فان الخصومة في التحكيم تنشأ ـ على العكس - باتخاذ أي إجراء سواء بمجرد حضور الخصوم أنفسهم أمام المحكم .
هذا ، وقد قلنا أن الاجراءات المتبعة أمام المحكمين لا تعتبر من قبيل الاجراءات القضائية ، لأن الاجراءات حتى تعتبر قضائية يجب أن تتصل بخصومة قائمة أمام محكمة تتبع جهة قضائية .
وتنص المادة 506 من قانون المرافعات المصرى الحديد على أن المحكمين يصدرون حكمهم غير مقيدين باجراءات المرافعات عدا ما نص عليه في هذا الباب ( أي باب التحكيم ) ، وذلك على تقدير أن الالتجاء إلى التحكيم قد قصد به في الأصل تفادي قواعد المرافعات ، وعلى اعتبار أن تقدير المحكم . المعين من جانب الخصوم أنفسهم هو معيار الصحة والحق ، ...هذا مع إلزام المحكم بكل القواعد المقررة في باب التحكيم . وهي تقرر ضمانات أساسية للخصوم في هذا الصدد . وهم ما قبلوا الاتفاق على طرح النزاع إلى غير المحكمة المختصة إلا على أساس احترام هذه القواعد.. ويعمل بالنص المستحدث في صدد كل من التحكيم بالقضاء و التحكيم بالصلح ، بينما كان القانون السابق لا يعني المحكم من اتباع اجراءات المرافعات إلا إذا حصل الإعفاء منها صراحة أو كان المحكم مصالحاً ( م 834 من القانون المصرى السابق ) . وكذا الحال في القانون اللبنانى ، فالمادة 834 منه تنص على أنه في التحكيم العادي ( أي في التحكيم بالقضاء ) بطبق المحكمون قواعد أصول المحاكمة ( أي قواعد المرافعات ) . وكذلك الحال في القانون التونسي ( المادة ٢٦٤ من قانون المرافعات التونسي ) .. بينها تنص المادة ٢٦٥ من قانون المرافعات العراقي على أنه يجب على المحكمين اتباع الأوضاع والاجراءات المقررة في قانون المرافعات إلا إذا تضمن الاتفاق على التحكيم أو أي اتفاق لاحق عليه إعفاء المحكمين منها صراحة أو وضع اجراءات معينة يسير عليها المحكمون . وإذا كان المحكمون مفوضين بالصلح فانهم يعفون من التقيد باجراءات المرافعات وقواعد القانون إلا ما تعلق منها بالنظام العام .
ومن ثم . وبمقتضى المادة 506 من القانون المصرى الجديد... يعني المحكم . في كل من التحكم بالصلح والتحكيم بالقضاء ـ من التقيد... باجراءات المرافعات ، عدا ما يلى :
1 - الاجراءات والأوضاع والمواعيد المقررة في باب التحكيم .
2 - الاجراءات والأوضاع المتعلقة بالنظام العام والمقصود منها حماية حقوق الدفاع و احترامها - ،
3- الاجراءات والأوضاع والمواعيد التي قد يتفق عليها الخصوم في عقد التحكيم أو في عقد ، لاحق ليسير على هديها المحكمون .
وسوف نهتدي في دراستنا التالية بتلك الأسس المتقدمة.
وإذن يبين من كل ما تقدم أن الخصومة في التحكيم تنشأ باتخاذ أي اجراء يبلغ به الخصوم بطرح النزاع أمام المحكم ، وعندئذ يكون لكل منهم الحق في تقديم أي مذكرات أو مستندات ، بمراعاة المواعيد التي يحددها المحكم .