من الطبيعي أن تبدأ دعوى التحكيم التجاري الدولي بطلب يقدمه طالب التحكيم، يعبر فيه بوضوح عن رغبته في اللجوء إلى التحكيم.
إلا أنه من المتبع، أن يتقدم طالب التحكيم بإعلان رغبته في اللجوء إلى التحكيم إلى الطرف المتعاقد معه، بشأن نزاع يثور بين طرفي التعاقد، ويتم فيه تعيين طالب التحكيم للمحكم الذي يختاره للفصل في النزاع، ويطلب من الطرف الآخر.
توثيق هذا الكاتب
ونلاحظ أن تقنين المرافعات الفرنسي لم ينص على ترتيب مراحل الدعوى التحكيمية، إلا أنه نظم إجراءاتها في المواد من 1460 إلى 1468، الواردة في شأن التحكيم الداخلي، ونصت المادة 1495 من التقنين المذكور على سريان هذه الأحكام على التحكيم التجاري.
وتقرر المادة 1461 مرافعات، أن يقوم جميع أعضاء هيئة التحكيم بأعمال التحقيق أو بتحرير محاضر الجلسات، ما لم تقرر مشارطة التحكيم، تخويل أحدهما فقط هذه المهمة. ويسمع أي شخص من الغير أمام هيئة التحكيم سواء كشاهد أو كخبير، دون حلف يمين.
على أنه يلاحظ أن سلطة المحكمين في تنظيم إجراءات التحكيم، والتي تتمثل في أشكال متغايرة، إلا أنها يجب أن تتمتع هذه الأشكال بحجية في مواجهة أطراف التحكيم.
ويحدد ذلك ما لهيئة التحكيم من سلطة في ترتيب مراحل دعوی التحكيم لتحقيق العدالة بين طرفي النزاع، فهي كما رأينا، لها سلطة إلزام الخصوم بتقديم ما لديهم من وسائل إثبات، ولذا فإنها تطلب من كل منهم تقديم دفاعه وما لديه من مستندات، كما يجوز أن تحدد، عند الاقتضاء، جلسة لسماع المرافعة الشفهية لدفاع الطرفين أو ما قد يقدمه أيهما من شهود. وبعد انتهاء مراحل تحقيق الدعوى، يستعد المحكمون الإصدار الحكم في الدعوى التحكيمية.
ثانياً القانون الإنجليزى
وقد نظم القانون الإنجليزي للتحكيم الصادر سنة 1996 و الذي يطبق على كل من التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، إجراءات دعوی التحكيم في المواد من 33إلى 45.
وتلتزم هيئة التحكيم بهذا المبدأ العام في إدارة إجراءات التحكيم أو إصدار قرارات إجرائية أو تتعلق بالإثبات في الدعوى التحكيمية. كذلك يلتزم أطراف الدعوى التحكيمية عند تبنى قواعد إجرائية تحكم سير الدعوى، بأن يقوموا بكل ما من شأنه الإسراع في إدارة إجراءات الدعوي.
ولذا من المتصور، ولو نظرياً، أن يتفق أطراف الدعوى على إجراء من شأنه أن يؤدي إلى مخالفة هيئة التحكيم للالتزامات التي تفرضها عليها المادة 33 من القانون، والتي تلزم هيئة التحكيم بأن تعمل بشكل عادل وغير متحيز في إدارة إجراءات الدعوى لتعطي كل طرف فرصة عادلة لعرض دعواه. والتعامل مع خصمه، وتفادي التأخير والنفقات دون مبرر. ومع ذلك فإن من النادر أن يتفق الأطراف على أن تدار إجراءات الدعوى بطريقة غير عادلة أو غير منتجة.
ويجوز أن يمثل أحد طرفي الدعوى التحكيمية بمحام أو بشخص آخر يختاره. كما يجوز لهيئة التحكيم تعيين خبراء أو مستشارين قانونيين للاستعانة بهم من قبلها أو من قبل الأطراف. كما أنه من سلطة هيئة التحكيم.
ثالثاً القانون النموذجى
أن تدير إجراءات الدعوى بالطريقة التي تراها ملائمة مع مراعاة الأحكام الواردة في القانون النموذجي. وتشمل السلطة المخولة لهيئة التحكيم، الفصل في قبول وسيلة الإثبات المقدمة من طرفي النزاع، ومدى ارتباطها بموضوع الدعوى، وجدوى هذه الوسيلة وأهميتها.
ويجوز لطرفي الدعوى، تحديد مكان التحكيم، فإن لم يتفقا، فإن تحديده يترك لهيئة التحكيم، مع أخذ ظروف الدعوى والتيسير على الطرفين فى الاعتبار .
ويجوز لهيئة التحكيم أن تأمر بترجمة أي مستند يقدم في الإثبات باللغة أو اللغات التي تم الاتفاق عليها أو حددتها هيئة التحكيم.
كما يقدم الطرفان جميع المستندات التي يقدران أنها مرتبطة بالنزاع، أو يحق لهما أن يشيرا إلى المستندات و غيرها من الأدلة التي يعتزمان تقديمها.
وما لم يتفق الطرفان على العكس، يجوز لهيئة التحكيم إما أن تقرر ما إذا كانت ستعقد جلسة للمرافعة الشفهية وتقديم الحجج والأدلة الشفهية للطرفين، أو أن تقرر السير في الإجراءات على أساس ما قدم من مستندات وغيرها من مواد الدفاع.
ويجوز لهيئة التحكيم، إذا تخلف المدعى عليه عن تقديم بيان دفاعه، دون عذر مقبول، ودون أن تعد ذلك قبولا منه لإدعاءات المدعي، الاستمرار في إجراءات التحكيم حتى تمام الفصل فيه، بناء على ما يتوافر لدى الهيئة من أدلة في الدعوى.
رابعاً القانون المصري
المصدر التشريعي لتحديد إجراءات التحكيم
۲- اتفاق طرفي النزاع على إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد النافذة في أية منظمة أو مركز للتحكيم سواء في مصر أو خارج مصر.
اختيار هيئة التحكيم الإجراءات التحكيم مع مراعاة أحكام القانون المصري للتحكيم.
مراحل الدعوى التحكيمية: 1- تبدأ إجراءات الدعوي التحكيمية وفقاً للمادة 27 من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر.
وتبدو أهمية تحديد تاريخ بدء إجراءات التحكيم فيما نصت عليه المادة 45 من القانون من أنه إذا لم يوجد اتفاق على تحديد الميعاد الذي يصدر فيه حكم التحكيم .
توثيق هذا الكاتب
ونحن من جانبنا وإن كنا نقدر وجاهة هذا الرأي وملاءمته للواقع العملي، إلا أنه لا يعدو أن يكون محض اجتهاد، لا يجوز الأخذ به دون تعديل تشريعي لنص المادة ۲۷. ونقترح أن يكون تاريخ بدء إجراءات التحكيم، عند تعديل النص.
يعد طرح النزاع على هيئة التحكيم هو المرحلة التالية لتسليم طلب التحكيم إلى المدعى عليه، إذ تقوم هيئة التحكيم بعد تمام تشكيلها قانونا ووصول أوراق الدعوى إليها سواء من الطرف المدعي في التحكيم الخاص.
وتجب التفرقة بين طلب التحكيم وبيان الدعوى التحكيمية عندما لا يتضمن طلب التحكيم المطالبة بحق محدد، وذلك من حيث قطع التقادم. إذا من المقرر قانونا أن تقادم الحقوق ينقطع بالمطالبة القضائية وفقا للمادة 383 من التقنين المدني المصري.
ومن حق كل من الطرفين أن يرفق ببيان دعواه أو دفاعه صورة من المستندات التي يستند إليها، ويجوز لهيئة التحكيم أن تطلب في أية مرحلة للدعوى، تقديم أصول هذه المستندات.
٣- تقوم هيئة التحكيم بتعيين مكان التحكيم سواء في مصر أو خارجها، إذا لم يتضمن اتفاق التحكيم تحديده، أو لم يتفق الطرفان على هذا التحديد على أنه يتعين على الهيئة في تحديدها لمكان التحكيم أن تراعى ظروف الدعوى وملاءمة المكان لأطرافها.
وقد ترى الهيئة، على العكس من ذلك، الاكتفاء بتقديم المذكرات المكتوبة والمستندات، إلا إذا اتفق الطرفان على غير ذلك، بأن اتفقا مثلا على ضرورة عقد جلسات للمرافعة الشفهية وسماع الشهود ومناقشتهم.
. وعلى خلاف القانون النموذجي، أوجب القانون المصري في المادة 3/33
منه، بأن تحرر هيئة التحكيم محضرا تدون فيه خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها، تسلم منه صورة إلى كل من الطرفين، إلا إذا اتفق طرف النزاع على عدم ضرورة تحرير محضر للجلسة. ويلاحظ أن القانون المصري قد حرص على أن يتضمن محضر الجلسة خلاصة وقائع الجلسة دون أن يكون مضبطة كاملة يسجل فيها كل ما دار في الجلسة.
توثيق هذا الكاتب
ونرى بالرغم من عدم نص القانون على ذلك، أنه من الملائم أن تعقد هيئة التحكيم جلسات تمهيدية يحضرها طرفا النزاع، تعرف في العمل باسم الجلسة الإجرائية الأولى.
قد تأمر هيئة التحكيم أية من الطرفين أثناء سير إجراءات الدعوي التحكيمية، باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة أو تحفظية تقتضيها طبيعة النزاع، وان تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدبير الذي تأمر به.
ويجب أن نلاحظ أن سلطة هيئة التحكيم المشار إليها لا تخل بسلطة محكمة الدولة بأن تأمر، بناء على طلب أحد طرفي التحكيم باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو في أثناء سيرها، وفقا لما نصت عليه المادة 14 من قانون التحكيم.
أما إذا تخلف أحد الطرفين عن حضور إحدى الجلسات أو عن تقديم ما طلب منه من مستندات، جاز لهيئة التحكيم الاستمرار في إجراءات التحكيم.
بعد أن ينتهي طرفا الدعوى التحكيمية من تقديم دفاعهما وأدلتهما سواء المكتوبة أو المستندات التي في حوزتهما، أو بسماع ومناقشة ما يقدمه كل منهما من شهود، أو من خبرة فنية في موضوع النزاع، إذا قدم أي منهما هذه الخبرة، أو قررت هيئة التحكيم تعيين خبير.