الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري الدولي / السير فى اجراءات التحكيم

  • الاسم

    أ.د فوزي محمد سامي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    249

التفاصيل طباعة نسخ

السير فى اجراءات التحكيم

السير في اجراءات التحكيم يعني بدء الاجراءات الخاصة بعملية التحكيم منذ طلب التحكيم لحين اصدار القرار، وهذا يعني ايضا قيام المحكمين بالممارسة الفعلية للمهمة التي تم اختيارهم لانجازها، وهذا يقتضي دعوة الخصوم لابداء ادعاءاتهم ودفوعهم وتقديم مستنداتهم وادلتهم الثبوتية . ومن الضروري التأكد من ان المحكمين مختصون للنظر في النزاع وان موضوع النزاع يجب ان يكون من المواضيع التي يمكن حسمها بالتحكيم وسوف نبدأ بالإجراءات التي تسبق تولي المحكمين النظر في موضوع النزاع ثم نتكلم عن سير المرافعة وبعدئذ نخصص فصلا خاصا باصدار قرار التحكيم وطرق الطعن فيه وتنفيذه.

الاجراءات المتبعة في حالة التحكيم الخاص

   عند اتباع التحكيم الخاص Ad Hoc Arbitration كقاعدة عامة لا يلزم المحكم باتباع اجراءات معينة إلا إذا اتفق الطرفان على اتباع قواعد اجرائية أو قانون اجراءات معين، وتنص بعض القوانين على وجوب اتباع المحكمين لقواعد الاجراءات الموجودة في قانون المرافعات ما لم ينص الاطراف صراحة على غير ذلك. ويكون المحكم المفوض بالصلح غير مقيد بقواعد الاجراءات في المرافعات الا بالقدر الذي يتعلق بقواعد النظام العام.

   وهذا ما نجده في نص المادة (٥٦٢) من قانون المرافعات المدنية العراقي حيث جاء

فيها ما يلي:

1- يجب على المحكمين اتباع الأوضاع والاجراءات المقررة في قانون المرافعات الا اذا تضمن الاتفاق على التحكيم او اي اتفاق لاحق عليه اعفاء المحكمين منها صراحة او وضع اجراءات معينة يسير عليها المحكمون.

2- اذا كان المحكمون مفوضين بالصلح يعفون من التقيد باجراءات المرافعات وقواعد القانون الا ما تعلق منها بالنظام العام».

    والبدء باجراءات التحكيم يتحقق عند اشعار طالب التحكيم الطرف الآخر برغبته في حسم النزاع بالتحكيم واتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك، وبعد تعيين المحكم او المحكمين يقدم طالب التحكيم طلباته مع نسخة من اتفاق التحكيم والعقد الاصلي واية وثائق او سندات تدعم ادعاءاته إلى المحكم وعلى المحكم أن يخير المدعى عليه  المطلوب التحكيم ضده بما جاء في طلب المدعي ويقوم المحكم كذلك بتحديد مدة على المدعى عليه ان يجيب خلالها على طلبات المدعي أي ان يبدي دفاعه.

  اما عن اللغة التي تجري فيها المرافعة وتدون فيها المذكرات واللوائح او تترجم اليها الوثائق فقد يكون الطرفان قد اتفقا على استعمال لغة معينة وفي حالة عدم اتفاقهما على ذلك. يحدد المحكم اللغة التي تجري فيها المرافعة وعند الاقتضاء يطلب مترجما لترجمة اقوال الطرفين او الشهود او الخبراء.

   وقد يكتفي المحكم بتبادل المذكرات واللوائح مع الوثائق الخاصة بالادلة الثبوتية وبعد ذلك يتخذ القرار النهائي الخاص بالتحكيم.

    ومن أجل التعرف على ما يجري على صعيد التعامل الدولي في التحكيم الخاص بالمسائل التجارية، نرى من المفيد ان نسير على هدى قواعد التحكيم التي وضعتها لجنة القانون التجاري الدولي (الاونسترال) وهي تعالج اجراءات التحكيم الخاص.

    ومن مضمون النصوص التي وردت في القواعد المذكورة يمكننا تتبع خطوات اجراءات التحكيم الخاص في التحكيم التجاري الدولي وهي تبدأ بقيام طالب التحكيم (المدعي) بإرسال إخطار إلى المدعى عليه المطلوب التحكيم ضده) وعند تسلم هذا الاخير للاخطار تعتبر اجراءات التحكيم قد بدأت هذا وقد سمت القواعد المذكورة هذا الاخطار باخطار التحكيم . وهو يتضمن ما يلي:

1- الطلب باحالة النزاع إلى التحكيم.

2- اسماء اطراف النزاع وعناوينهم.

3- الاشارة إلى شرط التحكيم او اتفاق التحكيم الذي تم بين الطرفين.

4- الاشارة إلى العقد الاصلي الذي نشأ عنه النزاع.

5- نبذة عامة عن طبيعة النزاع والمبلغ الذي وقع عليه النزاع.

6- موضوع الطلب اي موضوع النزاع.

7- في حالة عدم الاتفاق المسبق بين الطرفين، فعلى المحكمين بيان العدد الذي يقترح المدعي تعيينه ويجوز ان يتضمن اخطار التحكيم اقتراحا باسم شخص واحد ليكون المحكم الوحيد او اقتراح عدة اسماء يمكن اختيار المحكم من بينهم او ان يتضمن الاخطار اقتراحاً باسم مؤسسة واحدة او اسماء عدة مؤسسات او شخص واحد او اسماء عدة اشخاص يمكن اختيار سلطة التعيين من بينهم، وذلك اذا لم یكن الطرفان قد سبق ان اتفقا على تسمية سلطة التعيين.

8- اسم المحكم الذي اختاره المدعي في حالة الاتفاق المسبق على اجراء التحكيم من قبل ثلاثة محكمين.

في حالة موافقة الطرف الآخر (المدعى عليه وتعيين المحكم الثاني من قبله او في حالة موافقته على المحكم الوحيد او في حالة موافقته على سلطة التعيين، فهذا يعني ان المدعى عليه قد وافق على السير باجراءات التحكيم.

   اما في حالة امتناع المدعى عليه عن الرد او اعتراضه على اجراء التحكيم فيجوز للمدعي ان يطلب تعيين المحكم وفقا للمادة السادسة من قواعد الاونسترال اذا كان الطرفان قد اختارا تطبيق تلك القواعد على التحكيم. او ان يطلب من المحكمة المختصة بالنظر في النزاع تعيين المحكم، وهذا ما تنص عليه اغلب القوانين الخاصة بالمرافعات المواد ٢٥٦ من القانون العراقي ٣/٤١ من القانون السوداني، ٢/٨٦ من قانون المحاكم المدنية في الامارات العربية ٢٢٥ من القانون البحريني، ٥١٢ من القانون السوري، ٧٤٦ من القانون الليبي. 

   فإذا كان المحكم وحيدا عليه ان يبدأ بإجراء التحكيم اما إذا كان عدد المحكمين ثلاثة فعلى الاثنين اللذين تم اختيارهما من قبل الطرفين الاجتماع لاختيار المحكم الثالث المحكم (الرئيس)، ويتم اختياره من قبل المحكمة في حالة عدم اتفاق المحكمين الاثنين وبموجب ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة السابعة من قواعد الاونسترال عند تطبيق تلك القواعد .

   وبعد اكتمال عدد المحكمين فإن اول عمل يقوم به هؤلاء هو دراسة القضية وتنظيم ملف لها وتنص بعض قواعد المؤسسات التحكيمية صراحة على تنظيم الملف المذكور والذي يجب ان يتضمن معلومات كافية عن القضية المعروضة على المحكمين ومن ضمنها اسماء وعناوين اطراف النزاع وموضوع النزاع ونسخ من العقد الاصلي التحكيم واية معلومات اخرى. وكلما وردت لوائح او مذكرات من قبل الطرفين المتنازعين تضاف تلك الوثائق إلى الملف ولنتابع الخطوات الاجرائية التي جاءت في قواعد الاونسترال فبعد تعيين المحكمين يطلب هؤلاء من المدعي تقديم بيان بالدعوى وعليه ان يرسل نسخة من البيان المذكور إلى المدعى عليه. ويشتمل بيان الدعوى على المعلومات التي سبق أن ذكرناها في اخطار التحكيم ويضاف اليها نسخة من العقد الاصلي الموقع بين الطرفين ونسخة من اتفاق التحكيم، وللمدعي ان يرفق مع بيان الدعوى جميع الوثائق التي لها صلة بدعواه وله ان يشير إلى ادلة الاثبات التي يعتزم تقديمها .

   يرسل بيان الدعوى إلى المدعى عليه خلال المدة التي يحددها المحكمون، وعلى المدعى عليه ان يرد على البيان المذكور خلال مدة معينة والرد يكون ببيان مكتوب ترسل نسخة منه إلى المدعي ونسخة اخرى إلى كل واحد من المحكمين ويسمى هذا ببيان الدفاع، ويجوز للمدعى عليه ان يرفق مع البيان المذكور الوثائق التي يستند اليها في دفاعه او ان يشير إلى ادلة الاثبات التي يعتزم تقديمها .

   ويلاحظ ان لكل واحد من الطرفين ان يعدل خلال اجراءات التحكيم من طلباته او اوجه دفاعه او استكمالها على أن لا يكون خارج اتفاق التحكيم اي خارج نطاق الموضوع الذي تم الاتفاق على حله بالتحكيم. (المادة ۲۰ من قواعد الاونسترال) بعد هذا يقوم المحكمون بالنظر في شرط التحكيم او في المشارطة وفي امكانية حل النزاع بالتحكيم وفقا للمادة (۲۱) من قواعد الاونسترال كما سبق أن ذكرنا ان هيئة التحكيم تنظر في اختصاصها، ولكن في حالة الدفع بعدم اختصاصها بسبب عدم وجود اتفاق التحكيم او بطلان هذا الاتفاق فإنها هي التي تقرر صحة الاتفاق ووجوده وبالتالي فهل لها سلطة النظر في النزاع ام لا ؟ 

   فإذا كان اتفاق التحكيم الشرط او المشارطة صحيحا عندئذ تتولى هيئة التحكيم مهمتها وتستمر في اجراءات التحكيم لحين اصدار الحكم. 

   كذلك يجب ان يكون موضوع النزاع من الأمور التي يجوز حلها بالتحكيم ونرى ان الهيئة عليها أن تتأكد من ذلك والا فان قرارها سوف لا يجد له طريقا للتنفيذ .

    فإذا تبين ان اتفاق التحكيم غير موجود او كان باطلا او ان موضوع النزاع لا يمكن حله بالتحكيم فعندئذ تبلغ هيئة التحكيم المدعي بعدم امكانية اجراء التحكيم وتبين له اسباب ذلك. اما عن عقد جلسات المرافعة، فيجوز لكل من الطرفين ان يطلب من هيئة التحكيم وفي اية مرحلة من مراحل الاجراءات عقد الجلسات لسماع شهادة الشهود بما في ذلك سماع اراء الخبراء واجراء المرافعة الشفوية لسماع الطرفين. فإذا لم يتقدم أي من الطرفين بمثل هذا الطلب، فإن هيئة التحكيم او المحكم يقرر ما اذا كان من المناسب عقد جلسات للمرافعة او السير في الاجراءات على اساس الوثائق والمستندات المقدمة من الطرفين، كما يحق لهيئة التحكيم ان تطلب من الطرفين اثناء الاجراءات تقديم وثائق او مستندات اخرى لزيادة معلوماتها عن النزاع أو لتأييد الادعاءات والدفوع، وتحدد لكل واحد من الاطراف مدة معينة لتقديم الوثائق المطلوبة. 

   وقد بينت المادة (۲٥) من قواعد الاونسترال الاجراءات التي تتخذ في حالة المرافعة الشفوية وتتلخص تلك الإجراءات بوجوب أن تبلغ هيئة التحكيم الطرفين قبل جلسة المرافعة بوقت كاف بتاريخ انعقاد الجلسة وموعدها ومكانها . واذا اراد احد الاطراف تقديم الشهود للادلاء بشهاداتهم في الجلسة المذكورة، عليه ان يقوم بابلاغ هيئة التحكيم والطرف الآخر في النزاع قبل انعقاد جلسة اداء الشهادة بخمسة عشر يوما في الاقل باسماء الشهود الذين يعتزم تقديمهم وعناوينهم والمسائل التي سيدلون فيها بشهاداتهم واللغات التي يستخدمونها في اداء شهاداتهم. وتقوم هيئة التحكيم باتخاذ ما يلزم من ترتيبات لترجمة البيانات الشفوية التي تقدم في الجلسة. وللهيئة ان تعمل على اعداد محضر للجلسة . وللطرفين ان يطلبا من هيئة التحكيم اتخاذ الترتيبات اللازمة للترجمة أو لعمل المحضر. 

   ويظهر من هذا ان عمل المحضر الجلسة المرافعة غير ملزم للمحكمين، ولكن من الافضل ان تقوم هيئة التحكيم باعداده وان لم يقدم طرفا النزاع طلبا بذلك. 

   وقد نصت المادة المذكورة من قواعد الاونسترال على أن جلسات المرافعات الشفوية وسماع الشهود تكون مغلقة اي سرية الا اذا طلب الطرفان ان تكون الجلسات علنية وللهيئة تحديد الطريقة التي يتم فيها استجواب الشهود، كما يجوز تقديم الشهادات في بيانات مكتوبة تحمل تواقيعهم. 

    ويجوز ان يتولى كل طرف من اطراف النزاع الادلاء باقواله بنفسه أو يوكل عنه احد المحامين.

   اما عن اللغة التي تستخدم في الاجراءات فقد اشارت اليها المادة (١٧) من قواعد الاونسترال حيث تركت لهيئة التحكيم تعيين اللغة أو اللغات التي تتم فيها اجراءات التحكيم ما لم يكن الطرفان قد اتفقا على استعمال لغة معينة. واللغة المذكورة تطبق على جميع البيانات المكتوبة، فإذا كانت الوثائق والمستندات مكتوبة بغير اللغة المذكورة فللهيئة ان تطلب ترجمتها إلى اللغة التي يتفق عليها الطرفان أو اللغة التي عينتها الهيئة او المحكم.

 

   وقد عالجت المادة (۲۸) من قواعد الاونسترال حالة تخلف احد اطراف النزاع عن تقديم البيانات المطلوبة او عن حضور جلسات المرافعة .

    فبالنسبة للمدعي اذا لم يقدم بيان الدعوى خلال المدة التي حددتها هيئة التحكيم دون عذر مقبول من قبل الهيئة. ففي هذه الحالة عليها ان تنهي اجراءات التحكيم اي ان تغلق الموضوع وتصدر امرا بذلك، ذلك لان تخلف المدعي عن تقديم بيان دعواه الذي يتضمن طلباته وما لديه من ادلة ومستندات يدل على تركه طلب التحكيم ورجوعه عنه .

   اما اذا تخلف المدعى عليه عن تقديم بيان دفاعه دون عذر مقبول خلال المدة التي حددتها له هيئة التحكيم او المحكم فعلى الهيئة ان تصدر امرا باستمرار اجراءات التحكيم رغم تخلف المدعى عليه.

    ومن حالات التخلف ايضا تخلف احد طرفي النزاع عن حضور احدى جلسات المرافعات الشفوية وعدم إنابة شخص آخر للحضور بدلا منه وذلك دون عذر مقبول فيجوز في هذه الحالة ان تقرر الهيئة الاستمرار في اجراءات التحكيم.

   كذلك الحال عند طلب احد اطراف النزاع تقديم وثائق للاثبات وتخلف الطرف الآخر عن تقديمها دون عذر مقبول يجوز عندئذ للهيئة الاستمرار في التحكيم واصدار قرار التحكيم بناء على الأدلة المتوفرة لديها .

    اما عن انهاء المرافعة، فتكون بعد انتهاء الطرفين من تقديم ما لديهم من ادعاءات ودفوع وادلة اثبات وللهيئة قبل اقفال باب المرافعة ان تستفسر من الطرفين عما اذا كان لديهما ادلة اخرى او شهود آخرين فاذا كان الجواب بالنفي عندئذ للهيئة ان تعلن انهاء المرافعة .

   ولكن لها ان تقرر فيما بعد اعادة فتح باب المرافعة اذا رأت ان هناك ظروفا تستدعي ذلك، او ان احد طرفي النزاع طلب ذلك.

   هذه اجراءات التحكيم التي تتبع عادة في التحكيم الخاص Ad Hoc منذ البدء لحين اقفال باب المرافعة وقد عرضناها على سبيل المثال واستندنا فيها إلى ما جاء في قواعد الاونسترال ولكن يجب ان لا ننسى ان الاجراءات المذكورة قد تختلف بعض الشيء من حالة إلى أخرى وفيما اذا كان الطرفان قد اتفقا على تطبيق قواعد اجراءات معينة او ترك الموضوع للمحكمين، وهذا ما هو متبع في التحكيم على الصعيد الدولي. اما في التحكيم الداخلي فأغلبية القوانين الوطنية تنص على وجوب اتباع نفس الاجراءات المتبعة في المحاكم المدنية ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، الا في حالة التفويض بالصلح فإن المحكمين لا يتقيدون بإجراءات معينة. 

   اما عن الاجراءات الاخرى ونعني بها المداولة واصدار قرار التحكيم فسوف نبحثها في فصل قادم.

الاجراءات المتبعة في حالة التحكيم المنظم (المؤسسي)

   ان اجراءات التحكيم في التحكيم المنظم Insustitutional Arbitration اکثر وضوحا وتحديدا منه في التحكيم الخاص. ذلك لان اطراف النزاع عند اختيارها الاحدى المؤسسات التحكيمية لكي يتم عن طريقها اجراء التحكيم انما تختار ضمنا القواعد التحكيمية الخاصة بتلك المؤسسة او المتبعة من قبلها ومن النادر جدا ان لم يكن معدوما ان نجد حالة يختار فيها الطرفان مؤسسة تحكيمية ويختاران قواعد تحكيمية اخرى غير تلك التي تعود إلى المؤسسة المذكورة فعندما يقال مثلا ان حل النزاع يكون بواسطة الغرفة التجارية الدولية فهذا يعني ضمنا ان التحكيم سيجري وفقا لقواعد الغرفة المذكورة. وهذا ما نجده في شروط او اتفاقات التحكيم.