الأطراف بشأن احالة التحكيم واجراءات الدعوي التحكيمية إلى قواعد تحكيم احدى المنظمات او مراكز التحكيم ومنها مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم، وانه وان كان التحكيم طريقاً استثنائياً لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وعدم التقيد باجراءات المرافعات المقررة امام المحاكم، الا أن هذا الاعفاء لا يسري على الأصول الأساسية في التقاضي بمعنى انه يتعين على المحكم أن يلتزم اسس النظام القضائي، وان يحترم الاصول العامة في قانون المرافعات وحماية حقوق الدفاع ومعاملة الخصوم على قدم المساواة وعدم اتخاذ اجراء في غفلة من الخصوم او من بعضهم، والى غير ذلك من المبادئ الإجرائية الأساسية في التقاضي، ولو لم تكن واردة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 بحسبانه الشريعة العامة للتحكيم في المواد المدنية والتجارية بمصر او في قواعد تحكيم المنظمات او مراكز التحكيم المشار اليها. واذا كانت مخالفة أحكام المحكمين لتلك الأصول يجعلها معيبة بالبطلان المطلق الذي يصل الى درجة الانعدام، وكان من هذه الأصول ما نصت عليه المادة (167) من قانون المرافعات على انه "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة، والا كان الحكم باطلاً"، بما يدل على أن الحكم يبطل اذا اشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة، بمعنى أن يكون الحكم صادراً من نفس الهيئة التي سمعت المرافعات التي سبقته وانتهت به، وهي قاعدة - وعلى نحو ما جرى به القضاء. تعتبر من القواعد الآمرة في قانون المرافعات المصري (قانون البلد الذي اقيمت فيه الدعوى وبوشرت فيها اجراءاتها) لتعلقها بحسن سير العدالة وبالنظام العام للتقاضي بما لازمه .

وجوب اعمال هذه القاعدة الآمرة على اجراءات نظر الدعوى التحكيمية رقم 2002/303 محل التداعي التي تعد لها الغلبة على القواعد الاجرائية المطبقة بمركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي والوارد ذكرها في المادة (14) من تلك القواعد والمادة (25) من قانون التحكيم". 

(14) وفي دعوى بطلان قرار تحكيم صادر من هيئة التحكيم العالمي في نزاع نشأ وفقاً لقانون الجمارك - بين مستورد ومصلحة الجمارك، استندت الدعوى الى صدور القرار دون تسبيب، فقضت محكمة الاستئناف ببطلانه لعدم تسبيبه بالمخالفة للنظام العام كأساس للنظام القضائي المصري. واستند الحكم الى المادة 2/53 من قانون التحكيم التي تنص على بطلان الحكم"... اذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية"، كما استند الى نص المادة 176 من قانون المرافعات التي تنص على وجود اشتمال الأحكام علی الأسباب التي بنيت عليها، والا كانت باطلة.

 

محاولة الاجابة عن السؤال محل البحث:

 (15) في تقديرنا أن خصومة التحكيم - رغم اختلافها عن الخصومة أمام المحاكم - هي خصومة قضائية ترمي الى تحقيق نفس وظيفة الخصومة أمام المحاكم، وهي اصدار حكم يفصل في الدعوى ويحوز حجية الامر المقضي، ولكنها تختلف عنها في أن سلطة المحكم مستمدة من ارادة الطرفين وليس من ارادة الدولة. ويختار الطرفان وسيلة التحكيم للفصل في النزاع بعيدا عن اجراءات الخصومة أمام المحاكم وسعياً وراء تحقيق عدالة سريعة. فيتم الفصل في النزاع وفقاً للاجراءات التي ينظمها قانون التحكيم او يختارها الطرفان مباشرة او عن طريق الالتجاء الى قواعد اجرائية لمركز تحكيم. ولهذا، فإن اتفاق الطرفين على التحكيم ينطوي ضمناً على اتجاه ارادتهما إلى استبعاد تطبيق اجراءات قانون المرافعات. فلا يجوز تطبيق نص في قانون المرافعات لمجرد عدم وجود نص في قانون التحكيم يحكم المسألة المثارة سواء مباشرة او بطريق القياس.

فقانون المرافعات ليس هو الشريعة العامة بالنسبة لإجراءات التحكيم:

ولو كان قانون المرافعات هو الشريعة العامة التي تنطبق آلياً عند وجود نقص في قانون التحكيم، لما احال قانون التحكيم استثناء الى بعض نصوص قانون المرافعات. ومن هذه نص المادة 38 من قانون التحكيم المصري 27 لسنة 1994 الذي يقضي بأن "ينقطع سير الخصومة أمام هيئة التحكيم في الأحوال ووفقاً للشروط المقررة لذلك في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ويترتب على انقطاع سير الخصومة الآثار المقررة في القانون المذكور".

(16) ولكن هل يسري هذا على كل ما ينص عليه قانون المرافعات من احكام؟ 

اذا نظرنا إلى القواعد القانونية التي تنظم الخصومة المدنية، فإنه يمكن تقسيمها إلى الأنواع التالية:

1- القواعد المنظمة لولاية محاكم الدولة واختصاص كل محكمة منها: وهذه بتعريفها لا شأن لها بالقواعد المنظمة لولاية هيئات التحكيم، فلا سبيل لتطبيقها على هيئات التحكيم. 2- القواعد المنظمة للشروط الواجب توافرها في اختيار القضاة بمحاكم الدولة، وما يتعلق بتعيينهم وترقيتهم ومراقبة أعمالهم، وقواعد عدم صلاحيتهم وردهم ومخاصمتهم. والاجراءات المتعلقة بإعمال هذه القواعد. وهذه ايضا تخص قضاة الدولة ولا شأن لها بالمحكمين، فلا تسري عليهم. 

3- القواعد المتعلقة بالدعوي باعتبارها حقاً في الحصول على الحماية القضائية، من حيث شروطها الموضوعية وشروط قبولها، والمتعلقة بالدفوع الخاصة برفض الدعوى او بعدم قبولها. وهذه القواعد تعتبر احكاماً عامة، تنطبق على الدعوي سواء كانت امام المحكمة او امام هيئة التحكيم. 

ولهذا فإن الدعوى أمام هيئة التحكيم لا تقبل ما لم تتوافر المصلحة في الدعوى بشروطها التي تنص عليها المادة 3 من قانون المرافعات. فلا تقبل الدعوى أمام هيئة التحكيم اذا رفعت من غير ذي مصلحة أي من غير ذي صفة او على غير ذي صفة، او كانت مصلحة المدعي غير قانونية أي لا ترمي الى حماية حق او مركز قانوني.

وفضلاً عن ذلك، فلأن حق رفع الدعوى التحكيمية لا يكون الا لمن كان طرفاً في اتفاق التحكيم، فإنه يجب لقبولها أن يكون كل من رافع الدعوى والمدعى عليه طرفاً في اتفاق التحكيم، والا وجب الحكم بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة المدعي او المدعى عليه في الدعوى.

4- قواعد واجراءات الخصومة أمام المحاكم منذ رفع الدعوى حتى انتهائها واجراءاتها:

وتشمل ما يتعلق بشكل الأعمال الإجرائية، وقواعد تقدير قيمة الدعاوی، واجراءات رفع الدعوى امام المحاكم وقيدها، وقواعد الحضور والغياب، وقواعد واجراءات تدخل النيابة العامة. واجراءات الجلسات ونظام الجلسة. وقواعد الدفوع الاجرائية واجراءات واحكام الادخال والتدخل في الخصومة، وقواعد واجراءات الطلبات العارضة، وقواعد واجراءات وقف الخصومة وسقوطها وانقضائها بمضي المدة وتركها، وقواعد واجراءات اصدار الأحكام، ومصاريف الدعوى، واجراءات تصحيح الأحكام وتفسيرها، واجراءات الاوامر على العرائض، ونظام اوامر الاداء، وطرق الطعن في الأحكام. 

وبصفة عامة ما ينص عليه الكتاب الثاني من قانون المرافعات المصري، تحت عنوان "التداعي امام المحاكم". فكل هذه النصوص لا تنطبق على خصومة التحكيم. اذ هي قد وردت في قانون المرافعات لتنظيم الخصومة أمام محاكم الدولة، على أن يستثنی ما يلي: 

(17) استثناءات: يستثنى من عدم انطباق قواعد واجراءات الخصومة أمام المحاكم على خصومة التحكيم ما يلي: 

(1) ما ينص قانون التحكيم صراحة على تطبيقه على خصومة التحكيم، ومثاله نص المادة 38 من قانون التحكيم سالف الذكر الخاص بانقطاع الخصومة. 

(2) ما يتفق اطراف الخصومة على تطبيقه من نصوص قانون المرافعات. 

فهذه تنطبق على خصومة التحكيم باعتبارها قواعد واجراءات اتفاقية، وفقا للمادة 25 من قانون التحكيم.

(3) الأحكام الإجرائية العامة:

هناك بعض الأحكام الإجرائية العامة التي تحكم اجراءات الخصومة اياً كان نوعها. وهذه الأحكام الإجرائية العامة تختلف من بلد إلى آخر حسب النظام الإجرائي الذي يأخذ به النظام القانوني في هذا البلد. 

ويعتبر النص متضمناً حكماً اجرائياً عاماً، اذا كان هذا الحكم يصلح بطبيعته وحسب الغاية منه للتطبيق على جميع الخصومات. 

وينص المشرع على هذه الأحكام الإجرائية عادة في قانون المرافعات، وليس في قانون التحكيم، لسببين: من ناحية، لأنه رغم أن نظام التحكيم يسبق تاريخية التقاضي أمام محاكم الدولة، الا ان الدولة نظمت التقاضي امام محاكم الدولة قبل تدخلها لتنظيم التحكيم. ومن ناحية أخرى، لأن التقاضي أمام المحاكم يعتبر الأصل في التقاضي، فمن الملائم أن يتضمن قانون المرافعات هذه الأحكام. 

ورغم النص على هذه الأحكام في قانون المرافعات، فإنها تنطبق على كل انواع القضاء. ولهذا فإن لهيئة التحكيم تطبيقها، ولو لم ترد في قانون التحكيم. وهي تطبقها لا باعتبارها من قواعد او اجراءات الخصومة أمام المحاكم، وانما باعتبارها أحكاما اجرائية عامة . ويلاحظ أن ما تقدم لا يسري بصفة مطلقة على كل ما ينص عليه قانون المرافعات من احكام او اجراءات او مواعيد متعلقة بالنظام العام، ما لم تكن تتضمن حكماً عاماً. ولهذا فإنه لا يجوز للمحكم أن يطبق نصاً في قانون المرافعات لمجرد القول انه يتعلق بالنظام العام. فمثل هذا النص يكون ملزماً بإعتباره كذلك في الخصومة أمام المحاكم، وليس في خصومة التحكيم. 

(18) وقد حرص المشرع الفرنسي على النص على هذه الأحكام الإجرائية العامة في الفصل الأول من الباب الأول من الكتاب الأول من قانون المرافعات الفرنسي الجديد المواد من (1) الى (24)). ونصت المادة 1464 من اللائحة بقانون رقم 48 لسنة 2011 الفرنسية على تطبيق معظمها في خصومة التحكيم الداخلية، وهي تحديداً ما تنص عليه المواد من (4) الى (10)، والفقرة الأولى من المادة (11)، والفقرتان 2، 3 من المادة (12)، والمواد (13) إلى (21)، والمادة (23) من قانون المرافعات الفرنسي الجديد. ومن هذه الأحكام:

1- يحدد نطاق القضية بادعاءات الاطراف (مادة 4). 2- يجب على القاضي أن يفصل في كل ما يطلب منه وفقط فيما يطلب منه (مادة 5). 3- يقع على الأطراف عبء طرح الوقائع التي تستند اليها ادعاءاتهم (مادة 6). 4- ليس للقاضي أن يبني حكمه على وقائع لم تطرح في النزاع (مادة 1/7). 5- للقاضي أن يدعو الأطراف لتقديم ايضاحات للوقائع التي يرى انها ضرورية لحل النزاع (مادة 8). 6- يقع على كل طرف عبء اثبات الوقائع اللازمة لنجاح ادعاءاته (مادة 9). 7- للقاضي أن يأمر من تلقاء نفسه بجميع اجراءات التحقيق المقبولة قانونا (مادة 10). يعطي القاضي التكييف الصحيح للوقائع والاعمال محل النزاع دون نظر الى ما اعطاه الأطراف لها من تسمية (مادة 2/12). 9- يجوز للقاضي ان يدعو الأطراف لتقديم ايضاحات حول القانون الذي يرى القاضي انها ضرورية لحل النزاع (مادة 13). 10- للقاضي في جميع الأحوال سماع الاطراف بنفسه (مادة 21). 

(19) وقد نص قانون المرافعات المصري على بعض الأحكام الإجرائية العامة. ومن هذه، الأحكام التالية: 

1- مبدأ الطلب، فليس للقاضي او المحكم أن يفصل في خصومة ما لم يتقدم شخص بطلب اليه. فلو علم القاضي بنزاع بين طرفين فليس له أن ينظره دون طلب من احد الطرفين. 

2- بعض النصوص الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية تحت عنوان "احكام

عامة واهمها: 

- مادة (1) الخاصة بسريان قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى او ما لم يكن تم من الاجراءات قبل رفع الدعوى. 

- مادة (2)/1 التي تنص على أن كل اجراء من اجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك، 

- مادة (5) التي تنص على انه اذا نص القانون على ميعاد حتمي لاتخاذ اجراء يحصل بالاعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً الا اذا تم اعلان الخصم خلاله.

-مادة (15)التي تنظم كيفية حساب المواعيد. 

- مادة (16) و (17) الخاصتان بمواعيد المسافة.

- المواد من (20) إلى (24) المتعلقة بحالات البطلان واحكامه. 

3- مادة 137 فيما تنص عليه من آن سقوط الخصومة لا يسقط الحق في الدعوى ولا في الأحكام القطعية الصادرة منها ولا في الاجراءات السابقة لتلك الأحكام او القرارات الصادرة من الخصوم، ولا يمنع الخصوم من أن يتمسكوا باجراءات التحقيق واعمال الخبرة التي تمت ما لم تكن باطلة في ذاتها. 

وقد طبقتها محكمة استئناف القاهرة على الحكم بانهاء اجراءات التحكيم، "وذلك قياساً على ما يترتب على الحكم بسقوط الخصومة المقرر بنص المادة 137 مرافعات".

4- ما تنص عليه المادة 144 مرافعات من انه اذا نزل الخصم مع قيام الخصومة على اجراء او ورقة من اوراق المرافعات صراحة او ضمناً اعتبر الأجراء كأن لم يكن. 

5- المواد 166 و 167 و168 الخاصة بالمداولة.

6- المواد 184 و 185 و186 مرافعات الخاصة بمصاريف الدعوى.

7- المادة 211 مرافعات التي تنص على أنه لا يجوز الطعن في الأحكام الا من المحكوم عليه.

8- المادة 212 مرافعات فيما تنص عليه من عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء الخصومة الا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها.

9- مادة 214 مرافعات التي تنص على ان اعلان الطعن الشخص الخصم او في موطنه ويجوز اعلانه في الموطن المختار... الخ.

10- مادة 215 التي تنص على أن عدم مراعاة ميعاد الطعن يؤدي الى سقوط الحق في الطعن.

11- المادتان 216 و217 الخاصتان بوقف ميعاد الطعن وبأثر وفاة المحكوم له اثناء میعاد الطعن.

12- المادة 218 فيما تنص عليه من أن الطعن لا يفيد الا من رفعه ولا يحتج به الا علی

من رفع عليه.

(20) واعتبار نص ورد في قانون المرافعات متضمناً حكماً اجرائياً عاماً ام لا هي مسألة تدخل في سلطة هيئة التحكيم تحت رقابة محكمة البطلان. فإذا اعتبرته حكما اجرائية عامة، فإنه يجوز لها تطبيقه. ولها أن تشير الى النص الذي يتضمنه والوارد في قانون المرافعات.

على أنه يجب على هيئة التحكيم، في تطبيقها لحكم من الأحكام الإجرائية العامة، أن تراعي خصوصية نظام التحكيم، وما يتضمنه من مبادئ أساسية تحكم هذا النظام. ولهذا فإن الأحكام الإجرائية العامة - فيما عدا ما يرمي الى احترام احدى الضمانات الاساسية للتقاضي - لا يجوز تطبيقها اذا كان هناك اتفاق بين الطرفين او نص في قانون التحكيم او في لائحة مركز التحكيم المؤسسي يتعارض مع هذا الحكم الاجرائي العام، أو لا يتواءم مع نظام التحكيم.

الضمانات الاساسية للتقاضي:

(21) هناك ضمانات لازمة لتحقيق قضاء عادل. وهي واجبة الاحترام في خصومة التحكيم وفي الخصومة أمام القضاء ايا كان نوعها. ويجب احترامها سواء ورد نص عليها في قانون المرافعات او في اي قانون آخر، أو لم يرد بها اي نص تشريعي. فبدونها لا يتصور اقامة عدالة حقيقية، فهي مفترض ضروري لاقامة العدالة. وهي واجبة الاحترام، ولو اتفق الأطراف على مخالفتها. 

ومن هذه: مبدأ المساواة بين الخصوم، مبدأ المواجهة، وجوب احترام الدفاع، ومبدأ حياد القاضي، ومبدأ عدم جواز قضاء القاضي بعمله، ومبدأ وجوب نظر النزاع واصدار الحكم من جميع القضاة الذين سمعوا المرافعة وتداولوا الحكم.

(22) وقد ينص قانون التحكيم او قانون المرافعات على بعض هذه الضمانات او على تطبيق أحدها.

وقد يرد النص بطريق غير مباشر، بأن ينص القانون على اجراء معين او على حكم اجرائي معين يضمن تحقيقها. فإذا ورد مثل هذا النص في قانون التحكيم، فإنه يجب على هيئة التحكيم احترامه، وليس للأطراف الاتفاق على مخالفته.

واذا تضمن قانون المرافعات نصاً اجرائياً يرمي الى ضمان احترام ضمانة من الضمانات الاساسية للتقاضي، ولم يكن هناك نص في قانون التحكيم على اجراء معين يؤدي اتخـاذه الى تحقيق الغاية من هذه الضمانة، ولم يتفق الاطراف على اجراء معـيـن مـن شـأنه ان يحققها، أو يتفقوا على اجراءات مركز تحكيم تضمن تحقيقها، فإن على هيئة التحكيم اما ان تطبق نص قانون المرافعات، اذا كان تطبيقه لا يتعارض مع نظام خصومة التحكيم، أو أن تتخذ اجراء يحقق هذه الغاية، ولو لم يرد نص على هذا الاجراء في قانون التحكيم.